حكمة النص: مشاهد في اقتفاء معطيات النص الشعري (نخبة من الكتاب)
اعداد وتقديم ومشاركة: نزار السلامي (10)

استفهامية الخيال وتساؤلية الزمن في قصائد هشام القيسي
عدنان أبو أندلس

بنوع من الحيرة ، والى ما يشبه اللغز ، إستوقفني عنوان المجموعة الشعرية ( ما تبقى من سؤال اليوم) الصادرة عن ملتقى الزمن / كركوك 2009 للشاعر هشام القيسي 0
في أسئلة ما ، وإستفهامات تفيد الأجابة وتساؤلات شتى تفصح عن صلة الشاعر بماضيه الممتد الى المستقبل ومستوى تفاعله مع هذا الماضي والذي رصع مخيلته الشعرية باجابة عن سؤال وزينها بتوهجات مفعمة بالايضاح الملغز استدرجنا رويدا للوصول الى نقطة لاتنتهي أبداً ، لان الزمن مفتوح الى ما لا نهاية ، فكيف باجابة لسؤال كان مجاباً أصلاً ولااجابة عليه ، لكنه عصي يتخلله نوع من الحدس والتنبوء واستفسار عن أي سؤال هذا ؟ 000 وأي يوم ذاك؟ 0000 وما الموصولة تعني (( الذي )) فتكون الجملة المقروءة ( الذي تبقى من سؤال اليوم ) يكون حله أو اجابته غداً 0كمن يقول متسائلاً ، ما تبقى من هموم النهار ، تراوده أحلام الليل لذا لا يمكننا التوقف عن سيل الأسئلة بحثا عن إجابات محتملة لاستكشاف كنهه اليوم وهذا ما جرى بعنوان قصيدته التي بدأها ما يشبه السؤال وانتهى استفهام آخر 0
تتخذ ثريا المجموعة ( إنموذجا ) للدراسة النقدية ، هذه التي تحيلنا فيها اللغة الشعرية الى إستفهامات تود الأجابة ،وبها يستفزنا الشاعر بأسئلته التي هي إجابة أصلاً أي بحد ذاتها ( إجابة الأجابة ) ، إلا انه يريد إجابة مقنعة ، مثلى لعالم الحلم والرؤيا ، كمثل أسئلة اليوم 000 أجوبة الغد ، البحث عن ليلة واحدة بين ألف ليلة وليلة ، وعن الخطوة بين الألف ميل وعن إجابة لسطر ما بين مقدمة ابن خلدون وهكذا 0000 0
ان استثمار الوقت للاجابة يتطلب زمنا يمتد بنا على مساحة تستوعب الأسئلة ، فلابد لنا من أن نكثف الزمن وحصره كي يتسنى لنا معرفة التوقيت الذي يتطلبه السؤال من مفردات زجها في بعض نصوصه وهي زمانية تلائم أسئلته تلك مثل ( سنين ، أيام ، زمن ، نشور ، الليل ، الساعة ، غدا ، النهار ، الشمس ، الفجر ، فصول ، نجمة ، لحظة ، الزمان ، المدى ، الصباح، الليلة ، الوقت 000 الخ ، هذه المفردات محصورة بالزمان الذي بنى الشاعر أساس نصوصه عليها حيث إن الزمن عنصر مهم في المجال الأدبي يعبر بوضوح عن تحكم النفس في الشعر وفق مواقيت حسية واضحة ندركها من خلال مقياس حياتي نلمسه فينا في أي فصل أو عصر وكرسالة لايمكن التفريط به وعده جانباً هامشياً يمر من أمام توجهاتنا مرورا مبعثرا دون إرادتنا ، لا نحسب ترفاً فكرياً نحصي به مواعيدنا ، بل إستثماره واجبا يؤكد حضوره المحكم في تطبيع الواقع للحدث 0
هذا السؤال الذي استهل به شاعرنا هشام في مقطعه الأول من القصيدة ب ( هل ) أداة إستفهام كما في نصه :
( هل تعرف عن سنين
تحل في عمق الأيام ؟
يحكى إن طريق الضوء
سوف يأتي بلا زحام )
وله أيضاً في تساؤله مع النفس ، في حوار يقول فيه :
( أنهض من ألمي
لا أحدق في فمي
من بعد موتي
يصيح قلمي )
هنا إستفهام رمزي صوفي يراد منه الأجابة عوضا عن الكلام بالكتابة الآلية ( الفم = القلم )
كذلك مقطع آخر له :
( ومن في السماء
يخضب نكهة الليل
أهكذا إذن ينأى الضوء
وتحدق الأسماء )
في مشوارنا هذا وهو الزمن بحده ، مثلما بدأنا بالأستفهام ( هل ) وكما ورد في مخيلة الشاعر الأستفهام الملغز والذي يعرفه هو لكنه أراد أن يشغلنا هنيئة من الزمن كي لا نخدر قليلاً ونتماهى بالأسترخاء كي نشاركه الأجابة معا ً ، الأجابة المنتقاة لسؤاله الأسطوري الملثم وفق زمن ممتد عبر هذا العالم الضاج بالفوضى وضياع الوقت حيث لا إسكات لعنصر الوقت فيه ولاتخمد فيه نار ولن ندرك هدفه المرجو لسؤاله المستديم يوما ما 0

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *