قصائد للشاعر الدنمركي الساخر بني أندرسن
الأعداء الأعزاء
أنا أحترمه أكثر من اللازم
كان دائما يتسلل حول القدر الساخن*
لم ترتفع الحرارة إلى رأسه أبداً
لذلك نتقاطع بدون أن نَلوي ساقينا**
نقدّمُ اليد قبل القدم
نتواصل متنكرين بأقنعة صداقة
يَسهُلُ كشفها
إحتفالٌ لشخصين
نكافىء أزياءَنا التنكريةَ المخادعةَ
نحتفل بعداوة قديمة
نشربُ نخبَ مفترقات الطرق
نشفطُ الأخطاءَ الفادحةَ من بعضنِا بعضٍ ***
وتغذية أخرى للشائعات
لكن نلتزم بدقة
بقاء توازن المكائد
الشائعة بالشائعة والمكيدة بالمكيدة
وعندما نفترق كعدوين جيدين
ويتمنى بعضُنا لبعض كلَّ شرٍّ
أتمنى لك البلاء
وأن لا تصل بالسلامة والخ
فإنه بالنسبة لي مجرد تعابير
لأني أكره أن أخسر عدوّي الوحيد.
—
من ديوان: الآه الأخيرة، المجموعة الكاملة، كوبنهاجن 1998
* التسلل حول القدر الساخن: تعبير مجازي دنمركي يُقصد به تجنب الحديث المباشرعن الموضوع أوالخلافات والتظاهر بالودية كما يفعل السياسيون.
** أن يضع كل منا قدمه أمام قدم الآخر للإيقاع به مثلما يحدث في كرة القدم، “يعطيه بند” في اللهجة العراقية، وهي كما يبدو من الإنجليزية bend يثني، يلوي ويقال “عَكرف لَوي” عند سقوط اللاعب.
*** نشفط، أو نسحب، نستدرجُ، باللهجة العراقية: نسرق لسانَة.
رسم مستوحى من قصيدة الأعداء الأعزاء لبني أندرسن
الأصدقاء الأعزاء
لدي صديقان
الآن خصمان
ولدَيّ خصمان
الآن صديقان.
أحد أصدقائي صديق أحد خصومي
صديقي الآخرخصم لصديق خصمي الآخر
إنه من الصعب التحكم ب
مع من يجب على المرء أن يحذر من عدم قول شيء ما.
المصالحة من شأنها أن تسهّلَ العلاقة لدرجة كبيرة
لذلك أؤيّدُ بقوة
أن أدير الخد الآخر إلى
ولكن على مر الزمن لم تَبقَ خدود كافية
أجرّبُ أن أعبأ خدودَ أصدقائي
هذا جعل أحد خصومي ودّيًا
وأحد أصدقائي غير وذّي
خصمي الآخر صارَ خصماً لصديقه
وصديقي الآخر صارَ صديقا
لصديق سابق لخصمي الآخر
لكن بالمقابل خصماً لصديقه الخاص السابق.
أنا أفكر بكلّ جدية بأن أشطبَ كلًّ القضية
أسحبُ الخدود إلىَّ
وأبدأ من جديد.
—–
من ديوان: الآه الأخيرة، المجموعة الكاملة، كوبنهاجن 1998

بلاد هانس أندرسِن*
كانوا في السابق يخفون أنفسهم
كتبوا رسائل مجهولة
جاؤوا يصرخون بإنذاراتٍ مجهولةٍ
مكالمات هاتفية من مجهولين
قاموا بهجمات مجهولة
الآن يجرأون على إماطة اللثام
لديهم الآن أسماء ووجوه
أسماء دَنمَركية جيدة
وجوهٌ دنمَركيةٌ مشدودة *
والآن اكتشفوا بعضهم بعضا
من خلال رسائل القراء
من خلال استطلاعات الرأي العام
من خلال المذياع والتلفاز
إنهم يشعرون بأنهم يصيرون أكثر فأكثر
يدّعون أنهم بالفعل
الأكثرية
إنهم غير منظّمين بعد
إنهم لحد الآن لا ينظمون المسيرات بانتظام
لكن الحزب جاهز
بأذرع مفتوحة
وحدود مغلقةٍ
يحدث العديد والكثير
بتغييرٍات مباغتة
في تشنجات هذا القرن
اللاجؤون
المهاجرون
كلكم أصحاب الشَعر المختلف
الأنف المختلف
لون الجلد المختلف
والعقيدة والتقاليد المختلفة.
هذه هي بلاد هانس أندرسن
تعلموا منها وكونوا أذكى
المضايقةُ هي الرياضة الوطنية
الفكاهة مرصوفة بقشور الموز
في المرآة السحرية للوعي العام يُنظر إلى
الضحايا
كتهديداتٍ،
الإنسانيةُ
كشيء غير دنمركي
هنا تُعدُّ فضيلة
أن يتظاهرحتى حملةُ الشهادات العليا
بأنهم لايجيدون القراءة والحساب
بحيث تصبح بضعة آلاف
وبلمحة بصر
هجرةَ شعبٍ
إحترسوا عندما يقولُ لكم بعضُهم:
أنا لستُ عنصريا، لكن-
إنها فقط
لتتنحوا جانباً
قبل أن يتقيأوا عليكم.
الدَنمَرك
أُحتلَّ مرةً من قبل جرمانٍ مجانين
ويُحتلُّ قريباً من قبل المسكونين الدَنمَركيين **
بلادي تسكنها الظهور ***
بلادي التي دائما
يتهافتون فيها على
أحذية صغيرةٍ جداً****
تم الخلط بين بلادي ذات الأفق المنكمش
فتصوروها صُرّةَ العالم
الدَنمَرك
بلادي المتَجَهّمة
كوني راشدةً وكبيرةً
افتحي عينيك
افتحي ذراعيك
حتى نستطيع أن نرفع رؤوسنا *****
بإنتمائنا لكِ.
الدنمرك
لا تقللْ من شأنك
كُنْ نموذجاً
قُمْ بواجبك في العالم
خلّصنا من عارنا ******
بحيث يمكننا أن نجدد سمعتكَ.
من ديوان: الزمان واللقلق، المجموعة الكاملة، 1998
*يستخدم الشاعر كلمة ذات معنيين: مرتبطة، مربوطة، معقودة، مشدودة، منشدّة، وتوحي أيضا إلى: منقبضة أو متغضنة.
**يستخدم الشاعر نفس الفعل: المحتلون، لكن بمعنى المسكونين بالجن، أي المختلون وهنا يلعب بالكلمات ويقدم صورا مختلفة.
***تسكنه الظهور، يعني الناس الذين يديرون ظهورهم للآخرين إزدراءً لهم.
****التهافت على حذاء صغير جداً، وأنيق ونادر، تعبير مجازي إشارة للإسراع في الحصول على شيء ما قبل أن ينفذ، ويشير عموما إلى ضِيق الأفق والإهتمام بأمور تافهة.
***** في الأصل: نُقوّمَ ظُهورَنَا.
****** يستخدم الشاعر عبارة ترجمتها الحرفية لا تدل على المعنى الحقيقي gør vores skam til skamme
لكنها تعني هنا: إجعل عارَنا بلا أساس أو سبب وذريعة، أقضوا على أي تبرير وأساس لهذا الخزي من خلال القيام بأفعال مشرفه، خلّصنا من خزينا بالأعمال الإيجابية! لنبرهن بأننا ليس لدينا ما نخجل منه! بأننا لسنا عنصريين!

التشابه
ليس هناك إنسانٌ ناقصٌ
أن يشعرَ بعضُهم بالنقص
ويَشعرُ آخرون بأنهم أجدر
يُعزى في أغلب الأحيان إلى
أن هؤلاء الذين يشعرون بأنفسهم أجدر من الآخرين
يجعلون الآخرين يشعرون بالنقص
يجب أن ُيعدَّ نقصا
لذلك فعلى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم
أجدر ويعتبرون الآخرين
ناقصين، أن يعدّوا أنفسهم
ناقصين
ولكن إذا كان الجميع يجب أن يُعتبروا ناقصين
فلن يكون من الممكن إستخدام المصطلح
ولهذا لا يوجد أحد ناقص
في هذه المحمية الطبيعية.
من ديوان: كوسموبوليتي في الدنمارك، المجموعة الكاملة، كوبنهاجن 1998
رسم مستوحى من قصيدة التشابه
الرسوم: ماريا أبرامسوفا
* أستاذ جامعي عراقي مقيم في الدنمرك، حائز على جائزة الثقافة في مدينة روسكيلدة عام 2002