دع عنك النحيب والتنديد والاستكانة….
أنت في غمار مرحلة جديدة يقودها السقوط المدوي لكل القيم
دع عنك الكلام الخشبي والمسائل السطحية
وانزل إلى ساحة الوغى الحقيقية
قديما كان الشاعر مقاتلا شرسا بالسيف والقلم
واليوم …..يقف متفرجا على مأساة درامية أشد من الدراما في الأساطير القديمة
ما يحدث اليوم على أرض الواقع تعجز على تمثله كل وسائل الادراك …!!
وهو ما يمكن اختزاله في عودة الكائن المتوحش
والحيوان الخرافي بألف رأس وألف ذيل
إذا قطع جزء ينمو من جديد ..
إنه بداية العهد الجديد لللا دولة ………!!
بأشكالها المختلفة ……!!
الويل لأمة تدفع بأبنائه وقودا لمحرقة جماعية ..!!
أين المنظمات الدولية الحقوقية أمام الانتهاكات اليومية التي تحدث أمام العالم ..وبكل برودة أعصاب. .!!
لو مات “كلب ” في الضفة الأخرى لأقام الكلاب مؤتمرات عالمية حول حقوق الحيوان …!!
هل أن “الكائن العربي ” لم يصنف بعد في القائمة العالمية للكائن الأرقى؟ ؟
يا أمة تعجز الحروف عن وصفها …!!
ماذا فعل بك الأوغاد وهذا الزمن الأغبر؟ ؟
ولتعلم ..حكاية الطفل العراقي محمد ..الذي انتهك من طرف قوات الأمن. .ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
في ظل غياب قوانين واضحة ومفعلة..
وفي ظل تنامي ظاهرة العصابات والميليشيات التي تفعل ما تشاء ..دون محاسبة أومحاكمة في إطار العدل والقانون
الثورة ليست ضجيجا وشعارات ترفع في الميادين ويقتل من يقتل وينجو من ينجو ..وبكاء وعويلا ..ثم ينتهي كل شيء كأنه لم يكن ..
الثورة الحقيقية لن تنجح إلا إذا قادها المثقف بكل حزم وإصرار وتمرد وبلا خوف ولا تردد
التغيير الحقيقي يبدأ من العقل لإنتاج وعي جديد
وليس تغيير وجوه كالحة بأخرى والمحافظة على نفس المناصب والآليات. . والامتيازات ..والقوانين
الواقع العربي يحتاج إلى هدم وإعادة بناء على جميع المستويات
والجغرافيا العربية تعج بالمفكرين والفلاسفة والشعراء والأدباء. ..
ولن نحتاج إلى جون جاك روسو ومن سار على نهجه
لكن سنحتاج إلى عقل روسو وفكره وايمانه المطلق بالإنسان في جوهره. .
وأخشى أن ننفق العمر في تقصي هذا النموذج ولا نظفر إلا بالوهم والسراب ..في ظل هذا التراخي وتلك الاستكانة التي يستكين تحتها الواقع العربي برمته
الناقدة والأستاذة الباحثة سامية البحري
سامية البحري: إلى المثقف العربي
تعليقات الفيسبوك
ان ما حدث ويحدث في عالمنا العربي فاق الأساطير في مدى الدمار والترويع والتفتيل والخيانة وفي كل ماهو مدمِّر ومخجِل وتعيس وبائس ، وفي العراق فقط حدث من الأهوال والخسائر والتقويض في أقل من عقدين ما يعادل كل ما حدث في الحرب العالمية الثانية ، بل ان الليلة الأولى لحرب الخليج في كانون الثاني 1991 أُلقي فيها من المتفجرات على بغداد وحدها ما يُعادل ضعف ما أُلقي على مدينة دريسدن الألمانية طوال الحرب العالمية الثانية ، وقد سمعت هذا بأذني من قناة التلفزيون الألمانية الأولى في أول يوم للحرب ، وفي الحصار الذي قادته الأمم المتحدة على العراق بتحريض من مادلين أولبرايت ومَن يقف خلفها أُهلك تسعمئة ألف طفل عراقي ـ ما يقارب المليون طفل ـ في عقد واحد من السنين من 1991 الى 2000 . الأطفال العراقيون هلكوا ومادلين أولبرايت مازالت طليقة معافاة تتلمظ .. حيفٌ كبير ، بينما مثقفنا على العموم سادر في همومه الصغيرة ، متقرباً من القاتل المستهتر المتسلط و متهادناً متهاوناً معه ، ومعادياً لزميله صاحب الضمير الحر والنبض النبيل . في كل ركن من العالم العربي كارثة وكوارث ، وغصّة وغصص ، بينما يطبق السكوت سكوت الأذلاء والمتملقين والتابعين على مَن يجب ان تكون رسالتُهم في الحياة رفعُ الصوت بالحق والانتصارُ للانسان وتحدي الظلم والزيف والباطل . شكراً للكاتبة التونسية سامية البحري على الأِلتفاتات الواعية الذكية وفراسة التشخيص والتحليل .