قبلَ الشُّروعِ في تثاؤبٍ هو لعنةٌ تبترُ خيطَ الفكرِ وتغطّي بغباشِها نورَ الحقيقة،قبلَ نكءِ جرحٍ ثخينٍ والتَّلذذِ بتعذيبٍ مازوشيٍّ تتلهى بهِ الأرواحُ الخاويةُ الفاترةُ عمّا يدورُ حولَها منْ منغَّصاتٍ،قبلَ إعدادِ وجباتٍ غنيَّةٍ بالحسراتِ من أخبارٍ قُطفتْ حناظلُها من هنا وهناك، أطلقُ السَّراحَ عن أصواتٍ كانتْ هاجعةً في تلافيفِ ظلمةٍ تزيحُ عنها السَّواترَ التُّرابيَّةَ والحواجزَ الاسمنتيَّةَ التي لطالما كلَّما ارتفعتْ ونصِبَتْ شعرْنا بالفخرِ وفي المقابلِ في الجهةِ الثّانية من الكرةِ الأرضيَّةِ من يتباهون بناطحاتِ سحابٍ وجسورٍ فهلْ ستكونُ أحلامُنا سوى كوابيسَ تغطّي تفاصيلَها وأحداثَها ابتكاراتٌ لأكاذيبَ وأباطيلَ وحججٍ وعقائدَ دسَّها المتخمونَ بالنَّرجسيَّةِ المفرطةِ في أذهانِ البسطاءِ؟ هل ستكونُ جراحُنا سوى ندباتٍ لا تزولُ؟ وهل ستكونُ زواداتُنا غيرَ نحيبٍ على أوطانٍ امتلأتْ صناديقُ غلالِها بالموتِ حتّى أمسيْنا نأكلُه مع كلِّ وجبةٍ من وجباتِ نشرةِ أخبارٍ ؟ يا لسؤالكَ الساذج وأنت تستغربُ انعزالي وتقولُ في سخريةٍ لماذا الانزواءُ في ركنٍ بعيد ملاذُكَ يراعٌ جفَّ منهُ الأملُ حينَ أذبلهُ يأسٌ مستدامٌ فلا تعدْ لتسألْ لماذا ألوذُ بالكتابةِ لماذا أحتضنُ أنوارًا هي أشبهُ بسرابٍ تنبعثُ من بينِ الحروفِ ربما سأجمعُها يومًا أخزِّنُها وقودًا لأيَّامٍ عجافٍ رغمَ أنَّ ما نحياهُ ليسَ أكثرَ من قحطِ ويبابٍ.
بقلم : سامية خليفة
سامية خليفة: لماذا الكتابة ملاذي؟
تعليقات الفيسبوك