
إشارة:
بين وقت وآخر يتحفنا المبدع الكبير “طلال حسن” بنتاج إبداعي جديد في مجال أدب الطفل الذي يتقلص كتّأبه –للأسف- يوما بعد آخر. بعد ثلاثين كتاباً متفرّداً في هذا المجال الضروري جدا والخصب شرّف مبدعنا الكبير أسرة موقع الناقد العراقي أكثر من مرّة بنشر العديد من مخطوطات كتبه الثمينة على صفحات الموقع. وهذه مخطوطة جديدة يخصّ بها الموقع وقرّاءه. . فتحية له مع التمنيات بالصحة الدائمة والإبداع المتجدد.
أُسرة موقع الناقد العراقي
عالم طلال حسن
حاوره : فخري أمين
الطفل كائن عالمي يتخطى حدود الاثنيات والمذهبيات…
أعمل لطفولة عراقية واعية لمحيطها …
كبيرة عندي أن ندع الطفل يغمض عينيه في نص جميل عندما يغادره يجد العالم مختلفاً
أحب شخصيات قصصي التي تمردت معلنة حقها في الحياة
البلبل الطائر المحب للحياة والحرية والغناء يغرد عندي للإنسان العراقي
مقاربة رموز التاريخ العربي الإسلامي تتطلب الحذر ـ أتصرف بالموروث العراقي والإنساني القديم بحرية أكبر .
إلى أحيقار الحكيم الآشوري العظيم أجدني أقرب ربما لكونه يمثل ذاكرة وذكاء المكان
هل يحتاج إلى طاقة وتقييم تقليدي ؟ سأسميه ابن مقفع زماننا ، لافونتينه ، اوريله ، ربما أكون بهذا أرضيته ، ربما أغضبته ، إلا أنهم ـ ثلاثتهم ـ في أعماله يحضرون ، ويظل طلال حسن فاتحاً عينيه بقوة على عالم الحيوان ، سابراً أغواره ، ليس بحيادية وموضوعية العالم ، ولكن بروح الأديب المبشر بقيم عالم جديد . أليس مفارقة مضحكة أن نبحث في غابات وبراري الحيوان عن معايير مستقبلية لأخلاق بشري رفيعة . أهي عودة إلى الطبيعة ، أم دعوة لرفض ثمار الحضارة مرة ، بقدر ما رفعت عنا من أعباء ، فإنها وضعتنا في غربة قاسية وحرمتنا من الارتماء اللذيذ في أحضان أمنا الدافئة . ها هي الأسئلة تتدافع في ذهني غافلة أن الرجل إنما يوجه خطابه ، قصصه ومسرحياته أصلاً إلى طفولة ما تزال تحمل رائحة الحليب ، الارتباط النفسي القريب بالأمومة ـ الطبيعة ، وحتى بالنسبة إلى الكبار فإن الرجوع إلى الطبيعة يمثل استعادة لإنتشاءات ذات مفقودة ، فرح التحليق في سماواتها الطفلية البكر ، لذلك تحس وأنت تقرأ أعماله بأنها موجهة للكبار أيضاً ، فهي تشتمل على عمليتي إسقاط واستنطاق ذهنيتين لعام الحيوان ، في جهد واضح لأنسنته ، إنها بقدر ما تسعى لزرع قيم الصداقة والنبل والشجاعة وحب العمل والتضامن والعدل بالجمال لدى الأطفال ، فإنها تحرض الكبار على التمسك بذات القيم ، وإعادة زراعتها في مساحات إنسانية أوسع …
بعد مسيرة طويلة في براري الطفولة ، وممارسة أربت على الثلاثة عقود في عالم الكتابة للأطفال أردنا في هذا الحوار ، إضاءة كونه الداخلي المتسع التخوم بأسئلة مستفزة قليلاً .
• ـ ألا تحس أنك تثقل على الأطفال خلي
الباب بهموم ليست همومهم ؟
ـ يأخذ بعض النقاد ، على العديد من كتاب الأطفال العرب إسقاطهم لهمومهم السياسية والاجتماعية والفكرية على الأطفال ، عبر ما يكتبونه لهم من قصص وسيناريوهات ومسرحيات ، ويرون أن على أدباء الأطفال عدم تحميلهم في هذا العمر المبكر هموماً جساماً يفترض أنها ليست من همومهم . ومما لا شك فيه ، أن الأطفال بمراحلهم العمرية المختلفة ، والتي تمتد في نظر بعض الباحثين إلى سن ” 16 أو 17 ” سنة هم جزء مهم وحيوي وفاعل ومتفاعل من المجتمع ، ولعلهم يتحملون وطأة الظروف السياسية والاجتماعية أكثر مما يتحمله الكبار ، ثم متى كان أطفالنا في العراق مثلاً خليي البال ، ونحن نخوض حروباً طاحنة مازالت مستمرة منذ ثلاثة عقود ، راح ضحيتها أكثر من مليون إنسان ، معظمهم من الأطفال ؟ هل كان أطفال كردستان خليي البال ؟ هل كان أبناء الجنوب والأهوار خليي البال ؟ إن معظم أطفال العراق لم يعيشوا طفولتهم ، وفتحوا أعينهم على عراق تلتهمه نيران الحروب والقمع والتصفيات والحصار وأخيراً الاحتلال والمستقبل المجهول ، وعليه فإني أرى أن من أولى مهم أديب الأطفال هو وضعهم ضمن عالمهم بكل إشكالاته وصعوباته ، مع التأكيد على قدرة الإنسان على تغيير واقعه ، وبناء واقع أفضل في العراق والعالم أجمع .
• ـ من الملاحظ أن مصادر الكتابة
عندك تقتصر على عالم الحيوان والتاريخ
القديم ، وأنك قلما تتناول التاريخ الإسلامي .
ـ إن مصادر كتاباتي للأطفال ، لا تقتصر فقط على عالم الحيوان وتاريخ العراق القديم ، وإنما تمتد إلى كل ما في العالم من إنسن وحيوان ونبات وجماد ، وعلى هذا فإن العالم الذي أجسده في كتاباتي ، هو عالم واسع ، مفتوح ، لا تحده حدود طبيعية أو قومية أو كذهبية .. الخ ، فالطفل في رأيي كائن عالمي ، يعيش في عالم جميل ، يفسده الكبار باصطناع الحدود المختلفة ، أما في ما يتعلق بتاريخ العراق القديم ، فإني غالباً ما ألجأ إليه ، حيث أكتب مسرحيات طويلة للفتيان ، فهو يتيح لي الكثير من الحرية في تناول العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية الشائكة ، فضلاً عن أن هذه الفترة من تاريخ العراق ، هي واحدة من أهم تلك والحضارية في تاريخ العالم ، لكن هذا لم ينسني التاريخ العربي الإسلامي ، والتراث العربي القديم بتنوعه وغناه ودلالاته ، فبالرغم من صعوبة تناول هذه المرحلة ، والإشكالات التي تواجه الكاتب عامة ، وكاتب الأطفال خاصة ، فإنني كتبت العديد من القصص والروايات والمسرحيات التي أستلهمها من مناخ هذه الفترة وسحرها الآسر ، فأجواء بغداد هارون الرشيد وألف ليلة وليلة ، وبطولات عرب الصحراء ، ومناقبهم ، وصفاتهم ، كانت واحدة من مصادر كتاباتي للأطفال .
• ـ نعرف أن النخلة ترمز إلى
العراق ، فأي من أبطالك تعده
رمزاً للإنسان العراقي ؟
ـ إذا كانت النخلة رمزاً مهماً ودالاً من رموز العراق ، فإن البلبل هو رمزي الأثير في كتاباتي للأطفال ، للإنسان العراقي خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة ، البلبل هو بطل ثالث قصة كتبتها للأطفال أواسط السبعينيات ، ونشرتها على صفحة وجزء من صفحات ” طريق الشعب ” في يوم الطفل العالمي عام ” 1976 ” ، وهو أيضاً ، أي البلبل عنون وبطل مجموعة قصصية تضم ” 30 ” قصة ، من المؤمل أن تنشر في اتحاد الكتاب العرب بدمشق ، والبلبل في قصصي طائر ثائر محب للحياة والحرية ، يصر على التغريد والتعبير عن مكنوناته ، ويرفض الصمت ، الذي تفرضه قوى الظلام على الغابة .
• ـ ما هي الشخصيات التي ابتكرتها للأطفال ؟
وأي واحدة منها أحب إليك ؟
ـ منذ ثلاثة عقود ونيف ، وأنا أكتب للأطفال ، وقد نشر لي ” 16 ” كتاباً في العراق وسوريا والأردن وأبو ظبي ، ونشرت في الصحف والمجلات العراقية والعربية أكثر من ” 110 ” مسرحيات ، وأكثر من ” 40 ” سيناريو ، وبلغ ما نشرته أكثر من قصص ومسرحيات وسيناريوهات أكث من ” 800 ” . وخلال هذه المدة ، وعبر هذا العدد الكبير من النصوص ، ابتكرت العديد من الشخصيات منها شخصية ” سنجوب ” التي نشرت حولها أكثر من ” 100 ” قصة ، ” والبلبل ” أكثر من ” 40 ” قصة ، و ” العمة دبة ” أكثر من ” 50 ” قصة ومسرحية ، ولعل أهم شخصية إنسانية ابتكرتها ونشرت حولها أكثر من ” 60 ” قصة هي شخصية قيس وأخته زينب ، ولحبي الشديد لهذه الشخصية أسميت أحد أبنائي باسمها ، وقد تخيلت في إحدى قصصي عن هاتين الشخصيتين ، إنهما تمردا عليّ وطالبا أن أتركهما وشأنهما ، حتى يعيشا ويكبرا مثل بقية الناس ، وقد أسميت القصة ” دعنا نكبر ” ولعل من الطريف أن أذكر أن العديد منت أبطال قصصي ، وبد أن عشت معهم هذه المدة الطويلة ، يعيشون في داخلي ، وأحس بوجودهم أكثر من إحساسي بالعديد من الناس الذين أعرفهم .
• ـ بمن تأثرت من الكتاب القدماء
والمحدثين ؟ وأيهم تحسه أقرب إليك ؟
ـ الكاتب مهما كان مبدعاً ومبتكراً ، هو نتاج عدد من الكتاب المبدعين ، الذين هضم كتاباتهم وإبداعاتهم وابتكاراتهم ، مع ما يمكن أن يضيفه إلى مجمل هذه الإبداعات من ابتكارات وسمات تميزه عن الآخرين ، وقد لا يكون هذا الكاتب قد تأثر بكاتب معين ، إلا أن كتابات بعض الكتاب تتسلل بشك أو بآخر إلى نصوصه المختلفة ، ومن جهتي فإنني لم أتأثر بكاتب معين ، لكن لابد أن في كتاباتي شيئاً ممن أعجبت بهم من الكتاب ، رغم أن بعضهم لم يكتب خصيصاً للأطفال ، ومن بين هؤلاء الكتاب : احيقار الآشوري ، ايسوب اليوناني ، وكرلوف الروسي ، إضافة إلى الخالد ابن المقفع ، ومن الكتاب العرب ، الذين أعجبت بكاباتهم زكريا تامر وليلى صايا ودلال حاتم وثلاثتهم من سوريا ، أما من العراق فقد أعجبت بكتابات شفيق مهدي وجعفر صادق محمد وندوة حسن وفاروق يوسف .
جريدة ” طريق الشعب ”
بغداد ـ 27 / 3 / 2004
طلال حسن كاتب قصص الأطفال يعترف لدجلة
أنا أحب جميع ألوان الأدب
وأدب الأطفال أعتبره مشروع حياتي
حاوره : رياض الحيالي
التقت ” دجلة ” بكاتب الأطفال الأستاذ طلال حسن ، وأجرت معه الحوار التالي حول مسرحياته وسيناريوهاته.
• ، عفت بكتابة القصة والرواية والمسرحية
والسيناريو ، فأيها الأقرب إليك ؟
ـ لكل لون ميزته وخصائصه وقراؤه ، وأنا أحب هذه الألوان جميعها ، وأعدها أجزاء من كل واحد ، هو أدب الأطفال ، الذي أعتبره مشروع حياتي .
* ـ نشرت الكثير من القصص والقصص
المصورة والروايات ، فماذا عن المسرح ؟
ـ ربما لا يعرف البعض ، أنني بدأت مسرحياً ، فقد كتبت أولى مسرحياتي للأطفال عام ” 1971 ” ، وكانت بعنوان ” الأطفال يمثلون .. ” ، وقد أخرجها الفنان علي إحسان الجراح في نفس العام ، وقدمها على قاعة الربيع ، ونشرتها في مجلة ” النبراس ” عام ” 1976 ” وترجمت إلى اللغة الكردية ، ونشرت في مجلة ” كروان ” ، وفي عام ” 1974 ” نشرت مسرحية ” الوسام ” في مجلة ” النبراس ” حول القضية الفلسطينية ، وقد كانت لهذه المسرحية صدى كبير ، ومثلت في معظم مراكز الشباب في محافظة نينوى والمحافظات الأخرى ، كما قدمت مرتين من تلفزيون نينوى . ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ، وأنا أواصل مع مسرح الأطفال ، وقد نشرت خلال هذه المدة أكثر من ” 120 ” مسرحية للأطفال والفتيان في الصحف والمجلات العراقية والعربية ، وكذلك في كتب صدرت داخل العراق وخارجه . ولأن الأطفال مراحل عمرية مختلفة ، ولكل مرحلة شروطها ومتطلباتها ، فقد نشرت ” 40 ” مسرحية من صفحتين فقط للأطفال الصغار ما بين ” 7 ـ 9 ” أعوام ، ونشرت حوالي ” 40 ” مسرحية من أصل ” 90 ” مسرحية كتبتها لمسرح الدمى ، وكان من المؤمل أن تقدم في التلفزيون بإخراج الفنان غازي فيصل ، أما بقية المسرحيات المنشورة فهي مسرحيات منوعة ، ومتفاوتة الطول ، بعضها للفتيان ، وقد نشرتها في أهم المجلات العراقية والعربية ، منها مسرحية ” ريم ” في مجلة ” الأقلام ” عام ” 1989 ” ، و ” اشتار ” في مجلة ” الأديب المعاصر ” عام ” 1992 ” ، و ” الذئب ” في مجلة ” افكار ” الأردنية عام ” 1982 ” ، و ” اورنينا ” في مجلة ” الحياة المسرحية ” في دمشق عام ” 2002 ” ، أما المسرحيات التي صدرت في كتب مستقلة فهي : ” داماكي والوحش ” حمص ـ سوريا عام ” 2001 ” ، ” انكيدو ” ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 1999 ” ، الضفدع الصغير والقمر ” ابو ظبي ـ 2002 ، ” جلجامش ” ـ دار الشؤون الثقافية ـ بغداد ـ 2004 ، وقد مثلت العديد من مسرحياتي في شتى محافظات القطر منها : الأطفال يمثلون .. ، الوسام ، غابة اليوتوبيا ، ريم ، اشتار ، شمورامات ، الملك البديل ، من الجاني ؟ انكيدو.. الخ .
• ـ هذا عن مسرح الأطفال ، فماذا عن السيناريو ؟
ـ في استفتاء قامت به مجلة ” المزمار ” أواسط الثمانينات في بغداد ، قالت بأن 63 / من الأطفال الذين شملهم الاستفتاء بأنهم يفضون القصة على الألوان الأدبية الأخرى ، لكن الأطفال في العراق والأقطار العربية الأخرى يفضلون نشر السيناريوهات ، وهذا أمر مهم لا للأطفال عامة والصغار منهم خاصة ، يحبون السيناريوهات ، لأنها تجمع بين القصة والتصوير الجميل المعبر ، وقد بدأت كتابة السيناريو متأخراً عن كتابة المسرح والقصة ، ولعل أول سيناريو كتبته كان في بداية الثمانينات ، بعد مرور عشر سنوات على كتابتي لأولى مسرحياتي ، وخلال هذه المدة نشرت أكثر من خمسين سيناريو في المجلات التالية : تموز ، مجلتي ، الشبل ـ السعودية ، وقد قام برسم هذه السيناريوهات العديد من الرسامين العراقيين البارزين كان منهم : هناء مل الله ، محمد العدواني ، شاهين علي ، انطلاق محمد علي ، عماد يونس ، فؤاد حسون ، وابني عمر ، كما رسم إحدى سيناريوهاتي الرسام الايطالي البارز .. سانشيز .
• ـ كلمة أخيرة تود أن تقولها .
ـ أشكر جريدة ” دجلة ” لإتاحتها لي هذه الفرصة لأتحدث عن كتاباتي المسرحية وسيناريوهاتي ، وأتمنى لها النجاح والتوفيق ، خدمة للعراق العظيم ، الذي يستحق منا كل محبة وجهد من أجل تقدمه وازدهاره ، أما بخصوص أدب الأطفال في هذه المدينة العريقة الزاخرة بالمواهب في شتى المجالات ، ومن بينها أدب وفن الأطفال ، إن أطفالنا الذين عانوا كثيراً من جراء الحروب والصراعات الدامية والتمييز ، جديرون أن يتمتعوا الآن بخيرات وطنهم وإبداع أدبائهم وفنانيهم في ظلال الأمن والسلم والتقدم .
طلال حسن في سطور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين
عضو اتحاد الأدباء العرب
عضو نقابة الدراميين
عضو نقابة الصحفيين
عضو نقابة الفنانين
عضو مجلس أول رابطة لأدباء وفناني الأطفال قي العراق
نشر ” 17 ” كتاباً للأطفال في سوريا والأردن والعراق
نشر أكثر من ” 120 ” مسرحية للأطفال
نشر عدة قصص قصيرة ومسرحيات للكبار
نشرت أعماله في لبنان وسوريا والأردن والسعودية والكويت وأبو ظبي والعراق
فاز بالجائزة الثانية في مسابقة مسرح الطفل العربي في أبو ظبي عام ” 2000 ”
نال وسام يوم العلم عام ” 2002 ”
رئيس تحرير مجلة قوي قزح
سكرتير تحرير مجلة ” فواصل ” للكبار
معد ملحق ” براعم عراقيون ” للأطفال
يساهم في تحرير زاوية الأطفال في مجلة زرقاء ـ نت
محرر في مجلة ” الطفل والأسرة ”
جريدة دجلة ـ الموصل
14 / 10 / 2004