
لم تزحف الصحارى نحو رأسهِ،لتغطي كافة مناطق العقل ،وقاضيةً على جماليات التخيل واللعب بأوتار الشهوات الفائحة بعطورها الحارقة.ولا تمكنت السلطاتُ البابوية من إخضاعه لإرادتها وقوانينها القبلية ،بقدر ما وجد ذلك الكائن الشعري المتميز نفسه، متمسكاً بحريته حدّ التهور والذوبان في المعنى الاستراتيجي العميق لفكرة الانتماء للتيه خمراً ولغةً وشهواتٍ ومخاطر ،وذلك بالإقامة الدائمة على حدود الموت .
كنا نفكر عن كيفية التعامل في الحوار مع شاعر كان حداثوياً في عصر جاهلي،تمكنَ من ان يربك رمالَ زمانه،حين وضع الصحارى بكيس ،وأنجدَ نفسه والآخرين من تبعات التصحر الروحي ،ولا كذلك من قتل فكرة تربية الشهوات تربية تليق بالأجساد الحارقة،أو عزل الشعر عن الانقلابات المتصاعدة مع تمدّن النساء في الحبّ ،وجعل الشغف مرآةً لوجوده حيوياً ما بين تلك الأقوام السحيقة وما بين لغةٍ أراد لها أن تتمرد على القواعد النمطية التي استهلكت نبض حروفها حدّ التخشب .
عندما أقبل علينا على حصانهِ من بعيد،عرفنا أن الفارس ذاك هو الشاعر امرؤ القيس.وهو ما كان. ترجل الرجلُ وعانقنا بحرارة.فيما كان حصانهُ يخبط الأرضَ بحوافره،وكأنه كان خائفاً ،ويحاول الفصل ما بين صاحبٍ يعشقهُ، وما بين غريب جاء للتواصل معه.
آنذاك التفتَ امرؤ القيس إلى صاحبهِ مطمئناً وقائلاً لنا: هذا المخلوق يغارُ علىّ كثيراً ،كأنه يريدُ عزلي عن الناس واعتزالي حتى عن نفسي.
آنذاك جلسنا على تلك الصخرة العامرة بين مروج الإناث كما تُسمى ،مما فسحَ لنا المجال لطرحِ أول الأسئلة على امرؤ القيس .فقلنا له :
■ أي الطرق أسهل وصولاً إلى امرؤ القيس ؟
_ الطريقُ الطويل صاحب الإيقاع الأحمر .
■ تعني أن نبدأ بالشجن من البحر الطويل ،حيث أنسجتَ معلقتك على إيقاعهِ ((قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ..بسقط اللّوَى بين الدّخول فَحَوْمَل )) كونها ترجمة عن ألاعيبكَ الطويلة في التمرد والحبّ والأسى؟
_ ممكن. فقد بدأتُ حياتي بكلّ ما هو طويل من الشغف والنار والصراع المسلح،لأنتهي مريضاً بالأجل القصير .
■ ولكنكَ كنت مُدبراً بارعاً للفضائح الغرامية المستورّة بقوة اللغة.كيف تردّ على سؤال من هذا القبيل؟
_ معك حق.فأنا حاولتُ تطبيق نزعاتي الباطنية التي كانت مُلتهبةً بداخلي ،عندما عملتُ على جعلها واقعاً حيوياً بشكل عفوي.قل أنني اعتبرتُ اللغةَ امرأةً منذ نشأتي في المراهقة الأولى،وعلى ضوء ذلك تصرفت .
■ ولكنكَ ولِدتَ جاهلياً مُقَيَداً بقيم وتقاليد قاسية ؟
_ ليس ذلك صحيحاً.كانت الجاهلية أكثر انفتاحاً مما عليه شعوب الأرض الآن،بعد أن انتصرت التكنولوجيا على المشاعر ،بإغلاق منافذ الحواسّ واختصارها بالشبكة العنكبوتية التي طوقت العالم،وجعلته شبه قرية صغيرة.
لذا يمكن القول بأن جاهليتي كانت بلا أقفال إليكترونية.وكنت سعيداً حتى بتلك الآلام الحادّة التي كانت تخرج من رحمها الخصب على الرغم من كثرة تلال الرمل التي فيه.
■ ألمْ تكن تائهاً على طول الصحارى وعرض القرى؟
_ ذلك صحيح.فكلما يدلهمُ قلبي بالنزاع على فتاة أو كأس أو حصان،أسارع بالرحيل متسكعاً ما بين قرى الجزيرة ،مستعيناً بحصاني والندامى ممن كانوا يجيدون رقصة ((الهجعجع)) وهي رقصة تشبه الزومبا المعاصرة .
■هل كنت راقصاً واخترعتها نتيجة تلك البراعة؟
_ أنت لا تعرف ما الذي يمكن أن يحدث في أثناء طقوس الثمالة.فكلما تعتعت الدماغُ بالخمر،تسبق أرواحنا المشاريعُ وتكثرُ المخترعات.والرقصة تلك تعمل على تحسين المزاج، وتصفية الذهن، وتخفض الإجهاد، وتزيد من الثقة في النفس، لأن الزومبا ترفع من منسوب هرمون الأندروفين في الجسم ،مما يجعل الراقص سعيداً وبعيداً عن الاكتئاب .كما تنفع بشدّ عضلات الجسم.وهو ما يحرص عليه محاربو القبائل قديماً.
■ هل من أجل قمع رغباتك الفاضحة ،تم طردك من تحت خيمة البيت الملكي،عندما أمر والدك الملك حجر بنفيكم ،عندما جعلك راعياً مختصاً بتربية قطعان المواشي في أراضي مملكة نجد ؟
_ لم أجد بقرار طردي سوى فكرة رائعة.فقد حررتني من القمع العائلي واضطهاد الأب الملك الحديدي الحجري الشرس،مما وجدت فيها فرصة للتمرد على السلطة البابوية،وثغرةً للاندماج بكل ما هو شعري ،يُمكّن روحي من استعادةِ جذوتها وتجديد مراهقتها التي سبق ,ان خسرتها بجيب من جيوب جلباب الأب .
■ هل لأنك كنت شغوفاً بالنساء؟
_ كنت شغوفاً بالحرية أولاً. لم تكن مملكة والدي حجر تعني بالنسبة شيئاً سوى الترف في الطعام والنوم والكسل.وأنا كنت غير ذلك تماماً.كنت طماعاً بالتشرد .شغوفاً باللعب مع الأحداث الكبرى في الغرام وفي الخمر وفي اللهو بالمخاطر وبالشهوات العميقة.
■ لماذا لم تعتبر بأن ما أقدمَ عليه والدك الملك،كان من أجل أن يوفر لك الحماية من سيوف القبائل المضطربة النائمة عاطفياً المحافظة دينياً.تلك التي ترى في شعرك فحشاً لا يليقُ بمجتمعاتها وفي سلوكك خروجاً عن الأصالة والتراث؟
_ لا. هو فعل ذلك من أجل خدمة العرش الذي كان يجلس عليه،بهدف أن يدومَ ويتمددَ إلى بقية الأقوام المجاورة لجغرافية عقله الصحراوي المُلبد بالحجر. تصور ان شخصاً يُسمى حجراً ؟أية فاتحة للجمال فيه ،غير أن يتشذب ويصبح تمثالاً في صالون للبهائم.
■ ولكنك في غزلك بنساء الأقوام الجاهلية ،كنت متهتكاً هتاكاً .وفاحشاً تفيض بكُ القصصُ إلى حدود المجون والزنا في تخوت النساء ؟
_ كلُّ ما فعلته في تلك المخادع،إنما تعلمته من نساء تلك القبائل المتنورات بشهوات ،كانت منها النيرانُ تتصببُ من لحومهنّ الملتهبّة. أغلب نساء تلك الأقوام،كنّ منتسبات إلى مدارس الغرام العاري الذي اشتقوا له بالخطأ اسماً تافهاً ،ليُسمى بالغرام الفاحش!
■ أتريدُ تبرئة امرئ القيس من خطاياه،على أساس انه كان عطوفاً حنوناً ، لتُفَسر استجاباته بالحميدة لتلك الثورات التي كانت تشتعل في مخادع النساء الصامتة؟!!
_ ما كنتُ أظن بها مخادعَ،بل بحور شعر.فما اجتمعتُ بامرأة ،إلا ووجدت فيها بحراً يؤسسُ لنمط شعري عطري بعينه،ولا يتعلق بالمجون ،بقدر ما له علاقة بالوشائج الحميمة التي تربط ما بين عالمي الذكورة والأنوثة.
■ كأنك تقدم المرأة في الجاهلية متحررةً وخارج الإقامة الجبرية ؟!
_ وهي كانت قبل الإسلام كذلك.فقد عاشت النساء في شبه الجزيرة العربية ضمن مناخات من الحرية الزائدة،حتى أنهنّ مارسنّ الجنس بعدد متنوع من الأنكحة إشباعاً للشهوات،فكان ((نكاح البعولة ،نكاح الضيزن،نكاح الخدن،نكاح المتعة،نكاح البدل،نكاح الشغار،نكاح الاستبضاع،نكاح الرهط،نكاح صواحبات الرايات )). وكما هو مؤكد،فأن كل هذه الأنواع من الأنكحة لا تتوفر اليوم حتى في العالم الغربي.
■ هل كان شعركَ صنيعةُ الغريزة الجنسية ؟
_ بالضبط.فشغفي المتطاير بابنة عمي (عنيزة) هو الذي فجرّ الشعر بداخلي،فكان الجنون والمغامرة والمطاردة ،وصولاً إلى لحظة اقتحام هودجها والتقاط شفتيها بقبلات ساخنةٍ في وضح النهار . لذا فالشعر الذي لا يؤسس كلماته على أعمدة الغرائز ونحوها من ألغام الملذات،يبقى شعراً صحراوياً ناطقاً باسم الرمال وحدها.
■ ولكنك لم تعش في الفردوس.كنت شاعراً من سلالات قبائل الصحارى والبوادي بكل ما تملك تلك البيئة من رعب وقسوة ؟
_ أن تمحو صورة الرمال من عينيك،عليك أن تملأهما بالنساء لأنهنّ المعادل الموضوع الخاص باستبدال القسوة بالجمال.وذاك ما فعلته أنا،عندما تثبتُ تشبيباً بالإناث كقوة مانعة لنشوء التصحر العاطفي.
■ ثمة من يقول : (( أن الشعر الجاهلي تطرق في جزء منه إلى صفات المرأة، لكنه بقي مكبلاً بدائرة المرغوب والممنوع)) إلا أن رسائل الجاحظ تؤكد على ((اختلاط النساء بالرجال في الجاهلية بين الحضر والبادية) حيث ((لم يكن بين رجال العرب ونسائها حجاب، ولا كانوا يرضون مع سقوط الحجاب بنظرة الفتلة ولا لحظة الخلسة، دون أن يجتمعوا على الحديث والمسامرة، ويزدوجوا في المناسمة والمثافنة، ويسمى المولع بذلك من الرجال بالزير، المشتق من الزيارة، وكل ذلك بأعين الأولياء وحضور الأزواج، فلم يزل الرجال يتحدثون مع النساء، ثم كانت الشرائف من النساء يقعدن للرجال للحديث ولم يكن النظر من بعضهم إلى بعض عاراً في الجاهلية )) .
_ أجل.ولذلك أقول بأن الشعر وجد رئة يتنفس منها،حتى كانت لنا غزوات للاندماج مع بعضهن في الغدران ومياه الواحات بعيداً عن الأعين الضيقة والرمداء .
■ أنت ذهبت بالشعر إلى فوضى الحواسّ المنافية لقواعد الأخلاق.أليس ذلك ما فعلته؟
_ لم أفكر ببناء القصيدة بمواد من أطيان الأدب ،لأن الأخلاق لا تصلح للامساك بمجوهرات النفس المتطايرة ،ولا بمخلوقات الخيال الجامحة،ولا كذلك بالتصاوير التي تنتجها الأرواحُ عن حوادث الكون.
■ هل كنت مؤمناً بنظرية الصعاليك ،حتى تركت نفسكَ مشدوداً إليها خمرياً على مسرح قبائل طي وكلب وبكر ووائل من شذاذ العرب ليتم طردكَ إلى بيت أعمامك في حضرموت ،ولكنك لم تتنازل عن المجون ومرافقة الصعاليك ؟
_ ليس أروع من أن يكون المرءُ صيّاداً على طول الأرض وعرضها،يذبحُ ويشربُ ويسقي ويذوبُ طرباً على أصوات القِيان ،ومن ثم يسطو عاشقاً بالهجوم على من يحب أو على من يرغب بأن تأخذ منه نارهُ.
■ ما نسبة التوحش في شعر امرؤ القيس برأي امرؤ القيس ذاته؟
_ النساءُ مثل الدجاجِات عند العرب ..ذبحٌ حلال فقط !
■ وعندكَ أنتَ أيها الشاعر الجاهلي ..هل يختلف ذبحٌ عن ذبح آخر يا امرؤ القيس؟
_ لقد تعلمتُ من مدارس ملكوت الرمال،قصصَ السيفِ وخرافات ألعاب القتل ،لذا فأنا لا أذبح إلا شهوتي لهواً وتمتعاً وقدرةً على صنع حنفية خمر بفم كلّ كلمة أقولها.
■ لماذا تتحدث عن الحزن والأسى ،وأنت أبن حُجر بن الحارث الكندي من سلالة ملوك ؟
_ لأنني ورثتُ عن أبي الثأر وكتابة نهايتي وأنا في عز الشباب.وكأن مكافأته الثانية لي بعد طردي وتضييعي،أن أمسك سيوف القبائل قائداً لأخذ الثأر من قتلته.وهكذا قلتُ عن ذاك الملك القاسي حجر بعد اغتياله على يد بني أسد : ((ضيّعني صغيراً،وحمّلني دمه كبيراً.لا صحو اليوم ولا سكر غداً.اليوم خمرٌ وغداً أمرُ )) .
ألا تعتبر الشاعرَ المشارك في حروب الثأر ،قاتلاً لغوياً لا تليقُ به مثل تلك الأعمال الهمجية ؟
_ ليس بالضرورة الاعتراف بشئ من ذلك القبيل. فقد كانت أخلاق القبائل والملوك في شبه الجزيرة العربية ملطخة بالأحمر.وليس سهلاً أن تنام ببرود أعصاب هانئاً ،ورأسُ والدك يَشخَبُ دماً تحت وسادتك،فيما أنتَ تتقلّب بالريح على فراش من الجمر واصطكاك الأسنان .
■ أنت في حربك القبيلة ، قتلتَ من بني أسد كثيرين.وجززت نواصي –رؤوس- العديد من رجالاتهم. هل ثمة لذّة شعرية للقتل عند امرئ القيس ؟
_ لا يمكن للشعر أن يكون بمنأى عن الحرائق والمذابح والحروب .والشاعرٌ في الجاهلية ،مثلما هو مسرفٌ بالعشق،كان مراهقاً بالتوحش الذي جعلَ القتلَ عنواناً للفروسية في قاموس الأرض الملتهبة بالرمال الخازنة للنيران والدماء ورائحة الموت السوداء.
■ سألتُكَ عن لذّة الشعر بالقتل؟
_ تسألني عن لذّة القتل في الشعر،وأنا كدولاب تلعبه به الرياحُ الهوجاء. ولكن لا بأس .سأقول شيئاً عن ذلك السؤال ،بأن الشعرَ يستأنسُ بجنون السيوف،عندما يتركها السلاطينُ والملوكُ في مهمات حرث مقاطعات لحوم الأقوام،لقمع الحياةَ بالعدم .
■ لقد ساعدتكَ أقوام بني بكر ووائل وتغلب وطئ والحارث بن أبي شمر الغساني الذي أوصلك إلى قيصر الروم في القسطنطينية من أجل أن يقدم لك العون بالثأر من بني أسد .ولكن الأخبار أتتنا بقصص غريبة عن موتك في المنفى التركي يا امرئ القيس.فما الذي حدث لك هناك بالضبط ؟
_ عليك أن تشطبَ كلّ القصص بجرّة قلم ،وتُبقي على قصة ما ألمي بي شغف بواحدة من بنات قيصر الروم.فقد دخلت بي الفتاةُ ودخلتُ فيها كسهمٍ ثمل سقط بنارٍ ملتهبّة.كانت الفتاةُ (( آواز)) زجاجة عطر من ورد الدنيا.وكنت قد سقطت بحبها ،ولكن باحتراس.والذي حدث ان الفتاة اندفعت نحوي شغوف استثنى العقل والقلب والحواسّ من التحكم بالحبّ .فآواز حاملة الاسم العطري، ويعني النغم،كانت فتاةً متهورةً وحافلة بكلّ أنواع التمرد والغنج والتعلق بالموسيقى ،وكأنها المادة التي تحيي العظام الرميم.
وعندما علم القيصرُ ((جوستنيانوس)) بتلك الحرائق الغرامية التي عصفت ما بين ابنته وبيني بعد رحيلي عن القصر ،وموقفي السلبي من ذلك الحبّ الذي حاولت قمع فيضاناته في أعماقي احتراماً للضيافة وخوفاً من تداعيات علاقة غرامية من ذلك الطراز،سرعان ما أمر بقتلي،معتبراً رفضي لتلك العلاقة مع ابنته، كارثةً لا تليق بوضع فتاة تنتمي لعائلة قيصر من قياصرة الزمان . وهكذا جرت اللعبة لإطفاء مدامع البنت المتدللة آواز ،فبدلاً من مساعدة قيصر القسطنطينية لي على الثأر لدم أبي ،انتهى به الثأر مني .أنا الذي جئتُ لأقتلَ ، فقتلتُ غدراً على يد التركي.
■ وهل وجدت في الفتاة ((آواز)) ما لم تجدهُ في عنيزة وفاطمة بنت العبيد العامرية وأم الحارث الكلبية وكلّ من مررت بمخادعهن من نساء العرب يا امرئ القيس؟
_ في البدء ،كان قلبي مثل قلب حصان،لا تُقاسُ دقات طبولهِ إلا على وقع تكسُر النصال على النصال.لكن الوضع اختلف فيما بعد مرحلة ابنة القيصر،لأصبح مسموماً بتلك الحلة المنسوجة بالذهب.
■ وإذاً ،فأنتَ من ألبَسَتَ السّم لجسم من خلال تخليك عن ممارسة الحبّ مع ابنة القيصر الرومي ؟!
_ هكذا جرى التقدير آنذاك. فأن يرفض المرء حبّ امرأة من عائلة العرش،يكون مصيرهُ القتل. ويبدو أن التقاليدَ السّامة ما تزالُ تنتقلُ من قصر القسطنطينية القديمة إلى شتى البلدان.
■ منْ أوقع بنت القيصر بحبك :وسامتكَ وجمالك ،أم لبلاغة التي كان يفيض بها شعركَ يا امرئ القيس؟
_ أنا اصطدتُ بشعري النجومَ اصطياداً ،فكيف تكون لغتي مع حال النساء القوارير المحترقات شغفاً وهوساً ،أو بمن لا يحصلنّ على توازنهنّ إلا بفيض الشهوات على الأرض وفي الأنفس بعد مراحل الاحتراق والهيام ؟
■ ألهذا سُميتَ بالشاعر الضليل ؟
_أنا الضآل بالمعنى و الضليل بالمبنى. وما الشعر إلا طرق ضلالة وأرصفة لمتشردين .ومن هنا أحوالُ العاشقِ مثل أحوال الريح في عرض الصحارى .
■ ألا تحول ديانتك عن ارتكابك للمعاصي ؟
_ لم أكن مخلصاً للوثنية بشئ.بمعنى آخر،أن جسدي كان فارغاً من رعب الآلهة وأساطيرهم ورسائلهم وأنيابهم وحرائقهم.ما كنتُ عبداً لأحد. ولا صنماً يطوف حوله الخائفون لتقديسه. ولا من تلك الدفاتر التي يدوّنُ عليها رسلُ الغبار كلماتهم الباذخة عن الشر والخير والإبل والطير.
■ ألهذا حطمتَ ذلك صنم ((ذو خلصة)) الذي كانت العربُ تعظمه ؟
_ لم تتعلق روحي بصنم مقدس ،ولا بصنم ضآل لا يعرفٌ الإيمان ولم يتعلمهُ بالقدر الكافي .كلّ ما في بدني من تعاليم ،كانت رهينةً للسهام،حيث تنمو في اللحم. وللسيوف حيث تُقطع الرقاب وتُرمى تحت التراب .وقد تعلمت من خالي الزير سالم كيف يمكن لشاعر ما، ان يسقي الشعر بالدم ،فيكون شاشةً لمعارك لا تنتهي.
■ هل لأنكَ أنزلت من قروحك في الشعر ،ما لم يكن موجوداً في جسد القصيدة من قبل (استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ. وشبّه النساء بالظباء والبيض، وشبّه الخيل بالعقبان والعصيّ، وقيّد الأوابد، وأجاد في التشبيه، وفصل بين النسيب وبين المعنى) كما ذكر البعض عن تجربتك الشعرية ؟
_ كلّ هاربٍ من خيمة ،سيجد له فضاءات عامرة بالأنجم والكواكب والنيازك.وعندما يغرق الشاعرُ ببحر من الشغف،لا يتقرح جلدهُ وحسب،بل تذوي عظامُهُ تحت اللحم ،ويذوب إلهاماً بالمحبوبات اللاتي هنّ أهم مصادر نشوء الثروة الشهوانية في الشعر.
■ هل من أجل ذلك تعددّتْ النساءُ في حياتك،لتختزنّ منهنّ تلك الثروة الشهوانية للشعر،فكنتَ قاطعاً في الطرائق والبلاغة والأحاسيس الفائضة بالتشبيب الذي طالما يوحي بإباحية بدوية من طراز فضائحي خاص ؟
_ كانت علاقتي بحصاني أقوى من علاقاتي بكلّ من تعرفتُ عليهنّ في ذلك الزمان.فليس سواه من كان يدرك حرائق قلبي وأدخنة آلامي وغبار حطامي الباطني . كنت وإياه حيوانين اندمجت قوائمهما بالبرق والريح .فحصاني فاتحُ دروبي الوعرة إلى النساء،ودليلي إلى مآدب الخمر والسمر والشعر.وأكثر من هذا وذاك،فقد تعلمتُ الشجاعةَ من حصاني،لأصبح فارساً بصورة ((مكر مفر مدبر معاً كجلمودِ صخر حطهُ السيلُ من عَلِ )) .
■ ماذا تقول بمنْ وصفكَ _أحمد حسن الزيات _ وشخّصَ حياة امرؤ القيس كالتالي : “فيه عزة الملوك، وتبذّل الصعلوك، وعربدة الماجن، وحميّة الثائر، وشكوى الموتور، وذلّة الشريد. وهو بإجماع الرواة، زعيم الجاهليين..” ؟
_ كلُّ كتابة أو حكي عني،هو توصيفٌ للحداثة التي أوجدها شعري في الجاهلية آنذاك. فكيف تريدني أن أرتعد من نقد أو كلام يحاول النيل من حداثتي،وأنا لم أرتعب يوماً من سيف أو رمح ؟
كان على الزيات أن يحدد بالتركيز على أنني زعيم الحداثة في الجاهلية وفي الجاهليين .
■لا تخف .ثمة نقادٌ عربٌ ودارسون أجانب ركزوا على تلك الحداثة التي شققت لها المجرى في صحراء الشعر الجاهلي.ولكن السواء هنا:ما الذي يربط ما بينك وبين الليل ؟
_ إذا كان النهارُ شجرةُ الوجود فيزيائياً،فالليلُ ثمرتهُ العملاقة شعرياً .والذي ما بيني وما بين الليل ،كالذي ما بين ليلي وليالي أُم الحُوَيْرث وأُم الرَّباب وعنيزة بنت العم وأخريات ،كان الليلُ لهنّ بمقام الحوض أو السرير الدافئ.
■ألا تعتقد ان معاشرة الحامل أو المرضعة من المتزوجات خيانة وخسةً وبلاءً ؟
_ لا وجود لشائبة في ذلك.فالحب سلّم اتوماتيك ،يمكنكُ أن تصعدهُ ماشياً أو بالضغط على زر الكهرباء،لترتفعَ وتصلَ وتتمتعَ برؤية النجوم أو بالنوم في أحضان الأسرة الممتلئة بالبرق والغيوم وعطور شانيل.
■ألا تُعدّ شاعراً يروّج للخيانات .أليس كذلك يا امرؤ القيس ؟
_ كلّ سرير بارد أو فارغ هو خيانة لمعنى وجوده بالأصل .وكلّ امتلاء،امتلاكٌ للرغبة وفيضها دون منازع .لذا فكلُّ فراغٍ تهافتٌ جنسي ،يأتي بالحلال لما يُسمى بالتواصل خارج المقرر.وكلُّ امتلاء يحصنُ الحب ما بين الطرفين من الانزلاق خارج حظائر التجانس الزوجي.
■ألمْ تخش من سيف ينزل برأسك أو من رمح يشق لك قلبكَ،وأنت تمارس الحب مع إحداهن تحت جنح الليل ؟
_ أبداً.
■لماذا كنت ترفع عن نفسك مثل تلك المخاوف ؟
_لست أنا من كان يرفعها،بل الخمرُ هو من كان يفعل ذلك بمساعدة من الليل، عندما يتحوّل إلى مأوى استراتيجي عظيم للعاشقين .
■ألا تذكر لنا حادثة وقعت لك وأنت هائمٌ بنار إحداهنّ في مضجعها الزوجي ؟
_ أهم واقعة حدثت لي ،كانت مع ((حصرمة)) ذات الزوجين.فقد بدأت قصتي معها من يوم ما أخبرتني تلك المرأة الفاتنة عن مرضها بي.قالت أنني أصبتها بسهم طرحها في الفراش.آنذاك،حزنتُ منتشياً وأخبرتها بأنني سأقوم بعيادتها سراً تحت جنح الليل، أو عندما يحين أفول القمر في ليلة اتفقنا عليها .إلا أنني ومن شدّة فيضان الشهوة في جسدي،لم أتمالك نفسي بالصبر على حين اختفاء القمر . لكن بمجرد أن غطت الغيوم وجه القمر،حتى اقتحمت على المرأة دارها هائجاً مستعجلاً .وما أن نزلت عليها بعد تخطي سور الدار الطيني،حتى رأيتُ على ضوء الفانوس حصرمة عاريةً ، وهي تستحم بطشت كبير وسط الدار.
وما أن وجدتني المرأة أمامها ،حتى جفلت كالمهرة خائفة من حضوري المبكر،وطالبةً مني انتظارها في فراشها داخل غرفة معتمة كانت تقع في آخر الدار .آنذاك لم أجد من خيار ،غير أن أخضع لإرادتها.فأنا منْ أخلَ بموعده حضوره المبكر قرابة فرسخ من الوقت ،لو لم استمع لشهوتي التي سبقتني إليها لتطفئ الظمأ.
إلا أن الأمر لم يبقَ على ذاك المنوال،فما هي إلا دقائق على وجودي مضطجعاً على تختها بانتظار لحظة التلاحم ،حتى تناهى إلى سمعي صوت صرير باب.فأدركت ان أحداً شق عليها باب الدار.فتلصصتُ بالنظر على المشهد،حتى رأيتُ بعلها الأول وقد عاد لأخذ درع حديدي كانت قد نسيه في الدار ،فجاء ليستعين به على الموت في تلك الغزوة المقررة له مع قومه.فقد كان البعل اللعينُ شرساً ومصاباً بمس شهواني لا مثيل له ،فبدلاً من أن يأخذ درعهُ ويمضي غازياً ،جاءته لحظة الثور منذ أن رأى أمامه حصرمة جسداً نظيفاً وبضاً ، لتلتهبَ به نيرانُ شهوته دونما إبطاء ،فقد تعرى على الفور،ثم قام بسحب المرأة من الطشت والمياه تساقط من جسدها العاري ، لينكحها على بساط كان ممدداً على مقربة من الغرفة المعتمة التي كنت بها في تلك الدار.
■وكيف تحملتَ أنتَ الوضعَ المثيرَ،وكنت مختبئاً في خدرها ؟
_ فكرتُ أن أشقَ العتمةَ بجسدي وأنهضُ من تختها لحزّ رأس بعلها ،إلا أنني فضلتُ أن لا يمتزج دمهُ بمياه جسد حصرمة ،فتراجعت تحت لذّة المشاهدة .ربما لأنني أول من رأى في الجاهلية فيلم بورنو بشكل حيّ.
■ هل فضلتَ المشاهدة على الفعل في تلك اللحظات ؟
_ ربما .ففي المشاهدة جنسٌ من نوع آخر.كنت أراهما سيفاً ينزلُ بغمدٍ.وجسدين ثملٍين بحركات الريح.كان على حصرمة أن تصدّهُ عن جسدها أملاً بي .لكن لحمها الحار، أمرها بالاستسلام للمُغتصِب المفاجئ. لذا هَدئتُ من هياج غضبي ،واعتبرت المرأةَ مغدورةً.وهكذا مضى الوقت.فما أن انتهى البعل من تفريغ حمولته من تلك النيران، وارتداء ثيابه،وولى ليكون خارج الدار،حتى لملمتُ جسدي وغادرتُ الغرفةَ والمرأةَ، ثم خرجتُ من الباب،تاركاً حصرمة تجمعُ دموعها وتولول على ليلة ما كانت لأحد سواي.
■ لقد كنت محظوظاً بالنساء حتى أنك حظيت بقبر تركي إلى جوار امرأة تدعى ((عسيب)) .ألا تعتبر تلك انتصارات يا امرؤ القيس ؟
_ لم أنتصر على أحد في حياتي ،سوى انتصاري بالشعر وعليه.فحروبي التي خضتُ غمارها،هي التي جلبت لي كلّ أمراض الأرض،ومن بعد ذلك لتدفنني جثمناً غريباً إلى جانب أم عسيب في أنقرة الأتراك.
أَجَارَتَنَا إِنَّ الْمَزَارَ قَرِيبُ وَإِنِّي مُقِيمٌ مَا أَقَامَ عَسِيبُ
أَجَارَتَنَا إِنَّا غَرِيبَانِ هَاهُنَا وَكُلُّ غَرِيبٍ لِلْغَرِيبِ نَسِيبُ
■كيف يبكي الشاعرُ نفسه يا امرؤ القيس؟
_ كان الرثاءُ عندي أكثر الطرق وعورةً،وأشدّها ألماً وتأسياً ،مثلهُ مثل غناء الريف العراقي،عندما أصبح معادلاً موضوعياً لانبعاث تلك الآلام العظمى في غناء الزنوج الأمريكيين في الزمن الغابر الذي أعقب زمن كولومبس .
لقد كنتُ أرثي نفسي حتى في أثناء التبجح بفحولتي وحداثة شعري .فالرثاء الذي في النفس، ليس دمعاً وعويلاً وثياباً سوداء،بقدر ما يعني أن تستبدلَ جلدك البيولوجي الرقيق بجلد تمساح لا تؤثر فيه حتى قذائف الهاون.
■ومن أين أتتكَ عذاباتك يا امرؤ القيس وأنت ابن ملك كندة وفي مقتبل العمر : أتكون انتفضت بباطنكَ من الأغنام التي رفضت رعيها.أو من مصاحبة الصعاليك في كؤوس الخمر والتشرد .أو من السطو على مخادع النساءات اللاتي عرفتهنّ.أم من وراء اغتيال والدك الملك.أو من محاكم التفتيش التي لاحقت شعرك بتهمة الحداثة والفسق وإعلان الشهوات،منعاً للإخلال بأنظمة الشعر وقواعده ؟
_ ليس في تاريخي القصير غير شعري الطويل الذي بَرِع بتكوين نفسه بنفسه .والشعرُ كما أدرك مُولد عظيم للعذابات التي تصنعُ للآلام الأحواضَ المناسبةَ ،من أجل أن تبرعَ بالسباحة فيها حرّةً وسط أمواج من الدمع والأنين الذي عادة ما يتحول إلى دم فائر في بعض الأحايين.
■ولكنكَ لم تكن قاسياً بتبديد جسمك وببعثرة طاقاته هنا وهناك وحسب،بل مع شعرك أيضاً.
_ كيف ؟
■ ثمة من ينقل عن التاريخ ما يلي: ((ربما بدأ نقدُ الشعر مع “أم جندب” على ما نقله الرواة. وأم جندب هذه زوج امرؤ القيس الشاعر الذي يصفه جرير بأنه الخبيث الذي جعل الشعرَ نعلين له يطأهما كيف شاء. ولكن يبدو أن خبثه لم يخدع زوجةً مثل هذه. فحين طلب منها أن تفاضل بين شعره وشعر علقمة بن عبدة ،فضّلت الأخير عليه، فطلقها فوراً رغم أنها لم تكن تفاضل بين رجلين بل بين قصيدتين.))
_ وماذا أراد الرواةُ أن أفعل غير ذاك.فلولا رأفةُ سيفي بالمدام ،لسقطَ رأسُها عن جسمها عشرات الأمتار. فالشعرُ لا يحرّك العواطف وحسب ،بل يحرّك السيوف التي تسبقني إلى رقبة أي منافس لي في الشعر .وإمّا أم جندب،فلم أتذكر بأن لي امرأة بذلك الاسم إلا سهواً .
■ ليس ذلك مهماً.ولكن قل لنا :هل أنت سعيد في الآخرة يا امرؤ ؟
_ ليس قبل أن تستوفى الفراديس الشروط أولاً.أن توجد صحارى بلا حدود في هذي السموات.وأن أتزوج باثنتين وسبعينَ من الحورِ العِينِ.كما جاء في الأحاديث التي تروي بأن لأهل الجنة منزلة، تمنح المؤمن اثنتين وسبعينَ زوجةً سوى أزواجِه من الدنيا.ويستفاد من تلك النصوص أنّ المسلم قد ينال مكافآت من الحورِ العينِ لا تحدّ بقصد منه الاكتفاء ،بل قد يزيدُ الله له زوجاته في الآخرة منّاً منه وفضلاً.
■ ولكنكَ ما كنت بمسلم ولا بعضو عامل في الإسلام ؟!
¬¬_ عندما يتعلق الأمر بالمتع واللذائذ والشهوات والنساء،فيمكن أن تنتمي أغلبيةُ البشر ممن يعيشون على الأرض إلى تلك الديانة.
■ هل قرأت شيئاً من كتابات الناقد هارولد بلوم ؟
_ لم أتعلم الانكليزية بعد.ولكن ما الذي تريد أن تحدثني عنه بالضبط؟
■ لقد كتب الكاتب والناقد الأميركي هارولد بلوم قائلاً ((نعلم أن الشعراء ،حتى الأقوياء منهم ،يبدأون ضعفاء ،ذلك لأنهم يبدأون مل آدم حالمين،وليس مثل الشيطان مستبطنين )) .ما الذي تراه في هذه الأفكار،فيما لو طبقتها على نفسك ؟
_ لقد حضرتُ للسيد بلوم بعض المحاضرات عن الشعر وقلق التأثر ،فوجدت فيه طاقة استثنائية بفهم منابع الشعر وجذوره.حاولت التواصل معه،إلا أنني لم أتمكن من ذلك.أخذه بعض رجال من كتائب الشيطلائكة للتحقيق معه حول ما كانت كتاباته تثيرُ من مناقشات حادّة وجريئة في تلك المقاهي السماوية التي عادةً ما يرتادها الشعراء والغاوون وبعض الفنانين والفنانات .
■ هل أعدت توازنَ نفسكَ هنا، بعد خطاياك وحروبك ومراهقتك اللغوية التي سبق وان حدثت هناك؟
_ ((في كلّ عمل عبقري نتعرّف على أفكارنا المهجورة-إنها تعود إلينا بقدر معين من السمو المغترب)) أليس هذا ما قاله الكاتب الفيلسوف رالف والدو إمرسون ؟
حسناً،فقد كان الرجل رائعاً فيما طرحه من أفكار.ولكنني لا استطيع ارتداء ملابس ذلك الكاتب الأمريكي .فأنا لا أشعر بأن شيئاً مني ذهب إلى الماضي،ولا شيئاً من الصحراء قد حَلّ ضيفاً على قلبي أو على رأسي.
■ تعني أن لا أفكارَ مهجورة في رأس امرؤ القيس ؟
_ لم أعط نفسي أبداً ، لا لهجر ولا لهجران. لقد ولدتُ برأسٍ ممتلئ بالمراهقة،ومتُ برأسين أفرغتهما الحياةُ :مرةً بهوّس الحبِّ ومرةً بجنون الحرب
■ هل التقيت بأم جندب أو بزوج أو عشيقة ممن كنت تحرث في تربتهنّ هناك على الأرض؟
_ ليس بعد.وأفضل أن لا يحدث لي مثل ذلك ما دمت موجوداً هنا.لقد أكلتني القبائلُ ،ولم تبق لي الصحارى من لحمي إلا الجلد المقرّح،مما اختصر وجودي على الأرض،كأن أكون نادلاً منفياً في مقهى المادية الوجودية برعاية جان بول ساتر الذي عاد قبل أيام لعمله ها،بعد استجوابه ومناقشة أفكاره بخصوص ما كتبه في قديم الزمان .
■ ولا اجتمعت حتى بخالك الزير سالم أبو ليلى المهلهل؟
_أردت ذلك،ولكن بعض الملائكة أخبروني ،بأنه هبط للأرض من جديد ،ليستكمل إعادة بناء قوته العسكرية بالمعدات والأسلحة الحديثة،لأن أربعين عاماً من حرب البسوس لم تكن كافية لتصفية الخصوم برأيه.
■ وهل تتنازعُ نفسكَ فكرةُ تحويل هذه الأمكنة الجميلة من فراديس إلى ميادين للقتال ؟
_ مازلتُ حائراً ومحتاراً ما بين (جسّاس وكليب وجليلة والزير سالم والناقة والمرأة البسوس أخت الملك التبع الملك ).فهؤلاء هم خلاصة قتل ذاتي مبدئياً، وكذلك فهؤلاء كانوا تاريخ العار الذي ضربتُ به عرض الحائط،لأكون أنا نفسي الحرّ من كلّ عقدة وكلّ طريق ممتلئ بالألغام.
■
_
■
_