عَلَى الرَّغْمِ مِنْ شَيْخُوخَتِهِ،
يَجُرُّ قَدَمَيْهِ جَرًّا يَوْمِيًّا نَحْوَ الْمَكْتَبَاتِ الَّتِي يَتَـقَلَّصُ فَضَاؤُهَا رُوَيْدًا رُوَيْدًا لِتَحِلَّ مَحَلَّهَا مَعَارِضُ الْأَحْذِيَةِ وَالْمُولَاتِ وَمَطَاعِمِ الْوَجَبَاتِ السَّرِيعَةِ مَعَ شَدِيدِ الْأَسَفِ،
يَبْحَثُ عَنْ كُتُبٍ صَدَرَتْ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا تَخُصُّ الْعَسْكَرِيِّينَ وَالسِّيَاسِيِّينَ الَّذِينَ غَيَّرُوا مَجْرَى التَّأْرِيخِ.
تَدْرِيسِيٌّ مُتَـقَاعِدٌ يَصْرِفُ ثُـلُثَ مُرّتَّبِهِ الشَّهْرِيِّ لِاقْتِنَائِهَا وَيُدْخِلُهَا إِلَى الدَّارِ خُفْيَةً تَلَافِيًا لِاعْتِرَاضِ الْأَهْلِ،
لِيَنْكَبَّ بِنَهَمٍ عَلَى دِرَاسَتِهَا وَتَحْلِيلِهَا وَالتَّـأَكُّدِ مِنْ دِقَّتِهَا وَحِيَادِيَتِهَا.
يَشْعُرُ بِغِبْطَةٍ عِنْدَمَا يَسْتَحْصِلُ عَلَى مُوَافَقَةِ أَدِيبٍ يَنْوِي الْمُرُورَ بِشَارِعِ الْمُتَنَبِّي وَهُوَ فِيْ طَرِيقِهِ إِلَى الْعَاصِمَةِ بَغْدَادَ،
لِيَجْلِبَ لَهُ قَائِمَةَ الْكُتُبِ الَّتِي دَوَّنَهَا عَلَى وَرَقَةٍ دُونَ الْغَوْصِ فِيْ مَتَاهَةِ الْأَسْعَارِ.