إشارة:
بين وقت وآخر يتحفنا المبدع الكبير “طلال حسن” بنتاج إبداعي جديد في مجال أدب الطفل الذي يتقلص كتّأبه –للأسف- يوما بعد آخر. بعد ثلاثين كتاباً متفرّداً في هذا المجال الضروري جدا والخصب شرّف مبدعنا الكبير أسرة موقع الناقد العراقي أكثر من مرّة بنشر العديد من مخطوطات كتبه الثمينة على صفحات الموقع. وهذه مخطوطة جديدة يخصّ بها الموقع وقرّاءه. . فتحية له مع التمنيات بالصحة الدائمة والإبداع المتجدد.
أُسرة موقع الناقد العراقي
طلال حسن
والحديث عن شجون أدب الأطفال
حاوره : فرات أحمد
طلال حسن ، كاتب أطفال موصلي معروف ، نشرت قصصه ومسرحياته وسيناريوهاته في العراق والعديد من الدول العربية ، وفاز بأكثر مكن جائزة في مجال أدب الأطفال ، التقته الصفحة الثقافية ، وأجرت معه هذا الحوار ..
× ـ متى بدأت بكتابة قصص الأطفال ،
ولماذا اخترت هذا اللون من الأدب دون غيره ؟
ـ بدأت الكتابة للأطفال ، منذ أوائل السبعينات ، وأول مسرحية كتبتها كانت بعنوان ” الأطفال يمثلون ” وقذ نشرت في مجلة ” النبراس ” عام ” 1976 ” ، وترجمت إلى اللغة الكردية ونشرت في مجلة ” كاروان ” التي كانت تصدر في اربيل ، ومثلت وقدمت على قاعة الربيع في الموصل . وأول قصة للأطفال كانت قصة ” العكاز ” ونشرت في مجلة ” المزمار ” عام ” 1975 ” وأنا لا أكتب للأطفال ” دون غيرهم ” فأنا صحفي وناقد وقاص ومسرحي للكبار ، لكن أكثر ما كتبته وأكتبه هو للأطفال فعلاً ، فأنا أحب عالم الطفولة الرحب والبريء ، وهو منحني ما لا يمنحه لي أدب الكبار .. من حرية .
× ـ ما عدد كتبك ، وما هو أفضل
نتاجك ، وأي من أعمالك فازت بجوائز ؟
ـ لي عشرون كتاباً للأطفال ، صدرت في سوريا والأردن وأبو ظبي والعراق ، كما صدر لي كتاب للكبار عن الفنان التشكيلي الكبير راكان دبدوب ، ونشر لي داخل العراق وخارجه أكثر من ألف ومائة قصة وروايو ومسرحية وسيناريو للأطفال ، وعل صعيد الجوائز فازت مسرحيتي ” الضفدع الصغير والقمر ” بالمرتبة الثانية في مسابقة مسرح الطفل العربي في أبو ظبي عام ” 2000″ ، كما فاز أحد سيناريوهاتي بالجائزة الثانية في مسابقة أجرتها دار ثقافة الأطفال قبل سنتين .
× ـ كيف ينظر طلال حسن إلى
واقع ومستقبل أدب الأطفال في العراق ؟
ـ ولد أدب الأطفال في العراق ، كأدب حقيقي أصيل ومبدع ، مع ولادة مجلتي والمزمار ، أواخر الستينات وبداية السبعينيات ، وشهد العقد السبعيني ، وهو العقد الذهبي للأدب والفن في العراق ، تطور هذا النوع الصعب من الأدب ، حتى غدا في مقدمة أدب الأطفال في الوطن العربي ، وقد واكبه نهوض خارق لفن الأطفال ، من خلال أسماء كبيرة ، حققت انجازات كبيرة في هذا المجال ، ولعل أبرز الكتاب الرواد والمبدعين في هذا المجال جعفر صادق محمد وشفيق مهدي وميسلون هادي وفاروق يوسف وحسن موسى وزهير رسام وطلال حسن ، ومن الفنانين المبدعين طالب مكي ومؤيد نعمة وانطلاق محمد علي وعلي مندلاوي ونبيل يوسف وهناء مال الله وحنان شفيق ومنصور البكري وعبد الرحيم ياسر وغيرهم .
كلمة أخيرة .
ـ منذ التغيير عام ” 2003 ” ، وحتى الآن ، أحاول جهدي وبالتعاون مع عدد من الأدباء والفنانين في الموصل ، أن أقدم للأطفال في محافظتنا نينوى ، ما يحتاجونه ويتطلعون إليه من أدب وفن خاص بهم ، لكن دون جدوى ، رغم أنني استطعت في تموز عام ” 2003 ” ، وبالتعاون مع مطبعة الزوراء ، اصدر مجلة ملونة للأطفال في ” 28 ” صفحة بعنوان ” قوي قزح “إضافة إلى زوايا وصفحات في الصحف والمجلات المحلية منها : جريدة نينوى وعراقيون والمسار والحقيقة ودجلة ، ومجلات مثل التربية والطفل والأسرة وزرقاء ـ نت .
وعلى هذا ، فإنني أهيب بالمسؤولين في محافظة نينوى ، ومجلس المحافظة ، ومنظمات المجتمع المدني ، أن تادر إلى تبني اصدار مجلة خاصة للأطفال في نينوى ، علماً أن في مدينة زاخو مجلة للأطفال ، وفي دهوك ثلاث مجلات ، وفي أربيل والسليمانية العديد من المجلات ، ودار لثقافة الأطفال ، فهل من مجيب ، أم أن كلماتي هذه كغيرها .. صرخة في واد .
جريدة طرق الشعب ـ بغداد
2010
حوار مع القاص “طلال حسن”
أجرى الحوار : هيثم بهنام بردى
• أتمنى أن يتبنى شعراء الأطفال عندنا كتابة المسرحية الشعرية للأطفال
• لا اذكر بين من قرأتهم من الكتاب العرب من استطاع أن يصل إلى ما يمكن أن نسميه ( أدب فكاهي للأطفال )
• الكثير من الكتاب العرب الذين استلهموا قصص ألف ليلة وليلة أعادوا سردها أو إنتاجها حرفياً .0
طلال حسن ، مبدع عراقي مثابر ومتميز ، اختصاصه الكتابة للأطفال فهو في مسيرته الإبداعية التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود كتب القصة والرواية والمسرحية … ونشر أكثر من ( 650 ) قصة ومسرحية ورواية وسيناريو ، من بينها ( 70 ) مسرحية للأطفال في الصحف والمجلات العراقية والعربية الخاصة بأدب الأطفال منها :
• المزمار / مجلتي / المسيرة / تموز … ( العراق )
• وسام / حاتم / براعم عمان / الدستور … ( الأردن )
• أسامة … ( سورية )
• احمد … ( لبنان )
• ماجد … ( الإمارات )
كما انه اصدر ( 14 ) كتاباً متوزعاً بين القصة والرواية القصيرة والمسرح هي :
1- الحمامة ( قصة ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1976
2- البحر ( مجموعة قصص) / مطبعة الجمهور – الموصل – 1978
3- ليث وملك الريح ( رواية قصيرة ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1980
4- حكايات قيس وزينب ( مجموعة قصص ) / كتاب أسامة الشهري – دمشق – 1983
5- الفرّاء ( قصة ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1984
6- نداء البراري ( رواية قصيرة ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1985
7- عش لأثنين ( مجموعة قصص ) / اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 1986
8- العش ( مجموعة قصص ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1989
9- من يوقظ الشمس ( مجموعة قصص ) / اتحاد الكتاب العرب – دمشق –1993
10- مغامرات سنجوب ( مجموعة قصص ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1995
11- دروس العمة دبة ( مجموعة قصص ) / دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1997
12- حكايات ليث ( مجموعة قصص حول الانتفاضة ) / دار كندة – عمان – 1998
13- انكيدو ( مسرحية للأطفال ) / اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 1999
14- داماكي والوحش ( مسرحية للأطفال ) / دار التوحيدي – حمص – 2001
له تحت الطبع :-
• الضفدع الصغير والقمر / المسرحية الفائزة بالجائزة الثانية في مسابقة مسرح الطفل العربي – أبو ظبي لعام 2000
وطلال حسن … عضو في اتحاد الأدباء العراقيين والعرب ، ونقابة الفنانين العراقيين ، ورابطة أدباء الأطفال في العراق .
هيثم : هل من الممكن أن نتوقف قليلاً عند البداية ؟
طلال : لعل بدايتي مع أدب الأطفال كانت صدفة، وبالرغم من إني عُرفت بأني كاتب قصة ، إلا أني بدأت حقيقة بالمسرح ، ففي عام 1971 طلبت مني مديرة مدرسة ( أم المعونة ) الأهلية ، وكانت راهبة ، طلبت أن اكتب لتلاميذ المدرسة مسرحية للأطفال ليقدموها بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة . على ما اذكر ، وقد اعتذرت لها وقلت إنني لم اكتب سوى للكبار فأجابتني : إن من يكتب للكبار يستطيع أن يكتب للصغار أيضاً … مع إني خالفتها في الرأي، وقلت لها إن الكتابة للصغار تحتاج بالأساس استعداداً خاصاً ، إلا أني كتبت لها نصاً مسرحياً من مشهدين بعنوان ( الأطفال يمثلون ) والنص معد عن حكاية شعبية معروفة ، وقد مثلت هذه المسرحية وقتها على قاعة ( الربيع ) في الموصل ، وأخرجها الفنان على إحسان الجراح ، واعدت كتابتها فيما بعد ونشرت في مجلة النبراس عام 1976 ، وترجمت إلى اللغة الكردية وتم نشرها في مجلة ( كروان ) عام 1989 وهذه هي أول مسرحية اكتبها . أما بدايتي مع القصة فقد كانت أواسط عام 1975 عندما نشرت في مجلة ( المزمار ) أول قصة اكتبها للأطفال حول القضية الفلسطينية بعنوان ( العكاز ) ، ولم تكد تمضي سنة واحدة حتى نشرت دار ثقافة الأطفال أول كتاب لي ، وقد كان حول القضية الفلسطينية بعنوان ( الحمامة ) وضع رسومه الفنان المبدع صلاح جياد ، لقد أسرتني القضية الفلسطينية ، والنضال البطولي للشعب الفلسطيني ، ونشرت حتى الآن ، داخل العراق وخارجه ، أكثر من خمسين . قصة حول هذه القضية ، منها أكثر من عشرين قصة حول الانتفاضة في الأرض المحتلة ، وقامت جريدة ( الدستور ) الأردنية بمبادرة من كاتبة الأطفال الأردنية المعروفة روضة الهدهد بإعادة نشر هذه القصص في صفحة الأطفال من الجريدة المذكورة .. إنني كاتب قصة، وقد حققت ، وهذا ما أتمناه ، بعض النجاح ، لكن المسرح ، ومسرح الأطفال بالذات، هو حبي الأول ، وقد لا ينجح هذا الحب ويحقق ما يطمح إليه ، لكنه مع ذلك ، يبقى عزيزاً ، قريباً من القلب .
هيثم : ( عظيم هو فن الاستهلال ، ولكن أعظم منه فن الاختتام ) انطلاقاً من هذه النظرية التي أطلقها لويكفيلو … هل لنا أن نعرف أين مكمن الصعوبة لديك : الاستهلال أم الاختتام ؟ وهل انك من أنصار الوحدات الثلاث : البداية – الذروة – النهاية . أم انك من دعاة رأي التحرر منها؟
طلال : تأتي القصة ، أو المسرحية ، عندي … ومضة … فكرة … حدثاً ، وغالباً ما اكتبها بسهولة ، وما تتعسر كتابته ، واقلبه مرات ، لا ينتج عنه في النهاية عملاً مرضياً ، وصحيح إني املك ( الشجاعة ) لأفرق بعض مالا أرضى عنه ، إلا أنني لا أحاول أن انشر إلا ما أراه جيداً ، ومع هذا فقد ندمت على بعض ما نشرته ، وأنا عادة أعيد كتابة القصة أو المسرحية أكثر من مرة ، واستطيع أن أقول ، رغم ذلك ، إني لا أجد صعوبة في الكتابة ، لا في بداية القصة ولا في نهايتها .
أما فيما يتعلق بالوحدات الثلاث : البداية والذروة والنهاية ، فأنني جئت أدب الأطفال ، بعد أن كتبت للكبار ، كتبت القصة ، وكذلك المسرحية ، ولي ثقافتي ومتابعاتي في هذا المجال ، وأدرك أهمية وحتمية التجديد في الأدب ، ولكن مع ذلك ، إنني أرى أن قصة الأطفال بالذات، تتطلب الالتزام بهذه الوحدات ، ربما لان الطفل أساساً يحب ( الحكاية ) والحكاية كما نعرف لها بداية وذروة ونهاية ، وبالرغم من ذلك فقد نوعت كثيراً في بناء القصة والمسرحية وحاولت جهدي ألا أجمد عند قالب واحد ، ولعل المطلع على كتاباتي المختلفة ، في مجال القصة والقصة القصيرة جداً والمسرح والسيناريو يلمس ما أقول بوضوح .
هيثم : المورث الأسطوري الحكائي العربي ، هذا الإرث الثر ، كيف يمكن للقاص أن يتعامل معه ويوظفه بالطرائق المعاصرة للقص .. وهل جربت أن تخوض غمار هذا المعترك الشائك ؟
طلال : لأدب الأطفال ، رأيي ، خاصيته فهو أكثر عالمية وشمولاً من أدب الكبار ، وعلى هذا فأن الموروث الأسطوري العالمي ، وليس العربي فقط ، هو الإرث الأول والأساس لهذا الأدب ، وقد استفدت من هذا الموروث واستلهمته في الكثير من قصصي ومسرحياتي ، وأنا أدين بالكثير إلى ايسوب اليوناني ، واحيقار الآشوري ، وكريلوف الروسي ، والموروث العربي القديم من أدب في سومر وأكد وبابل … وطبيعي إني احرص أن أطور ما آخذه واجعله ملائماً لفكري وعصري ، وأصوغه بقالب وأسلوب ، يستفيد من المنجز المتقدم في مجال الأدب ، وبالرغم من إني لا أعتبر نفسي ( أسداً ) في عالم أدب الأطفال ، فان الأسد كما يقال ، هو عدد من الخراف المهضومة .
هيثم : لأيهما يميل الطفل أكثر : القصة أم الرواية .. ؟
طلال : في استفتاء واسع ، أجرته مجلة المزمار عام 1973 ، أكد 64.8 % من القراء الأطفال ، إنهم يفضلون القصة ، ولأسباب موضوعية ، تتعلق بسبل النشر المتاحة ، فأن الكثير من كتاب الأطفال يفضلون كتابة القصة ، وطالما دعوت إلى تشجيع القصة الطويلة التي تقودنا بالتأكيد إلى كتابة الرواية ، ولكن ما زالت القصة على ما يبدو سيدة الموقف ، أما بخصوص المسرحية، فان الأطفال قلما يطلعون عليها ، نصاً أو عرضاً مسرحياً ، ولهذا فأن صلتهم بالمسرح والمسرحية محدودة جداً ، ولا شك أن نشر المسرحية العراقية والعربية ، وتشجيع كتاب المسرح والفرق المسرحية سينمي هذه الصلة ويقويها ، ويجعل الأطفال يقبلون على المسرحية مثل إقبالهم على القصة ، إن لم نقل أكثر .
هيثم : ثمة تجارب مسرحية عديدة قدمت للطفل في العراق . هل تعتقد أن ما قدم من عروض مسرحية للأطفال تمتلك من الرصيد الفني ما يجعلها لا تغيب عن الذاكرة وهل جربت كتابة المسرحية للأطفال ؟
طلال : لاشك إن ما قدم للأطفال من مسرحيات قليل ، وما نشر منها قليل جداً ، ومعظم المسرحيات التي نشرت ، سواء كانت لقاسم محمد أم لعزي الوهاب أم لغيرهما ، معدة عن حكايات شعبية أو قصص معروفة للأطفال ، وهذه بداية ، على ما يبدو ، لا بأس بها ، ولكن لأسباب كثيرة ، لم يتطور مسرح الأطفال عندنا ، ولم يظهر الكاتب المسرحي الذي ينطلق من أسر هذه البدايات ، ويحقق ، ولو جزئياً ، بعض ما نطمح إليه من مسرح للأطفال ، فيه من الإبداع والتجديد والأصالة ، بقدر ما فيه حب للأطفال والتصاق بواقعهم وهمومهم وطموحاتهم وكم أتمنى أن تكون محاولاتي المتواضعة خطوة على هذا الطريق الصعب . لقد نشرت حتى الآن (70) مسرحية ، منها ثلاث مسرحيات طويلة ، اثنتان منها تقع في ثلاثة فصول وهي ( غابة اليوتوبيا ) و ( اشتار ) والمسرحية الثالثة ( ريم ) تقع في ستة فصول ، وقد قدمت ( غابة اليوتوبيا ) مرات كثيرة وترجمت إلى اللغة الكردية ، كما قدمت في الأردن ، وقامت فرقة النجاح في بغداد ، بالتعاون مع اتحاد الشباب بتقديم مسرحية ( ريم ) على مسرح النجاح وقد استمر عرضها أشهراً عديدة ، وخلال السنتين الأخيرتين كتبت أربع مسرحيات طويلة ، تدور ثلاث منها ، إضافة إلى مسرحية ( اشتار ) في إطار تاريخ العراق القديم .
هيثم : المسرح الشعري هو نمط من الكتابة المهمة التي كتبها العرب وكان لهم منها شأن … هل هنالك مسرح شعري للأطفال في العراق ؟ وهل كتبت المسرحية الشعرية ؟
طلال : من المؤسف أن شعراءنا ، ومنهم شعراء الأطفال بالذات يحجمون لسبب أو لآخر عن خوض هذه التجربة الصعبة والمثمرة ، وما أتمناه أن يتطور شعراء الأطفال عندنا باتجاه كتابة المسرحية الشعرية ، بل والقصة الشعرية أيضاً ، وكلي ثقة أن العديد من شعرائنا الموهوبين ، يملك القدرة والإبداع لتحقيق أعمال جيدة في هذا المجال .
هيثم : هل تعتقد إن كتاب القصة العرب نجحوا في استلهام حكايات ألف ليلة وليلة وصبوها في قالب قصصي ناجح للأطفال .. ؟
طلال : من المعروف ، أن أدباء الأطفال العرب استلهموا منذ البداية حكايات ألف ليلة وليلة ، ولعل أول من استلهم هذه الحكايات وقدمها لطفل العربي ، هو رائد أدب الأطفال الكاتب المصري المعروف كامل كيلاني ، وقد اصدر كتاباً في هذا الميدان بعنوان ( قصص من ألف ليلة وليلة ) تضمن عشر حكايات ، ولا اعتقد أن هناك كاتباً عربياً جاداً ، كتب للأطفال ، لم يستلهم هذا الأثر الخالد بشكل أو بآخر ، كما أن العديد من كتاب الأطفال في شتى أنحاء العالم قدموا قصصا من ألف ليلة وليلة ، قدموها بالسينما أو المسرح أو الدمى أو الرسوم المتحركة ، وخاصة قصتي علي بابا والسندباد البحري ، ويبقى أن الكثير من الكتاب العرب الذين استلهموا هذه القصص أعادوا سردها ، أو إنتاجها بحرفيتها ، ورأيي ، إن مثل هذه القصص وكذلك كل ما هو موروث سواء كان عربياً أو غير عربي ، لابد من إعادة إنتاجها وكتابتها بما يتواءم مع ما نطمح إلى تقديمه لطفلنا العربي في هذه المرحلة .
هيثم : أيهما أكثر موائمة لإدراك الأطفال : الرمزية أم الواقعية ؟
طلال : الأطفال ليسوا مرحلة عمرية واحدة ، وما يكتب للأطفال في سن التاسعة مثلاً ، لا يلائم أطفالاً في سن السادسة ، أو سن ما قبل القراءة ، ومهما يكن ، فالأطفال عامة يميلون إلى الخيال ، وعالم ( الواقعية ) البعيد عن الفوتوغرافية والنقل الجامد للواقع ، عالم غني يجذب الأطفال ويمتعهم ، ومعروف أن الكثير من كتاب الأطفال يحمّلون قصصهم رموزاً يرون إنها تلائم الصغار وتُغْني عالمهم ، وعموماً فأن الرمز إذا كان ملائماً وشفافاً وقريباً من مدراك الطفل ، فانا لا أرى أن الأطفال يمكن أن يرفضونه . وأدب الأطفال في النهاية ، كأدب الكبار ، عالم رحب ، غني ، يتسع لشتى المدارس الأدبية .
هيثم : يرى مارك توين أن ثمة أنواع عديدة من القصص ، ولكن نوعاً واحداً منها فقط هو صعب: النوع الفكاهي ، هل تحاكيه في رأيه ؟ .. وهل جربت كتابة القصة الفكهة ؟
طلال : في مقالة ترجمتها مجلة ( ثقافة الأطفال ) أبدى الشاعر المعروف اليوت إعجابه الشديد بروايات مارك توين وبالأخص روايته ( مغامرات هكبري فن ) ويشيد اليوت بجملة ما يشيد بفكاهة أدب مارك توين و ( هزليته ) وحقاً ما قاله مارك توين حول صعوبة الأدب الفكاهي فكم يوجد في العالم من نوع موليير وبرناردشو ومارك توين .. ؟ ولا شك أن النماذج الكوميدية قليلة ، بل قليلة جداً في مجال أدب الأطفال . وان كان من الممكن الإشارة إلى كاتب له محاولاته في هذا الميدان هو عبد الإله رؤوف ، ولا اذكر بين من قرأتهم من الكتاب العرب من استطاع أن يصل إلى ما يمكن أن نسميه ( أدب فكاهي للأطفال ) .. ومن ناحيتي فقد كتبت العديد من القصص والمسرحيات بأسلوب كوميدي واذكر هنا مما نشرته مثلاً ، مسرحية غابة اليوتوبيا ، واشتار ، وريم ، كما أن معظم قصصي عن قيس وزينب ، التي نشرت منها حتى الآن أكثر من ( 35 ) قصة تدور في هذا المجال ، وطبعاً ليس لي أن احكم بنفسي على مدى نجاحها فهذه مهمة الآخرين ، ومهما يكن ، فاستطيع أن أقول ، إن الكوميديا فن صعب قد يستسهله البعض ولكن لا ينجح فيه عادة سوى القلة .
هيثم : عندما تكون الشخصيات حية حقاً أمام مؤلفها فليس عليه سوى متابعتها في أدائها ، هذا قول مأثور للويجي بيرانديلو .. أحدث مرة أن فلت البطل من إساره وتحرر من ربقة ريشتك وسحبك إلى عالمه الخاص الذي يعيش فيه بمحض إرادته ؟
طلال : في رأيي ، إن كل ما يوضع على الورق من شخصيات وأحداث هو من صنع المؤلف ، أما أن تكون الشخصية حية أو غير حية ، فهذا ما يراه القاريء ، أو المشاهد في المسرح ، فإذا شعر أنها حية فهذا يعني أن المؤلف قد نجح في صياغتها وتجسيدها والعكس صحيح ، وبالتأكيد ليس كل شخصية ( حية ) داخل المؤلف سواء كانت هذه الشخصية حقيقية أو مختلقة ، تكون حية على الورق ، او في المسرح ، وأنا أقول انطلاقاً من تجربتي الشخصية المتواضعة ، إن القصة بكل ما فيها ، وبالأخص شخصياتها تبقى تحت سيطرة الكاتب حتى الكلمة الأخيرة، وعلى هذا لا استطيع أن أتصور أن ( البطل ) يمكن أن يسحب الكاتب إلى عالمه الخاص ، علماً أن كل ما في هذا العالم ، بما فيه ( البطل ) هو من صنع الكاتب نفسه .
هيثم : شكراً .
طلال : شكراً لك .
جريدة الزمان ـ لندن
جريدة طريق الشعب ـ بغداد