لم تكن تحترف الفنجنان من قبل…
كانت تصحب أيّ زبون إلى مقبرة المدينة تستعلم منه عن اسم امّه وعمره كما يفعل قارئ الفنجنان أو الكف ثم تجعله يلمس بعض شواهد القبور فتخبره عما يخصه من زمن ماكان وما

يكون.
تدعي أن زمان الكفّ ولّى والفنجان أمّا مايخبرنا عن الماضي والمستقبل فهو شاهدة القبر وقد صدقها كثيرون..
ليس هو
أقسم أنّه ليس هو
أعرفه حقّ المعرفة
رفيق الطفولة:لعبنا معا،درسنا في مدرسة ابتدائية قريبة من محل سكننا،والتقنا بنفس الثانوية،وفي العشرين غادرت البلاد لأسباب كثيرة لا أحب أن أدخل في تفصيلاتها
وقد حزنت حين علمت أنّه قُتِل وأصبح بعد مقتله رمزا للبلد
الجميع يلهج باسمه ويتحدثون عن بطولاته وتضحياته
لكنني حين زرت البلد بعد أربعة عقود في الغربة،توجهت إلى تمثاله الشهير الذي سمعت أنّه ينتصب وسط المدينة..
وكادت المفاجأة تلغيني من أمامه
صدمة
ذهول
أنا في غيبوبة
إنّه ليس هو..
ملامحه التي أعرفه بها تغيّرت..قسمات وجهه..شعره..نظرته..طيبته كلّ مافيه غريب وبعيد عن شكله..لم يبق منه سوى اسمه المنقوش على الحجر أسفل قديه!
زعقت إنّه ليس هو
وكان المارة يظنونني أحد معتوهي الشارع.