بريق يسري من أعالي الكلمات . حاول أن ينام تحت أحلامه دون أن ينفض عن ذاكرته دهشات
سعت إليه . منذ تلك اللحظة لم يعد يفارق ساعاته الساخنة فهو يدرك انه سيهاجر قريباً ،
وسيردد في بلاد الآخرين أوراقه التي تموجت بين الحلم واليقظة .
أقتنع أخيراً في مكان لابد وأن يأتي إليه أنيس أو من يزيح عنه إشاراته المتعبة . وسط هذا الحال
خال هذه الليلة لن تنقضي حتى يكشف النهار وجهه . مضى يصغي إلى أيامه التي هي ليست
سوى صمت مشروط بالذهول ، فهو لا يدرك هنا منفاه الجديد وكيف تزحف علاقاته دون أن
تترك حريقاً جديداً يلهب مثل نافورة لا تنام .
مع هطول الصباح حيث أسلم الأفق وجهه له عرف أنه قضى ليلة مسدلة الستائر وتيقن أنه
استسلم لرغبته بحماقة ، فلم تعد الساعات الجميلة في محلته تتسلل من بابه ولم يعد يستيقظ على
ضجيج المارة الذين يبضعون من المحلات القريبة . حاول أن يرشي يومه بكأس لم يألفه من
قبل لكنه توقف ، فقد أدرك انه غير متأنق وإنه في غير سكة الأحياء .
هشام القيسي : سفر
تعليقات الفيسبوك