الإهــــــــــــــداء :
إلى الطفل العراقي البصراوي البريء “علي عباس”
قتل الأميركان “المحرّرون” أفراد عائلته الثلاثة عشر جميعا – أمّا وأبا وأخوة وأخوات –
وبتروا ذراعيه
ثم ركّبوا له ذراعين معدنيتين في الكويت ، ووجدوا له عائلة إنكليزية تبنته في لندن
فإلى ……….. !!!
حسين …
( إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده ؟
إن خان معنى أن يكون
فكيف يمكن أن يكون ؟ )
(بدر شاكر السياب )
( الخائن مرة واحدة .. خائن لكل المرّات )
(قول مأثور)
(نعم، أصغيت للكثير من الوقائع والحكايات عن المترجمين العراقيين والعرب العاملين مع القوات الأميركية، كما جمعت، على مدى ثلاث سنوات، قصاصات من صحف عربية وأميركية وفرنسية لتقارير ومقالات وتحقيقات مصورة ساعدتني، بهذا القدر أو ذاك، على الإحاطة بالجوانب الداخلية لحياة المجندين في قواعد الجيش الأميركي في العراق وبأنماط لباسهم وسلاحهم. أما شخصية زينة بهنام فهي نسيج يجتمع فيه الواقع بالخيال. نعم، إستللت هذه المترجمة من أرض الواقع وجعلت منها محور الرواية وأثثت الفصول المتعاقبة بأحداث وذكريات ووثائق وشخصيات لا علاقة لها بها في الحقيقة، بل هي تفاصيل تخدم رؤيتي الخاصة وهدفي من الكتابة. أي أنني أوجدت للحفيدة الأميركية أباً وأُماً وجداً وجدة وحبيباً أميركياً من بنات خيالي، وآخر تلتقيه في بغداد وتكتشف أنه أخوها بالرضاعة)
(إنعام كجه جي)
من لقاء صحفي – 29/10/2010
(حين بدأ مكبّر الصوت ينقل خطاب حاكم الولاية وهو يقرأ النص الذي يعلن الولاء للأرض الجديدة ، حين نهض حشد الرجال والنساء واقفين وارتفعت أصواتهم جميعا مردّدة وراءه عبارات القسم بانفعال وتوكيد ، حين راح الأمريكان الجدد الحاصلون على الجنسية ، للتوّ ، يتعانقون ويتبادلون التهاني .. حينها سمعت صوت أمي يتحشرج وكأنها تختنق ، والتفتّ إليها ورأيت وجهها الأبيض الوديع وقد صار قرمزيا كمن داهمتها حمّى ، والدموع تهطل غزيرة من عينيها وتفرّ متبخّرة من سخونة خدّيها.
مددت يدي وتلقفت يد ماما المتيبسة ، بينما الجموع تضع أيديها على مواضع قلوبها وتلهج بالنشيد الوطني الذي تعزفه فرقة للجاز :
” يا ربّ احفظ أميركا
غاد بلِس أميركا ”
وكان صوت السيدة العراقية “بتول الساعور” ، أمّي ، هو النشاز الوحيد الذي يولول بالعربية :
” سامحني يا أبي ..
يابا سامحني ….. “
(إنعام كجه جي)
رواية (الحفيدة الأميركية)
# تمهيد : تساؤلات ساذجة عن الولاء الوطني :
———————————————–
الفن قادر على أن تتلاعب أنامل مبدعه الشيطانية الحاذقة بطبيعة كلّ شيء ، بمفهومه ، وأسسه ، وملمسه إذا جاز التعبير . والخيانات التي تمرّرها ” زنزن ” – وهذا اسم التدليع لـ زينة “بطلة” رواية “الحفيدة الأميركية” (1) للروائية العراقية “إنعام كجه جي”– هي خيانات شديدة الأذى ، لكنها ناعمة الملمس ، بفعل سحر السرد ، والإبهار الحكائي ، ومعرفتها- كعراقية- من أين تؤكل كتف التعاطف في الشخصية العراقية .
وأول ما أثارته هذه الرواية في نفسي هو أنها – وهذا من فضائلها – أزاحت عن عيني غشاوة ساذجة وهشمت في ذهني قناعة طفولية سببها النكوص نحو الخلاص بأي طريق ، الذي فرضته ضغوط المحنة المدمّرة . كنت أعتقد أن البلدان الغربية عندما تمنح مواطنا عراقيا ما اللجوء الإنساني ، تمنحه إياه بدوافع إنسانية صرفة يحافظ فيها على كرامته وانتمائه الوطني ، ولم أكن أتوقع أبدا أن منحك اللجوء يعني أن تتخلى عن وطنك السابق أو – في أحسن التفسيرات – أن تتعلق بـ ” ضرّة ” له ، أو بتعبير رومانسي أشد ضراوة أن “تُشرك” به . لم أكن أتوقع – وهذا ذنبي وقصور في تصوري – أن على العراقي أن يجلس في حفل عام ويقسم أمام حاكم ولاية ” فلوريدا ” مثلا ، بأنه سيكون مواطنا امريكيا صالحا ، وأنه سوف يقدم روحه ودماءه للحفاظ على وحدة الأراضي الأمريكية . سألت نفسي أولا – ويبدو أنه سؤال ذو طابع طفلي أيضا – : لماذا لا تقوم الحكومة العراقية بجمع المواطنين العراقيين الذين يبلغون سن الثامنة عشرة مثلا في حفل وتجعلهم يقسمون بأنهم سيضحون بأنفسهم ودمائهم من أجل الحفاظ على وحدة العراق ؟ لماذا يفتح الطفل العراقي عينيه ليجد الجنسية العراقية في جيبه ؟ ولماذا تجعل بلدان اللجوء العراقيين اللاجئين يقسمون علنا ويوقعون على تعهد بأنهم لن يخونوا تربة الولايات المتحدة مثلا ؟ هل هي – أي الولايات المتحدة ودول اللجوء مثلا – لا تثق بوعود شفوية وامتنان إعلامي ، وتريد ربط وجدان اللاجيء بها بنوع من سلاسل الشعور المختزن بالإثم الذي يمرر نفسيا عبر المزيد من الولاء الحديدي ؟ هل هي مقتنعة بأن من يتخلى عن وطنه الأم لن يكون مواليا لها مهما أعلن من نوايا وأن عليه أن يقسم جماعيا على ذلك ، ليتعهد قانونيا بتنفيذ الواجبات المفروضة عليه بعد أن منحته حقوق المواطنة منطلقة من شعور باطن بأن الخائن لمرة واحدة .. خائن لكل المرّات ؟ . إن أهم ما يُحسب لإنعام كجه جي في روايتها هذه هو أنها مزّقت الغشاوة المخادعة عن بصيرتنا . والمشكلة أن لا أحد من أصدقائنا ممن هاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية ، وحصل على جنسيتها أخبرنا بحقيقة ما يجري للحصول على الجنسية .. ولم يمرّوا بكلمة واحدة عنه .. هل كانوا يخجلون ؟ .. هل كانت ألسنتهم مربوطة بثقل الإحساس بالإثم .. والشعور بأنها نوع من “الخيانة” من الخطوة الأولى ؟. إن المشهد الذي رسمته إنعام باقتدار فذّ ، هو إنتصار للأمومة العراقية خصوصا ، وللأنوثة عموما كما سنرى . إنها محاولة لإعادة الإعتبار للأمومة المغدورة . وفي مشهد القسم يستثير موقف الأم (بتول الساعور) – ولاحظ رمزية الإسم العميقة – الكلدانية التي تزوجت من آشوري ضد إرادة أهلها ، وتحملت معه المحن والآلام والمصاعب وهربت به إلى أمريكا لتخليصه من بطش السلطة ومضاعفات إعتقاله وتعذيبه ثم انفصل عنها هناك بكل بساطة (ديدن الذكورة تذبذب الولاء ، الأنوثة ولاؤها رحمي أزلي) ، أقول يستثير موقف هذه الأم العظيمة كل معاني واختلاطات معضلة الإنتماء العراقية التي تشابكت خيوطها بصورة مروّعة عبر القرون ، ووصلت حدّ التشوّش المدمّر بعد احتلال بغداد من قبل الأمريكان الخنازير الغزاة الذين مسخوا الدلالات الأصيلة لكل المفاهيم الوطنية التي – عملية المسخ – كان مفتاحها جعل الإحتلال تحريرا بخلاف ما تعارفت عليه البشرية من أن تحرير أي بلاد يعني تخليصها من السيطرة الأجنبية لا جلب الجيوش الغتزية إليها. ووقفة الأم البتول هي وقفة تاريخية وتربوية خطيرة في هذه اللحظات المفصلية التي تعيشها بلاد الرافدين . ولا يمكن لأي تفسير نقدي أن يكون اكثر بلاغة وعمقا في التاثير في نفس المتلقي من المشهد الرائع الذي رسمته الروائية والذي ينبغي تقديمه كاملا :
(إستقرت على رفّ المدفأة في غرفة المعيشة صورتنا التذكارية التي نبدو فيها ، نحن الأربعة ، واقفين في حديقة بيتنا وقد اتخذنا هيئة رسمية في اليوم الذي أصبحنا فيه أمريكيين . يا له من يوم انتظرناه بفارغ الصبر .
لا يحتاج من يتأمل الصورة لفطنة كبيرة ليعرف أن أبي ارتدى للمناسبة ، البذلة الكحلية التي فصّلها له (مجّودي الخياط) في سوق بغداد الجديدة، أما الصبي الأشقر النحيل الذي هو أخي جايزن والشابة السمراء التي تبدو وكأنهم استعاروها من أسرة أخرى ؛ أنا ، فقد لبسنا ما أمرتنا به أمّي ، بدون مناقشة .
هي وحدها التي لم تتهندم ، ولم تمر بقلم الكحل الأسود الرفيع على جفنيها العلويين ، زينتها الوحيدة التي تتمسك بها . كانت قد ارتدت فستانها القديم الأزرق الواسع الذي نعرف حالما نراها فيه أننا في يوم التنظيفات الكبرى. ولم تنفع احتجاجاتنا في زحزحة عنادها .
-العناد وحمة وُلدت بها “بتول” .. خلقة من الله
هذا ما كانت تقوله جدتي عن ابنتها البكر ، أمّي
بتول لم تتهندم وتتزين مثل الآلاف الذين غصّت بهم المنطقة المحيطة بجامعة “وين ستيت” في ديترويت . كانت البلدية قد صفّت آلاف الكراسي في الشارع العام ، وجاءت الحشود السعيدة من عرب وبورتوريكيين وصينيين وهنود واحتلت الأماكن . كل واحد يرتدي أفضل ما يملك من ثياب كأنه في عيد ، بل أندر من العيد لأنه لا يتكرر مرتين .
مشت أمّي مبتعدة عنّا كمن يمشي في جنازة . وجلست ملمومة على نفسها تحتضن حقيبتها اليدوية وكأنها تتستر على شيء ما في داخلها . وبدأت ترمق شزرا جيرانها في الصفوف الأمامية والخلفية ، أولئك الذين لا تسعهم الفرحة بحلول موعد تجنيسهم . إنه عرسهم الجماعي . اللحظة التي ستطرد عنهم الخوف وتبعد شبح التشرّد إلى الأبد . اليوم الذي سيؤدون فيه يمين الولاء للوطن الجديد الفائض الخيرات . وبعد أداء القسم ، سيحق لكل منهم أن يدفع بصدره إلى أمام ويتباهى :
” آي آم أن أميريكان سيتيزن ” .
حين بدأ مكبّر الصوت ينقل خطاب حاكم الولاية وهو يقرأ النص الذي يعلن الولاء للأرض الجديدة ، حين نهض حشد الرجال والنساء واقفين وارتفعت أصواتهم جميعا مردّدة وراءه عبارات القسم بانفعال وتوكيد ، حين راح الأمريكان الجدد الحاصلون على الجنسية ، للتوّ ، يتعانقون ويتبادلون التهاني .. حينها سمعت صوت أمي يتحشرج وكأنها تختنق ، والتفتّ إليها ورأيت وجهها الأبيض الوديع وقد صار قرمزيا كمن داهمتها حمّى ، والدموع تهطل غزيرة من عينيها وتفرّ متبخّرة من سخونة خدّيها ، مثلما يحدث عندما تتساقط قطرات الماء من إبريق الشاي على عين الموقد الكهربائي .
مددت يدي وتلقفت يد ماما المتيبسة ، بينما الجموع تضع أيديها على مواضع قلوبها وتلهج بالنشيد الوطني الذي تعزفه فرقة للجاز :
” يا ربّ احفظ أميركا
غاد بلِس أميركا ”
وكان صوت السيدة العراقية ” بتول الساعور ” ، أمّي ، هو النشاز الوحيد الذي يولول بالعربية :
” سامحني يا أبي ..
يابا سامحني ….. ”
كيف حضر جدّي يوسف ؛ أبو أمّي ، إلى شارع الجامعة في ديترويت ؟ – ص 27و28و29) (131) .
# عند العتبة :
—————-
في الصفحة الافتتاحية للرواية ثبتت الكاتبة حديثا نبويا شريفا هو : ” إياكم وخضراء الدمن – حديث نبوي غير متفق عليه “، وفيه شبَّه الرسول المرأة الحسناء في المنبت السوء بما ينبت في الدِّمَن من الكلأ يُرى له نضارة وهو وبيئ المرعى منتن الأصل.
وأنا أعتقد أنني يصح لي القول الآن بعد رحلة تحليلية طويلة ملاحقا أدق تفصيلات رواية “الحفيدة الأميركية” للروائية العراقية “إنعام كجه جي”: “إياكم وخضراء الروايات”. ( وليست مصادفة أن يأتي غلاف الرواية أخضر مغريا وبلوحة معبرة لفيصل لعيبي لوجه امرأة رائع على خلفية خضراء ساحرة ؟.
وبأخذ روح الحديث فإن التحذير سيشمل كل موقف يتوفر فيه الإغواء والإستدراج وسط عفونة من المغريات كما هو الحال في موقف “زينة بهنام” وبقية العراقيين المهاجرين والمنفيين الذين تطوّعوا مع الجيش الأمريكي الذاهب لاحتلال بلادهم . كان الإغواء هائلا لبشر يحيون على هامش الحياة في أمريكا ، خابت أحلامهم في بلاد الذهب والثراء الهوليودي . ذهبوا وفي أذهانهم أحلام تأسست على صورة الولايات المتحدة كما رسمتها لهم هوليود (وهنا تتجلى خطورة الفن والإعلام عموما) والوسائل الإعلامية الأمريكية (لا يمكن بطبيعة الحال أن نغفل دور العوامل الطاردة ، السياسية خصوصا، التي جعلتهم يهجون من أوطانهم ) ، ثم صحوا على أحلامهم وهي تتهشم على صخرة الواقع المسننة ، صخرة مجتمع (مجتمع منافسة بامتياز، وتحكمه فلسفة مادية انتهت بتفكيك الإنسان وقيمه) يلهث أفراده من الصباح حتى المساء طول حياتهم ليوفروا الحاجات الأساسية لعائلاتهم. والمجتمع الذي ذهبوا إليه إلهه المال بشهادتهم أنفسهم . وقد جاءت الفرصة التاريخية لتعويض الجوع المتراكم في احتلال العراق التي جعلها الساسة الأمريكان أبشع فرصة للسلب والنهب وجمع الثروات . وكان الباب الرهيب والإستثنائي الذي فتحوه على مصاريعه الجحيمية هو “خصخصة الحرب” التي تحصل لأول مرة في التاريخ الحديث بهذا الشكل التجاري المنفلت والإرتزاقي. أن تتحول الحرب إلى “مصلحة” تقوم بها شركات مدنية !! وها هي الشركات الخاصة المتعاقدة مع وزارة الدفاع تنشر إعلاناتها على شاشات التلفزيون وشبكات الإنترنت مثلما يعلنون عن أي مشروع أو سلعة تجارية . هكذا تتشكل مصائر الشعوب على أيدي الإدارة الأمريكية التي تحدث فيلسوفها (وليم جيمس) عن (السفك الصوفي الضروري للدم) . فتح المهاجرون العراقيون أعينهم ذات صباح ليقرأوا ويسمعوا نداء العمر الذي سيقلب حيواتهم رأسا على عقب :
(سبعة وتسعون ألف دولار في السنة ماكل شارب نايم .. تلك كانت هي العبارة التي تخلب العقول وتبلبل الأفكار ، وتنتشر بين عراقيي ديترويت وباقي عربها .. سبعة وتسعون ألف دولار تكفي لأن يدفع الأبناء آباءهم وأمهاتهم إلى ساحات الحرب ، يُضاف إليها خمسة وثلاثون في المئة مخصصات خطورة، ونسبة مماثلة لأتعاب المهنة ومصاعبها ، وشوية خردة من هنا وشوية من هناك ، ويصل المبلغ إلى مئة وستين ألف دولار في السنة . رقم يكفي لوداع حي “سفن مايل” البائس إلى غير رجعة ، ويكفي لدفع مقدم بيت فسيح وسط حدائق “ساوثفيلد” واقتناء سيارة جديدة بـ “الكاغد” . كما يكفي لإرسال أخي يزن ، الذي صار اسمه جايزن، إلى مصحة لعلاج الإدمان وإدخاله ، بعد ذلك ، إلى الجامعة – ص 16 و17 ) .
هكذا كانت زينة الساعور تبني مخططات الحصاد التي ستترتب على تطوعها في جيش ذاهب لاحتلال بلدها . وهذا لم يكن موقفها وحدها حسب ، بل كانت حالة من من بين آلاف العراقيين والعرب الذين اكتسحتهم حمى البحث عن الذهب في أنهار دماء العراقيين . حتى الأطفال ساقتهم الحماسة المالية إلى مواقف غريبة . فهذه “ساهرة” التي نقلت البشارة إلى زينة وقررت أن تتطوع ، تسألها زينة كيف ستسافر وتترك ولديها المراهقين ، فتجيب :
(الولدان ؟ لم يغمض لهما جفن طوال اللليل من الفرحة ، وبقيا إلى جانبي يتوسلان أن أسرع بتسجيل إسمي قبل أن تطير الفرصة إلى غيرنا – ص 16 ) .
وزينة التي هاجرت مع عائلتها إلى أميركا تعيش منذ خمسة عشر عاما في شقة خشبية متهالكة مع أم أدمنت التدخين والبكاء المستمر ليس بسبب الهجران فقط، ولكن بسبب ضيق ذات اليد ، وأخ أدمن المخدرات وأوشك على تضييع مستقبله وتدمير حياته . وأما الأب فقد انفصل عن الأم ورحل إلى ولاية أخرى ليفتتح مكتبة صغيرة ويطبع صحيفة محلية للإعلانات . هدفها الأكبر هو أن تغسل صدر أمها من سموم التدخين ، وتجلب لها السعادة من خلال المال (أنا سأجلب السعادة لوالدتي .. لن أدع الفرصة تفوت – ص 17 ) . وهنا يثور تساؤل : هل من الصحيح أن يحسّن الفرد حالة أمّه من خلال تقطيع قلوب آلاف الأمهات العراقيات من ابناء وطنه “القديم” ؟ ألا يخاف هذا الفرد أن يقضي على أمّه حين يُقتل في الحرب وهو احتمال قائم جدا ؟ . ترد علينا زينة بالقول :
(لم أكن خائفة من الحرب ، من موت أو إعاقة ، فلا وقت للتفكير في الأمور الحقيقية ونحن في ذلك الفوران المهرجاني الصاخب . كنت أقول مثلما تقول “فوكس نيوز” إنني ذاهبة في مهمة وطنية . جنديّة أتقدم لمساعدة حكومتي وشعبي وجيشي ، جيشنا الأمريكي الذي سيعمل على إسقاط صدام وتحرير شعب ذاق المرّ – ص 18 ) .
وقفة :
———–
من الظواهر الغريبة التي يتعامى عنها الكثيرون من العراقيين الأمريكان هو أن حكومتهم الأمريكية هي أكبر مناصر للأنظمة الديكتاتورية في العالم . إن أفضل أصدقاء الولايات المتحدة على الساحة الدولية هي الدول الاستبدادية والإرهابية . وقد أشار المفكر الأميركي “نعوم تشومسكي” إلى هذه الحقيقة بتفصيل قائلا : (إن العلاقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة الفائقة لحقوق الإنسان أصبحت وثيقة جدا ، بحيث لم تعد هناك حاجة لدراستها أو تقصّيها . كان يمكن دراستها في ستينات القرن العشرين وسبعيناته ، أما في ثمانيناته فقد أصبحت علاقة وثيقة وواضحة للغاية (…) فقبل عشرين عاما أثبت (لارس شولتز) في دراسة واسعة وجود علاقة وثيقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة إلى حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية ، حيث تستلم أفظع الدول في انتهاك حقوق الإنسان أعلى المساعدات . وإذا ألقيت نظرة على سجلات هيئة العفو الدولية بشأن التعذيب، وعلى المساعدات الأمريكية الأجنبية فلسوف تجد العلاقة الوثيقة واضحة. وليس معنى ذلك أن الولايات المتحدة تفتش عن الدول التي تعذب مواطنيها لتقدم لها المساعدات، ولكن لأن الشرط الأساس في بناء علاقة الولايات المتحدة بأية دولة هو تحسين المناخ الاستثماري حيث ترتفع المساعدات الخارجية وحيث تتحسن فرص المستثمرين في استخراج موارد بلد ما . ولكن السؤال / المفتاح هو كيف تتحسن فرص الاستثمار في بلد من بلدان العالم الثالث ؟ . إنه يتم من خلال قتل مسؤولي الاتحادات وزعماء الفلاحين ونسف البرامج الاجتماعية وغير ذلك ، وهنا تنشأ العلاقة الثانوية بين المساعدات وانتهاكات حقوق الإنسان الفاضحة . فكولومبيا مثلا كانت في العام 1999 أول وأكبر متلق للسلاح الأمريكي ، رغم أنها كان لها أسوأ سجل في حقوق الإنسان في نصف الكرة الأرضية ، ولكنها حصلت على مساعدات أمريكية أكثر من بقية الدول في نصف الكرة الأرضية مجتمعة . هذه المساعدات كانت تزداد كلما صارت ” مذابح المناشير السلسلية ” أكثر وحشية وترويعا- وهذه المذابح مطابقة لمذابح تقطيع الرؤوس والأجسام التي شهدها العراق بعد الاحتلال- وفي هذه المذابح كان الجيش الكولومبي حين يدخل أي منطقة، يقوم بتقطيع أجساد الناس إلى أجزاء بالمناشير السلسلية، ويلقي بهم في حفر. وقد ارتفع عدد الذين يُقتلون سياسيا من عشرة إلى عشرين شخصا يوميا . وبلغ عدد المطرودين من بيوتهم عشرة آلاف شهريا . إضافة إلى المليونين من المهجرين . وقد أدرك الجيش الكولومبي أنه سيُحاسب دوليا فسلّم جرائم القتل إلى الميليشيات المسلحة وفرق الموت (مثلما سيحصل في العراق بعد الاحتلال ، الناقد)، وتم قتل – والكلام لتشومسكي – ثلاثة آلاف شخصية بارزة على أيدي فرق الموت المرتبطة بالولايات المتحدة والمدعومة منها عسكريا ، والجيش متعاون مع شركات أمريكية خاصة مثل شركة دين كورب ومؤسسة الموارد المهنية العسكرية وذلك لخصخصة جرائم الموت وإبعادها عن المحاسبة ( نفس ما سيحصل في العراق بعد الاحتلال أيضا ، الناقد) وهذا ما أعلنه الرئيس الأمريكي “كلنتون” ممارس الجنس في حرم البيت الأبيض مصّاً وإيلاجاً بقوله :
” حسنا ، أننا فقط نهملهم ” (2) .
يقول تشومسكي أنه تأكد من كل ذلك بنفسه عندما زار كولومبيا ، مثلما تأكد من طريقة التبخير بالأسلحة الكيمياوية . وقد أعلن كولن باول قائد تدمير العراق في 1991 ثم محتله عام 2003 والباكي عليه الآن – بأن كولومبيا لبّت معايير واشنطن لحقوق الإنسان . وسبب دعم أمريكا لنظام الموت في كولومبيا هو ” إصلاحاتها الاقتصادية ” على الطريقة الأمريكية حيث سجلت رقما قياسيا عالميا في الخصخصة ، أي بتسليم مواردها لمستثمرين أجانب ، ومن بين هذه الخصخصة ، خصخصة الإرهاب.
ومن الممارسات الخلاقة التي أدخلتها الولايات المتحدة في الحياة الدولية للدفاع عن حقوق الشعوب والإنسان ونشر الديمقراطية هي “الحصار الاقتصادي”، محاصرة الشعب الذي تريد تعليمه الديمقراطية بالتجويع ومنع الدواء حتى الموت . بدأ هذا ومنذ خمسين عاما ومازال مستمرا مع ” كوبا ” البلد الذي حرره جيفارا ، جيفارا معبود الشيوعيين الذين يعيش بعضهم منعما في ظل الرأسمالية الأمريكية التي قتلته ، ويتعاون معها لنشر الديمقراطية في العراق . ولكن بعضهم الآخر يؤدي واجبا لم يُعهد ، فهو يأتي ليمضي عدة شهور في دمشق أو عمان شاتما الاحتلال ثم يعود نهاية كل ستة أشهر لاستلام راتبه من أمريكا أو الدنمارك (الأخيرة احتلت الديوانية بلواء) وغيرهما من بلدان اللجوء الرأسمالية ليواصل المسيرة وهكذا … وبعد كوبا جاء حصار تاهيتي البشع التي احتلها الرئيس العادل “ويلسون” ليسقط النظام المنتخب ويعيد نظام الرق ويقتل (15) ألف مواطن تاهيتي عام 1915، ويحولوا البلاد إلى مزرعة للمستثمرين الأمريكيين، وينشئوا حرسا قوميا هو قوة وحشية من القتلة تجوب البلاد بدعم من الولايات المتحدة . وفي التسعينات دعم بوش وكلنتون الحكم العسكري في تاهيتي ، وخبأت الولايات المتحدة دفاعا عن حقوق الإنسان في تاهيتي المجرم ( إيمانويل كونستانت ) المحكوم عليه بجرائم إرهابية ، فهو رئيس المليشيات المسؤولة عن قتل أربعة آلاف شخص في هاييتي في التسعينات ولم تسلمه حتى الآن (3) . … وبعد تاهيتي جاء حصار العراق الذي قتل مليون مواطن عراقي .
عودة :
———
إنني عندما أقدّم هذه الوقفات التاريخية والسياسية فلغرض إسقاط الذرائع التي تستر بها هؤلاء الذين تحمّسوا لتزوير مفهوم “التحرير” المقدّس ، فجعلوه “إحتلالا” مدنّسا (ومن المؤكد أن هذا لا يعني أبدا أن النظام العراقي السابق لم يكن ديكتاتوريا اذاق الشعب العراقي الأمرّين ) ومنهم “زينة” التي أهم ما في موقفها- وهذا بتخطيط من الكاتبة المقتدرة- هو أنها تتحدث عن العمالة بـ “تلقائية” مدهشة ، ولا تتردّد أبدا في كشف الدوافع المعلنة والمستترة في قرارها – ومعها الآلاف- للتطوع لاحتلال بلدها “القديم” . لقد تحدّثت بوضوح عن حكومتها وشعبها وجيشها الأمريكي ، وهذا ما تفرضه واجبات المواطنة التي خلقتها الجنسية المزدوجة . ومن حق القانون الأمريكي تحديدا أن يسوق المواطن الجديد إلى الجيش الأمريكي مجندا ليقاتل دفاعا عن وطنه الجديد ؛ الولايات المتحدة الأمريكية ، ويعاقبه إذا تلكأ أو رفض بأقسى العقوبات . بل قد يتهمه بالخيانة والتعامل مع دولة عدوّة حين يحافظ على صلاته مع وطنه السابق ، لأن الوطن الجديد ، حسب قوانين سوق الإنتماءات الأميركية ، يجبّ الوطن القديم . ولكن زينة تتحدث أيضا عن النوازع الشخصية بجرأة :
(أسند ذراعي إلى المقود وأرى جندية تسير في الساحة ، تحت الثلج المتساقط ، ترتدي بدلة قتالية وتتقدم في إتجاه الشرف الذي ينتظرها على مسافة حلم أو حلمين ، هناك في البلد الذي كانت فيه ولادتي .
مساكين أهل العراق ، لن يصدّقوا أعينهم حين ستتفتّح على الحرية !
حتى الشيخ العجوز منهم سيعود ولدا صغيرا وهو يرشف حليب الديمقراطية ، ويتذوّق طعم الحياة كما عشتها أنا هنا .
أفكار كانت تشع في رأسي وتضيء سيارتي ، وتزداد إلتماعا حين تقترن بالمئة وستة وثمانين ألف دولار ن ثمن لغتي لنادرة ، بل ثمن دمي – ص 18 ) . وتواصل زينة حديثها الصريح بالقول :
(كيف تكون المشاعر الوطنية ؟ خزعبلات لم تكن تعني لي الكثير ، لا في طفولتي العراقية ، ولا في شبابي الأميركي . لكن ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر أصابني بمسّ كهربائي سرت حرارته في أجسام كل من أعرف من أصدقاء وجيران . تحوّلنا إلى كائنات تهتزّ وتنتفض وتطلق أصوات استنكار وهلع . تشبك أيديها على رؤوسها أو تضعها على أفواهها “أوه ماي غاد .. أوه ماي غاد !” . نرددها بدون توقف وكأننا نسينا اللغة وبقيت لدينا هذه الكلمات الثلاث فحسب – ص 19 ) .
تصف لنا صدمتها الماحقة وهي تشاهد الطائرة وهي تصدم برج التجارة أمام عينيها غير مصدقة .. وقد التهبت حماسة هنا كي تساعد وطنها المثكول :
(ماذا في إمكاني أن أقدم لمساعدة بلدي في هذه المحنة ؟ بأي وسيلة تخدم مهاجرة مثلي ، لا حول لها ولا قوة ، دولة أميركا العظمى ؟ – ص 20 ) .
وقفة :
——-
ولأن زينة تحاول الآن استدرار عطفنا على دافع من دوافع وطنها الأميركي بصورة غير مباشرة ، ولأنها ، وهي تسرد حكايتها – ومن ورائها الكاتبة – هي في مرحلة النضج الكامل الآن ، فهي على أعتاب الثلاثين من عمرها ، فيمكننا تذكيرها ، وبصورة مباشرة ، ببعض الحقائق الإجرامية التي تثبت ان الناس لا تعتدي على بلد يروح ويرجع بطريقه كما يقول العامة العراقيون ، والتي تمسّ وطنها الجديد . لقد تم تفجير برج التجارة العالمي بفعل إرهابي لاشك فيه . لكن ماذا تقول عن الجيش الأميركي الذي قام بدفن خمسة آلاف جندي عراقي وهم احياء وبملابسهم العسكرية في منطقة حفر الباطن ؟ . هل تعتقد أن العراقيين سينسون لوطنها مثل هذه الجريمة القذرة . ولندعها تقرأ هذا الوصف لمحرقة العصر “محرقة العامرية” . ففي هذا الملجأ تم (حرق) , وأوكد على كلمة (حرق) حتى الشواء المتفحم , أكثر من (420) مواطناً عراقياً من بينهم أكثر من (200) طفل وكلهم التجأوا الى الملجأ للإحتماء به من بطش القصف الجوي والصاروخي الأمريكي على الأماكن المدنية . في ملجأ العامرية ستشاهد حالات (سوريالية) لايصدقها العقل :
– ستسمع زينة عن أول حالة في التاريخ لطفل كتبت له شهادة وفاة ولم تكن لديه شهادة ولادة ، وذلك لأنّ أمّه التي ولدته تواً ركضت به عند اشتداد القصف الى الملجأ قبل ان يجروا له شهادة ولادة واحترق هناك .
– سترى زينة على الحائط أم وطفلها (مطبوعين) على الجدار بعد تفحمهما وكأن القانون الألهي الأزلي قد تغيّر, يصعد الجسد ويتبخر و تلتصق الروح بالتراب .
– سترى جسد فتاة مطبوعاً على الجدار وفي بنصرها خاتم الخطوبة.
و إليها هذا الوصف:
(في وقت مبكر من صباح يوم 13/شباط/1991 قامت طائرتان من نوع (ف – 17) بإلقاء قنبلتين صممتا خصيصاً لملجأ من نوع ملجأ (العامرية) المدني وها من نوع (جي بي يو /27) المخصّصة لحرق الأهداف الكونكريتية والموجهة بأشعة (ليزر) بعد أيام من الطيران المنخفض وتصوير المنطقة بدقّة متناهية والتعرّف على مواصفات الملجأ وتحديد كيفية أصابته مباشرة من خلال فتحات التهوية لإلحاق أكبر أذى فادح به بعد أن تفتت الأجساد الطرية واختلطت بنثار الأسمنت والحديد المصهور.
كانت مقبرة للجميع توسطت الدور السكنية – وليس ثمة دليل على وجود أي هدف عسكري – ومئذنة الجامع التي ظلت تعاند بكبرياء إجتمعت عند أبوابها عدسات مراسلي الصحف ووكالات الأنباء.. سيارات الإسعاف التي تنهب الأرض في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. بعد أن تمكن رجال الأطفاء من الصعود الى سطح الملجأ حيث الفتحة التي احدثتها (القنبلة الأولى) والدخان والنيران التي تنبىء عنها لتتسلل عبرها خراطيم المياه في محاولة لأطفاء النيران التي صارت لهباً ودخاناً أكثر كثافة في حين غدا الماء المنهمر بخاراً عكر السواد . أمّا ما نفذ منه الى الداخل باتجاه الطبقة السفلى فقد جرف معه أعضاء بشرية متفحمة, رؤوس وأطراف لجثث شوهتها الحرائق طفت على بحيرة من ماء أسود.
ارتفع الماء قرابة نصف متر, وبهذه المياه التي مازالت تتدفق من أعلى منسابة جارفة كل ما في طريقها من لعب أطفال وحاجات بيتية واجزاء متناثرة من لحوم بشرية. كان رجال الإنقاذ أشبه بـ (حاطب ليل) ينتظرون في كل لحظة وهم يتحرّون في ماتجرفه المياه الساخنة باتجاههم لينقذوه في جّو مظلم حزين من (ملجأ) لم يعد (ورشة) أمان و(حُلم) في النجاة . إنّه الآن : بركة من وحل ودم.. هناك بقايا أم محترقة وحلمة ثديها مندسة بين شفتي رضيعها المحترقتين. جسد محترق آخر ضاعت ملامحه في حفلة الشواء البشري, يقفز رجل من بين الذين تجمهروا بقلوب واجفة صارخاً بحرقة :
– إنه ولدي, وهذه الساعة التي في يده هي ساعتي, أصّر على أخذها منّي ليلة أمس…
برك الدماء على الأرض, وجثث واشلاء جثث أخرى, ورجل يبحث عن أحد عشر فرداً من عائلته, يقلّب بعضها بيد ويمسح دموعه بالأخرى وهو في يأس مطلق.)(4)
وبعد المجزرة المحرقة هذه ظهر الوحش الجنرال (شوازركوف) ليعلن أنه ربّما.. ربّما كان إحتمال وجود الرئيس العراقي هو سبب هذا الخطأ التكتيكي!!!. وقد تمّ تكريم هذا الحيوان الوحش في بلاده وأصدر مذكراته التي يستعرض فيها انجازاته في تحرير الكويت وتدمير العراق .
وبعد سنوات من هذه المحرقة أجرت الدكتورة مها يونس والدكتور محمد العبودي الإختصاصيين في الطب النفسي بحثين منفصلين على الأطفال الساكنين قرب ملجا العامرية فوجدوا أنهم يتجنبون مكان الملجأ ويسيرون في شوارع فرعية للوصول إلى مدارسهم و العودة منها ، وأنهم يعانون من اضطرابات في النوم والسلوك .
وسنذكر زينة أيضا بالطفل “علي عباس” الذي قتل جيشها في حرب الإحتلال الأخيرة كل أفراد عائلته في البصرة ، وبتر ذراعيه ، وأخذوه ليركبوا له طرفين صناعيين معدنيين رائعين في أرقى مستشفيات الكويت ثم وجدوا له عائلة تبنته في لندن .
وهناك تساؤلات عابرة :
————————–
عندما استيقظت زينة صباحا وشغلت التلفزيون ، وهي شبه نائمة ، وشاهدت طائرة تصطدم ببرج .. وبرج ثان يحترق . ألم تسأل نفسها أين كان هذا المصوّر البارع يختبيء ؟ ومن أخبره بأن طائرتين ستصطدمان بالبرجين ؟ وكيف كانت إحدى السيارات الواقفة قريبا من المكان تحمل شعار الموت للعرب ؟ وكيف أفلت جواز سفر واحد لأحد الإرهابيين من حريق درجة حراراته 80000 درجة مئوي ليسقط في الركام ويتلقفه رجال الإطفاء فيعرفون أن المفجّر عربي ؟ وكيف ظهر أن بعض الذين نشرت أسماؤهم فورا كمنفذين للعملية كانوا أحياء في بلدان اخرى ؟ ثم أن جميع الخبراء يقولون أن طائرة تصدم البرجين في الأعلى لن تسبب تقويضهما إلى الأرض إلا إذا كان هناك تفجير من الداخل ؟ … إلخ .
اجمل مافي الحفيدة الأمريكية هو أنها تفاجيء العاطفة بمزيد من العقل وتفاجيء الذهول بمزيد من الدموع السخية .
الدكتور حسين سرمك الناقد الكبير أتمنى ان تكتب عن رواية الغبار الإمريكي فهي ملئية أيضا بالتناقضات التي جعلت عنوان الرواية نفسه مثير للسؤال: كل هذا ويقال عنه الغبار الأمريكي؟!!
تحياتي