في الرواية العراقية تبلور في الثلاثين سنة الأخيرة تياران من ناحية مادة أشتغال الروائي، وهنا أتحدث عن الرواية المكتملة لشروطها الفنية:
الأول: روايات تعتمد على التجربة الحياتية المعاشة كتبها روائيون خاضوا غمار التجربة الحرب كجنود ثم هربوا إلى الثوار ليتشردوا في معسكرات اللجوء والمنافي ليستقروا ويكتبوا تجاربهم مضاف لأخيلة الخلق والتكوين الفني منهم، جنان جاسم حلاوي، شاكر الأنباري، حميد العقابي، ونصيف فلك، وكاتب السطور، فأغلب رواياتهم التي تشكل تياراً مهما في الرواية العراقية تروي تفاصيل حياة القمع والحرب العراقية الإيرانية وتجربة الحياة بين الثوار وفي التشرد بالمعسكرات والمنافي وحياة المنفى آيضاً وهذه النصوص ستكون لها أهمية قصوى حينما يركد المجتمع العراقي ويستقر وتبدأ المراجعات وتأمل ما جرى والبحث عن أسبابه.
الثاني: تيار يعتمد على الكتب وتجاربها، الرواية والأساطير ومن خلالها يركب أحداث رواياته بما يتناسب مع الفكرة المستعارة من تجارب ثقافية أخرى، فأحمد السعدواي مثلا أستقى من أسطورة “فرنكشتاين” الأوربية فكرة روايته “فرنكتشتاين في بغداد” وجعل بطله يجمع شظايا جسد قتلى أنفجارات الشوارع ليخلق كائن أسطوري يقوم بالقتل أنتقاماً للضحايا في نسق بنائي ينتقل لقيادات تدير الحرب الأهلية بقدر محسوب يشبه سيناريو الأفلام الأجنبية البوليسية المختلطة بالسياسة. بينما يجمع الروائي “علي بدر” مادة روياته او أغلبها من كتب التاريخ ليركب روايته السردية الخبرية التي لا تخبرنا كثيرا أو لا تكتشف كثيرا خبايا النفس البشرية والعراقي المكتظ بالأسرار. وكذلك روايات سعد كمقتل بائع الكتب التي يبنيها على فكرة تناولها “علي بدر” في روايته “الركض وراء الذئاب” عن صحفي يكلف في كتابة تحقيق عن موضوع وعلى أساس هذه الفكرة يبدأ بنسج الأحداث ومآلها.
التياران مهمان أضافا للرواية العراقية الجديد والمهم.
سلام إبراهيم: وجهة نظر (16): أفكار حول الرواية العراقية للنقاش -1- حول المادة الخام (ملف/123)
تعليقات الفيسبوك