ارشيف الكاتب آسيا رحاحلية

ما دمتّ تحبّني بإمكاني أن أجد للحياة في كل مطلعِ شمسٍ تفسيرا جديدا . لا أحتاج لأن أفتح النافذة هذا الصباح لكي أعرف لونَ النهار … يكفي أن أفكّر فيك . المرأة كالقهوة لها نفس النكهة…دائما لكننا في كل مرّة نرتشفها تبدو كأنّها اكتشاف .

تعلّمت كيف أتفهّم الآخرين لدرجة أني حين لا أجد لهم أعذارا أبتدعها من اللاشيء … و الآن … و قد انحسر المدّ يا رجلا من ضباب و سكنت في عمق الروح أمواج عشقي… ها أسند للوهم قلبي و أعلن أنه لم تكن أنت . ما كلماتي ؟ من أنا ؟ ماذا بقي لي منّي بعد طوفان المحبره ؟ يكره آدم …

يا لجحودك يا قلبي ترمي بسهام اللوم وجه أحزاني و أنت تعرف أنك تدين لها بكل شيء. أزاح النهار ستائر الليل و أشرق النور من هامة الجبال و من ضلوعي أشرق الحزن . ليت أحدهم يخبر الموت كم قتلتنا الحياة . كان مقدّرا أن أكون و لو كنت خيّرت

لن أخبرك كيف يهطل الغيث على يباس روحي حين أفكر فيك… كيف يشتعل المكان وجدا و تصهل خيول الفرح في ليل غربتي… لن أخبرك كيف يضوع العطر و الندى و تبحر القصائد من كفّي نحو النور حين يهفهف اسمك في مَرج القلب. لا ينبت الشعر إلا في أصص الحب و الجنون .

كل الهوايات مهما عظّمت فإنّها تقّف عند مسمّى هواية إلا الكتابة …تصير هويّة . بعض البشر موهوبون في تحطيم …المواهب . حزنٌ أنا حتى مطلع الحبّ . حين كانت الشاعرة الكبيرة و الأديبة السامقة تغازل الميكروفون بثقة عجيبة فتنصب الفاعل و ترفع المفعول كنت أربّت على كتف اللغة و … أبكي . الخطّان المتوازيان يلتقيان… الكتابة و أنا .

ملامحنا تشي بنا .. و أحيانا بما نود إخفاءه .. و لا يستشفّه إلا من يري الدنيا بعيون الشعر. كيف تكون على مرمى نظرة مني و لا يصلك صوتي ؟ حياتنا لا تصنعها الأحداث الكبيرة لأنّها نادرة …لا تحدث كل يوم إنّما التفاصيل الصغيرة هي ما يؤثّث مساحة أيامنا . أنا كائن تصيبه الكلمة الجميلة بالحمّى . الإنتظار يحيلنا عبيدا …

صدح صوته في الهاتف فسقسقت في صدرها عصافير الحب و الفرحة… تلعثم قائلا … “آه هذه أنتِ ؟ آسف أخطأت الرقم ..سوف أكلّمك لاحقا .” مرّ دهرٌ و نيف و الهاتف حزين تعلّمت كيف أتفهّم الآخرين لدرجة أني حين لا أجد لهم أعذارا أبتدعها من اللاشيء … هذا الشعور الذي يشدّني اليك أحبه … أعشقه لأنه لا يأتي كل يوم …

هي لحظات تتأزّم فيها الثواني تبدو الأرض ضيّقة كصدر بخيل تبدو الحياة بائسة كقصيدة بلا إيقاع هي لحظات . قبل أن أقرأك كنت أجهل أنّ الكلمات أيضا تقع في عشق بعضها البعض. حين ينتهي الحب تولد الفلسفة حين يختنق الشوق يتنفّس المنطق

لأنني أنثى يعتقد الرجل بأنّه المَعنِي بتحريري بينما الموت وحده سوف يحرّرني من رقّ الحياة … و الذكرى . لا ترعد و إذا أرعدت فامطر فإنّ الرعد بلا مطر عقم …مجرّد صرخة في الفراغ . كم أنا بحاجة إلى مطر الحقيقة حين يبرق الوهم . و بين قوسين ضاع العمر… ” لو” و ” ليت ” . أنا كائن تصيبه …

ليت أحدهم يخبر الموت كم قتلتنا الحياة . *** لا أفهم… كيف عبّأتني الحياة بكل هذا التناقض ؟ و كيف أحمله كخليط ماءٍ و خمرٍ …؟ تشاؤمٌ و تفاؤل يأس و أمل حكمةٌ و جنون حزنٌ و ابتسامات حلمٌ و خواء حبٌ …و حبّْ. *** يوم ولادتي منذ دهرٍ و نيف

الزوجة لزوجها الشاعر : كيف تنشر قصيدة تتغزّل فيها بامرأة غيري ؟ الشاعر : ليست عن امرأة حبيبتي ..إنها عن الوطن . الزوجة : غريبة … و هل للوطن عينان و خصر و نهد ووو …؟؟ *** قالت : طيلة ثلاثين سنة زواجا لم أسمع من زوجي أبدا كلمة أحبك . قلت : حقا ؟ لم يقلها أبدا ؟ قالت …

مثل سارق ، يتسلّل الحلم إلى دفاترنا حتى دون أن نشعر لذلك تأتي كتاباتنا مجنونة …في كثير من الأحيان ! حين نكون قد تعلّمنا كيف نحب حقا يكون موسم الحب قد فات . لم أعرفني حقا إلا حين بدأت أكتب . أجمل ما في الأحلام أنها لا تتحقق . ضحكتي هي السلاح الوحيد الذي لم يفلح الزمن في كسره . …

وقفتا عند باب غرفة الفحص . نظر أخصّائي العيون إليهما : هل تدخلان معا ؟ قالت إحداهما و هي تحدّق في الأخرى : نعم ..لا مشكلة فليس عندي أسرار. قال الطبيب مبتسما بخبث : المرأة التي ليست لها أسرار ليست امرأة ! أراد تلك الوظيفة من كل قلبه و لكن طلبه قوبل بالرفض … حين استفسر عن السبب أخبروه أنّ …

كلّما أنهيت كتابة قصة فرحت و انتشيت.. مثل فارس حقّق فتحاً.. أو… طفل جائع عثر على حبّة حلوى في جيب سرواله المرقّع ! شكرا لك يا الله .. لأنّنا حزانى .. خلقتَ لنا الأبجدية . الكراسي تعرف كم نحن بلهاء.. تدّعي الصمت و الخشوع و الإستكانة و الوفاء و الطيبة و التضحية حين نكون فيها .. و حين نمضي .. …

عندما قدّموا له الزّائر الجديد على أنّه الربيع العربي حدّق الربيع فيه ملّيا ..ثم بصق ..و مضى . في غرّة كلٍ عام جديد ينتابني الإحساس بأنّي منفصلة عن الزمن… أنا أقف هنا …و هو يقف هناك . ما أقسى الإحساس بأنّ قلبك أضحى شجرة هرِمة لا تصلح سوى حطبٍ للنار . ما أرقى الروح مقارنة بالجسد.. هو يدفن في الثرى …