رحلة طائر الكاتبة
خلود الشاوي

ذاتَ يومٍ خرجَ طائرٌ عن سربِهِ لأنه كان منزعجا من قوانينِهِ الصارمةِ ،راحَ يُرفرفُ مسرورا لأنهُ تخلصَ من قانونِ ذلكَ السرب ُالمتعِبُ، وظلَّ يطيرُ ويطيرُ بعيدا عنهم باحثا عن حريتهِ واستقلالهِ.
وبدا الفرح والسرور عليه ، و كان يحطُ على تلك الشجرةِ ويأكل من فاكهتها تارة وً يهبطُ على الارضِ ليأكل من ديدانها تارة أخرى ، تغمرهٌ الغبطة كلما أقتربَ من بركةِ ماءٍ أو نهرٍ جارٍ ، وينظر.ُالى انعكاسِ صورتِهِ في الماءِ ويقول.ُ أنا طائرٌ حرٌّ لا احدَ يأمرُني بعدَ اليومِ سوفَ أعتمدُ على نفسي في كلَّ شيءٍ سأبني لي عشا في أيِّ مكانٍ أرغبُ وأنامُ وقتَ ما شئت ، وأطيرُ متى ما شئتُ .. أنا طائرٌ حرٌّ.
واستطاعَ أن يخلدَ الى الراحةِ في ليلتِهِ الأولى ونامَ نوما عميقا على غصنِ شجرةٍ وعندَ أشراقةِ الشمسِ الأولى سمعَ أطلاقَ نارٍ من بنادق أحد الصيادين فطارَ مرعوبا الى أتجاهٍ غيَر معلومٍ وفرَّ عاليا حتى وصلَ البحرَ. … بدأَ ينظرُ الى الاسماكِ القريبةِ من سطحِ الماءِ ويقولُ : يا لها من اسماكٍ جميلةٍ ليتَ اللهَ خلقني سمكةً أستطيعُ أن أغوصَ في الماءِ وأعيش في هذا البحرِ الواسعِ حيثُ لا رياح ولا صياد ولا قانون صارم أجابتَهُ أحدى السمكات : من قالَ لكَ لا توجدُ رياحٌ ولا يوجدُ صيادٌ ولا يوجدُ قانونٌ كلٌّ هذا موجودٌ في عالمِ البحارِ هناك تياراتٌ وعواصف قويةٌ في البحرِ واصطيادٌ جائرٌ وقوانين صارمة ليتني طائرٌ مثلك .
هاجَ البحرُ على الطائرِ وطردَهُ بعيدا حتى وصلَ الصحراءَ وجدَ جملا وقال له: ليتَ لي أربعةَ أرجلٍ مثلك أمشي عليها فجناحاي تعبتا من كثرةِ الطيرانِ .
أجابهٌ الجملُ : ومن قال لك أنا لستُ متعبا بل أنا منهكٌ من التعبِ فكل واحد منا له طاقةُ تحملٍ فأجواءُ الصحراءِ حارةٌ جدا واشعةُ الشمسِ قويةٌ أما الرياحٌ العاليةُ فهي تملا عيني رملا رغم اهدابي الطويلة ….ليتني طائرٌ مثلك .
حلَّ المساءُ وأطبقت الظلمةُ على كلِّ المكانِ فلا توجدُ أشجارٌ في الصحراءِ وأْن وجدتْ فهي قليلةٌ وتعشعشُ عليها الغربانُ التي تفترسُ الطيورَ الضعيفة َ كانت تلك الليلةَ من أصعبِ ليالي ذلك الطائرُ اذ لم ينم ليلتَهُ خوفا من أسرابِ الغربانِ والصقورِ وبعدَ أن أنهكَهُ التعبُ وَجدَ لهُ مكانا بينَ الأبلِ وأستطاعَ ان ينامَ قليلا وعندَ الصباحِ هربَ من الصحراءِ بحثا عن مكانٍ آمن، أستمرَّ بالطيران وحيدا تواجهُهُ الرياحُ مرة والجوعُ والحرارة ُمرة والبرودةُوالطيورُ المفترسةُ مرات أخرى.
ندمَ الطائرُ على فعلتِهِ وتمنى أن يعود الى سربهِ ويعيشُ في حماه ، لكن لا فائدةَ من الندمِ بعدَ فواتِ الأوانِ.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم عبدالله : كلّما ناديتكِ تجرّحتْ حنجرتي.

مُذ أول هجرة إليكِ وأنا أفقدُ دموعي زخّةً إثرَ زخّة أيتُها القصيدة الخديجة الباهتة المشاعر …

| آمال عوّاد رضوان : حَنَان تُلَمِّعُ الْأَحْذِيَة؟.

     مَا أَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا الْيَقِظَتَانِ سَوَادَ حِذَائِهِ اللَّامِعِ، حَتَّى غَمَرَتْهَا مَوْجَةُ ذِكْرَيَاتٍ هَادِرَة، …

تعليق واحد

  1. محمود سعيد

    اعجبتني قصتك. عشت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *