في حضرة أبي
سامية البحري /تونس /قرطاج

تصدير :
أعطيتني كلك عندما كنت في حجم الخنصر،فكيف لا أعطيك كلي عندما صرت نخلة شامخة بين كفيك! !
عن أبي وإليه أتحدث …
_________
كلما أوجعني الدهر..وأدماني الطريق…
أهرع إليه …أنثر دمعي بين كفيه..
وأندس في حضنه كعصفورة هاربة من الهجير
وأطلق تلك الآه….تشق الصخر..
يمسك بوجهي بين يديه..وهو يجفف دمعي بكفيه
ينظر في عيني وهو يقول :
_ ما الذي سكب هذه الجواهر فوق وجنتين من نور ؟؟
أنظر إليه…و يبتلعني صمتي ….
يضيف…أعرفك عصية الدمع! !!
أهمس في خفر
_ما الحب يا أبي ؟؟؟
يبتسم وهو يبعد خصلات شعري عن وجهي، وقد اغتسلت بدمعي…
_الحب هو أنت…أنت الحب يا ملاكي..!!!
_وما الصداقة يا أبي ؟؟
_الصداقة…!! نهر عذب ننهل منه عند الظمأ
وكيف ذلك يا أبي في زمن لا يعترف بالقيم؟؟
جلس أبي في هيبته وشموخه. .
وجلست أمامه أصغي في انتباه كطفلة صغيرة تجلس أمام معلمها…وهي تخشى أن تفر منها المعلومة
قال أبي :
كان صديقان يسيران في الصحراء فتخاصما،فصفع أحدهما
الآخر. ..فانحنى المصفوع وكتب على الرمل
“اليوم صفعني صديقي …”
وأكملا المسير. ..وعندما اعترضتهما بركة ماء أرادا السباحة فغرق المصفوع…فهب صديقه إلى إنقاذه..
فكتب على الصخر..
” اليوم أنقذني صديقي من الغرق”
فاحتار صديقه في أمره وسأله
صفعتك فكتبت على الرمل ؟
وأنقذتك فكتبت على الصخر ؟
فقال له :
نكتب إساءة أصدقائنا على الرمل حتى تمحوها الرياح
وننحت أعمالهم الجميلة على الصخر حتى لا ننساها أبدا.
ثم نظر في وجهي وهو يقول :
ليس المهم أن نكون ألف صديق في سنة
بل المهم أن نصنع صديقا لألف سنة
وليس مهما أن نرى ذاك الصديق قربنا
بل المهم أن نحس بوجوده حتى ولو كان بعيدا وراء البحار
والصديق الحقيقي لا تؤثر فيه العواصف..
بل تخشاه العواصف وتهابه الرزايا
شعرت بالفخر وأنا أجلس أمامه..وانشرح صدري كما لم ينشرح أبدا..
وعدت أسأله :
_وما الحب يا أبي ؟؟؟
ابتسم وهو يعيد :
_الحب هو أنت يا ملاكي !!
الحب هو أن نطهر أرواحنا …ونعانق السرمد..
ونحلق بعيدا بجناحين من نور …
والواقع يا أبي ؟؟
قال:
_ الواقع …؟؟ ذئاب جريحة…!!
_وكيف ….؟؟
قاطعني بابتسامته العذبة وهو يقول في مرحه الذي أعرف
_صاح الديك…يا شهرزاد…!!!
وغدا لنا لقاء
لملمت أنفاسي وأنا أردد في فخر عظيم وحب كبير
ما أعظمك يا أبي !! ما أعظمك!!
كيف أكون لو لم تكن في حياتي ؟؟؟
هل يمكن أن أكون بدونك يوما ؟؟؟؟؟؟؟
ورحت أطرد هذه الفكرة الشريرةمن رأسي
وألعنها …وعيني تلتهم صورة أبي في شغف عجيب !!!
سامية البحري / تونس /قرطاج

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم عبدالله : كلّما ناديتكِ تجرّحتْ حنجرتي.

مُذ أول هجرة إليكِ وأنا أفقدُ دموعي زخّةً إثرَ زخّة أيتُها القصيدة الخديجة الباهتة المشاعر …

| آمال عوّاد رضوان : حَنَان تُلَمِّعُ الْأَحْذِيَة؟.

     مَا أَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا الْيَقِظَتَانِ سَوَادَ حِذَائِهِ اللَّامِعِ، حَتَّى غَمَرَتْهَا مَوْجَةُ ذِكْرَيَاتٍ هَادِرَة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *