ثامر الحاج أمين: سيرة وجع عراقي- محطات في التجربة الحياتية والابداعية للشاعر علي الشباني (5) (ملف/13)

إشارة:
ببالغ الاعتزاز والتقدير، تبدأ أسرة موقع الناقد العراقي بنشر فصول كتاب الناقد والموثِّق البارع “ثامر الحاج أمين”: “سيرة وجع عراقي: محطات في التجربة الحياتية والابداعية للشاعر علي الشباني” الذي يتناول جوانب من المسيرة الإبداعية الباهرة والثرة للراحل الكبير “علي الشيباني” وكفاحه الحياتي المرير الذي رسم نهايته المؤلمة. يأتي نشر فصول هذا الكتاب ضمن ملف الموقع عن الراحل علي الشيباني الذي تدعو الأحبة الكتاب والقراء إلى إغنائه بالمقالات والصور والوثائق. تحية للناقد ثامر الحاج أمين.
أسرة موقع الناقد العراقي

د. محسن اطيمش وقداسة الشعر

المسافة الحياتية والابداعية الملتهبة والقلقة للأديب والشاعر ” د. محسن اطيمش” تشير بوضوح حاد الى ذكاء دافق وفطنة موحدة بمفازات دلالية ساخنة ومنجز ابداعي ينأى باستمرار على المألوف والسيدي في الواقع الشعري المعاصر ويتوخى بذلك المواكبة الفاعلة والمتجاوزة باستمرار لمعطيات الحضارية الشعرية المألوفة.. ويمكن كذلك الاشارة الى “الحالة الثقافية” المتفردة والحالة للشاعر “محسن اطيمش” والتيمن خلالها يتسنى للدارس المنصف المجال المضيء وفي التمعن بمديات المرحلة الادبية لجيل متوثب ومغير في الثقافة الوطنية الشاخصة لجيل الستينيات الابداعي.. اذ يمكن عد هذا الجيل، وفي نقطة تمركزه المشع في الساحة الثقافية لستينيات العراق المشهور ومحور اضاءة لمسير الثقافة العراقية المتجددة دوما ومستقبلها من خلال نموذج النوع المبدع والاصيل الذي عاش الخضم الصاخب والحقيقي لمرحلته.. متجاوزا بشرطه التاريخي والثقافي المعطى السالف ومستشرقا افاق الادب العراقي.. والشعر خاصة لهذا البلد الشاعري، وبكفالة ابعاده وليكن “محسن”مفازة تشع الابداع والهم التجديدي الشاخص وتشير كذلك الى الطابع الفردي والريادي المتجذر وليس لنهائية القياس الابداعي لهذا الجيل لذلك وكلما تذكرت رموز “معينة” من ساحة الستينيات الصاخبة.
وبالاصوات الغاضبة والحالمة بالتغيير… والعدالة يخطر بذاكرتي هذا القطب المشدود بتوتر حاد لفضاء الشعر الصادق والحديث بمحبة غامرة وانشاد كثيف التجربة والاحساس… جعل من النفس الشعري و القصير والمموسق زاخرا بالفكر الباذخ.. والشمول…
في لغة الضرورة
يستيقظ الحلم كطائر
واللغة الغافية
تنشق عن حال…
وعن صوره وبقدر ماتمكن وجيله الرائد من مجاوزة الشعر العربي بروحيته الرومانسية القاصرة ورؤاه الأحادية للعالم.. ومن اجل تنوير المشهد الشعري في العراق، كانوا قد وضعوا الاسس الفكرية والفلسفية لمستقبل الكتابة الشعرية الحديثة وتفعيلها.فهو كما يؤكد من “الذين يفتحون اعينهم بوعي حقيقي على العصر ” ذلك لاينفي ما للحضور الشعري المبدع للفقيد ” محسن اطيمش” من اشكالية فكرية وأدبية معروفة يتهم بها الجيل الستيني وهي الانبهار اللاهب بنموذج القصيدة الغربية “والفرنسية” خاصة والداخلة في مساحتنا الثقافية انذاك عبر قنوات لبنانية مفتوحة، مما ادى الى قلق الشاعر بين الوافد الغريب، وبكل ما في حضوره من حفاوة وبكل اشعاعه البارق وبين المستوى النظري والتطبيقي للقصيدة العربية الحديثة.. وبكل ما في الامر احيانا من عدمية ثقافية ماحقه. ومن شلل وقصور ابداعي من جهة اخرى. ولكن بالتناسق كما فعل راحلنا الحبيب والاستلهام الفاعل والوعي المتداخل بمجانسة حضارية خصبة، تأخذ البعد التاريخي والمجاورة الضرورية للاجناس الشعرية الكثير. دون الولوج من باب التجريب البارد والتناصات المفضوحة والولع الصبياني بالاضواء كان للجيل المقصود ان يحافظ كما فعل العديد من رواده على قامة الشعر العراقي العالية وصوته الراسخ في الأيام:
حين اتت اردية الحزن
وارتحلت فجأة
شواطيء
وادركت ارض مساراتها
اثمر في الصحراء
وجهك… وانقضت رؤى
وهربت سحابة بالماء

علي الشيباني في حزنه- الصورة من الروائي سلام إبراهيم فشكرا له.

تمتاز أشعار “محسن” بالصفاء الموسيقي والتجربة الفنية المحشودة بالفكر والحس الجمالي الخصب والآخاذ، انه بذلك كثف دراما الشعر الى محض انشاد فردي باذخ ومقدس… بتجريبية احيانا ينتشلها من الانطفاء العمق الثقافي والاخلاص المتناهي للشعر. وعندما ينشد شاعرنا طويلا فانها الدلالة على عنائه الممتد وسفره الطويل لذا فقد كتب” الاناشيد” بانفساخ لغوي وثقافي شامل يحتوي كل التجارب وتداعياتها المتداخلة..
وعندما يعتكف الدكتور محسن لبحوثه الاكاديمية فانه يكتب “دير الملاك” ليؤكد السعة الفكرية العميقة والتناول الرصين لموضوعه الاثير.. الشعر الحديث.

ـــــــــــــ
جريدة الدستور 2004

فنان من الفرات

في مساء صيف ساكن، وعلى ضفة الفرات الديواني الحميم، وقف رسام ممسوس على الضفة وارتأى ان يرسم فوق الماء لوحته الفنية، انهمك بفرشاة من العشب وخطوط من الطين والصدف اللامع وبعض من الاسماك الصغيرة البارقة، ينشأ لوحة من الماء والمحبة، اكمل ذلك ليكتشف ان الماء سيد الالوان، عندما اختار ان يغمس جسده بكل الوان العالم ويرحل مع النهر الى الأبد.
لابد، لكاظم نوير الفنان من مدينتي من ان يجاور فرات ما، لذا فهو على الضفة المحشودة بروح النهر دائما، تلامس اقدامه اعشاب النهر الصغير ويرسم مساء كل يوم لوحة جديدة فوق الماء، انه وككل فنان مبدع يود لو يمشي فوق الماء، فوق الهواء، ويخترق قشرة هذا العالم، فهو يعلم ان الفرات جرح الارض الكوني الخالد وسؤال الشرق الملتوي على جسد الانسان العراقي العظيم.
كل الألوان في الماء
ذلك ان الشمس العراقية الطيبة والقاسية كذلك تترك عباءتها على النهر مساء وتغيب في روح الليل لذا فقد جن فنان من مدينتي يوما عندما اراد ان يرتدي عباءة الشمس الزاهية ويطوف في كل العالم – ويبتهج، البهجة وجه اخر للجنون.
تعلمت، من اين لاأدري ان للفنان شكل وروح مختلف ووجود ولون مغاير، لذا فانك لتراني دائم التحديق في وجوه الفنانين بحثا عن غرابة ما
-عن سحر ما- عن خبل، وعندما لم اجد ضآلتي تلك. فانني انحدر مع لوحاته لأكتشف الوجه الحق لايما فنان، الوجه الساطع لروحه الغريبة، البعيدة الاغوار. قلت له يوما لترسم لي ماتشاء فقد رغبت ان اصدر شعراً في كتاب صغير وجاءني برسوم تمنيت من الروح ان اطبعها مع شعري في كتاب باهر الشعر والخطوط والمحبة، ذلك ان الموضوعات المتسمة بالحداثة والفعل الفني المضيء، والذي تؤشر الى ان مدينتي حتى وهي تنزف فان دمها الملون يرسم فوق الارض أجمل واعمق اللوحات الدامية، وتتحد بكل الابداعات.
هذا وقد تعلمت – لاأدري متى و اين – ان الفنان ذات متفردة، ورسول بشارة شاخصة ورؤيا بمواجد مراوية بالهدم والتجدد الدائم، وهو كائن هدام، ومشوه خطير للموجودات المألوفة، والمركونة في زوايا العالم بأبدية قاتلة، بانتظار هذا النبي اللوني الكفيل برفع فرشاته الكاسحة، المشعة بهذيان الالوان.

ـــــــــــــ
الطليعة الادبية 1999.

فدعه.. خنساء الفرات

أعتقد ان هناك ثمة تكريس (رجالي) وراء مقولة الندب والرثاء النسائي في عموم تجربة الشعر العربي والا لماذا لاتظهر لنا (عاشقة) في شعرنا الشعبي العراقي ليس التقليدي منه فقط وانما في الحديث منه.. ولانقول بشعر امرأة محشود بالحس والمعاشرة الانسانية الثنائية الواضحة، دون الاختباء خلف اقنعة رجالية لشعر نسائي والعكس كذلك، بينما في شعر وادي الرافدين في الحضارات الاولى ثمة سطوع صارخ وحقيقي في طرح نوعية التجربة الحسية الانسانية، وتجربة (فدعه) الشعرية الغريبة تثير الكثير من الاسئلة فانا ومنذ ان تفتح اهتمامي لهكذا شعر وانا في حيرة من شاعرة كهذه، للحد الذي خامرني الشك في صناعة وتكوين هذه الشاعرة فلكلوريا والاكيف تسنى لديوان العشيرة وقبله ان يوفر مادة شعرية وحياتية ومعلوماتية لانسانة (هي امرأة) في ذات المجتمع القبلي لكي تتمكن بقراءة من قول هذا الزخم الشعري الساخن المليء بالخبرة والاطلاع الثقافي النسبي ولكنه يثير مجرد السؤال؟ لابد للأمر من دراسة تاريخية وميدانية خاصة بغية انارة هذا الامر وبالرغم من تساؤلنا هذا فان المقارنة الشعرية بين تجربة (الخنساء)العربية الشعرية وبين شاعرتنا ال (فدعة) ترجع ان لم يكن نهض لهذه الشاعرة الفراتية الخصبة:
يحسين انته عتبة الباب
يطرادتي والماي خنياب
……
حسين ياشيخ الحياية
وعله كرصتك ماترهم آية
…..
حسين خوية جبل (كرحوت)
ليصعد يمتحن والينزل يموت
يبحر تكالب بيك كل حوت
يعقلك جسر ياهو اليجي يفوت
ان فدعة استثناء شعري ونسائي شاخص تمكنت من خلال حشد جزئيات الحياة الريفية البيئية في نسيج لاينغلق على دائرة النواح النسائي المتداول بل يمتد بكثافته الأدائية حيث المستقبل.
وفدعة صوت شعري موهوب عامر ينبض بالحياة الفراتية المتطامنة في زمن الكساد الشعري العربي المعروف حيث تمكنت هي والحاج زاير وقليل غيرهم من ترسيخ جدارة الروح الشعرية العراقية بلغة الشعب وعقد الصلة التاريخية المستمرة لشعرنا الخالد.

ـــــــــــــ
جريدة الديوانية

شاعرية العتب الوطني في قصيدة عريان السيد خلف

ينأى شعراء الحداثة الشعرية المعاصرة عن تناول الموضوع السياسي المرحلي شعريا باعتبار المباشرة الموضوعية في الشعر تناقض تناولات الشعراء لهذا المنحى الذي يقتضي قدرا المباشرة التوصيلية لضرورات الحدث الشعري ومستويات التلقي للذائقة الشعرية الحالية.
قبل ان امر على قصيدة الشاعر (عريان السيد خلف) الملتاعة او ان أشير الى قضية (الزعيم عبد الكريم قاسم) الساخنة في التاريخ الوطني للعراق الحبيب والملتبسة سياسيا واخلاقيا على مستويات عدة، فالرجل الذي فجر وقاد بجدارة وطنية ثورة 14 تموز التحررية امتلك محبة شعبية عارمة وزعامة رائدة في التحولات الديمقراطية والانسانية الاولى لخدمة الشعب العراقي الّا انه وبهيمنة العقل العسكرية المتفرد واشكالات الوضع الداخلي المحتدم ومحاصرة (الاخوة العرب) لتجربة الثورة – كما هو شأنهم دائما – انحرف (الزعيم الاوحد) بمسار الثورة باتجاه دكتاتورية القائد العسكري وتفرده المهلك له ولشعبه المحب وللقوى الديمقراطية المخلصة ولمجمل تجربة الثورة االوطنية العراقية ولسنا بصدد ابعاد الثوار والتقدميين من المشاركة بمسار الثورة باتجاه دكتاتورية القائد العسكري ومهادنته الشهيرة للمغامرين والرجعيين من كل الاصناف الرديئة _عفا الله عما سلف).. وخير دليل على ذلك ما آلت اليه الاموربعد انقلاب 8 شباط الفاشي الاسود ومقتل الزعيم الوطني وكل الخيرين من العراقيين على مذبح الحرية.. وشرف الثورة.
مازال شعبنا العراقي يكن لزعيمه الاول تذكاراً طيباً سيما بعد كل ماعاناه من الحكام الصغار القتلة الأوباش.. كل ذلك معروف للجميع اما ان يتم تناول هذا الموضوع شعريا فهو امر يخص المبدعين من الشعراء.. اذ كيف يتوفر للشاعر ان ينهض بالذائقة الشعبية الساكنة باتجاه التفاعل الوجداني والذهني الملتهب مع هكذا اشكالات والتباس تاريخي صعب بطريقته المشهودة والمتسمة بالجزالة الشعرية والاختزال التعبيري المحشود بالتواصل والدلالة المضيئة تمكن صديقي الشاعر (ابو خلدون) من معاتبة الزعيم والتاريخ واشعال روح الاسئلة الوطنية الدامية ومحاورة التجربة بكل جرأة وحماسة غنائية وفنية باذخة بعطاء الثورة النبيل:
ياغرة بياض بكصة التاريخ..
جسدت الرجولة بكل معانيها
لاكيت المنايا ابهيبة الفرسان
مادورت حفرة.. وعفنت بيها
يالكبرك صرح بكلوب كل الناس
شلك بالكبور الرجل تاطيها

ـــــــــــــ
-جريدة الديوانية.

جاسب السعيدي في الذاكرة

هبطت بنا سيارات النقل الكبيرة جنوب الارض، كانت تحتشد بأعداد متزايدة من المدعويين من كل المدن حتى ليبدو لي ان طوبوغرافيا الشعر الشعبي تزدهر جنوب الأوطان كنا نتآلف جماعات كأننا مدارس شعرية متفرقة ومتوحدة في آن واحد نحن دعاة التحديث الشعري المتوثب والشبيبة المثقلة في المشهد الشعري العراقي لاتسعنا الأرض ولاتروي ضمائرنا كتب الأجيال ولا ثقافة العالم ماذا كنا نريد لاأدري اقرب الاصوات لنا كان الجيل السبعيني الناهض توا في المسافة والمترقب بانتظار الاكتمال الابداعي لدخول التجربة بجدارة الاجيال النبيلة وهموم المرحلة. كان جاسب السعيدي معنا دون ان يرتاى قامة لمسيره الدؤوب والمخلص كما يفعل دائما الصغار من كتبة (الشعر) والفارغين كان يتوحد حميماً مع جيله مع الغناء الجنوبي الساخن،
التجربة للان لا أعرف جغرافيا الفضاء الارضي ولا تضاريس التراب لهذه المدينة الساحرة، اتذكر اننا هبطنا بنصف الذاكرة بين نهرين عظيمين وغفونا.. اتذكر انني قرأت قصيدتي على ضفاف النهر الدافق وفي زحام مقهى عامرة بالانسان والحرية والضفاف كان الشاعر جاسب السعيدي مع القبضة الشعرية – الشعبية – الجديدة يحفل بنا وكملائكة من جنوب العالم كانوا يعقبون بالسمرة المالحة والكرم الفائض. كانوا وقوفا والشعراء يمرحون كيف وضيوفهم شعراء العراق الشاخصون بمهابة في أرض وسماء الثقافة التقدمية للوطن.
لم اكن قد ارتويت من هذه المهابة المرتفعة بالتضحية والشعر والقصب لذا فقد عدت لعام 1983اذ كان حرب الطاغية الاسود مستعرة أخذني صديقي غالب الزبيدي لنجتاح الهور وغرابة القصب ونغرق بنشوة الماء والخوف والسمك المدلل هل ينسى ذلك؟ كان الصمت خيمتنا المحكمة كنا قد امتهنا الخفاء والحزن بقدرة عراقية مجربة. من اين يتسنى لجيل جاسب المغدور ان يتواصل ورصاص الحروب البعثية القذرة ينهمر؟
من اين له ان يلتقي بـ (علي الشباني) وعزيز السماوي واخرين؟. هو الاخر سكن على جمر وعسف وألم بعد انهيار الاصنام ودولة الجريمة والموت، كنا قد تناخينا كان صوت – جاسب – النقي يجتاح المدن والفضاءات وهو يركض بالايام العراقية الجديدة كي نسمعها شعرنا الدامي.
جاءني تحت اول راية للحرية عدت للعمارة ابحث عن صوتي الاول عن زوايا القصب الموغلة بدم صويحب وخالد محمد زكي وحشد من الثوار. عدت للعمارة دون ان اصحب معي شهيد الغربة عزيز السماوي ولاشاعر الصمت المبدع طارق ياسين ولا ولا لكنني مازلت اصخب بالشعر والقضية والوطن. لقد هوت قامات راهبة منا في المسير الصعب لكنها واقفة في الذاكرة. محبتي لك ولشعرك ولمحبتك المغروسة بالماء والطين والمحبة ايها السعيدي.

ـــــــــــــ
جريدة الديوانية

ابو ضاري.. صوت القصيدة

يبدو ان تنوع الخصب في ايما مشهد شعري يدل على روح الحيوية والاصالة والتغيير الحقيقي حتى ليبدو ان الشعر الشعبي العراقي مركز الحيوية الابداعية في الشعر العراقي والساحة التي شهدت التنفيذ المبدع لشعرية المرحلة وحداثة التجديد المتناسق فنيا وتاريخيا. وفي الستينات العراقية المشهودة حيث الصخب المرتفع لاحتدامات الاجيال الغاضبة والنقطة التي تبلورت عندها صولة التحديث الابداعي المطلوب من اب ضاري حادي الاجيال ولم يكرز ذائقته الشعرية وطريقته الكتابية في الميادين التي نشط من خلالها في نشر وتوثيق للشعر الشعبي العراقي وخاصة برنامجه المحبوب ركن الشعر الشعبي البرنامج الذي مر من تحت خيمته الكثير من الشعراء الشعبيين واستمع اليه بشغف ومحبة محبو هذا اللون الشعري في المساءات الستينية الحزينة ظل (الصوت) ابو ضاري المتميز والشجي يصدح في الساحة وظل تعلقه بالشعر الشعبي لايضاهى.
شارك في مهرجان الشعر الشعبي الاول في مدينة الناصرية 7/7/1969 طريقة ابو ضاري الاعلامية نموذج في الصدق المهني الابداعي وبعد رحيله المأسوف عليه خسر الشعراء الصوت الصادق والمساند لاهتماماتهم الثقافية والشعرية. وكذلك لم يحتكم شاعرنا لنموذجه الشعري بتعسف بالرغم من ان نموذجه المقصود ظل يراوح بين تجديد القصيدة الشعبية المعاصرة والذي رفع لواءه الشعراء الشباب في حينه وبين سيادة النموذج التقليدي في اشعاره:
باجر لون صوتي غفه
وغابت بعينك صورتي
شعري يظل بكل كتر
ولساني يحجي اروايتي
وديوان ابو ضاري الوحيد (فراكين الهوى) يشير الى نمط في الكتابة الشعرية ظلت في مثلها التعبيري العاطفي والمباشر جودت التميمي – كاظم الرويعي – ناظم السماوي وغيرهم دون التحديق الفني العميق بالمتغيرات الجديدة:
خطار عدنه والعمر
باجر يشد ارحاله
واللي يموت ابشوفتك
يامسعده وهنياله
ابو ضاري صوت القصيدة العراقية المعبرة عن تحولاتها التعبيرية الصادقة في منعطف تاريخي وشعري حاسم.

ـــــــــــــ
جريدة الديوانية

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *