في ساعة مُتَأَخِّرَةٍ من اللَّيْل
يُطْرَقُ الْبَابُ بِقُوَّةٍ
أَفْتَحُ
فإذا هو جارنا الذي
لم أره منذ زمن طويل
ألم تسمع آخر الأخبار
إفتح الراديو على موجة أُفْ .. إِمْ
الأمر جِدٌّ خَطِيرْ
أسراب من الأحزان
كالجراد
تُحَلِّقُ فوق سماء الوطن
تنتظر الإذن بالهبوط
وليس هناك من مكان شَاغِرْ
يَتَوَقَّعُ المراقبون هبوطا اضطراريا
سقوطا مدويا و فوضى
عائمه
أَتْرُكُهُ عِنْدَ الْبَابِ يَسْرُدُ احْتِمَالَاتٍ كَثِيرَةٍ
أَلِجُ الْبَيْتَ مُسْرِعًا لِأَضَعَ حَدًّا لهذه المأساة
وَ بِمِلْءِ اخْتِيَارِي أُجَرِّبُ أَنْ أموت
ما الذي يجري هنا
عالم الموتى هو أيضا
يَعُجُّ بالأحزان
أسأل أحد الأموات مِمَّنْ كانوا بجانبي
و كان يَتَلَهَّى بخياطة كفنه المهترئ
ألا يترك الأموات أحزانهم ساعة الرَّحِيلِ الأخير ؟!
بلى
و لكن يحدث أن يجلب أحدهم
نُسَخًا من أحزانه و أحزان الآخرين
في قاعة الانظار الطَّوِيلَةِ جِدًّا جِدًّا
لَا شَيْءَ يُؤْنِسَ الْمَوْتَى
غير أحزان الدنيا الجميلة
حَقًّا
الْآنَ وَ الْآنَ فَقَطْ
أُدْرِكُ كَمْ هي جميلة هَذِهِ الْحَيَاةْ
و كم هي أليفة و وديعة
أحزان البشر
ليتني لم أُجَرِّبِ الْمَوْتَ
لَيْتَنِي لَمْ أَمُتْ
ليتني لا أموت …
محمد الناصر شيخاوي/ تونس
ليس الْحُزْنُ بِهَذَا السُّوءِ الذي أنت تَظُنُّ
محمد الناصر شيخاوي/ تونس
تعليقات الفيسبوك