فِيْ طَرِيقِي إِلَى الْمَهْجَرِ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ وُصُولِي إِلَى مَدِينَةِ الضَّبَابِ(لندن)، دَارَ حَدِيثٌ مَعَ ابْنِ عَمِّي حَوْلَ أَشْهَرِ أَحْيَاءِ الْعَاصِمَةِ، فَسَأَلْتُهُ مُصَادَفَةً عَنْ حَيِّ(سوهو)،
تَـفَرَّسَ فِي وَجْهِي مَلِيًّا وَقَالَ: مُنْذُ خَمْسِ سَنَوَاتٍ أُقِيمُ فِي الْعَاصِمَةِ وَلَمْ أَتَجَرَّأْ عَلَى الذِّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْحَيِّ سِوَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ عُنْفُوَانِهِ وَصَخَبِهِ إِلَّا أَنَّ نِسْبَةَ الْجَرَائِمِ فِيهِ مُرْتَفِعَةٌ ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ كُلّ هَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ الْغَزِيرَةِ عَنْهُ وَأَقْدَامُكَ تِطَأُ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فِيْ هَذَا الْبَلَدِ؟!،
فَقُلْتُ لَهُ: الْفَضْلُ يَعُودُ إِلَى الرِّوَائِيِّ وَالْفَيْلَسُوفِ الْإنكليزِيِّ (كولن ويلسون) فِي رِوَايَتِهِ الشَّهِيرَةِ الرَّائِعَةِ (ضَيَاعٌ فِيْ سُوهو) الَّتِي حَفِظْتُ أَدَقَّ تَفَاصِيلِهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ،
ثُمَّ تَدَارَكْتُ الْأَمْرَ لِأَنَّهُ بَدَا لِي غَيْرَ مُحَبِّذٍ لِإِطَالَةِ الْحَدِيثِ حَوْلَ هَذَا الْمَوْضُوعِ بَالذَاتِ، فَهُوَ أبَعِد مَا يَكُونُ عَنْ شُؤُونِ الْأَدَبِ، وَلَا يَـقْتَنِي مِنْ صُحُفٍ وَمَجَلَّاتٍ إِلَّا الْخَلِيعَةُ مِنْهَا!.

فِي الْيَوْمِ التَّالِي صَمَّمَ أَنْ يَأْخُذَنِي إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ظُهْرًا وَالتَّجَوُّلِ فِيهِ وَالْوَسِيلَةُ كَانَتْ سَيَّارَةَ نَـقْلِ الرُّكَّابِ بِطَّابِقَيْنِ شَارِطًا عَلَيَّ عَدَمَ مُغَادَرَةِ الْمَرْكَبَةِ وَالْاكْتِفَاءِ بِإِلْقَاءِ النَّظَرَاتِ عَبْرَ فُسْحَةِ الشُّبَّاكِ.