| اسماعيل ابراهيم عبد : شاعرة تُقَشِّرُ القِيَمَ وتُعَرِّي البوهيميا .

الشاعرة رند الربيعي بتجربتها في قصائد (أُقشر قصائدي فيك) تتبنى مشروعاً شعرياً تخصصه لثيمات : الوطن الحبيب , وللحبيب الوطن , وللرجل المحارب , وللرجل والانثى اللائذين  بالفكرة المتعالية للنموذج الانساني المتوجع . وقد لا تتفرد بموضوعاتها هذه انما التفرد في بصمة قولها ومعالجتها لها , ووضوح دلالاتها المبهجة بحزنها , فضلاً عن تجليات ثقافة شِعرها المومئ لبوح جريء يتمثل الآخر كأنه هو ..               هكذا يمكننا النظر الى عموم تجربتها , ويمكن ـ كذلك ـ الذهاب جهة زوايا أُخرى على النحو الآتي :

أولا : ذواتية اللا مرجع

بقصيدتها (نوع آخر من الهواء) تركز على ثلاثة أركان تخص الذواتية التي لا مرجع لها هي : التسليم , جلد الذات , التحرر . لنتابع هذه الذواتية اللامرجعية على وفق الآتي :               

أ ـ التسليم الانسياقي

تقول :

[هكذا من كلّ شيء

تولدُ الحربُ

من بين أصابعكَ

… فيرد عليها النديم المتخيل :

من بين خصلاتِ شعركِ الذي احترفَ الفجرَ]([1])

من المسلم به ان الذواتية تحتفل بالداخلي من أفعال النفس البشرية , لكن الطاقة الشعرية              لـ (رند الربيعي) قد خالفت المرجع هذا الى معكوسه , إذ جعلته ذاتاً لا مرجع لها , تأسيساً على لا يقينية أي مُسّلَّم أو ظاهرة حضارية .

يبدو ان الشاعرة وضعتنا أمام حرج حقيقي في الانسياق وراء التسليم شبه النهائي لذواتيتها اللا مرجعية , فكل شيء ليس شعراً , وليس شيئاً , وليس مادة وليس عاطفة . كذلك ولادة الحرب فهي ليست إصبعاً في اليد وليست فراغاً بين اصبعين , وليست تقارباً بين متناسلين . إذاً هي إرادة القتل , وهذا أسوأ وصف للحرب.

لم تكتفي الشاعرة بتعتيم مرجعية الحرب كونها ارادة القتل , انما عبرت بها الى ان تكون حركة القتل نفسها , التي تحرك خصلات شعر السلام والأمن والحب , كأن الحرب صارت إرادة اللا حرب .

هل ستغادر الشاعرة ذواتيتها الشعرية للمرجعية المخترعة الجديدة ـ التسليم ـ ؟

نعم . ستنسحب الى لا مرجعية جلد الذات!.

ب ـ فتنة جلد الذات

جلد الذات كفلسفة سلوك “( (Self – abasement‏مصطلح يستعمل في علم النفس ويشير إلى معنيين ، الأول مادي جسدي , يقصد به إلحاق الضرر بالجسد بشكل مقصود وبإرادة كاملة بغرض اللذة والتمتع ، أما المعنى الثاني وهو النفسي المعنوي فيقصد به لوم الإنسان لنفسه أو حرمانها لارتكابه سلوكيات خاطئة”([2]).

تقول الشاعرة :

[من تحتِ قميصك

من أزراره السفلى

من فوضى عطركَ

من شوقٍ يولدُ راكضاً

من حقيبتكَ التي أغارُ منها

من غيرتكَ حين أُدللُ نفسي] ـ اقشر قصائدي فيك , ص13

ان الشاعرة (رند الربيعي) ـ هنا ـ تعبر من الظاهر الخارجي الى تصغير الشأن الداخلي فتجعل الحرب لمسة تحت القميص , الذي يعادل بدن البندقية الخارجي , ثم تُصّغّرها ثانية لتصير الأزرار السفلى للقميص , أي زناد اطلاق الرصاصة , بل توصل ذلك الى جلد مزدوج للمتعة البشرية تطال شأو العطر والفوضى والشوق , تجلدهم معاً برصاص السرعة , (الركض) , وحتى الركض سينسحب الى تصغير آخر فيصير حركة حقيبة , أي انسحاباً مهزوماً مأزوماً .

ثمة فردية تختزل الشؤون المصغرة كلها على شكل أمنية , تجعل الحرب أُنثى مدللة تغار من كل سلام وجمال . تلك الخارطة من الدلالات المتشابكة تتميز بـ :

1ـ استيعاب السلام للحرب .

2ـ تهشيم الحرب للذات السليمة لأصغر شؤون الفرد .

3ـ لا مرجع ولا يقين ولا مبرر لأي جَلْدٍ للنفس سوى بث الوعي المغاير .

* تُرى ألا تجد الشاعرة حلاً أكثر عدلاً من التسليم والجلد واللا مرجع؟

ربما سيكون التحرر المتوال حلاً مثالياً..

ج ـ التحرر المتوال

التحرر من دخان الحرب بدخان السكائر , والتحرر من الصمت بالشعر , ومن الحرب بالحب , ومن السكون بتسلق الكتابة , ومن رتابة الكتابة بالصعود سطراً سطراً نحو الجمال الكوني , الذي يخلق رئة جديدة تتنفس هواء جديداً . هواء لنسائم البسمات خارج كل مرجعيات ويقينيات حساب الربح والخسارة في الحرب الفردية او الكونية . 

 بمعنى ان الحرية تتماشى و … :

[يولدُ الحبُ من دخانِ سجائركَ

يولدُ الحبُ من قصائدي التي تتسلقكَ سطراً سطراَ

هكذا …

ينمو كلما ابتسمتَ

فألقيكَ في رئتي كي تخرجَ نوعاً آخرَ من الهواء

هكذا انتَ

نوع آخر من الهواء] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص14

ثانياً : الحدة الباردة للجملة الشعرية

الحدة الباردة قد تكون الظاهر المخفف للعنف اللغوي المرتبط بروح الكيان البيئي والنفسي للشاعرة , وهي تغدق على مشاعرها من موروث الهموم السياسية والاجتماعية ما يجعل لغتها تتسم بطبيعة الحدة الباردة , أي العنف اللفظي الفني , وهي به تؤكد قوة التحدي للأوضاع غير السليمة لحياتها وحياة الناس في البلاد , وربما هذا يقترب من طبيعة        (الحدة اللغوية لشعر الجواهري = عنف اللغة الشعرية الاحتجاجية) , مثلما يذكر في الاتي : “ألفاظ العنف في القصيدة الجواهرية هي ألفاظ هجاء واحتجاج ووعيد          وسخرية … عبّرت من خلال الأفعال التي استعملها عن إحساسه النفسي المتألم لحالة الشعب وما يعانيه من ظلم ، مُتبنياً بذلك قضاياه في النضال والثورة … وهو بهذا يجعل من الخطاب الشعري أكثر التصاقًا بالهمِّ العام وبالحراك الشعبي”([3]).

أننا نود أخذ الحال نحو الاستعمال الفني للغة الشعر , فنجعل من قصيدة (أسرار الليل) مبرراً للمتابعة الآتية :

ا ـ افق العبارة

لنتطلع في المقطع الآتي :

[حين يقتحمني النُعاسُ …

أمنحكَ شفتيَّ لتطعم العَصافير!

وحين أغوص في جرحك

أَفهَمُ سرَّ الناي !] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36

سنلاحظ على المقطع السابق /

1 ـ حدة الاقتحام تكسرها برودة النعاس .

2 ـ حدة اطعام الشفتين تكسرها طيبة المنح وجمال العصافير .

3 ـ حدة الغوص بالجرح يكسرها الفهم .

4 ـ حدة السر يكسرها صوت الناي .

5 ـ حدة المقطع كله يكسره عنوان القصيدة (أسرار الليل). 

* ان كسر الحدة بجمال العبارة ورقة استعمال اللفظ هو ظاهرة فنية تلائم افكار ما بعد الدلالة الشعرية , التي تقع ـ أصلاُ ـ كمقاربة لـ ما بعد المعنى والمرجع واليقين الفلسفي . ب ـ تشييد العمارة

في الآتي من الانتظام الشعري تتجدد ظاهرة العنف اللغوي المخفف عبر تشكيل مبرمج لعمران صوري شعري يقترب من البناء المرسوم على خارطة .

لنقرأ :

[أفهم…

إنَّ هنالك زورقاً أبحر ولم يعدْ

تَدفع بموجة شعري سفينة عطرك !

كم لوَّح العشاقُ…

مناديلهم مبللة,

وتناهيدِ قلوبٍ ميتة؟!] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36

من المقطع أعلاه نفهم :

1 ـ توجد صورة غائبة استحضرها الفهم , يمكن تخمينها بمكان انطلاق الزورق .

2 ـ الزورق مغامرة بحرية نحو حرية المجازفة بالوجود من أحل الموجود , الموجود يتضمن المخمن المسمى الكائن المسالم .

3 ـ الزورق المغامر لن يعود لأنه لا يريد العودة , وهذا أمر غريب .

4 ـ غرابة الأمر صورة تضبط خارطة الانتظام الجملي عبر سحب البناء نحو تخيل البحر , كونه سواد من ، موجة وعطر وسفينة وشعر , الحبيب أو الحبيبة .                     5 ـ يستمر الزورق الذي صار سفينة لا عودة حتى يصل رصيف ومرفأ العشاق .               6 ـ المرفأ وضع للعشاق والمناديل وظيفة احياء ذكرى القلوب المضحية لأجل زمن المستقبل . 

* من المهم ان نعي بأن المقطع يكسر حدة الخيبات بكرم التضحية والمغامرة من أجل المستقبل . 

ج ـ تمكين القيم

القيم المرجو تمكنها من زرع بوادر الخير ومنح البشارة مساحة وضوح كافية , تنحو لتركيب خبري يفيد /

1 ـ حكمة الجمال تتعدد عبر لون الطفولة والخير مثل قوس قزح .

2 ـ اللون يخلق طواويس مزهوّة بالّلون , والخفة وفتنة مظهرها وجسدها كأنها أُنثى .                3 ـ الأُنثى هي الحبيبة , التي تخلق الخير للموجود كلها بين الأرض والسماء .                     4 ـ الانثى الحبيبة هي اللون والطفولة ومرفأ الحب بين الجسد والقميص لكل فرد .                    5 ـ نرى ان تكييف الصياغة وتكثيف قيم الفكرة يجعل العمل فعلاً تلقائياً عفوياً مثل طبيعة الناس الطيبة , وهذه الحقيقة يمكن تعميمها كنوع من ضبط اللغة وتكييفها لخدمة الحدة المُبّرِّرة لفتنة الجمال . 

* أنا أعدُّ المقطع هذا وثيقة ترد على العنف بدعوة الحب والسلام , النفسي والجسدي . لنقرأ وسوف نتأكد من صحة الفرائض السابقة .

[أُخبرك؟

القوسُ ما زالَ يعكسُ طيفَ ألوانِهِ

والطواويس لم تزل تفرد ريشها!

وأنا …

باقية في مرافئِ قميصك] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص36

د ـ التوتر الشبكي

ان اللوحة التي رُسِمَت بعناية عمرانية وضعت شبكة معقدة من ابداع لتوتر لغوي خاص بالشاعرة رند الربيعي . لنقرأ :

[عنيدةٌ أنا ؛

عشتارُ …

وأناملي تسلقتْ سفوحَ وجهِك

مراياي… أقراطي…

قصائدي الغريبات ذابتْ

حزين بُعدكَ

نبتتْ على وسائدي مخالب

تنبشُ ليلاً ولّى

وأجمَعُ نِطافَ أشعاري!

وكلّما صَفَعَني وعدُكَ

أحضُ البابَ] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص37

هذه الشبكة تتباعد عندها اطراف العناصر الدلالية عبر التقابل الثقافي الآتي :

1ـ شبكة الأنا / يربكها ـ العناد/ تقابل مثيلها النقيض ـ عشتار .

2ـ شبكة الأنامل/ يربكها ـ التسلق/ تقابل مثيلها المكمل ـ الوجه .

3ـ شبكة المرايا الاقراط / يربكها ـ الذوبان/ تقابل مثيلها المحتوي ـ القصائد .

4ـ شبكة البعد الحزين/ تربكها ـ المخالب/ تقابل المثيل الضحية ـ الوسائد .

5ـ شبكة الباب/ تربكها ـ نِطاف الأشعار/ تقابل المثيل المتناسل الصفع بالوعد .

* من المؤكد ان هذه الشبكات لها علاقات معقدة بأبعد مما ذكرناه لكننا اردناها اشارة لا حصراً نهائياً  , كونه مستحيلاً في الأدب!. 

** لنشير مرة جديدة الى ان العنف اللغوي المخفف طريقة فنية طريفة تبتعد عن الهتافية والهجومية , تتخذ لنفسها طبيعة فاتنة , بوظيفة مزدوجة , تخص الاحتجاج والمتعة الجمالية .

ثالثاً : بوهيميا شعبية

مثالنا لهذا المحور سيكون قصيدة حوار بين غيمتين , وستكون القراءة وتوزيع جرأة البوهيميا عبر اجراء نصي بروحية شعبية لها هيأة ثلاثية موزعة على النحو الآتي :

أ ـ بوهيمية بيئية

اللفظ العاطفي ، بما فيه من حسية ، وشفافية ، ووضوح وجمال تعبير , مبدأ من مبادئ جرأة وجودة الاجراء الوظيفي للشعر , ويمثل تعرية بوهيمية الدلالة ، يكسر التلاحم المنطقي لصالح الإفاضة بمتعة التخاطب لحالات (وصف المجسدات ، وانحياز اللغة المسافرة نحو الصور الحسية المباشرة , التي تتجـه بالقارئ الى بوهيمية مفرطة , وفطرة نفسية مدركة . سنخرج من المقطع القادم بـ /   

1 ـ الأخذ من صغائر الأدوات طريقة لتحقيق الأماني المستحيلة /  

[ليتني قارئة فنجان

لأصطادكَ بنظرة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99

2 ـ انزال الظرف البيئي ليكون حياة متحركة :

تريد الشاعرة ان تكون /

[دمعة لتنمو كزهرة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99

3ـ اختزال مسار الطبيعة بالحركة السريعة :

تتمنى الشاعرة ان تكون /      

[عَدّاءة لأتلقفك بسرعة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99

4 ـ ان البوهيمية تشكل ـ من الجانب العاطفي ـ أُمنيات نفس تواقة للاندماج بالطبيعة / [تداعب شعري كعاصفة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99

5ـ تغيير الحركة لتصير سكوناً من تفكير مشوش هدّام :

[من هدوء

توسوس في صدري

تنال مني …] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص99    

* يُرى ان الميل الوجداني يغور عميقاً في النظرة الشعبية للبوهيميا , إذ يضعها مقابلاً للحسي والبيئي بدلالة جميع جمل المقطع , فكلها نجمع بين الجملة والفكرة الشعبية عن حسية ومادية المكونات البيئة بعد ادخالها بمدخل الحيوية الانسانية , نتمم تحميلها بقيمة التحرر والعري البوهيمي , كنتيجة حضارية فكرية وجدانية تتماشى مع ثقافة البيئة = البوهيميا).

ب ـ الشعبية تجل فعّال 

ان جرأة تجسيد الموجودات بلغة شعرية لا نمطية تمثل تجلياً شيئياً مضللاً بالتجسيد الملموس بمغايرة تخص دلالات (النديّة) تحقيقاً لرفعة اللا ملموس الشعبي الحسي .     وحين يخاطب الحبيب حبيبته بلغة نِدّية تتساوي الكائنات الوجدانية مثلما يساوى بين الحسي والمتخيل البوهيمي بروحية التنبؤ الشعبي :

[أيتها الرصينة في الحب

الناعسة كغيمة

الغائمة كنعاس

الماطرة كجديلة

المضفورة كمطر

أطمئن بدفئكِ

على كتفي…] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100

لننظر الى المتساويات مظهرياً ودلالياً , ثم لنقارب بين طبيعتهما المادية وغير المادية , سنجدها متبادلة ومتساوية ومندمجة وظيفياً , مثالها :

ـ الرصانة والحب/ يتساويان ويتخالفان ويأتلفان مع الفتاة الحبيبة , والفتى الأثير .                  

ـ النعاس والغيمة / لا يجمعهما سوى مظهر كتابي يساوي بينهما في الوظيفة , ويجعلهما مختلفين مؤتلفين في الوجدان العاطفي .

ـ المطر والجديلة , الجديلة والمطر/ يجمعهم مظهر كتابي يساوي بينهم في الوظيفة , والشكل والاتجاه , لكنه يجعلهم مختلفين مؤتلفين في الوجدان العاطفي .

ج ـ اغواء الروح الشعبية

ان جرأة القصيدة تتعدى حدود التجميع اللفظي عند محور الروح الشعبية ، إذ تقترب اللغة من طبيعة اللمس اليدوي والعضوي . الحق ان الشاعرة تتبع العديد من الاجراءات الفنية تقنياً , لتؤكد على ان الروح الشعبية تزيد متعة التذوق الجمالي , ومن تقنياتها الفنية ـ هنا :        

1 ـ التكرار لكلمة “بروحي” /

[كم أنتِ بروحي

بروحي كم أنتِ .

بروحي تماما …] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100

2 ـ التتابع شبه السردي /

[أيتها المرأة الكونية

دافك الرب بالحنين

والحنين مقلتي

ومحياي ….

كلما خانتني الأرصفة

المزدحمة…

قذفتني سطوة حضوركِ] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص100

3 ـ التناسل الجملي /

[حضوركِ الممطر

ومطرك الحاضر] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101

4 ـ التضاد اللفظي /

[ايتها الحبكة السمراء

والليل الناصع بسواده

والنهار الداكن بسحنتك] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101

5 ـ الهايكو السباعي /

[الأنوثة سحر كهنوت

بخور جاوة

فاكهة معتقة] ـ أُقشر قصائدي فيك , ص101

رابعاً : اتمام

ان أعمق وأقدم وظيفة للشعر هي الغنائية , وبفهمنا أنها الشرط المكمل الوحيد للتنغيم الشعوري والوجداني للشعر , وعندما أبدل النقّاد الغنائية بالشعرية فهم وضعوا الشعر والنثر بمختبر تحليلي واحد هو النصية . وعلى الرغم من انني أُفضل ان تكون الشعرية مصطلحاً يلائم جميع الفنون والمعارف , لكنني أرى أن (الغنائية , والشعورية , والتنغيم) عناصر تميز الشعر عن جميع المعارف والفنون المجاورة له , ولا أجد الموسيقى لها أي علاقة بشرط الشعر . عليه أحسب ان الشاعرة رند الربيعي بمجموعتها الشعرية                 (أُقشر قصائي فيك) جعلتني أرى الغنائية إيقاعاً تكرارياً , والشعورية تنظيماً نفسياً أدبياً , والتنغيم حكياً شعبياً لرؤى تضبط فكرتي الدلالة والغرض , بالانحياز الى الانسانية .. أقصد ان الشاعرة الانسانة كتبت الشعر بروحية الجملة العفوية المنضبطة بنظام التنغيم , دون ان تفتح مجالاً لفائض لفظي يخرج عن شروط الذائقة المتطلعة نحو مستقبل الشعر لما بعد الحداثة .  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

[1] رند الربيعي ,أُقشر قصائدي فيك . دار تأويل ـ اوربرو  , السويد ، بغداد , العراق 2021, ص13, ص14

[2] جلد الذات , شبكة الألوكة  18 يوليو 2017

[3] نجاة علوان الكناني , ألفاظ العنف في قصيدة الهجاء عند الجواهري , مجلة أبحاث البصرة – العلوم الإنسانية , المجلد 37 العدد 4 سنة 2012م ، ص21. منقول عن مقال للكاتب علي الفواز في مجلة الفيصل , 1تموز ,2020

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *