نص مسرحي من جنس (المونودراما) يسلط الضوء على حياة أمرآه تعاني من الإضطهاد والتعسف ضمن نطاق علاقة زوجية أسرية مضطربة .. مقارنة مع سلوكيات غيرها من نماذج التعايش الأسري ..
حرمت من أبسط مقومات الحياة الأسرية (الأمومة)، باحثة عن البديل.
(الدمية هيا) أحدى محركات النص .. الحاضرة في أحلامها والتي جعلت منها طفلتها المبتسمة في عالم افتراضي .. تعويضاً عن الحرمان، صنعت منها حدثاً غالباً ما ينتهي بالحلم، ليبدد كل شيء .. ويهشم تصوراتها وأمانيها .. صانعة العديد من الدمى دون يأس والتي تظهرها في أشاره الى عدم الاستسلام تعويضاً لأحلامها المسروقة معتقدة في النهاية إمكانيتها بالمحافظة على أحلامها الوردية .. ولو بإحدى الدمى، أمرأة تعاني العزلة والوحدة، لتظهر لنا محجورة في غرفة مع زوجها الذي أصابته (جائحة كورونا) لتجد نفسها أكثر ضعفاً واستسلاماً .. متكسرة الشخصية وهي التي طالما كانت تمتلك القدرة الفائقة في الثرثرة، جزء من الصراع النفسي الداخلي للشخصية، مقابل رفضها لهذه العزلة الخانقة .. فتصل ذروتها لتطلق صرختها المكبوتة وصحوة ضميرها المخفية للاعتراف بالماضي السيء وخيانتها كردة فعل لخيانات متكررة من قبل الزوج..
تلك المرأة التي ربما أجبرت على زواج فاشل .. لم تذق منه طعم ولذة الحياة الزوجية والاستقرار العائلي بسبب الضغوطات التي كانت تعاني منها من لدن عائلة الزوج.
ولتبرهن انها أمراة قادرة على الانجاب ليس إلا .. ويمكن ان تكون أمراه صالحة، لذا كان قرارها ان تنفض عنها غبار الانكسار .. ولتكتشف في النهاية انها مصابة بنفس المرض الذي أصاب زوجها .. وهنا نقطة التحول في الحدث لأثبات حالة أمراض العصر عند الرجل والمرأة .. واسقاطاتها على رداءة العلاقة الزوجية وسلبيتها .. وتساؤلاتها من سيموت .. فتقرر ان تهديه (قبلة الموت) وهو العنوان الذي اختارته الكاتبة ..
(جائحة كورونا .. علاقات زوجية غير متكافئة – استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي)
أضافات أثرت النص في إشارة لما وصلت اليه مجتمعاتنا من تردي وتفكك أسري .. وتفسخ مبطن غير معلن عن علاقات افتراضية تهدد العلاقات الأسرية داخل البيت الواحد في حالة سوء استخدامها..
تجربة الكاتبة (منتهى عمران) هذه، لها مدلولاتها الأدبية والتاريخية، لاسيما وانها ذات علاقة حميمية مع المسرح كونها نشأت وترعرعت على خشبته في سبعينيات القرن الماضي، وهذا الارتباط هو جزء من مسببات العودة للكتابة مسرحياً ومغامرتها ضمن نطاق تجربتها الذاتية المكتسبة والمرتبطة بمنجزاتها الأدبية المتعددة .. وانحيازها المشروع لقضية المرأة ..
وما تعانيه في مجتمعاتنا وتأثيراته على الواقع الذي نعيشه .. وما يدور حوله ومدى تأثيره على المرأة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي ظهرت تأثيراتها على احداث النص .. وتمخضها شكلاً ومضموناً في أسلوب الكتابة والمعالجة والتي ظهر عليها الطابع السردي وهو بلا شك جزء مما يتضمنه النص المونودرامي والذي يعد شكلاً من أشكال الكتابة التي بلا شك تحتاج الى قدرات وأمكانيات على مستوى الأداء والأخراج لمعالجة حدث سردي وفعل متنامي الذي يبحث عنه المخرج (مؤلف العرض) بين السطور لينتج عرضاً متكاملاً للمتلقي.
وحاجته الى تنمية الصراع .. فقد حاولت الكاتبة ان تمهد الطريق في خلق حالة متوازنة لهذا الصراع بين شخوص الحدث (الزوج – الدمى – جهاز الموبايل … الخ) و(شخصية المرأة) بطل النص المونودرامي، لغرض ابراز الفعل ورد الفعل ضمن سياق حدث متنامي .. وامساكها بخيوط النص لتركز على (الثيمة) او الفكرة الأساسية والتي غالباً ما تحتاج الى اشباع ذائقة المتلقي للعرض والتي تختلف عن ذائقة القارئ .. بأعتبار هناك خصائص للنص المونودرامي ومقومات تجعل منه نصاً متكاملاً لتوظيفها مرتكزاً اساسياً للنص .. وهذا ما تجلى واضحاً من خلال (المونولوج الدرامي، الحكي السردي، تكسير الشخصية، الارتجال الفردي والصراع النفسي الداخلي للشخصية المحورية إضافة الى التداخل بالأزمنة وتشابهها وكان بإمكانها ان تركز على تعدد الأدوار وتلوينها من خلال توظيف الدمى واستغلالها استغلالاً دقيقاً في السرد لتعبر من خلالها على حدية الصراع النفسي الداخلي لشخصيتها وبقية الشخصيات ضمن محور الاحداث.
نبارك للكاتبة (منتهى عمران) تجربتها المسرحية هذه التي نحن أحوج اليها في هذا الوقت لا سيما وما تمتلك من خبرة ميدانية في الكتابة في مجال الادب والفن.
هلال العطية
8/8/2020