أبصرهُ مستلقياَ فوق الأريكة يُتابع أخبار المساء باهتمام…
إنه زّوجي، وحبيبي..

زّوجي الّذي أحببتُ، وحبيبي الذّي عشقتُ…
إني لأتذّكرُ جيدا أخته الصغيرة التي كانت تضربني بقوة، وتمسكني من شعري، وأحياناَ تُسقطني أرضاَ، ثم تذرّ على التراب، فيتدخلُ هو ويدافعُ عني، فتغضب هي ، وتنطلقُ باكية إلى أمها في المطبخ تحضر الغداء، أو تكون في الحوش تكنسه…
إني أسمعه الآن : ـــ هوارية! هوارية ! تعالي !…
وتصرخُ هي باكية : ـــ اتركني …
إني أسمعها باكية تخبر أمها بسوء عمله ، فتنصتُ الأم صامتة ، بينما ينظرُ هو إلي …
توبخه الأم بعنف ، فيقول بأنه دافع عني فقط ، وأخته دائما تتنمر علي …
وتصرخُ هي: ـــ إنه يُفضلها علي ! أنا أخته ، وهي ابنة الجيران ..
فتربتُ الأم ــ حماتي ــ على رأسها، ثم تقول وهي تبتسم:ـــ لا تقولي ذلك، فهي أيضا أختك!
تزعق ُ هوارية : ـــ ليست أختي!
كنا أطفالاَ ، ولم يكن يسمح لي والدي باللعب إلا معهما ؛ هو أخته ، ابنا جارنا الطيب …
كانت تغارُ مني ، غيرة طفولية ، وتعتقدُ دائما أني سرقتُ أخاها منها ، إذ كان يؤثرني ويُقربني …
تطلع زوجي إلي ، وصاح : ـــ هوارية!…
ابتسمتُ فزّعة : ـــ يا الله ! هل يعلم ما يدور في رأسي ! وما أستعيدُ من ذكريات بعيدة …
قلت ُ : ـــ هوارية! ما بها ؟ …
ــ أختي الصغيرة… أختي العزيزة.. لقد اشتقتُ إليها!…
اقتربتُ منه ، ثم جلستُ بجانبه وقلتُ : ـــ اتصل بها ! اسألها عن حالها …لا … لا .. فلتدعها إلى العشاء اليوم ،هي وزجها وأولادها…
أخرج الهاتف النقال من جيب سترته، وشرع يبحث عن رقمها..
كنتُ أتابعه وأنا أتسأل: ـــ هل لا يزال يتذكر تلك الأيام الجميلة ؟ تلطمني هوارية فأبكي … فيأتي حبيبي ويضربها فتبكي هي أيضا …