ثمة مقولة تتردد دائماً عند الحديث عن الكتابة الأدبية هي ’إن الكاتب ابن بيئته‘، وهذا يعني إن النص الذي يقدمه هذا الكاتب هو نتاج وانعكاس واضحين للواقع الذي يعيش فيه. يعمل النص، على وفق هذه المقولة، في توثيق جوانب هذا الواقع الاجتماعية والنفسية والثقافية والسياسية في محاولة منه إلقاء الضوء على ما يعتريه من أزمات ومحن وأمراض وعلل ابتغاء تقديم وجهة نظر مغايرة فيها دعوة إلى المقاومة والوقوف بوجه الطوفان، وفيها أيضاً الكثير من التحسر والتوجع على ما آلت اليه حال البلاد. ولكن ما خصائص هذا الواقع وما الذي دفع ولمَ الكتابة عنه؟ هذا هو محور المقالة ومرتكزها.
العالم الذي نعيش فيه عالم مخيف حقاً لا مكان فيه للشعور بالطمأنينة أو الأمان، تتدفق فيه علينا صور الخراب والدمار ليل نهار وتداهمنا أخبار الموت والقتل، ويلازمنا الخوف مما يحمله الغد لنا، وفيه أيضاً يتكاثر سماسرة الحروب والمتملقون، والمخادعون، والمتشددون والمتسترون بستار الدين. عالم تكثر فيه الابتسامات في الوجوه والطعنات في الظهر، والثراء الفاحش مقابل الفقر المدقع، والتشبث بالأمل مقابل المحاولات الدائمة لخنقه. وهذا تحديداً هو العالم الذي شهرَ الكاتب المصري نبيل حامد قلمه بوجهه؛ نبيل الذي يظهر في نصوصه بصفة الراصد والناقد والمُحلل للمشكلات والتحديات التي يواجهها مجتمعه.
يراقب نبيل عن كثب ما يحدث في عالمه فيجد ’الغماز والفهلوي والحلنجي والعساس والبرطيلي‘ هم من يتسيد الموقف ويأخذ بزمام الأمور. البلاد التي يعيش فيها هي بلاد ’أخطف وأجرى‘ التي فشلت في خلق مجتمعات مستقرة ومتقدمة، والمبدأ السائد هو مبدأ ’أنا ومن بعدي الطوفان‘ حيث تتغول ’الأنانية التى يغذيها الطغاة والغزاة والتجار الجشعون!‘، وتتربع ’قوى الشر‘ وتقبض على مفاصل الوجود والحياة‘ وليس ثمة من بقدرته الوقوف بوجههم، ويتكاثر ’اللصوص بشكل لم يسبق له مثيل‘. إنهم يسرقون كل شيء وأي شيء: ’أجساد الناس والرؤى والمخيلات والأرواح وجزر الوجود ومنتجعات الخواطر‘.
يبدو نبيل في نصوصه مثل فارسٍ يأبى الترجل عن صهوة جواده برغم كثرة الرماح المصوبة نحوه. إنه يحث الخطى ويواصل مهمة الكتابة التي اختطها لنفسه. ولأنه يحارب وحيداً جيوشاً من ’المرتزقة والمأجورين‘ كما يصفهم، كان طبيعياً أن يشعر بالاغتراب في وطنه ومجتمعه وأن يتردد هذا الشعور في شكل صرخات مكتومةٍ تحملها نصوص فيها من الإدانة والرفض والاحتجاج الشيء الكثير.
اختار نبيل القصة القصيرة والقصيرة جداً والمقولة وسيلة للتعبير عن أفكاره ورؤيته للحياة، وهو يميل الى تسميتها بالنصوص القصيرة والنصوص متناهية القصر في استعارة منه لمفهومين من علم الاقتصاد هما ’القروض الصغيرة‘ و’القروض متناهية الصغر‘، ويدعو إلى الاستفادة منهما في حقل النقد الأدبي.
يمكن تقسيم النصوص التي يكتبها نبيل على ثلاث مجموعات رئيسة بحسب الموضوعات التي تتناولها مع اشتراكها في خصائص محددة هي القصر وبساطة اللغة ووضوح الغاية وطغيان مسحة المرارة والسخرية. يركز نبيل في مجموعة النصوص ’الأدبية‘ التي كتبها على التحديات والمشكلات التي يواجهها الكُتاب اليوم من مثل غياب حرية التعبير، واستسهال الكتابة الأدبية وتحول جزء لا بأس منها إلى تجارة، وغلبة ما يُعرف بـ ’المجاملاتية‘ في النقد الأدبي. في ’نص يحاول أن يكتشف نفسه‘، يلقي نبيل الضوء على القيود المفروضة على الكتَاب وينتقد الجهات التي تقف ’بالمرصاد لهم وتخيفهم‘. ثمة مناطق ’محظورة‘ لا يجب على الكُتَاب الاقتراب منها لكثرة الفخاخ التي تنتشر فيها، وهذا يؤدي إلى أن يعيش الكاتب في حالة خوفٍ وهلعٍ متواصلين تقف حائلاً دون تدفق ومضات الإبداع من فكره ويراعه. وفي ’مصداقية‘ يوجه نبيل سهام النقد لأنصاف المتعلمين والمثقفين الذين لا يقرأوان سوى الكتب المُقررَة عليهم، فتخبو شعلة الإبداع عندهم سريعاً. وبينما لهؤلاء قدرة على خداع الآخرين، إلا أنهم لن يتمكنوا من خداع من تسلح بالعلم والتثقيف الذاتي المستمر. وُيدين نبيل في ’كتاب انتهازيون‘ الكتاب المأجورين الذين لا هم لهم سوى جمع المال واستغلال المواقف، ويرى أن كل ما يحدث في المشهد الأدبي من شأنه أن ’يقتل‘ المبدعين من الشعراء والكُتَاب والصحفيين ويصيبهم بالأحباط واليأس، ولذا نراه دائم التحسر على الحال الذي وصلت إليه الفنون في بلاده التي قررت السلطات خفض الدعم لها ويرى أن السبب في اهمال الفنون هو رغبة هذه السلطات في بقاء الحال على ما هو عليه وخلق مجتمع من ’المحبطين والعجزة‘ الذين تحطمت أجسادهم المترعة بالهشاشة. وإضافةً إلى ذلك، ينتقد نبيل جانباً أخر في الكتابة الإبداعية هو النقد المأجور حيث يدفع كتاب لنقادٍ مقابل نشر مراجعات نقدية عن نصوصهم. ولأنها مدفوعة الثمن سلفاً، تفتقر هذه المراجعات غالباً إلى العمق والجدية ويغلب عليها الاستسهال والمجاملة.
كتب نبيل كذلك عدداً من النصوص التي وضعت نصب عينيها تعرية المشكلات الاجتماعية التي يعانيها مجتمعه من مثل الفقر، والأمية والجهل، والنفاق، والعشوائيات وانتشار الجريمة وغيرها. ينتقد نص ’كيف تقرأ نصا؟‘ الواقع التعليمي المتخلف وعجز المؤسسات التعليمية عن أداء المهام الموكلة إليها مما يؤدي إلى استشراء الجهل والأمية بين الناس وعجزهم عن قراءة النصوص ناهيك عن اللوحات والخرائط!. المدينة التي يعيش فيها نبيل غير صالحة للعيش وتنعدم فيها أبسط مقومات العيش الكريم حيث تنتشر الأطعمة المُهجنة والسلع متدنية الجودة التي تُسبب الأمراض، والهواء المشبع بالرصاص والتجار الجشعون الغشاشون والأثرياء اللصوص والموظفون المرتشون والمتنطعون والعشوائيات التي تتكاثر في كل الإتجاهات. إنها ليست ’مدينة‘ بالمعنى المعروف للكلمة، بل تجميع غريب لأشياء معطوبة تالفة. وبالمثل، يرثي نبيل في ’ويبقى الأمل‘ما آلت اليه الأوضاع في بلدان المنطقة حيث يضيع عمر الإنسان بين سلسلةٍ من الأزمات والمشكلات التي تلاحقه من مولده إلى مماته، وهو يتوسل بـ ’الأمل‘، و’الروح النابضة بالوجود‘ مثلما يسميها، فهي الترياق الوحيد الذي يصد عنه موجات الإحباط واليأس المُهلكة. وفي نصيَ ’الذباب‘ و’محاكمة‘، يصب نبيل جام غضبه على المسؤولين عن بث أمراض ’التشاحن والكراهية والتباغض‘ بين الناس ويؤكد على ضرورة ’محاكمتهم‘ والاقتصاص منهم. وبرغم عدم تصريحه بهويَة هؤلاء المسؤولين، إلا أنه يمكن تخمينهم بالاستناد إلى نصوصه الأخرى مثلما سنرى. واستكمالاً لجهوده في رسم ملامح المشهد الاجتماعي، ينتقد نبيل في ’كازوزة‘النزعة الاستهلاكية المستشرية في بعض من المجتمعات التي لا تنزع نحو الإنتاج، بل تكتفي باستهلاك ما تنتجه المجتمعات الأخرى. و’الكازوزة‘ هنا هي إحالة على الببسي كولا، المنتج الصناعي المُضر بالصحة الذي يدمنه الكثير من الأفراد. ومما يبعث على الأسف، بحسب نبيل، هو شيوع نمط حياة يعيش بموجبه الجميع في ’الكازوزة‘. وثمة مشكلة اجتماعية أخرى شديدة الخطورة وبعيدة الآثار يكشف نبيل عنها ’في مكاشفة‘، وهي الهجرة من الريف إلى المدينة، وتعرض المهاجرين إلى أنواعٍ من الاحتيال والنصب والسخرية والسرقة في بيئتهم الجديدة ناهيك عن تكدسهم في ’العشوائيات‘ أو ما يُعرف بـ ’أحزمة الفقر‘ حيث تنتشر مظاهر الجريمة والعوز المادي وانعدام الأمن الجسدي والنفسي. يهرب هؤلاء من الفقر والقهر في مناطقهم الأم ليجدوا أنفسهم أمام حالات فقر واستغلال أكثر بشاعةً وظلماً. ينتقد الكاتب بنحوٍ خاصٍ الصورة النمطية الشائعة عن القادمين من الريف الذين تضعهم في خانة السذج عديمي الفهم الذين يسهل خداعهم والتحايل عليهم. وفي مقابل الصورة المبهجة التي يقدمها مفتتح نص ’حيوات مختفية‘ حيث ترتاد الناس والفرح يعلو وجوهها المولات والمقاهي والمطاعم والمتنزهات، هناك صورة أخرى قاتمة وخانقة عن ’حيوات مختفية‘ ومعطلة ومعطوبة بسبب الحرمان والفقر. يصرخ هذا النص متسائلاً عن طبيعة الحياة التي يحياها أسر اصحاب المعاشات والعاطلين عن العمل وأصحاب الحالات الخاصة وعمال اليومية والفلاحين الفقراء وقاطنى العشوائيات ومفارق الطرق، والغارمين، والأرامل، والمطلقات، واطفال الشوارع، والعاطلين عن العمل، وعمالة الأطفال التي سجلت أرقاماً قياسية. لقد انقسم المجتمع إلى من يملكون ومن لا يملكون، وهيمنت صورتان لا غير: صورة الثراء الفاحش حيث العيش في أرقى الفلل وقيادة أحدث السيارات جنباً إلى جنب صور الفقر المدقع والإذلال لتدبير لقمة العيش. يؤكد نص ’الخلاص‘ أن الأغنياء وحسب بقدرتهم الاستمرار في هذه الحياة الموحشة بفضل ثرواتهم، أما الفقراء فلا يمكنهم الحياة، ولذا نراهم يستعينون بـ ’السخرية والضحك و التنكيت‘ وسيلة للتنفيس عن معاناتهم والتخفيف من ضغوط الحياة وصدماتها. ولم يغب عن بال نبيل الحديث في نصوصه عن طبقةٍ طفيليةٍ يمكن وصفها بالطبقة ’الطرطوفية‘، نسبةً إلى طرطوف، الشخصية الرئيسة في مسرحية الكاتب الفرنسي موليير. طرطوف هو رمز للمتملقين المنافقين الذين يتسترون برداء الدين والتقوى كي يحققوا مآربهم الخاصة. في ’ورع خبيث‘، نرى الطرطوفيين وهم يلهجون بذكر الله سبحانه ولكنهم لا يتورعون عن ارتكاب الذنوب والفواحش واستغلال الناس البسطاء. ويدور نص ’الآخر عند هؤلاء‘ حول ظاهرة التشدد الديني التي انتشرت في المجتمعات المسلمة. أدت هذه الظاهرة إلى حالة من التقوقع والنكوص ورفض شديد للآخر المختلف وتقسيم للناس إلى المؤمنين الذين يمثلون ’نحن‘ و’الكافرين‘ و’الملحدين‘ الذين يمثلون ’الآخر‘ ويجب أما استتابتهم وأما قتلهم.
ولا يقل الوضع سوءاً في الجانب السياسي حيث تهيمن على مقاليد الحكم طبقة طفيلية سخرت مقدرات البلاد الاقتصادية لصالحها واحتكرت كل شيء، فهي المتصرف الوحيد في قطاعات الأعمال والاستثمار والزراعة والصناعة. حتى التاريخ والمناهج التعليمية لم يسلم من تدخل هذه الطبقة التي حرصت على العمل بسياسة تغييب الوعي وتكميم الأفواه. ففي نسخة مغايرة للسرد التاريخي الرسمي السائد الذي يركز على تمجيد الماضي دون الإشاره إلى ما شابه من زيفٍ وتدليسٍ، يقول نبيل في ’فى مائة عام‘ إن الدروس الوحيدة التي قدمها العرب في السنوات المئة الماضية هي دروس ’اللصوصية والقتل!‘. في ظل هذا النظام السياسي لا وجود للحرية الفردية، الحرية الوحيدة التي يمكن التمتع بها هي حرية طلب المشروب في المقهى! وبينما الكل يلهث في طلب العيش، يعيش أفراد هذه الطبقة في حالة من الترف والراحة والدعة. إنه نظام مبني على احتكار السلطة والثروة، إذ تتمتع مجموعة عائلات صغيرة بالحياة، أما ’باقي البشر‘ فعليهم أن يتحولوا إلى خدمٍ لهم.
وفي ’مشاعر متأخرة جداً‘، نلحظ التباكي على أمجاد الامبراطورية العربية التليدة عندما وصل العرب إلى بلاد الأندلس غرباً والصين شرقاً. المتحدث في القصيدة يقول ’ياألف خسارة‘ لأن العرب خسروا مدينة البندقية (فينيسيا) وكانت تحت حكم المسلمين. ومرد الشعور بالأسف لا يعود إلى خسارة هذه المنطقة الجغرافية المهمة، بل، بحسب نبيل، إلى فقدان العرب الفرصة للمزيد من النهب والسلب والاغتصاب. وفي ’الكلام مش على هواك‘ ثمة انتقاد واضح لغياب حرية التعبير وكثرة مقصات الرقابة التي ’تحاصر‘ أفكار الكاتب وحريته وكلماته. ما يعيشه الكاتب حالة من الاختناق الدائم حيث ينعدم هواء الحرية. وزيادة على غياب الحرية، يحمل نص ’اشتراكية‘ إدانةً واضحةً لكل المتلونين المتملقين الذين يتخذون من الحركات والمذاهب السياسية مطيةً يركبونها لبلوغ أغراضهم وخدمة مصالحهم، وما أكثرهم في عالم اليوم!. هؤلاء مثل الحرباء يغيرون جلودهم بما يحقق مصالحهم، تراهم يتنقلون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لا مبدأ لهم ولا رأي، فمن نادى بتكفير ’الاشتراكية‘ في الماضي أصبح من ’كبار رجال الأعمال‘ بعدما قبض الثمن! نسي أصله لكن الناس والتاريخ لن تنساه قط!. وفي ’عصر الشعوب‘ هناك تحذير للحكام الذين يجثمون على صدور البلدان فيعيثون فيها فساداً ويهلكون البلاد والعباد. ’جحافل الشعوب‘ ستقف بوجه هؤلاء الحكام ومن يمثلهم من شركات ومؤسسات وجماعات مسلحة، وستسحقهم جميعاً. الشعب يبقى والطغام ينتهون، هذا ما يقوله لنا التاريخ. والثيمة ذاتها تتكرر في’قتلة‘ حيث تظهر الذئاب متخفيةً بصورة خراف، فيندسون بين أفراد القطيع ’ريثما تسنح اللحظة المناسبة للانقضاض عليها جميعا‘. هؤلاء لا يبنوا شيئاً قط، ولن يعمروا البلاد همهم المغانم والمكاسب واستغلال الناس، ومثلهم الجياع والجبناء الذين لا يصنعون مجداً ولا نبلاً.
وتطرق نبيل في ’للمرة الخامسة‘إلى مسألة لطالما شغلت الرأي العام في مصر في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك الذي حكم البلاد أكثر من ثلاثين عاماً، وكان ينوي الترشح للمرة الخامسة أو ربما توريث ابنه جمال. في النص انتقاد واضح لما يُعرف سياسياً بـ ’الجمهورلكية‘، وهو نظام أصبحت فيه البلدان ’جمهورية‘ بالاسم فقط في حين أن نظامها قريب الشبه بالملكية حيث يبقى الحاكم في السلطة مدى الحياة. وتنعكس السخرية بأوضح صورها في نص ’مهام حكومة‘ التي تنحصر في ’أخذ مافى جيوب الناس وتكميم أفواههم وقتل مواهبهم وتعطيل أعمالهم وتدمير عافيتهم وإهدار وقتهم!‘. وبرغم إدعاء الأطراف التي اشتركت في الماضي أو تشترك حالياً في إدارة البلاد بالحرص على خدمتها، إلا أنهم جميعاً ’انتهازيون‘ و’مزيفون‘ سواء أكانوا ناصريين أم قوميين أو وهابيين أو عروبيين، كلهم ’ساهموا بدرجة أو بأخرى فى هذا الخراب المزمن…من المحيط الى الخليج!‘. الأكثر طرافةً ربما إجراء الحكومة ’مسابقة الموظف الحمار!‘ لأنها لا ترغب في ارتفاع مستوى ذكاء الموظفين العاملين فى إداراتها أو تحسن حالتهم العصبية والنفسية. إن انتقال عدوى الذكاء هاته إلى الناس سيؤدي، بحسب لجان مختصة أعدت تقارير بذلك، إلى وضع قيادة البلاد فى وضع محرجٍ. ولذا اقترحت اللجنة المنوطة بعمل مقترحات استباقية إجراء هذه المسابقة التي سيفوز فيها الموظف الأكثر استحقاقاً لجائزة ( الموظف الحمار). هذا الموظف سيكون قدوةً يجب على كل الموظفين القريبين أن يقتدوا بسلوكه ويعملوا بمشورته لكبح هذه الطفرات القوية والنمو المتسارع! إنه زمن ’الأربعون حرامي‘ أو اللصوص الذين لا هم لهم سوى السلب والنهب، لا لا الاستثمار في الصناعة أو التجارة. ماذا يمكن أن نتوقع من بلد يرتشي فيه المسؤولون و ’ثمن النفر فيه لا يتجاوز ثمن رصاصة مسدس‘!.
وبرغم المرارة والسخرية اللاذعة التي طغت على نصوص نبيل بعامة، إلا أننا نجد تشبثاً عجيباً بروح الأمل ورغبةً عميقة في ’الخلاص‘ الذي لا يتحقق إلا ’بالعلم والدرس والقراءة‘، وترسيخ مبدأ المواطنة وقاعدة الاحترام، وكذلك إنشاء دولة مدنية يسودها العدل واحترام الحقوق وأداء الواجبات. وإضافةً إلى ذلك، يدعو نبيل إلى العناية بالآداب والفنون فهي الكفيلة بالارتقاء بالإنسان والمجتمعات واهمالها لن يؤدي سوى إلى تسلط اللصوص والتجار وتهاوي القيم والفضائل أمام طوفان النزعة المادية والاستهلاكية.
الجرح يتسع ومستمر في الاتساع، ولكن يبقى الأمل بغدٍ أفضل محلقاً في سماء نصوص نبيل الساخرة!.