علينا أن نختار بين شجرة الكستناء والكومبيوتر،يتوجب علينا أن نحافظ على شجرة الكستناء ..
جان ماري بيليت/ اللغات السرية في الطبيعة/ ص133
ألإنسان،منذ الولادة ،منذور للنبات،لذا كانت له شجرته الخاصة..
غاستون باشلار/ الماء وألأحلام/ ص111
جديدة كثيباب..
فتية كأمواه دفاقة ..
ومزدانة بحركية الولادة..
هكذا أستقبلتني 2012وهي ترى في زهوي
:إكتمالها ألأجمل.
نحولي المعرفي ،علمني: الفصل، بين ما أعرف وما أحس، ماأرى وما أرغب ، وعلمني المفارقة
بين حرية النظر وعبودية المراقبة، وكذلك تجسير التأمل وألإرادة.
وهكذا عرفته(العالم): إزدواج قيمي : إرادتي وخصمي..والطراد طرديا بين نقيضين في طوق وحدة وصراع
ألأضداد..إتصالية تناص : العالم وأنا…العالم يريدني في نصوصه، وأنا أحاول بمركزيتي ألأنسانوية،أن
أجعله داخل التشظية في نصي،فالعالم يريد رؤية جماله هو (في) نصوصه، وأنا العين ولي تصنيع الرؤية
الفاعلة،عين تقذف النور،وتضيىء صورها بنفسها،عين تمتلك إرادة،أن ترى رؤاها هي وهكذا تصيّر التأمل
: إرادة. .العالم رؤيتي، أرى ما يروق لي، سرابي يصحح الصحراء. أنا العين : أغمضني ،حتى أسحل البشاعة من جذرها اللامرئي أرى التشوهات بسكونيتها المتسخة لن يخدعني سلفادور دالي بساعاته الرخوة حين يزعم أنها مصنعة من لحم وجبن !! أنا العين اقتحم ساعاته وبعصيه واياديه الخمسة أجعل الساعات بتوقيت مسرات معرفياتي أنا …كلامي موجهه لك أيها الفيلسوف الشاعر غاستون باشلار ياأول من شعرن العلم والفلسفة
( ص 159 /الماء وألأحلام)..
أنا العين أرى العالم : نصا منكتبا بتحريضي..بمباغتاتي وبهديلي اسهم، في تحقيق مباهج الظفر للمحذوفين
من سردانيات العالم المنسجم في قسوته..أليس ألإنسان أثناء تجربته،الجسورة، من حقه أن يعامل الواقع بفظاظة ياساقي المعرفيات بأعشاب الروح الحية للشعر…أيها الفيلسوف الفذ باشلار؟!
من صيّرها..؟ من صيّر الحياة تجربة سابقة؟ والغريزة : ثمرة حتميات كيميائية؟ والدمعة : جسد ألألم؟
والمياه: تموت من العطش؟ من يتحمل مسؤولية هذا الحذف السيسولوجي لمرحلة ذات أهمية قصوى مرحلة
تمتد من بكارة العين حتى شراسة الصورة ؟ من ورطني في مصيدة الصورة؟ هذا السؤال الذي لم يسأله نرسيس، حين كان الماء يتمرى بنرسيس لا نرسيس يتمرى بالماء، الماء التقط لنفسه صورة من خلال وجه نرسيس،دون أن يستأذن من نرسيس،وأدعى الماء بإستقلالية الصورة عن المصور فيها؟! وبالطريقة هذه
سنكتشف هوية الماء/ الفوتوغراف،الذي هيمن بمركزيته السامة على حياة نرسيس، حتى نشفها من ماء الحياة
هناك من يعتبر نرسيس: المكتشف ألأول للرسم،رغم خطأه الصادق في مطابقة الصورة مع الذات، اليس الماء
هو كل مواد إنتاج الصورة ألأولى؟وستكون صورنا، هي التوقيع ألأول والرسمي المعتمد عليه كشرط أساس في الأوراق الثبوتية لشخصيتنا،كيف تحولت الوسيط الصورة إلى أصل وجودنا؟ وهكذا تحولت الصورة إلى نص أكثر أهمية من بقية النصوص، ونعود الى إستئناف التساؤل…
بأي مكر إنتصر الكتاب على شفاه الكلام الملموس والمحسوس بصريا،كجسد علاماتي،
متسق مع النقوش المصورة والمحفورة للتفاهم بين الطيروألإنسان والنبات وعضلات الطبيعة
.يومها صار الوشم إتصالية ساخنة بين اللسان والجسد،وهكذا ثبتت اللغة حفرياتها في الجسد
آلآدمي،فيصرته لغة في اللغة فصار آلآدمي( يتعقل العالم بالرسم قبل الكتابة)،حسب نزار شقرون
وهكذا أيضا وبمكر الفن،تموضعت الكتابة في آلآدمي لتنطلق من خلاله،كوشم كوني
في جسد الكون..كل هذا على سطح البراني للغة، حين نرتقي،بعيدا عن جاذبية المؤتلف،
سنكون في تماس مع اللامرئي المبثوث من إبجديات التجلي والكشف المتموضعة بالتوازي مع أفلاك
العناصر المعروفة،من هذه ألأبجدية يتأثل( نثر العالم،) كما إلتقطه ميشال فوكو بإتصالية ساخنة التضاد بين
الكلمات والطبيعة في سيرورة لانفاد لها في إنتاج نصا كونيا،له غوايات قراءات متشابكة في مدياتها..حين
نمسك جذرها اللغوي نعرف سر الطراوة ..
(قال أبو أسحق: الذي عندي في حقيقة هذا أن القرء في اللغة الجمع…وقرأت
القرآن لفظت به مجموعا..فإنما القرء إجتماع الدم في الرحم)..هنا أتساءل عن(لذة النص) لمن ألأولية، للناقد
الفرنسي رولان بارت؟ أم لأبي إسحق،في لسان العرب لأبن منظور الذي سبق بارت بمئات السنوات؟
حيث تتكشف إتصالية جسدانية باذخة في معرفيتها بين
(جسد النص وبين جسد المرأة وفيزيولوجيتها ألأنثوية وكأنما ألإبداع ليس سوى
جمع لبعض ماء الكون في رحم النص)* حسب الناقدة فاطمة الوهيبي ..
إيها المعلم الفيلسوف باشلار هذه عطايا معرفيتك نلهج بها…
أيها المطلق الكلي.. من الذكاء النباتي، لماذا لم تغدق على عيالك، حين إستبقوا ولايوسف عند قمصانهم؟!
ها أنا أغرز أسئلتي في خاصرة الوجود، وعبر ضوء ألإسئلة،أرى العالم زهوا يمنح الوجود وحدته الحركية.
ويخلق الليفة العصبية ويطيلها ..هكذا دربتني أيها المعلم باشلار ( ص 231 )
……………………………………………………………………………
…………………………………………………………………………….
(رائحة المسك تلتقطها النساء بشدة أكثر بكثير مما يلتقطها الرجال/ 128)
هذا ما تخبرنا به جان ماري بيلت في كتابها الماتع(اللغات السرية في الطبيعة)، وبدوري أتساءل، الرائحة؟ ذاكرة أنثوية؟ أم صورة إشهارية عن غيمات غوايتها؟! أعود أليك يا باشلار،أقترض منك هذا ألإستدلال الفلسفي
(إنتاج صور متجانسة بعمق لأنها تشارك في واقع أصلي للخيال المادي/ ص71)
اضع امامي خبرتي الهزيلة في (علم نفس الخيال المادي )الذي دعى إليه باشلار،وأمتشق نسقا ثلاثيا
من الوعي الزائف:*الصورة تكذب
*عطيل أكذوبة
*المرأة المستحمة:أفراز بارنويا ذكورية.
الصورة تكذب….
*(عطيل أكذوبة،أنا لست عطيل) هذي كانت صرخة مصطفى سعيد أمام القضاء البريطاني في الثلث ألأول من القرن الماضي* وأيده المفكر إدوارد سعيد في كتابيه(ألإستشراق) و(الثقافة وألأمبريالية)، إذن عطيل بضاعة
من تسويق المستشرقين،وقد أستقرت البضاعة بوعيها الزائف في ذاكرة شكسبير..ولايختلف عطيل،كما أرى شخصيا،في إستقراره عن هوس ذاكرة الفرشاة الملونة ألإستشراقية، بالحمام التركي،بإجساده المصقولة بالماء
والبخار،فرشاة مهوسة، لاترى الشرق إلا عريا مصقولا في فضاء مائي مغلق عمومي؟! نحن هنا نكون أمام ماء منغلق، الحمام هنا المعادل الموضوعي لسوق النخاسة،فالشرق المصور محض جسد معروض للأستهلاك
ألأوربي،مثل بقية ثروات الشرق؟!
*المرأة المستحمة: بارنويا مغمورة بماء أسود..أفراز هوس الذكورة العاطلة،والمرأة المستحمة(غير موجودة في أريافنا…/60) هذه شهادة الفيلسوف غاستون باشالار، ويضيف من أجل تفنيد ألأكذوبة
(الحمام لم يعد أكثر من رياضة،وهو بوصفه رياضة،نقيض الحياء ألأنثوي،أنه من آلآن وصاعدا، حشد يهيء
مناخا للروائيين ولايعود قادرا على أن يقدم قصيدة حقيقية عن الطبيعة) هنا يلتقط باشلار البنية السيسولوجية
،ثم ينتقل الى المفهوم الفينوميولوجي، موضحا(من جهة أخرى، الصورة البدائية،صورة المرأة المستحمة في
ألإنعكاسات الساطعة، صورة زائفة،لأن المستحمة،وهي تحرك المياه، تحطم صورتها الخاصة،فمن يستحم
لاينعكس.لابد للخيال إذا من أن يتوسل الواقع،وعنئذ يحقق رغبة) هل هناك تفنيد اقوى من هذا التفنيد الباشلاري؟ هل هناك تعرية أشد هتكها من تعريةباشالار لمرضى هذا الهوس الدوني؟
وهكذا نصل الى نسق ثلاثي: المرأة المستحمة: صورة قبل أن تكون كائنا،ورغبة قبل أن تكون صورة
: رغبة ———— صورة ——————– كائن .
هنا أقترض من عالم الفسلجة الروسي(بافلوف)،معلومة واصوغها سؤالا: هل ثمة إنعكاسا شرطيا
بين الماء وألأنوثة،هو المسؤول عن الوظيفة الجنسية للنهر؟(كل ماينعكس في الماء يحمل سمة أنثوية/باشلار)
شخصيا أرى أن مطلقية الجعالة القرآنية ،أقوى من مفهوم ألأنوثة(وجعلنا من الماء كل شيء حي)..
حين أختفت المستحمة
ظهرت البجعة كمعادل موضوعي وكحلم يقظة، والبجعة خنثى(أنثوية في تأمل المياه اللامعة وذكورية في إثبات
الفعل/63 باشلار) وأضيف كقارىء الرائحة خنثى اليس في عطر كل إمرأة ثمة رجل؟! والعكس صحيح ..
وها أنا يابشلار..مائيا أحاول ألإقتراب من( مبادىء علم نفس العلة المادية)،بحثا عن الثنائي لمزج الخيال المادي
سألمس هذه الأنساق الثنائية : الماء+ التراب/ الماء+النار/ الماء+الليل/ الماء+المرأة/ الماء+الخمرة/ الماء+ الموت/ الماء+ الحياة/ الماء+السفر……………………وقبل أن اتساءل يجيبني باشلار
(كل إتحاد زواج وليس هناك زواج ثلاثة/ 145- الماء وألأحلام)
…………………………………………………………
هل يعقل ألإستثنائيون لايملكون،سوى هذه الموهبة الموسمية: حياكة السماء في خرائط ألأنهار!!
لذا لايكفون عن تكرار إنتاج سؤالهم الرواقي(الخطأ ليس خطأنا،بل هو خطأ اللاشعور البشري الذي
يستمد مما قبل تاريخه الموضوعات ألأبدية التي يطرز عليها لاحقا ألف تنوع مختلف/94)
وحده آدم،يلتقط من سقيط الغابة ،قمصانه،ولايكترث إذا راودته ألأشجار عن مراياها، وحده آدم إكتشف سماء عذراء في خطواته،ولم يتلف صوب صدأ ألأقفال، فوتوغراف البروق،ألتقط صورة لآدم وهو يتكىء على
آدميته سؤالا نرجسي الجرح: ماهو المحلوم به من آدم ألأرضي؟ غير(الماء وهو الذي يحلم في عيوننا/ 56
هل الماء هو من يقوّم أعوجاج التفاح ألأزرق* ويمنح العالم المخلوق وقارا إفلاطونيا/81؟
حين تنسى الوردة طراوة قمصانها،هل تفقد الفقريات ،ذاكرة رائحة ألأعشاب؟ من علم النفس ألإجتماعي للعطور أمتشق علامة إستفهام: الرائحة؟ ذاكرة..؟ صورة ؟ وإذا كانت الحياة تجربة سابقة فألأذن هي أيضا(..تريد أن تسمي ألأشياء بأسماء الزهور،تريد لما تسمعه أن يزهر، يزهر مباشرة في اللغة
كما تريد نعومة اللون، بدورها صورا لتظهرها../271).
*كل مقوس رقمي،يحيل إلى غاستون باشلار(الماء وألأحلام) دراسة عن الخيال والمادة / المنظمة العربية للترجمة/ ط ألأولى/ 2007/ بيروت/ ترجمة د.علي نجيب إبراهيم.
*جان ماري بيلت/ اللغات السرية في الطبيعة/ دار الفارابي/ بيروت/ ط أولى/ 2011/ ترجمة فارس غصوب
*د. نزار شقرون/ معاداة الصورة في المنظورين الغربي والشرقي/ ألإنتشار العربي/بيروت / ط1/ 2011
*ميشال فوكو/ الكلمات وألأشياء/ ترجمة مطاع صفدي/ مركز ألإنماء القومي/ بيروت / ط1/ 1990
*فاطمة الوهيبي/ المكان والجسد والقصيدة/ المركز الثقافي العربي/ بيروت/ ط1/ 2005/ ص17
*(عطيل أكذوبة……) مصطفى سعيد : الشخصية المحورية في رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) رائعة الطيب صالح.
*الصورة تكذب…تنظر مقالتنا(بلاغة الفوتوغراف /آثار المعنى عن رواية (مدينة الصور)للروائي لؤي حمزة عباس
*التفاح ألأزرق: شفرة ميثولوجية ضمن رواية كاترين كمبلين ( سر مريم المجدلية )…