شَاعِرٌ وَنَاقِدٌ مُتَمَرِّسٌ مُوَاظِبٌ فِي الْكِتَابَةِ، يُوَاءِمُ بَيْنَ طَبِيعَتَـيْنِ مُخْتَـلِفَتَـيْنِ الرِّيفِيَّةَ الثَّابِتَةَ وَالْمَدِينِيَّةَ الْقَلِقَةَ، الْأُولَى تَدْفَعُهُ لِلتَّصَلُبِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا نَشَأَ عَلَيْهِ مِنْ صِدْقٍ وَحَزْمٍ لَا وَسَطِيَّةٌ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِيَةُ تَسْحَبُهُ إِلَى الْلِّيُونَةِ وَمُجَارَاةِ الْوَاقِعِ وَتَـفَهُّمِ تَـقَلُّبَاتِهِ.
أَبْدَعَ فِي الشِّعْرِ وَأَجَادَ فِي النَّـقْدِ فَأَصْبَحَ لَهُ حُضُورٌ جَلِيٌّ فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
يَلْعَبُ الْأُدَبَاءُ الْمُهَمَّشُونَ وَالصَّعَالِيكُ دَوْرًا كَبِيرًا فِيْ حَيَاتِهِ وَتَوَجُّهَاتِهِ الْأَدَبِيَّةِ كَمَنْ يُحْيِي وُيُعِيدُ الْأَلَقَ لِنُجُومٍ أَفُلَتْ وَفَقَدَتْ بَرِيقُهَا مُنْذُ أَمَدٍ بَعِيدٍ،
هَذِهِ مِنْ أُولَى أَوْلَوِيَّاتِهِ وَلَدَيْهِ اصْدَارٌ قَيِّمٌ بِهَذَا الْخُصُوصِ شَمِلَ فِيهِ مُعْظَمَ أُدَبَاءَ الْعَالَمِ.
عَانَى الْأَمَرَّيْنَ فِيْ حَيَاتِهِ الْيَوْمِيَّةِ وَوَاجَهَ مَصَاعِبَ جَمَّةً لَكِنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا أَشَدَّ صَلَابَةً وَأَكْثَرَ اقْتِدَارًا، عَكَسَهَا جَمِيعَهَا فِيْ مُؤَلَّفَاتِهِ الْمُتَعَدِّدَةِ،
صِدْقُهُ فِيْ النَّـقْدِ وَابْتِعَادُهُ عَنِ التَّمَلُّقِ أَكْسَبَاهُ سُمْعَةً أَدَبِيَّةً طَيِّبَةً فِي الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ، فِهُوَ لَا يَخْشَى فِي الْحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ.
لَدَيْهِ الْآنَ قَيْدَ الطَّبْعِ كِتَابٌ آخَرٌ لِأَشْهَرِ شَاعِرٍ صُعْلُوكٍ فِي تَأرِيخِ مَدِينَةِ كَرْكُوكَ أَلَا وَهُوَ الشَّاعِرُ(جان دمو) وَفِيهِ تَرَاجِمُ لِشَعْرِهِ إِلَى عِدَّةِ لُغَاتٍ عَالَمِيَّةٍ،
اشْتَغَلَ عَلَيهِ سَنَوَاتٍ وَلَاقَى مَا لَاقَاهُ مِنَ الْكَدِّ وَالتَّعَبِ حَتَّى أَنْهَاهُ.
رُبَمَا سَيَبْدُو هَذَا الإِصْدَارُ وَاحِدًا مِنْ أَرْوَعِ وَأَغْرَبِ الْإِصْدَارَاتِ فِي تَأْرِيخِ أَدَبِنَا الْمُعَاصِرِ، جَمِيعُنَا حَقِيقَةً بِانْتِظَارِ صُدُورِهِ عَلَى أَحَرِّ مِنَ الْجَمْرِ.