
تنويـــــه : لايزال موقع الناقد العراقي بين الحين والاخر يجني من ثمار وفاء الكاتب والاديب والاستاذ (د. صالح الطائي) بذكر الفقيد والاديب و الناقد (د. حسين سرمك حسن) -رحمه الله – مؤسس الموقع في الذكرى السنوية الثانية لرحيله مما يدل على وفاء الكاتب الكبير وموقفه الرائع بعدم نسيان من رحلوا الى العالم الاخر وبالنيابة عن جميع اسرة الموقع ومحبي الفقيد نشكره شكراً كبيراً بحجم موقفه المشرف على ذكر الفقيد (وانا لله وانا اليه راجعون).
في مثل هذا اليوم 27 كانون الأول من عام 2020 فقدنا، وفقد الأدب والنقد والطب العربي قامة علمية وأدبية عالية باسقة، هو الأخ الدكتور حسين سرمك (رحمه الله) سادن موقع الناقد العراقي، الرجل الذي نذر نفسه لخدمة العلم والمعرفة والأدب، وأعطى بجزالة دون أن ينتظر مردودا ماديا أم معنويا، الرجل المتعاون المُستشار، الرجل الذي كان يقطر طيبة وتواضعا مع غزارة العلم الذي يحمله.
كان المرحوم جراح جسد يبحث للأجساد التي أصابها الوهن عن علتها ليصف لها العلاج الشافي، وجراح نقد يبحث عن مقومات الأدب العربي التي أصابها التهالك والضعف والإسفاف ليمنحها قوة مطاولة وبقاء.

وفوق هذا وذاك كان يتابع الأدباء المبدعين مثلما يتابع الأب أبناءه، فإذا فقدت الساحة واحدا منهم في أي بقعة جغرافية كان ينعاه بحسرة تشعرك وكأنه صديقه الحميم، واذا أنتج أحدهم نصا تراه يتلقفه بالتوضيح والتصريح متيحا له فرصة المنافسة مع سواه.
كتب عن المنجزات المذهلة للطب العربي، وكتب عن الإبادات مثل الهولوكوست والمحارق التاريخية، وكتب النقد من وجهات نظر فلسفية، وحلل وفكك أكاذيب وتلفيقات هيرودوتس أبو التاريخ، وتحدث عن جرائم أمريكا، وعن مؤامرة التباكي على يهود العراق، وعن الهوية وتفردها، وعن تفاهة متحف الإنسان في فرنسا، وأشياء كثيرة أخرى في النقد والأدب والطب، فضلا عن ذلك وضع مجموعة من المؤلفات القيمة.
لقد خسرنا وخسر الأدب العربي والنقد الأدبي برحيله المبكر قامة فكرية أدبية نقدية إنسانية قل نظيرها. ونحن نستذكره اليوم والألم يعصر قلوبنا والحسرة تدمي عيوننا، ولا نملك سوى أن نسأل الله تعالى أن يتلطف به ويرحمه ويغفر له، ويحفظ عائلته ويصبرنا على فقده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
انها بادرة طيبة من السيد الطائي.
أرشيف الناقد العراقي غني وحافل بالمعلومات، وبالنسبة لأمثالنا من فقد كل شيء بسبب الحروب غير العادلة ومنها المكتبة المنزلية يأتي الناقد العراقي ليسد جزءا من هذا الفقدان.
ولكن الخسارة التي لا تعوض هي تتمة مشروع الدكتور سرمك..
كان الدكتور سرمك فارساىومحاربا.
في كل حلقات حياته لم يترك التأمل بمشكلتين. الامبريالية الأمريكية وانعكاساتها على العالم الحديث.
والصهيونية التي اكد أنها ابنة الامبريالية وشريكتها و بضعة منها.
صدر منذ اسابيع كتاب مشترك لعدو من اعداء الاستعمار بكل أشكاله وهو الأستاذ شومسكي و شاركه بالتأليف رمز من رموز الاستقلال والحرية وتكريم ثقافة الهوامش. وهو الاسكوتلاندي جيمس كيلمان.
وكم كنت اود ان يكون معنا الدكتور حسين. سرمك. و اضع نقطة بين الاسم واللقب، لأنه انسان مركب و متحور الاهتمامات.
لو انه موجود لاحتفلنا بهذا الكتاب الذي يعيد النظر بالسياسة الأمريكية في كولومبيا وغواتيمالا و فلسطين العربية.
لقد تبدلت الوجوه.
تبدلت الوان الأدمغة و الأفكار.
و امواج لحر العروبة الثقافية والحضارية تتحجر وتسكن و تخمد.
العالم يبدل هبوب رياحه و ليس اتجاهها فقط.
تغمده الله بالرحمة.
و ربما يجد من يكرم مخكوطاته الصامتة والمدفونة او على الأقل اعادة نشر ما نفد من اعمال تهم حركة التحرير العربية.
شكرا للدكتور الطائي على هذا التذكير.