الإيقاع عنصر أساس فى النصوص الفراهيدية وهو جزء مهم من مكونات بنيته وسمة تميزه عن النثر ينقل الاحساس الى المتلقى مستعينا بالوزن بصوره المجردة –
— ان تجديد الشعراء المعاصرين لاشكال الايقاع مرتبط بعمق التحربة الشعورية للمبدع ، وهو نظام جمالى يجمع الثابت والمتغير كما يعتبر منتجاً للدلالة –
— الايقاع اكثر النطم الاشارية تعقيدا فى القصيدة العربية لانه يؤدى صراعا وتوترا كما انه يضيف جمالا ! فكلما تصالحت الاضداد اضافت للسامع والقارىء احسا سا وجاذبية –
أن التأثير الجمالى للشعرالعربى يكمن فى سياقه الصوتى وعناصر الانشاد تقوم بتحديد الأبعاد النغمية اللأبنية الايقاعية وفق ثلاثة أدوار :
المدى الزمنى \ النبر \ التنغيم
فيما يتعلق بالمدى الزمنى والنبر فهما يعملان على علو الصوت وهمسه وضبط مخارج الحروف –
فالاحرف الصائته فى لغتنا العربية هى أكثر جهراً وأجلى سماعاً بالاخص حين تلتزم بالمسافة الزمنية بين الصدر والعجز و الساكن والمتحرك
وأما التنغيم فهو التوالى المتتابع وصولا لخاتمة البيت –
مثال :
(لا تخفى مافعلت بك الأشواق – – وأشرح هواك فكلنا عشاق
ولقد يعينك من شكوت له الهوى – – فى حمله فالعاشقون رفاق ) — التلمسانى –
يرجع الفضل لموسيقى القصيدة العربية المعاصرة الى الموشح الاندلسى وشعراء المهجر وشعراء ابوللو ثم مدرسة الديوان التى حاولت التخلص من القافية واعباءها وكان شكرى والمازنى والعقاد ومن بعدهم خليل مطران ا ثورة على الصورة الموسيقية لتاثرهم بالشعر الانكليزى كديوانى ( افاعى الفردوس و الكنز الذهبى ) والشعراء الطلائعيين امثال : كور لدج — خازلت — شلى — سبنسر –
لهذا نرى جماعة الديوان صبت جام غضبها على شعر احمد شوقى فشعره يمثل قمة الكلاسيكية بنظرهم !
فالبنية الايقاعية فى القصيدة التقليدية بمثابة اتفاق بين الشاعر والمتلقى والشاعر محكوما وملزماًعلى إيجاد ابنية إيقاعية متوازية مع الانساق التى يسمح بها الوزن والوزن لا وجود له الا بإعتباره علاقة بين المعنى والصوت –
هذا محمود سامى البارودى ( قمة فى التجديد ) نظر الى منهج الغربيين حين وجد شعراء النهضة قد احيو كلاسيكيات اليونان والروما ن الشعرية بوصفها نماذج تاريخية خالدة فرجع البارودى الى العصر العباسى فبعث شعراؤه المجدين امثال بشار وابى نواس والبحترى وسار على هداهم
فالمتلقى من خلال الانساق المقطعية ووحداتها يبقى مترقباً سماع الجرس
( حرف الروى وما يليه ) ويضل مشدودا لخاتمة البيت فأن حمل العجز عله أو زحاف أو أقواء او اشباع – – ترى الذى يتمتع بأذن موسيقيه (يستاء من فوره )
ففى القصيدة الموزونة عروضياً يتناوب إيقاعان إيقاع داخلى خافت يسبح ضمن النسيج وهو يهيأ المصراع الاول وإيقاع خارجى صادح هو الذى يسمع بوضوح عند خاتمة البيت ( وهو المقصود )
مثال :
أحبك حبين حب الهوى – – وحب لأنك أهل لذاكا
فأما الذى هو حب الهوى – – فشغلى بذكرك عمن سواكا
وأما الذى أنت أهل له – – – فكشفك للحجب حتى أراكا
فلا الحمد فى ذا وذاك – – – ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا — رابعة العدوية –
ورب سائل يقول هل الايقاع حكر على الشعر المقفى ؟
والجواب : لا يقتصر الإيقاع على قصيدة العمود حسب ؛ بل الكثير من قصائد التفعيله فالشاعر الرائد بدرشاكر السياب بث الايقاع فى معظم أشعاره كذلك بلند الحيدرى وعبد الوهاب البياتى ونازك الملائكه وحسب الشيخ جعفر –
(فى بعض القصائد المدورة يتواجد الايقاع )
مثال:
( ارأيت قافلة الضياع – – أما رأيت النازحين ؟
الحاملين على الكواهل من مجاعات السنين
اّثام كل الخاطئين
النازفين بلا دماء
السائرين الى وراء
كى يدفنوا – هابيل –
وهو على الصليب ركام طين
قابيل , أين أخوك أين أخوك ) – قصيدة قافلة الضياع – السياب –
وهنا لابد من وقفة : كيف تتعرف على الايقاع فى ايسط صوره –
حاول قراءة بيت من الشعر بتأنى مع الطرق على لوح مسموع فستجد عدد الطرقات متساوية فى الصدر والعجز واما اذا كانت الطرقات غير متساوية فأن البيت يحمل علة او زحافاً –
***************
ملاحظة : هل يوجد إيقاع فى قصيدة النثر وما معنى الإيقاع الداخلى ؟
الجواب : لايوجد إيقاع فى قصيدة النثر فالإيقاع هو — النغم والحس الموسيقى — ذلك ما أكدته المظان كالأغانى لأبى فرج الاصفهانى والشعر والشعراء لأبن قتيبة ج2 ص 676 فالشعر غير النثر-
وهناك من يحتج قائلاً الشعر وجد قبل الخليل فلماذا التعقيد
وهو عين الصواب ولكن لو قلنا
” بلينا بنظامٍ فاسدٍ منذ التغيير ”
هذه الجملة وافية المعنى ولكن خلت من الإيقاع الداخلى والخارجى ولو رتبت عروضياً بالشكل التالى :
قال الشاعر اليمانى البردونى
( بلادى من يدىّ طاغٍ – – الى أطغى الى أطغى \ ومن سجن الى سجنٍ – – ومن منفى الى منفى ) فيكون الايقاع نغم صادح بلا ادنى شك –