الشاعرة رند الربيعي بتجربتها في قصائد (أُقشر قصائدي فيك) تتبنى مشروعاً شعرياً تخصصه لثيمات : الوطن الحبيب , وللحبيب الوطن , وللرجل المحارب , وللرجل والانثى اللائذين بالفكرة المتعالية للنموذج الانساني المتوجع . وقد لا تتفرد بموضوعاتها هذه انما التفرد في بصمة قولها ومعالجتها لها , ووضوح دلالاتها المبهجة بحزنها , فضلاً عن تجليات ثقافة شِعرها المومئ لبوح جريء يتمثل الآخر كأنه هو .. هكذا يمكننا النظر الى عموم تجربتها , ويمكن ـ كذلك ـ الذهاب جهة زوايا أُخرى على النحو الآتي :
أولا : ذواتية اللا مرجع
بقصيدتها (نوع آخر من الهواء) تركز على ثلاثة أركان تخص الذواتية التي لا مرجع لها هي : التسليم , جلد الذات , التحرر . لنتابع هذه الذواتية اللامرجعية على وفق الآتي :
أ ـ التسليم الانسياقي
تقول :
[هكذا من كلّ شيءتولدُ الحربُ
من بين أصابعكَ
… فيرد عليها النديم المتخيل :
من بين خصلاتِ شعركِ الذي احترفَ الفجرَ]([1])
من المسلم به ان الذواتية تحتفل بالداخلي من أفعال النفس البشرية , لكن الطاقة الشعرية لـ (رند الربيعي) قد خالفت المرجع هذا الى معكوسه , إذ جعلته ذاتاً لا مرجع لها , تأسيساً على لا يقينية أي مُسّلَّم أو ظاهرة حضارية .
يبدو ان الشاعرة وضعتنا أمام حرج حقيقي في الانسياق وراء التسليم شبه النهائي لذواتيتها اللا مرجعية , فكل شيء ليس شعراً , وليس شيئاً , وليس مادة وليس عاطفة . كذلك ولادة الحرب فهي ليست إصبعاً في اليد وليست فراغاً بين اصبعين , وليست تقارباً بين متناسلين . إذاً هي إرادة القتل , وهذا أسوأ وصف للحرب.
لم تكتفي الشاعرة بتعتيم مرجعية الحرب كونها ارادة القتل , انما عبرت بها الى ان تكون حركة القتل نفسها , التي تحرك خصلات شعر السلام والأمن والحب , كأن الحرب صارت إرادة اللا حرب .
هل ستغادر الشاعرة ذواتيتها الشعرية للمرجعية المخترعة الجديدة ـ التسليم ـ ؟
نعم . ستنسحب الى لا مرجعية جلد الذات!.
ب ـ فتنة جلد الذات
جلد الذات كفلسفة سلوك “( (Self – abasementمصطلح يستعمل في علم النفس ويشير إلى معنيين ، الأول مادي جسدي , يقصد به إلحاق الضرر بالجسد بشكل مقصود وبإرادة كاملة بغرض اللذة والتمتع ، أما المعنى الثاني وهو النفسي المعنوي فيقصد به لوم الإنسان لنفسه أو حرمانها لارتكابه سلوكيات خاطئة”([2]).
تقول الشاعرة :
[من تحتِ قميصكمن أزراره السفلى
من فوضى عطركَ
من شوقٍ يولدُ راكضاً
من حقيبتكَ التي أغارُ منها
من غيرتكَ حين أُدللُ نفسي] ـ اقشر قصائدي فيك , ص13
ان الشاعرة (رند الربيعي) ـ هنا ـ تعبر من الظاهر الخارجي الى تصغير الشأن الداخلي فتجعل الحرب لمسة تحت القميص , الذي يعادل بدن البندقية الخارجي , ثم تُصّغّرها ثانية لتصير الأزرار السفلى للقميص , أي زناد اطلاق الرصاصة , بل توصل ذلك الى جلد مزدوج للمتعة البشرية تطال شأو العطر والفوضى والشوق , تجلدهم معاً برصاص السرعة , (الركض) , وحتى الركض سينسحب الى تصغير آخر فيصير حركة حقيبة , أي انسحاباً مهزوماً مأزوماً .
ثمة فردية تختزل الشؤون المصغرة كلها على شكل أمنية , تجعل الحرب أُنثى مدللة تغار من كل سلام وجمال . تلك الخارطة من الدلالات المتشابكة تتميز بـ :
1ـ استيعاب السلام للحرب .
2ـ تهشيم الحرب للذات السليمة لأصغر شؤون الفرد .
3ـ لا مرجع ولا يقين ولا مبرر لأي جَلْدٍ للنفس سوى بث الوعي المغاير .
* تُرى ألا تجد الشاعرة حلاً أكثر عدلاً من التسليم والجلد واللا مرجع؟
ربما سيكون التحرر المتوال حلاً مثالياً..
ج ـ التحرر المتوال
التحرر من دخان الحرب بدخان السكائر , والتحرر من الصمت بالشعر , ومن الحرب بالحب , ومن السكون بتسلق الكتابة , ومن رتابة الكتابة بالصعود سطراً سطراً نحو الجمال الكوني , الذي يخلق رئة جديدة تتنفس هواء جديداً . هواء لنسائم البسمات خارج كل مرجعيات ويقينيات حساب الربح والخسارة في الحرب الفردية او الكونية .
بمعنى ان الحرية تتماشى و … :
[يولدُ الحبُ من دخانِ سجائركَيولدُ الحبُ من قصائدي التي تتسلقكَ سطراً سطراَ
هكذا …
ينمو كلما ابتسمتَ
فألقيكَ في رئتي كي تخرجَ نوعاً آخرَ من الهواء
هكذا انتَ
نوع آخر من الهواء] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص14
ثانياً : الحدة الباردة للجملة الشعرية
الحدة الباردة قد تكون الظاهر المخفف للعنف اللغوي المرتبط بروح الكيان البيئي والنفسي للشاعرة , وهي تغدق على مشاعرها من موروث الهموم السياسية والاجتماعية ما يجعل لغتها تتسم بطبيعة الحدة الباردة , أي العنف اللفظي الفني , وهي به تؤكد قوة التحدي للأوضاع غير السليمة لحياتها وحياة الناس في البلاد , وربما هذا يقترب من طبيعة (الحدة اللغوية لشعر الجواهري = عنف اللغة الشعرية الاحتجاجية) , مثلما يذكر في الاتي : “ألفاظ العنف في القصيدة الجواهرية هي ألفاظ هجاء واحتجاج ووعيد وسخرية … عبّرت من خلال الأفعال التي استعملها عن إحساسه النفسي المتألم لحالة الشعب وما يعانيه من ظلم ، مُتبنياً بذلك قضاياه في النضال والثورة … وهو بهذا يجعل من الخطاب الشعري أكثر التصاقًا بالهمِّ العام وبالحراك الشعبي”([3]).
أننا نود أخذ الحال نحو الاستعمال الفني للغة الشعر , فنجعل من قصيدة (أسرار الليل) مبرراً للمتابعة الآتية :
ا ـ افق العبارة
لنتطلع في المقطع الآتي :
[حين يقتحمني النُعاسُ …أمنحكَ شفتيَّ لتطعم العَصافير!
وحين أغوص في جرحك
أَفهَمُ سرَّ الناي !] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36
سنلاحظ على المقطع السابق /
1 ـ حدة الاقتحام تكسرها برودة النعاس .
2 ـ حدة اطعام الشفتين تكسرها طيبة المنح وجمال العصافير .
3 ـ حدة الغوص بالجرح يكسرها الفهم .
4 ـ حدة السر يكسرها صوت الناي .
5 ـ حدة المقطع كله يكسره عنوان القصيدة (أسرار الليل).
* ان كسر الحدة بجمال العبارة ورقة استعمال اللفظ هو ظاهرة فنية تلائم افكار ما بعد الدلالة الشعرية , التي تقع ـ أصلاُ ـ كمقاربة لـ ما بعد المعنى والمرجع واليقين الفلسفي . ب ـ تشييد العمارة
في الآتي من الانتظام الشعري تتجدد ظاهرة العنف اللغوي المخفف عبر تشكيل مبرمج لعمران صوري شعري يقترب من البناء المرسوم على خارطة .
لنقرأ :
[أفهم…إنَّ هنالك زورقاً أبحر ولم يعدْ
تَدفع بموجة شعري سفينة عطرك !
كم لوَّح العشاقُ…
مناديلهم مبللة,
وتناهيدِ قلوبٍ ميتة؟!] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36
من المقطع أعلاه نفهم :
1 ـ توجد صورة غائبة استحضرها الفهم , يمكن تخمينها بمكان انطلاق الزورق .
2 ـ الزورق مغامرة بحرية نحو حرية المجازفة بالوجود من أحل الموجود , الموجود يتضمن المخمن المسمى الكائن المسالم .
3 ـ الزورق المغامر لن يعود لأنه لا يريد العودة , وهذا أمر غريب .
4 ـ غرابة الأمر صورة تضبط خارطة الانتظام الجملي عبر سحب البناء نحو تخيل البحر , كونه سواد من ، موجة وعطر وسفينة وشعر , الحبيب أو الحبيبة . 5 ـ يستمر الزورق الذي صار سفينة لا عودة حتى يصل رصيف ومرفأ العشاق . 6 ـ المرفأ وضع للعشاق والمناديل وظيفة احياء ذكرى القلوب المضحية لأجل زمن المستقبل .
* من المهم ان نعي بأن المقطع يكسر حدة الخيبات بكرم التضحية والمغامرة من أجل المستقبل .
ج ـ تمكين القيم
القيم المرجو تمكنها من زرع بوادر الخير ومنح البشارة مساحة وضوح كافية , تنحو لتركيب خبري يفيد /
1 ـ حكمة الجمال تتعدد عبر لون الطفولة والخير مثل قوس قزح .
2 ـ اللون يخلق طواويس مزهوّة بالّلون , والخفة وفتنة مظهرها وجسدها كأنها أُنثى . 3 ـ الأُنثى هي الحبيبة , التي تخلق الخير للموجود كلها بين الأرض والسماء . 4 ـ الانثى الحبيبة هي اللون والطفولة ومرفأ الحب بين الجسد والقميص لكل فرد . 5 ـ نرى ان تكييف الصياغة وتكثيف قيم الفكرة يجعل العمل فعلاً تلقائياً عفوياً مثل طبيعة الناس الطيبة , وهذه الحقيقة يمكن تعميمها كنوع من ضبط اللغة وتكييفها لخدمة الحدة المُبّرِّرة لفتنة الجمال .
* أنا أعدُّ المقطع هذا وثيقة ترد على العنف بدعوة الحب والسلام , النفسي والجسدي . لنقرأ وسوف نتأكد من صحة الفرائض السابقة .
[أُخبرك؟القوسُ ما زالَ يعكسُ طيفَ ألوانِهِ
والطواويس لم تزل تفرد ريشها!
وأنا …
باقية في مرافئِ قميصك] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36
د ـ التوتر الشبكي
ان اللوحة التي رُسِمَت بعناية عمرانية وضعت شبكة معقدة من ابداع لتوتر لغوي خاص بالشاعرة رند الربيعي . لنقرأ :
[عنيدةٌ أنا ؛عشتارُ …
وأناملي تسلقتْ سفوحَ وجهِك
مراياي… أقراطي…
قصائدي الغريبات ذابتْ
حزين بُعدكَ
نبتتْ على وسائدي مخالب
تنبشُ ليلاً ولّى
وأجمَعُ نِطافَ أشعاري!
وكلّما صَفَعَني وعدُكَ
أحضُ البابَ] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص37
هذه الشبكة تتباعد عندها اطراف العناصر الدلالية عبر التقابل الثقافي الآتي :
1ـ شبكة الأنا / يربكها ـ العناد/ تقابل مثيلها النقيض ـ عشتار .
2ـ شبكة الأنامل/ يربكها ـ التسلق/ تقابل مثيلها المكمل ـ الوجه .
3ـ شبكة المرايا الاقراط / يربكها ـ الذوبان/ تقابل مثيلها المحتوي ـ القصائد .
4ـ شبكة البعد الحزين/ تربكها ـ المخالب/ تقابل المثيل الضحية ـ الوسائد .
5ـ شبكة الباب/ تربكها ـ نِطاف الأشعار/ تقابل المثيل المتناسل الصفع بالوعد .
* من المؤكد ان هذه الشبكات لها علاقات معقدة بأبعد مما ذكرناه لكننا اردناها اشارة لا حصراً نهائياً , كونه مستحيلاً في الأدب!.
** لنشير مرة جديدة الى ان العنف اللغوي المخفف طريقة فنية طريفة تبتعد عن الهتافية والهجومية , تتخذ لنفسها طبيعة فاتنة , بوظيفة مزدوجة , تخص الاحتجاج والمتعة الجمالية .
ثالثاً : بوهيميا شعبية
مثالنا لهذا المحور سيكون قصيدة حوار بين غيمتين , وستكون القراءة وتوزيع جرأة البوهيميا عبر اجراء نصي بروحية شعبية لها هيأة ثلاثية موزعة على النحو الآتي :
أ ـ بوهيمية بيئية
اللفظ العاطفي ، بما فيه من حسية ، وشفافية ، ووضوح وجمال تعبير , مبدأ من مبادئ جرأة وجودة الاجراء الوظيفي للشعر , ويمثل تعرية بوهيمية الدلالة ، يكسر التلاحم المنطقي لصالح الإفاضة بمتعة التخاطب لحالات (وصف المجسدات ، وانحياز اللغة المسافرة نحو الصور الحسية المباشرة , التي تتجـه بالقارئ الى بوهيمية مفرطة , وفطرة نفسية مدركة . سنخرج من المقطع القادم بـ /
1 ـ الأخذ من صغائر الأدوات طريقة لتحقيق الأماني المستحيلة /
[ليتني قارئة فنجانلأصطادكَ بنظرة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99
2 ـ انزال الظرف البيئي ليكون حياة متحركة :
تريد الشاعرة ان تكون /
[دمعة لتنمو كزهرة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص993ـ اختزال مسار الطبيعة بالحركة السريعة :
تتمنى الشاعرة ان تكون /
[عَدّاءة لأتلقفك بسرعة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص994 ـ ان البوهيمية تشكل ـ من الجانب العاطفي ـ أُمنيات نفس تواقة للاندماج بالطبيعة / [تداعب شعري كعاصفة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99
5ـ تغيير الحركة لتصير سكوناً من تفكير مشوش هدّام :
[من هدوءتوسوس في صدري
تنال مني …] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99
* يُرى ان الميل الوجداني يغور عميقاً في النظرة الشعبية للبوهيميا , إذ يضعها مقابلاً للحسي والبيئي بدلالة جميع جمل المقطع , فكلها نجمع بين الجملة والفكرة الشعبية عن حسية ومادية المكونات البيئة بعد ادخالها بمدخل الحيوية الانسانية , نتمم تحميلها بقيمة التحرر والعري البوهيمي , كنتيجة حضارية فكرية وجدانية تتماشى مع ثقافة البيئة = البوهيميا).
ب ـ الشعبية تجل فعّال
ان جرأة تجسيد الموجودات بلغة شعرية لا نمطية تمثل تجلياً شيئياً مضللاً بالتجسيد الملموس بمغايرة تخص دلالات (النديّة) تحقيقاً لرفعة اللا ملموس الشعبي الحسي . وحين يخاطب الحبيب حبيبته بلغة نِدّية تتساوي الكائنات الوجدانية مثلما يساوى بين الحسي والمتخيل البوهيمي بروحية التنبؤ الشعبي :
[أيتها الرصينة في الحبالناعسة كغيمة
الغائمة كنعاس
الماطرة كجديلة
المضفورة كمطر
أطمئن بدفئكِ
على كتفي…] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100
لننظر الى المتساويات مظهرياً ودلالياً , ثم لنقارب بين طبيعتهما المادية وغير المادية , سنجدها متبادلة ومتساوية ومندمجة وظيفياً , مثالها :
ـ الرصانة والحب/ يتساويان ويتخالفان ويأتلفان مع الفتاة الحبيبة , والفتى الأثير .
ـ النعاس والغيمة / لا يجمعهما سوى مظهر كتابي يساوي بينهما في الوظيفة , ويجعلهما مختلفين مؤتلفين في الوجدان العاطفي .
ـ المطر والجديلة , الجديلة والمطر/ يجمعهم مظهر كتابي يساوي بينهم في الوظيفة , والشكل والاتجاه , لكنه يجعلهم مختلفين مؤتلفين في الوجدان العاطفي .
ج ـ اغواء الروح الشعبية
ان جرأة القصيدة تتعدى حدود التجميع اللفظي عند محور الروح الشعبية ، إذ تقترب اللغة من طبيعة اللمس اليدوي والعضوي . الحق ان الشاعرة تتبع العديد من الاجراءات الفنية تقنياً , لتؤكد على ان الروح الشعبية تزيد متعة التذوق الجمالي , ومن تقنياتها الفنية ـ هنا :
1 ـ التكرار لكلمة “بروحي” /
[كم أنتِ بروحيبروحي كم أنتِ .
بروحي تماما …] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100
2 ـ التتابع شبه السردي /
[أيتها المرأة الكونيةدافك الرب بالحنين
والحنين مقلتي
ومحياي ….
كلما خانتني الأرصفة
المزدحمة…
قذفتني سطوة حضوركِ] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100
3 ـ التناسل الجملي /
[حضوركِ الممطرومطرك الحاضر] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101
4 ـ التضاد اللفظي /
[ايتها الحبكة السمراءوالليل الناصع بسواده
والنهار الداكن بسحنتك] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101
5 ـ الهايكو السباعي /
[الأنوثة سحر كهنوتبخور جاوة
فاكهة معتقة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101
رابعاً : اتمام
ان أعمق وأقدم وظيفة للشعر هي الغنائية , وبفهمنا أنها الشرط المكمل الوحيد للتنغيم الشعوري والوجداني للشعر , وعندما أبدل النقّاد الغنائية بالشعرية فهم وضعوا الشعر والنثر بمختبر تحليلي واحد هو النصية . وعلى الرغم من انني أُفضل ان تكون الشعرية مصطلحاً يلائم جميع الفنون والمعارف , لكنني أرى أن (الغنائية , والشعورية , والتنغيم) عناصر تميز الشعر عن جميع المعارف والفنون المجاورة له , ولا أجد الموسيقى لها أي علاقة بشرط الشعر . عليه أحسب ان الشاعرة رند الربيعي بمجموعتها الشعرية (أُقشر قصائي فيك) جعلتني أرى الغنائية إيقاعاً تكرارياً , والشعورية تنظيماً نفسياً أدبياً , والتنغيم حكياً شعبياً لرؤى تضبط فكرتي الدلالة والغرض , بالانحياز الى الانسانية .. أقصد ان الشاعرة الانسانة كتبت الشعر بروحية الجملة العفوية المنضبطة بنظام التنغيم , دون ان تفتح مجالاً لفائض لفظي يخرج عن شروط الذائقة المتطلعة نحو مستقبل الشعر لما بعد الحداثة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رند الربيعي ,أُقشر قصائدي فيك . دار تأويل ـ اوربرو , السويد ، بغداد , العراق 2021, ص13, ص14
[2] جلد الذات , شبكة الألوكة 18 يوليو 2017
[3] نجاة علوان الكناني , ألفاظ العنف في قصيدة الهجاء عند الجواهري , مجلة أبحاث البصرة – العلوم الإنسانية , المجلد 37 العدد 4 سنة 2012م ، ص21. منقول عن مقال للكاتب علي الفواز في مجلة الفيصل , 1تموز ,2020