مفهوم الشعر ووظيفته وطبيعته في افتتاحيات مجلة شعر
د.محمد حسين السماعنة-الأردن

المقدمة:
إن العودة إلى مجلة شعر لدراسة أفكارها وأطروحاتها ونظرتها للشعر تفيد في فهم واقع الشعر العربي ودراسة المؤثرات التي أثرت فيه وفي مساره في هذا العصر ، فهي مفيدة في فهم نظرة كثير من الشعراء والنقاد العرب للشعر ، فقد انقسمت آراء النقاد في تعاملهم مع مجلة شعر؛ فريق عارضهم وخالفهم ووصل في مخالفته حد العداء ، وفريق ناصرهم وأيدهم وشد على أيديهم ووصل في مساندته لهم وتأييده حد الشطط والمبالغة وتجاوز الحد ، وفريق لم يقف معهم ولم يقف ضدهم .وهذه الدراسة في افتتاحيات مجلة شعر قد أملت علي نفسها من خلال القراءة في مجلة شعر وعن القائمين عليها وعن دعوتها ونظرتها إلى الشعر ، فقد وجدت أن الفريق الذي قام على مجلة شعر قد صدر عن أفكار وآراء متسقة وأنهم قد توحدوا في نظرتهم للشعر وتعريفهم له، فقد جمعتهم رؤية واضحة للشعر وأهميته ووظيفته وماهيته وطبيعته، وهي آراء وأفكارٌ متسقة عقدوا من أجل الدعوة لها وتطويرها والتنظير لها حلقات واجتماعات دورية في أوقات محددة وأماكن محددة كان يراجعون فيها مواقفهم ويبادلون الأفكار ويضعون الخطط للسير بخطى ثابتة واثقة واضحة .فاكتسب البحث أهميته من وجود هذه الحلقات والاجتماعات الدورية التي جمعت ثلة من رواد الشعر النثري أو الحر .
تهدف هذه الدراسة إلى محاولة تقديم صورة واضحة لما جاء في افتتاحيات مجلة شعر عن وظيفة الشعر وماهيته وطبيعته ومصدره ،لما تحمله هذه الافتتاحيات من آثار صادقة على مسيرة القائمين عليها ، ولأنها تُعطي صورة عن خطاب هذه المجلة أو بالأحرى خطاب (تجمع شعر ). (1) ولأن الافتتاحية تعبر دائما عن السياسة المتبعة في أي مجلة فقد رصد الباحث جميع افتتاحيات هذه المجلة منذ انطلاقتها إلى أن توقفت عن العطاء عام 1970م .وقد جهد الباحث أن استخراج الأهداف المعلنة لهذه المجلة ، والأفكار التي سعت لنشرها وإقناع القارئ بصحتها مفيد في معرفة نظرتها وفلسفتها التي تسير عليها أو الأفكار التي تبنتها . فعكف الباحث على استخراج أهدافهم المعلنة في افتتاحيات المجلة ، وتتبعت موقفها من الشعر والشعراء ، ومن الحياة السياسية،والاجتماعية في الوطن العربي , ولهذا جاءت الدراسة في مقدمة عرفت بمجلة شعر وبروادها وبظروف نشأتها ،وجاءت الدراسة على شكل قضايا تحدثت في القضية الأولى عن أهداف مجلة شعر، وتحدثت في القضية الثانية عن مبادئها المعلنة في الافتتاحيات، وتعرضت في القضية الثالثة لنظرة المجلة إلى الشعر والشعراء ومفهومها للشعر ومصدره. أما في القضية الرابعة فتحدثت عن طبيعة الشعر . وتحدثت في القضية الخامسة عن وظيفة الشعر وفي القضية السادسة تحدثت عن أحوال مجلة شعر و دفاع المجلة عن نفسها أمام التهم التي وجهت إليها والخلافات الداخلية والخارجية .
مجلة شعر :
قد يبدو للباحث للوهلة الأولى أن شعر مجلة شعرية عامة، ولا تحمل ملامح اتجاه شعري واضح فهو يجد فيها في أعدادها الأولى قصائد حرة وأخرى عمودية ،وأخرى نثرية ورابعة باللهجة اللبنانية إلى جانب مختارات مترجمة ، ولكنه سيكتشف “أن المجلة بدأت عملها على ضوء خطوط عامة لنظرية لم تكتمل “(103)أو لم تكمل مشوارها ، ففي شتاء عام 1958 م أطلت على الساحة الأدبية العربية مجلة (شعر ) ،وكان مؤسسها وصاحبها هو اللبناني يوسف الخال وهو شاعر ناقد من أصل سوري ، عاد من الولايات المتحدة الأمريكية بعد إقامة طويلة هناك ، وعمل منذ قدومه ، على قيام حركة شعرية حديثة . وصارت المجلة ودار النشر التي أنشأتها, ومنتداها الخميسي مركزا لـ(تجمع شعر).
ومجلة (شعر) مجلة أدبية فصلية ، أثارت اهتمام الأوساط الثقافية في العالم العربي؛ لأنها منذ نشوئها أخذت تخلق مناخا شعريا جديدا، واتجاهات شعرية جديدة، وقيما شعرية جديدة، كانت المجلة فخورة بها، وبردود الفعل التي أثارتها هذه الدعوات والاتجاهات .
وقد نشطت المجلة في نشر الفوضى وهدم كل ما هو متعارف عليه في الشعر. وقد انضم إلى يوسف الخال في هذه الدعوة عدد كبير من الشعراء والنقاد منهم ذذير العظمة ،ومحمد الماغوط ، وبشر فارس، وابراهيم شكر الله، وشوقي أبو شقرا ، وجبرا ابراهيم جبرا ،وفؤاد رفقة وآخرون . “منهم من مات ومنهم من غير رأيه ، ومنهم من نفد صبره ، ومنهم من تركنا لأنه لم يكن يوما معنا “( 2).
كان لمجلة شعر ندوة نقدية تعقد مساء يوم الخميس من كل أسبوع في فندق بلازا ، ثم في إحدى قاعات نادي خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت ، وقد تعقد الندوات في منزل يوسف الخال ولكن باعداد قليلة مختارة، وقد حرصت المجلة على نشر أخبار هذه الندوة في باب ( أخبار وقضايا ). وقد أصدرت دار النشر التي أنشأها يوسف الخال العديد من المجموعات الشعرية والكتب النقدية، وشكلت لجانا منحت جوائز ومنحا دراسية للشعراء النابهين ,ولم يخل عدد من أعدادها من دعاية لديوان شعري كتبه شاعر منتم لدعوتها .توقفت مجلة شعر عام 1970 م ولكن أثرها ما زال باقيا في ذاكرة كل مثقف عربي .
لقد دشن يوسف الخال هذا التجمع ببيان شعري هام “يمكن اعتباره البيان الأول في الحداثة الشعرية وفيه يلح على روح العصر ، وعلى الانجازات الشعرية في الغرب ، وينبذ الشعر التقليدي منذ الفترة التي سبقت الحرب الكونية الأولى وحتى أيامه ، ويراه مقلدا للتراث الشعري العربي ، ومتخلفا بالنسبة للشعر الأوروبي . ثم ينتهي إلى القول إن مستقبل الشعر هو رهن بقيام شعر طليعي تجريبي .” 21

الافتتاحيات وقضية الشعر :
خلا العدد الأول لمجلة شعر من افتتاحية لرئيس التحرير، فقد اختارت مجلة شعر أرشيبولد مكليش أحد الشعراء الأمريكيين ليكتب مقالة افتتاحية العدد الأول ، وقد تحدث ارشيبولد مكليش عن علاقة الشعر بالحياة كما وصفها أرسطو، ومما قاله مكليش : ” فليس على أولئك الذين يمارسون فن الشعر في زمن كزمننا ، كتابة الشعر السياسي أو محاولة حل مشاكل عصرهم بقصائدهم ، بل عليهم ممارسة فنهم وبمستلزمات فنهم ، مدركين أنه إنما بواسطة فنهم لامست الحياة البعض هنا في الماضي وقد تفعل ذلك أيضا في المستقبل “23 لقد عكست هذه المقالة توجهات المجلة وأطروحاتها فيما يتعلق بالإنسان والفن والشعر، وعلاقتها بالآداب العالمية .فهل سار تجمع شعر على الدرب الذي رسمه مكليش وفرق فيه بين مجال السياسة ومجال الأدب.
القضية الأولى :
أهداف مجلة شعر من خلال الافتتاحيات :
أما أهداف تجمع شعر كما أعلنت عنها المجلة في الافتتاحيات ، وألحت عليها وسعت إلى تحقيقها فأنقلها للقارئ كما جاءت:
1- وضعُ الشعر العربي على مستوى واحد مع الشعر في أوروبا والعالم .3
2- الوصول إلى تعبير فني جوهري عميق “لا ذلك المستوى الكاريكاتوري الغوغائي الذي يحاول أدعياء الشعر والفكر بثه والتبشير به “4
3- وإعطاء قارئ العربية خلاصة التجديد الشعري الأوربي ، وقد عرضت شعر، لتحقيق ذلك، نماذج شعرية من مختلف أقطار العالم الغربي واللاتيني، وعرّفت في افتتاحياتها بكثير من شعراء فرنسا وامريكا ،واستضافت كثيرا من الشعراء والنقاد الثائرين المجددين في أوروبا منهم ،على سبيل المثال, كريستان تزارا منشئ (الدادية) التي انبثقت عن الحركة السريالية بعد الحرب العالمية الأولى ، عرفت عليه المجلة في افتتاحية العدد الثامن عشر بأنه من كبار الشعراء الفرنسيين . 92
4- السماح للنهضة الشابة أن تعبر بين صفحاتها .
5- توصيل الجيد من إنتاج هذه النهضة الشابة إلى أوربا، إلى الذوق الأوربي المصقول .ففي أوروبا ، يستطيع المتذوقون العودة إلى شكسبير ودانتي ، لإن الفرق بين أوروبا المعاصرة ، وأوروبا القديمة ، هو فرق في الدرجة ، وليس في النوع ، أما في شرقنا العربي ، فالفارق نوعي وخطير بين عصر امرئ القيس ، وعصرنا .
6- طرح أسئلة هامة عن موقفنا الحضاري . 5
7- السعي والعمل لتغيير الجوهر ،” تغيير الإنسان ، بالثورة لأجله وبالثورة عليه وضده إذا لزم الأمر (ولعله يلزم ) لإبداعه من جديد على صورة الحياة ومثالها .9
8- احتضان الشعر الثائر ، “هنا وفي العالم ، على الأساليب والمضامين التقليدية ، فلا حدود للشاعر غير حدود الإبداع والموهبة”10 .
9- إقامة حوار بين الشعراء العرب الحداثيين وزملائهم في العالم .،فهي ترى أنه لن يمضي وقت طويل حتى يصبح خير نتاجنا الشعري الحديث باللغة العربية معروفا ومقروءا في لغات حية أخرى، كما يصبح النتاج الشعري الحديث بهذه اللغات معروفا ومقروءا في لغتنا العربية “11
10 – ” لقد هدفت مجلة شعر منذ نشأتها ، إلى التفاعل الخلاق مع الشعر في العالم , تأخذ وفي الوقت نفسه تعطي، وهي ترى أنها بذلك تضع الشعر العربي على الخريطة . المهم أن يحيا شعرنا في وجدان البشرية كلها ، لآ أن يقبع في سراديب آنيتنا الزائلة فلا نحاول الوصول به إلى الآخر “17وهذا الانفتاح على التراث الإنساني سيؤكد ” العضوية في الشراكة الإنسانية ،وذلك بالإفادة من التجارب الشعرية العالمية ، ونقلها إلى العربية ، وترجمة الأعمال الإبداعية العربية إلى لغات مختلفة ” 55
11- الوصول إلى حياة عربية كريمة 56 .
12- إثارة الفوضى في الشعر العربي . يشير يوسف الخال إلى ضرورة فهم الفوضى الشعرية التي حدثت نتيجة المحاولات التجريبة العديدة للعثور على الشكل الشعري المناسب ؛ لأن فهم الفوضى الشعرية ضروري لاستيعاب هذه المرحلة .ويرى يوسف الخال أن الذين يتبرمون بحال الفوضى الشعرية عليهم أن يفهموا معناها التاريخي ، لأن ما جرى في تاريخ آداب الشعوب الأخرى يصح أن يحدث في تاريخ أدبنا العربي ، فعلى هؤلاءالمتبرمين بحال الفوضى الصبر. 57 ولا يفوتني ذكر استضافة المجلة منشئ الدادية لما في هذه الاستضافة من سعي جاد لتحقيق الفوضى الشعرية في الشعر العربي . وهي لم تنكر ذلك فقد قال يوسف الخال في افتتاحية العدد الثاني عشر :
” فالمرحلة التي نجتازها اليوم ، هي مرحلة تحرر – تحرر من كل ما توارثناه من تقليد جامد متحجر في شتى نواحي الحياة ، ومنها الشعر، وهذه الرغبة المشروعة في الثورة والانطلاق قد توقعنا في فوضى . إلا أن الفوضى التحريرية العارفة حال طبيعية في مرحلة الانتقال من الجمود والتحجر إلى اليقظة والنهوض . وإذن يجب ألا تخيفنا ، بقدر ما يجب أن يخيفنا النظام القاصر العقيم فمن تلك الفوضى نخرج بحياة جديدة ” 94.

يوسف الخال متوسطا شعراء مجلة شعر في الستينيات

القضية الثانية:
مبادئ مجلة شعر من خلال الافتتاحيات :
كرر القائمون على مجلة شعر مجموعة من المبادئ قالوا إنهم يلزمون أنفسهم بها ،وهي:
1- “ليس لمجلة شعر ، كما ، أعلنا مررا ، أي اتجاه سياسي أوعقائدي ، وهي كمجلة خاصة بالشعر تقف فوق اصطراع المذاهب السياسية والعقائدية في العالم العربي وفي العالم كله”19، وهذا المبدأ أبعد المجلة عن القضايا التي تمس الناس مما دفع مجلة الآداب لاستغلال هذا الموقف في المعركة التي دارت بينهما ، وهذا ما سنفصله في القضية السادسة ، قضية الالتزام .
2- ” اختيار القصائد –كما ادعوا – لا يخضع لأي مذهب ينتمي إليه القائمون على تحرير المجلة فالمقياس” الوحيد ارتفاع الأثر الأدبي إلى مستوى فني لائق . التقديم والتأخيرفي نشر القصائد يجري وفقا لمقتضيات تنسيق العدد . ” 6إن هذا الكلام يوضح السياسة التحريرية للمجلة فلا” اعتبار إلا للنتاج اللائق والصادق مهما يكن مضمونه والشكل الذي يتخذه هذا المضمون ، والأولوية تعطى للنتاج الخلاق مهما تكن درجة نضجه أو خروجه على المتوارث والمألوف، وأن “شعر” من حيث إنها منبر حر للتجارب الأدبية الفذة لا تعنى إلا بما يثير القراء ، ويعزز فيهم حب الريادة والمغامرة “.24
لو بحثنا في دلالة عبارة :( والأولوية تعطى للنتاج الخلاق مهما تكن درجة نضجه )لوجدنا أنها تشير بشكل واضح إلى الانتقائية والقصدية في النشر مما يتعارض مع قولهم إن المجلة تنشر اللائق والصادق مهما يكن شكله .
3- إهمال القصائد والمقالات التي تخلو من اسم صاحبها .7
4- كل مجلة تعبر عن اتجاه معين ، وعن أيديولوجية تلزم نفسها بمنهجية وقواعد صارمة إزاء ما تنشره وإزاء الأفكار البعيدة عنها أو المتناقضة معها وهذا لم يكن في مجلة شعر ويكفي لمعرفة منهج شعر تصفح أعدادها منذ صدورها، فإننا سنجد خليطا عجيبا من المتطورين والمتمردين .فقد أريد لها أن تكون للشعر فقط “إنها للشعر وللشعر فقط ” .22
5- لا اعتبار للشهرة ، إلا بالقدر الذي تريده المجلة من جعل صاحبها مسؤولا ، هو نفسه لا المجلة ، عن النتاج الذي نشره .46
6- عنيت المجلة بما يثير القراء سلبا أو ايجابا ، ويعزز فيهم حب المغامرة والريادة وبما يوسع أمام القراء حدود المعرفة .47
هذه هي المبادئ ، فهل التزمت مجلة شعر بها ؟ قد يكون من الصعب الإجابة على هذا السؤال من خلال الافتتاحيات ، ولكن هناك إشارات يمكن ان تدلنا إلى الطريق :
ولعل أهم هذه الإشارات قول يوسف الخال :”إن نشرنا للنتاج او عدم نشرنا له لايعكس ، بالضرورة ، قيمته .فهناك المرحلة التاريخية التي يمر بها الأدب العربي أو الأديب العربي “44

القضية الثالثة :
موقف مجلة شعر من الشعر :
– مفهوم الشعر وخصائصه :
جعلت “شعر قضية مستقلة ونقلته من عده وصفا أو انفعالا أو حكمة إلى عده رؤيا في الإنسان والوجود تستشف العالم وترسم أبعاده (102).وتحدثت “شعر” بكثير من الحماسة عن تفجير الشكل التقليدي ، وأن الشعر تجحربة شخصية كيانية ( 101).وأولت التجربة الشعرية أهمية بالغة (95)،وأكدت أكثر من مرة أن تجربة الشعر هي تجربة يسيرها الشاعر “ويفجرها في حدوس ، ورؤى وصور وبروق بحيث تتحول الأفكار وتنصهر ، وتتضح كفلذ من البناء الذاتي وغيرها من ذرات النهر الفلسفي . وأن الشاعر الميتافيزيقي لا يعنى بالأفكار أيا كانت إلا من حيث انعكاسها في نفسه وفي لحظته التاريخية والحضارية”(96).لقد رأت “شعر” أن الشعر استبطان وتطلع وجهد ،وادعى أعضاء تجمع شعر أنهم لم يلتفتوا إلى محاولة تحديد الشعر؛ وأنهم يعرفونه – كما يقولون -عندما يرونه ، فهو تجربة شخصية كيانية ، والتعبير عنها يجب أن يتم بتحرر تام من تأثير القوالب التقليدية الموروثة والقواعد الموضوعة ،.وهم يرون أن أجمل جواب لسؤال “ما الشعر ؟ هو قولنا : لا نعرف . بل هو قولنا : لا نستطيع أن نعرف .فالطبيعة تتفجر فينا ولا وقت لدينا لنجفف الشعر تحت شمس الثقافة المجردة . نحن لسنا مثقفين نحن جسديون، وإذا كنا قد وضعنا في الشعر فلأننا وضعنا أيضا في الحب ، ووضعنا أيضا في الحرية ، هنا نطمح أن نكون أبرياء . هنا نطمح أن نصير أشد براءة . هنا نطمح أن نوحد الغناء بالتأمل ، الجنون بالعقل ، نصف الكون الغائب بنصفه الحاضر .” 15 رأت شعر ” أن الشعر ، على وجه التخصيص ، رؤية جديدة للوجود وراء ظواهره وأشكاله العابرة ،وأن الرؤية الشعرية الجديدة ، بطبيعتها ، دعوة إلى الثورة والتغيير”38. أما عن علاقة الشعر بالحياة فترى “شعر ” بأنها العلاقة التي وصفها أرسطو وكررها وردزورث – بشيء من الاختلاف- وهي أن الشعر وسيلة للمعرفة من نوع ما(97). والمجلة منذ عددها الأول أعلنت أن الشعر وسيلة معرفة عن طريق الإدراك الحدسي 80. فدعت مجلة شعر إلى تطويرأوزان الشعر وقوافيه ،وحملت على حركة الشعر الحر (التفعيلة ).
ونهضت مجلة شعر على الاعتقاد “بأن أساليب التعبير والمضامين التقليدية في الشعر العربي لم تعد كافية ، وبأن على الشعر العربي المعاصر أن يخلق اساليب حديثة للتعبير عن مضامين حياتنا الحديثة ،أو اللاحقة بالحياة الحديثة “12 .ومن أجل ذلك احتضنت مجلة شعر الشعر الثائر على الأساليب والمضامين التقليدية في لبنان وفي العالم فهي ترى أن لا حدود للشاعر غير حدود الإبداع والموهبة .51
انبثقت عن نظرة شعر المتميزة للإنسان مفهوم الشعر بأنه طريقة خاصة في المعرفة وبحث عن الحقيقة ، يحلق به الشاعر بعيدا عن أي التزامات بحل مشكلات العالم . وهو فكر ليبرالي يؤمن بفردية الإنسان وقدرته على الإبداع والتميز ، ويؤكد حضور الفعل الشعري باعتباره فعلا إنسانيا مجردا .
ملامح على الطريق :
1- “كانت الحركة تظن أن تحطيم الأوزان التقليدية الرتيبة ، بالتلاعب بتفعيلاتها ، يحقق مثل هذا النقل العفوي الحي الصادق ، بل إن الاستغناء عن هذه الأوزان جملة ، باعتماد الايقاع الشخصي الداخلي ، يحرر الشاعر أكثر فأكثر نحو فضح أسراره ودخائله”13 .
2- رأت مجلة شعر أن حركة التجديد التي حملت رايتها لم تحقق من الغاية إلا بعضها . بسبب اصطدامها بجدار اللغة التي “تكتب ولا تحكي ، مما جعل الأدب ( وخصوصا الشعر ، لأنه ألصق فنونه باللغة ) أدبا أكاديميا ضعيف الصلة بالحياة حولنا ” 14
3- رأت المجلة أن”الشعر المعاصر يغلب عليه التوالد اللفظي ، يختنق في الذهن ، ينحط في استمناء التجارب الشكلية الصرف ، يموت بردا في العراء ، ينتفخ كالبوق بالأصوات المستعارة ، يعيش كالسجين على فتات النهار.”16
4- ورأت المجلة أن ” المضمون والشكل في العمل الأدبي والفني وحدة لا تتجزأ ” 39
5- أرادت المجلة شعرا “يقود الإنسان إلى عتبات كل ما لم يخلق “79
6- رأت المجلة أن علاقة الشعر بالحياة هي العلاقة التي وصفها أرسطو وهي أن الشعر وسيلة لكشف التآلف الذي تملكه الحياة في عالمه 50 وأن الحداثة الشعرية تبدأ في المقام الأول ، ووفق رؤاها ينهض المجتمع ، فبعد أن تتم حداثة الشعر ” تبقى أمنية مصاحبة وهي أن يصبح الوعي الثقافي العربي في مستوى هذا الشعر أي في مستوى العالم الذي يضيئه والقيم التي يعلنها وذلك أمر مرتبط بنجاة العقل العربي من كل ما يعيق تقدمه ويحد من حريته “52
7- اجتهدت المجلة في دفع الشعراء إلى المشاركة فيها بما يرضيها من الشعر فأعلنت في العدد العاشر عن إنشاء جائزة سنوية تمنح لأحسن مجموعة أو مسرحية أو ملحمة شعرية
9- أولت جماعة شعر التجربة أهمية بالغة ،وربطت الشعر الحديث بالتجربة ورأت أن الشعراء المجيدين هم أولئك الذين انطوت آثارهم على بذور شعر معبر عن تجربة شخصية فريدة صادقة . 86 وأن الشعر العربي قد بدأ مرحلة جديدة تزخر بقيم فنية وفكرية نابعة من التجربة الإنسانية .87
10- إن الحداثة التي تنادي بها مجلة شعر تتميز بتشديدها على المضمون، ولذلك أوجدت المجلة ” مناخا وسطا للتفاعل بين الشعراء العرب والتعبير عن تجاربهم الشعرية بحرية مطلقة ، فعندما نشأت المجلة كانت حركة الشعر الحر ما تزال ظاهرة غامضة منعزلة في الأدب العربي بل كانت مجرد ثورة على شكل البيت الشعري وتركيبه دون المضمون وأساليب التعبير عنه “89
11- وضحت مجلة شعر موقفها من الشعر المتخلف والشاعر المتخلف فرأت أن قضية الشعر المتخلف هي قضية شكله أولا , وأن قضية الشاعر المتخلف هي قضية عدم فهمه لعصره أولا “أي إن التخلف الشعري ليس في النهاية إلا موقفا تأخريا يقفه الشاعر ، بل إن هذا التخلف يجوس أحيانا في أعمال شعراء معاصرين “90.
12- جاءت “شعر” بدلالة رؤيا عن طريق استحضار بعض شعراء الغرب ، ولا يمكن فهم الرؤيا التي نادت بها “شعر ” إلا في السياق العام لمفهوم الحداثة الشعرية ، وهي حداثة تستمد مرجعيتها من التجربة العربية . ويبدو أن ” شعر ” أرادت التأسيس لمشروع حداثي يعيد النظر جذريا بمفهوم الشعر ، ويكشف عن طبيعة له ودور جديدين وفق رؤية متماسة مع حساسية الحياة الحديثة .
*جدار اللغة :

وحين لم يستطع تجمع شعر تحقيق ما طمحوا إليه ،صاروا يبحثون عن الأسباب فقال يوسف الخال في افتتاحية العدد العاشر في حديثه عن موقف النقاد من قصائد النثر : ” وهم إن حق لهم أن يناقشوها محبذين أو مستنكرين فليس من حقهم أن يرفضوها منددين بخروجها على هذه أو تلك من قواعد العروض المتوارثة .نقول قواعد العروض المتوارثة ولا نقول قواعد اللغة، ذلك أن حد الحرية تقف عند هذاالحد . يجب ان تظل قواعد الفصحى سليمة من العبث ” .60 ويبدو أن يوسف الخال الذي قال هذا الكلام في عام 1959 لم يكن هو نفسه الذي تحدث في بيانه عن جدار اللغة، وتحميله اللغة وزر فشل مجلة شعر وتوقفها ، يقول : وهكذا اصطدمت الحركة بجدار اللغة : فإما أن تخترقه أو أن تقع صريعة أمامه ” 61
لقد ظهرت بوادر الانقلاب على اللغة في العدد السادس والثلاثين في حديث ميشال طراد “راسي مكشوف وشاكل القمر بزناري ” 76 وبدت واضحة في حديث يوسف الخال عن جدار اللغة وتأكيده على أن استخدام الكلام الحي المحكي أساس لدخول الأودية الفسيحة الخصبة واختراق جدار الصوت في اللغة والتخلص من الشكل الموسيقي التقليدي .77 وهذا ما فعله يوسف الخال بعد توقف شعر . تقول ساندي أبو سيف :” ويبدو أن الخال قد عاد تحديدا إلى ما كان يفتقده في في قصيدة النثر ولم يتمكن من توفيرها فقد عاد إلى الموسيقى إلى الوزن فيما هو لم يقو على تحقيق شرط برنار في الانطلاق من النثري وتوفير خصائص الشعري ، وأمام وطأة الفشل في التجربة أعلن أن هذا الشكل المجرب لا يمكن أن يخطئ بل إن الخطأ في هذه اللغة التي احتضنت الشكل المجرب ولم تستطع النهوض بمسؤولياتها الموسيقية ،فأعلن اصطدامه بجدار اللغة ، ودعوته إلى هدمه باحتضان اللغة العامية ” 78.
رأت المجلة ” أن اللغة هي التي تحمل هذا التراث تجمد بجموده وتنبعث بانبعاثه00 وأن اللغة هي التي تحكي لا التي تكتب ، أي إنها تلك التي تحكي وتكتب في وقت معا “42.

القضية الرابعة: طبيعة الشعر
أ- القارئ
إن مجلة شعر” لا تعنى بما يقبل القراء عليه ، بقدر ما تعنى بما يوسع أمامهم حدود المعرفة ، ويعزز فيهم حب الريادة والمغامرة ، ويثيرهم سلبا أوإيجابا ” 45 . وكثير من القراء رفض الشعر الذي نشرته مجلة شعر لأنه لم يجد فيه ما يتمشى مع المفهوم المتوارث للشعر ولأن الموسيقى الخليلية تمشي في دمه بعد رضعها مع غناء أمه وأناشيد المدرسة ،وأغنيات الرعاة وآهات المغنين.،لقد فاجأت نازك الملائكة القارئ العربي بالتنظير للشعر الحر (التفعيلة )وأغلب القراء لم يكونوا قد استفاقوا بعد من صدمة العمود المطور فكيف بهذا الشعر الذي لا يلتزم عمودا على الإطلاق ؟!
رأت مجلة شعر” أن أنظمتنا الاجتماعية البشرية جامدة ومهترئة وبحاجة إلى روح جديدة متجددة وقد تختلف عوامل جمودها واهترائها عن عوامل جمود الأنظمة العربية واهترائها .” 8وأن ” الكثرة منا لا تزال تفهم الإنسان على أنه وارث مقلد ، وأنه لا يستطيع أن يكون نفسه حقا إلا بالعودة إلى ماضيه والبقاء في إطاره ، وأنه إذا ثار على الماضي بغية تخطيه وإعادة خلقه على شاكلته يكون مجرما وخائنا ” 18 . ورأت مجلة شعر أن اوروبا قد أعطت حضارة الإنسان أكثر مما أعطتها أي منطقة جغرافية أخرى .ومن هنا جاءت الدعوة إلى تحقيق شراكة تراثية “54ومن هذا المنطلق راحت مجلة شعر تقدم في كل عدد شاعرا أو أكثر من شعراء الغرب تترجم مقتطفات من شعره مع دراسة عن مذهبه الشعري بغرض تعريف القارئ العربي بشعراء الغرب ، وقد شارك كتاب الافتتاحيات بالترويج لشعراء الغرب فخصصوا جزءا من بعض الافتتاحيات للتعريف بشاعر غربي أو لتعداد أسماء الشعراء الغربيين الذين سيكتبون في مجلة شعر . 49
وهي تؤكد في كل فرصة على ” أن التراث لا ينقض ولا يموت ، وإنما يتجدد ويحيا بفضل العقول والنفوس الخلاقة النيرة من أبنائه “40 ومما دعت إليه “شعر” أن الحضارة الإنسانية واحدة ، وهي متعاقبة ومستمرة ، وما ثقافات مختلف الشعوب إلا روافد منها ولها .
لقد سلطت المجلة الأضواء على التراث الشعري العربي ونشرت قصائد قديمة أظهرت جمال القديم وحيويته وكان الفضل في ذلك لأدونيس الذي رأى ان هذا العمل إنما ” هو إعادة نظر لها مثيلتها في جميع التراثات الحية00 وأنه ضرورة قصوى لتجديد هذا التراث وإحيائه، فالتراث لا قيمة له إن لم يعش فينا ومعنا ،ولا يتم ذلك إلا بإعادة النظر فيه وتقييمه ليرضي أذواقنا ويتجاوب مع حياتنا الراهنة ” 67 . وقد وضح أدونيس أن اختيار هذه النصوص لم يكن القصد منه الحكم بل كان بصدد انتقائه من زاوية جمالية أو فنية تكون سائغة لنا اليوم وأنتقاء ما هو ذو لذة دائمة خالدة .68
ب‌- المجتمع :
انتقدت الحركة على لسان محي الدين محمد المجتمع ,ودعت إلى الثورة عليه وله؛ لإنه غير قادر على استيعاب الشاعر الثائر الكاشف المجنون ولأن أي تواصل مع هذا المجتمع العاجز يوقع الشاعر في السقوط الذي يجعله يجتر الأشكال الشعرية القديمة ويحول دون إبداعه ، فالشاعر الذي ارتضى هذا التلاحم العميق بين بالكائنات وبالتجربة هو شاعر متخلف .53
وأكدت المجلة في أكثر من عدد أنها مجلة للشعر وللشعر فقط ، وأنه ليس لها أي إيديولوجية تسير عليها .
وقد أحزن المجلة الموقف السلبي الذي اتخذته بعض الحكومات العربية منها ،و حاولت تعليل سبب هذا العداء ولكنها لم تتوصل إلى سبب مقنع سوى رغبة هذه الحكومات التي تسد منافذها أمام المجلة لكي تلتزم هذا المذهب او ذاك ؟20
لقد حددت شعر حجم الخطر الذي يحيط بالمجتمع ، فهو مجتمع متخلف يؤثر في الشعراء والشعر، والتخلف الذي يعاني منه المجتمع هو في الغالب تخلف تكنيكي يدفع الكثيرين إلى رفض كثير من الأمور المقبولة .93
دعت المجلة إلى التمرد على الأنظمة البشرية القائمة لأنها جامدة ومهترئة وبحاجة إلى روح جديدة متجددة .وقد حضت دائما الأجيال على الثورة والتمرد على هذه الأنظمة البشرية وأن تثور من أجل الحرية الإنسانية بكل معانيها وأبعادها .
وأكدت مجلة شعر وقوفها مع المجتمع من وقوفها مع الكتاب الذين منعوا من الكتابة في أقطارهم , ومن خلال دفاعها عن الذين صودرت كلمتهم ؛فقد هاجمت المراجع الدينية في الجمهورية اللبنانية لإنها لم تحصر خلافها مع صادق جلال العظم في النطاق الديني وأكدت على دعوتها فصل الدين عن الدولة .تقول : ” كان من حق هذا المرجع أو ذاك ، في النطاق الديني أن يصدر حكمه على الخصم وانتاجه الفكري ، فيعلنه – كما يفعل المرجع الكاثوليكي مثلا – خارجا على الفكر الرسمي ، فيوصي المؤمنين بعدم قراءة النتاج واضعا إياه في ما يسمى بـ(الإندكس) ” 96

القضية الخامسة :
وظيفة الشعر
أرادت “شعر ” شعرا يقود الإنسان إلى عتبات ما لم يخلق (98)،فهو فعل إبداعي ينطلق نحو تغيير العالم ، والشاعر ذات فاعلة مميزة يندفع لتأسيس شعر حديث وإقامة علاقة جديدة بين الشعر والعالم (99). وقد كان موقف مجلة شعر من الالتزام أحد الأسباب التي فجرت خلافا حادا مع المجلة القومية (الآداب ) 25إذ رأى يوسف الخال ” أن الفنان الأصيل تبعا لأصالته فنان ملتزم فهو يعكس الحياة بجميع ابعدها ومشاكلها وقضاياها ” 26 وهذا يعني أن الشاعر الأصيل “ملتزم بكل هم إنساني ، غير منغلق على قضايا محددة أو وقائع مجتزأة ، أو مذهب سياسي ، فكل شعر هو شعر ملتزم ، ملتزم في وعي الشاعر هذا الالتزام لا ينجم عن اتخاذ موقف سياسي عن كون الشاعر يقدم كل طاقات الشخص لهذا الملقى مع العالم “27.
لقد نأت مجلة شعر بنفسها عن أي بيان سياسي وهذا يتمشى مع سياستها، ولكنها نسيت أن الشعر ديوان العرب وأنه علمهم وحديثهم اليومي وغزلهم وبكاؤهم وفرحهم ،وأن الأديب هو ابن المجتمع وأن الحياة حقيقة اجتماعية فكيف لا يعبر الأدب عن المجتمع وأحواله ؟ إن المبدأ الذي ألزمت نفسها به مجلة شعر هو مبدأ يحتاج إلى تفسير ومعرفة دوافعه الحقيقية ؛ فهم يعرفون أن الشعوب العربية في مرحلة يقظة ونهوض وتحيط بها الأخطار من كل صوب ومع ذلك يهاجمون من يدعو إلى الالتزام .قال يوسف الخال عام 1959، أي بعد النكبة وبعد الهجوم الثلاثي على مصر ، : “نحن ندرك أن الشعوب العربية في مرحلة يقظة ونهوض وأن هنالك من يدعون إلى ما يسمونه بـ(الأدب المناضل) أو بـ (الأدب الملتزم ) اعتقادا منهم بأن على الأدباء عامة ، والشعراء خاصة واجب الإسهام في معركة اليقظة والنهوض وهم في ذلك ينظرون إلى مثل هذا الواجب من وجهة نظر قد لا نخالفهم فيها ، ولكننا نخالفهم حقا باعتبارها وجهة النظر الوحيدة ، فواجب الإسهام في معركة اليقظة والنهوض نؤديه كذلك بتعميق فهمنا للتراث العربي وشراكتنا الفعلية الحقة في التراث الإنساني وتعزيز مفهومنا للشعر على انه سبيل معرفة ورؤيا ”
وفي عام 1968 عاد يوسف الخال ليؤكد أن التغيير المحتوم الوقوع ، كشرط لتحررهم وحياتهم، يشتمل على الأسس العميقة الجذور ولا يتوقف عند حدود تغيير الحكومات 00وأن نكسة حزيران00 سببها الرئيسي نكسة العقل العربي المسامر دون تقدم منذ مئات السنين . نكسة التخلف العقلي والروحي والنفسي “29 و في عام 1970 كانت كلمات يوسف الخال أشد قسوة على الملتزمين والداعين إلى الالتزام إذ يقول : ” هي كلمة الالتزام التي أخذناها على طريقتنا ، كما أخذنا سواها من الكليشهات المعاصرة ، وملأناها حقدا وجهلا . صارت سلاحا في محاربة الفكر الحر والفن الحقيقي الأصيل –سلاحا مبتذلا مزيفا “30
ويرى يوسف الخال أن ما جرى للالتزام جرى للثورية العربية “التي ركبت مطية للسلطة. وإذا كان ذلك أفسدها ، فلأنها كانت في الأصل فارغة من المضمون الحقيقي وهكذا وجدها القلة من الجيل الطالع الفاهم لحقيقة الثورة وجها آخر للرجعية أشد خطرا على المصير “31 وينتهي يوسف الخال باتهام الثورية والالتزام بأنهما أهم أسباب هزيمة حزيران إذ يقول : “ومن دلائل الأمل أن توضع الثورية العربية التي انهزمت في حزيران 67في قفص الاتهام وأن تعم الدعوة إلى الثورية الحقيقية القائمة على الرفض المسؤول والنقد الذاتي البناء “32

لقد طبقت مجلة شعر الالتزام ودعت إليه حين ألزمت نفسها بالحديث عن الشعر، وما يتعلق بالشعر فقط .” فليس على أولئك الذين يمارسون فن الشعر في زمن كزماننا ، كتابة الشعر السياسي أو محاولة حل مشاكل عصرهم بقصائدهم ، بل عليهم ممارسة فنهم لأجل أغراض فنهم وبمستلزمات فنهم ” 37 ولكن مجلة شعر دخلت في متاهة أوسع من المتاهة التي دخلها الملتزمون ” يقول يوسف الخال : “وقد لا يضيرها ، نظريا أن تستند إلى الينابيع الثورية الصافية عند ماركس وانجلز وتتخذ لها فيتنام وكوبا مثالا يقتدى به عمليا “33 أي إنه يريد أن يصنع إنسانا عربيا جديدا كي ينتصر ولا أظنه يجهل كم من الوقت يلزمنا لإقناع هؤلاء بماركس وكاسترو . ثم إن يوسف الخال يرى أن العدو يريدنا أن نفقد الذوق ” أن نفقد الحس الجمالي . فالذوق ،أو الحس الجمالي ، هو جوهر التحضر . بدونه نحن على الهامش “34. إذن فإن يوسف الخال يحارب في جبهة أخرى أصعب وأشد إن أحسن الهجوم والإعداد والطريقة . ولكي تخفف مجلة شعر من حدة الخطاب والتهم التي وجهت إليها نتيجة التصاقها بالشعر ونأيها بنفسها عن السياسة وقضايا الأمة نشرت عددا خاصا عن الجزائر لتؤكد على أنها تكافح كما يكافح الآخرون ولكن بطريقة أوعى وأنجع 69. وفي شعر حاولت أن تعطي صورة عن الروح النابضة في فلسطين المحتلة . وهنا يتساءل كثيرون هل بالتزام مجلة شعر مبدأ نشر الشعر الثوري نمّت الذائقة العربية أم أحدثت فوضى شعرية دعت إليها كثيرا ؟
آمنت حركة شعر إيمانا مطلقا ” بقدسية الشخص الإنساني وحريته وكرامته ” 28″ وأن الأنسان الجديد يعايش القديم ، تماما كما تعايش النبتة الجديدة النبتة القديمة التي غرست بذورها 00 وأن الإنسان ، في حياته وموته ، وسعادته وشقائه ، وأمله وخيبته ، هو وحده موضوع العمل الأدبي والفني الخالد ” 41وهي بذلك تستند إلى البعد الوجودي في تنظيرها النقدي وهو نفسه البعد الذي الذي استندت إليه في تحديد مضمون الشعر الحديث فجعلت الإنسان هو موضوع العمل الشعري الأول .فالإنسان أهم من الإيديولوجيا والشخص وحريته هما في المقام الأول، وقبل كل شيء. 66

القضية السادسة :أحوال مجلة شعر:
أ – الخلافات الداخلية :
” نحن بضعة أشخاص ، وسوانا ، هربنا من الطمأنينة الخائفة ورمينا أنفسنا في الحياة حيث الشعر على بعد شعرة وحيث هو كالفجر بعيد وراء القرى 00وحيث يمضي غيرنا ببطء نريد أن نمضي بسرعة وحيث يذهبون قريبا نريد أن نمضي أبعد ما يكون “82
كان الذين هيأوا لهذه المجلة وشاركوا في التخطيط لها وفي مقدمتهم يوسف الخال وأدونيس يؤسسون بوعي كامل لمرحلة جديدة من الأدب العربي. ولكنهم تشتتوا وتفرقوا و فقدت مجلة شعر ” في الطريق بعض الأصدقاء فمنهم من مات ومنهم من غير رأيه ومنهم من نفد صبره ، ومنهم من تركنا “81.
“أذكر كانوا حزمة من العصي
كل واحد
منهم شق في البحار
درب ثورة ، فجر ماء
من مجامع الصخور .
فجأة
قست عليهم الرياح ، سقطوا ،
تناثروا هنا، هناك ، واحتموا
تناثروا هنا ، هناك ،واحتموا ” 35
إن المرارة التي اعتصر بها قلب يوسف الخال قد بدت على كلماته في عدد التوقف عام 1964. لم يكن إعلان التوقف مفاجئا لمتابع خطى سير “شعر” التي كانت تتعثر , ولعل الإحساس بعدم الأمان الذي رأيناه في افتتاحيات كثير من الأعداد36 أظهرت عمق الازمة التي تمر بها مجلة شعر ،. وليس أدل على هذه الأزمة من البيان الذي حمل ألأسئلة المميتة التي تفجرت على صفحة العدد السابع والعشرين ، الأسئلة التي فجرها يوسف الخال لتعبر عن أزمة عميقة تحاصر مجلة شعر. ولو رجعنا إلى القصيدة السابقة ، لوجدنا أنها تمتلئ بما يدل على أزمة داخلية في مجلة شعر فهي تتحدث عن الانقسامات والاختلافات , ولن يجد القارئ صعوبة في معرفة أن القصيدة تشير إلى سقوط بعض الأعضاء وتخليهم عن (شعر) في منتصف طريقها أي تخليهم عن دعوتها ومبادئها ونظرتها للشعر .
فقد تخلى عن المجلة محمد الماغوط بل انقلب عليها، ونشر مقالة في مجلة الآداب يتهم فيها أعضاء التجمع بالعمالة ، وضحالة الموهبة ، وينتقص فيها من قدرهم ويحط من قدر قصائدهم النثرية . 85، وترك المجلة خليل حاوي وكان شارك في تأسيسها ثم انفصل عنها لأسباب ايديولوجية .وأما الصدمة الكبرى التي عصفت بالمجلة فكانت ترك أودونيس لها بسبب الانتماء الثقافي.88

ب – الخلافات الخارجية :
كان طبيعيا أن تثير مجلة شعر اهتمام الأوساط الثقافية والثقافية الطليعية في العالم العربي ، لأنها منذ نشوئها ، أخذت تخلق على صعيد الشعر مناخا جديدا وقيما جديدة . وإن ما تبنته من دعوات ليبرالية ثورية أدخلها في نفق صدامي مع مجلة الآداب البيروتية بخطابها القومي .

اتهمت مجلة شعر بأنها شعوبية وحزبية وتشجع أساليب شعرية الغاية منها تهديم التراث العربي وذلك بتبنيها قصيدة النثر . ونشر الفوضى وبث الرفض وجعل التطرف والجنون شرعة لها وأنها تدعي إلى ذلك انها تمثل حقا التيارات الجديدة في الأدب العربي . وقد كانت بذلك تشارك مشاركة فعالة في التمهيد لهذه المؤامرة .65

أظهرت الافتتاحيات أن مجلة شعر كانت في البداية فخورة بردود الفعل التي ولدتها في الأوساط الشعرية والثقافية في العالم العربي كله ،ورأت فيها دليلا على حيوية هذا العالم وطاقاته العظيمة 58 ولكن هذا الفخر سرعان ما تحول إلى غضب ، وبخاصة بعد أن قادت مجلة الآداب حملة شعواء ضدها ،وصلت إلى حد كيل الاتهامات واستعداء السلطة عليها .
لقد اختارت شعر طريق الثورة والتمرد والرفض، وسلكت سبيل الشك والبحث واعتمدت التعبير الصادق عن التجارب الإنسانية الصادقة وهي تعلم أنها اختارت بذلك حياة التضحية والشهادة واحتمال الأذى . 70
أظهرت الافتتاحيات أن الخلاف مع مجلة الآداب كان خلافا سياسيا وليس ثقافيا ولا شعريا . وقد أكدت شعر هذا الكلام في أكثر من عدد . 59 وكررت أكثر من مرة أن هذه التهم غير شعرية أي لا تتعلق بمجلة شعر من حيث أنها حركة شعرية تعمل على تطوير الشعر العربي وإغنائه
إنها ” مجموعة من التهم المختلقة ، لا تتصل ’ فنيا وفكريا بالشعر أو بالتجديد ” 63وإن هذه التهم لا تصدر بطبيعتها عن نية صادقة في خدمة الشعر العربي وإن المآخذ هي مآخذ سياسية ومكان نقاشها يجب أن يكون في غير مجلات الأدب ، ويؤكد سوء النية والقصد – شيئان : الأول هو أنه لم يتقدم أحد من مطلقي هذه التهم ضد مجلة شعر بدراسة واحدة ذات سويةةوعمق . والثاني استعداء مجلة الآداب السلطة علانية على مجلة شعر . 64
أما تهمة الشعوبية 71فقد رأت المجلة أنها فكرة ذات منشأ سياسي ديني في عصر يجب ان نتجه فيه اتجاها علمانيا إنسانيا ، ورفضت شعر أن تكون العروبة درجات يوزعها معلم على تلاميذه ،أو أن تكون خيطا وحيد اللون ، ورأت شعر أن زج الثقافة في هذا الأمر يمسخ الحيوية والتجدد .72
أما تهمة الحزبية ، أي انتماء أدونيس ويوسف الخال إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي،فلم تترد المجلة في إعطاء القارئ العربي ما يؤكد انسحابهما من هذا الحزب .73
ولكن إثارة مجلة شعر قضايا كانت تستند إلى أفكار أنطوان سعادة منها ما يتعلق بالموقف من القومية العربية والتراث العربي والتجديد في المفهوم الشعري قد جلبت لها كثيرا من الأعداء . وقد أشار أدونيس إلى أن كتاب أنطوان سعادة (الصراع الفكري في الأدب السوري ) لأنطوان سعادة كان صاحب الأثر الأول في أفكاره وتوجهه الشعري (100).وقد أثارت هذه الدعوات صخبا اتهاميا وفرض عليها عزلة عندما منعت من الدخول إلى سوريا والعراق .
ولم تكن مجلة الآداب وحدها من وقف في وجه حركة شعر بل وقف الكثيرون ضدها ولعل أهم هؤلاء نازك الملائكة التي كانت تحضر اجتماعات شعر الأسبوعية في المرحلة الأولى من عمر المجلة . لقد كتبت نازك مقالات نقدية جارحة اتهمت فيها مجلة شعر بالكذب والتدمير المقصود للشعر العربي .

منعت مجلة شعر في بعض الدول العربية ، وقد قيل لها أن تساير فلا تنشر لبعض الشعراء كي يتاح لها الدخول إلى البلاد العربية كلها، ولكنها رفضت هذه المساومة ونشرت لناظم حكمت وبلند الحيدري وسعدي يوسف وبدوي الجبل وآخرين 91

وبعد ما رأت مجلة شعر من غياب ظاهرة الانتصار للحقيقة والحق في بلادنا -كما قالت -” فمعظم المثقفين عندنا أحد اثنين : جبان أو تاجر “74 أعلنت شعر أنها ستترك لأصحاب التهم أن يلفقوا ما شاءوا ؛لأن حركة شعر لن تترك نشاطها يلهو بمثل هذه الأمور فهو يجب أن يكون وقفا على تفجير الكوامن العظيمة في الروح العربية. 75

ج- التوقف :
توقفت مجلة شعر في خريف عام 1964 ، ثم عادت بعد ثلاث سنوات للصدور عن دار النهار للنشر عام 1967 ثم توقفت مرة ثانية ونهائية عام 1970 .

لم تستطع مجلة شعر أن تواجه العواصف الكثيرة التي هاجمتها ،ولم تستطع الاستمرار على عطاء هيئة تحريرها المحدودة وبضعة الشعراء الذين يكتبون فيها ولذا فقد توقفت عن الصدور. توقفت بعد أن شكلت بدراساتها مرجعية نقدية تركت آثارا لا يمكن إنكارها في الخطاب النقدي المعاصر ، فقد أسس برؤى مختلفة للعديد من القضايا الحداثية ولا سيما مسألة الشعر الحديث ،.
توقفت مجلة شعر لأسباب وظروف كثيرة لم تستطع تجاوزها ، منها الخلافات الداخلية ذلك أن أعضاء التجمع ” منهم من يئس على صعيد المجلة ، ومنهم من بلغ يأسه حد التخلي عن شعر ، الذي قادها إلى إعلان التوقف “83 . والخلافات الخارجية ، التي وضحناها سابقا .

قال يوسف الخال في بيانه: “بعد أن فرض مضمون حياتنا الحديثة تعديلا على الأشكال الشعرية القديمة 00أدركت الحركة أن هذا التعديل الذي لم يصب إلا البحور الشعرية لا موسيقاها ،غير كاف لنقل التجربة الشعرية إلى الآخرين نقلا عفويا حيا صادقا . كانت الحركة تظن أن تحطيم الأوزان التقليدية الرتيبة بالتلاعب بتفعيلاتها ،يحقق مثل هذا النقل العفوي الحي الصادق ، بل إن الاستغناء عن هذه الأوزان جملة ، باعتماد الايقاع الشخصي الداخلي يحرر الشاعر اكثر فأكثر نحو فضح أسراره ودخائله . غير أن هذه الخطوة الكبرى لم تحقق من الغاية إلا بعضها . وهكذا اصطدمت الحركة بجدار اللغة : فإما أن تخترقه أو أن تقع صريعة أمامه 00 على أن ما حققته مجلة شعر حتى الآن كان أساسيا وطبيعيا للوقوف وجها لوجه ، مرة وإلى الأبد أمام الجدار الحقيقي الفاصل بين الشعر العربي القديم وبين الشعر العربي الحديث . ولذلك تنهي مجلة شعر السنوات الثماني الأولى من حياتها بالتوقف عن الصدور “84

توقفت مجلة شعر ولكن تجربتها الثقافية تجربة حضارية هامة ينبغي دراستها والاستفادة منها وتجاوز كل ما أحاط به هذه المجلة من لغط وقذف واتهامات .فقد التقى على صفحات شعر عدد كبير من الشعراء وانطلق من مطبعة شعر مجموعة قيمة من الكتب .62

الخاتمة :
لقد حاولت في هذه الدراسة أن أقدم صورة عما حملته افتتاحيات مجلة شعر من اتجاهات ودعوات ومواقف وأحوال . وسأجمل فيما يلي بعضا من القضايا التي تناولتها الدراسة والأمور التي توصلت إليها .
لقد بينت الدراسة لافتتاحيات أعداد مجلة شعر مبادئ القائمين على هذه المجلة ،واتجاهاتهم. وقد كشفت الافتتاحيات عن كثير من الأمور المتعلقة بمجلة شعر والأمور المتعلقة بالقائمين عليها .وقد وجد الباحث أن موقف المجلة من الشعر والتراث والإنسان والعلاقة مع الغرب محاور دارت حولها معظم الافتتاحيات ولذلك رصد الباحث بعناية موقف “شعر” من الشعر ووظيفته وماهيته وطبيعته وموقفها من المجتمع والتراث . لقدعكست افتتاحيات (تجمع شعر ) علاقتهم مع بعضهم بعضا وعلاقتهم مع المعارضين. وأعطت الافتتاحيات صورة صادقة عن شراسة الهجمة التي واجهتها ( شعر ) وكذلك أعطت الافتتاحيات صورة عن حالة الشعر في تلك الفترة ،وما يدور على الساحة الأدبية من حراك وتمرد أو تمترس خلف القديم من التراث . ولذلك عني الباحث بتتبع أحوال المجلة ورصد أصداء الخلافات الداخلية والخلافات الخارجية في افتتاحياتها لما لها من علاقة بالدعوة إلى تجديد الشعر العربي التي كانت تتبناها مجلة شعر .
ولأن ظاهرة شعر الفريدة في التاريخ العربي جديرة بأن تدرس دراسة متعمقة واعية محايدة حاول الباحث أن يتبين من الافتتاحيات صلابة المدافعين وصدقهم في الدفاع عن مبادئهم وشعرهم .
أما موقف شعر من الالتزام فقد شكل القضية الأخيرة من الدراسة ، فهي قضية أخذت مساحة واسعة من صفحات الافتتاحيات وكانت مدار نقاش وجدل حادين .
ولكن السؤال الذي يجب أن تكون إجابته حاضرة في هذا البحث هو هل كان لتجمع شعر نظرية شعرية ، وهل صدرت عن فلسفة محددة أو أفكار واضحة ، وهل كانت دعوتهم متسقة وقوية وشاملة ؟
إن التشتت الذي أصابهم قد يجيب عن بعض هذه الأسئلة ولكن التشتت الذي كانت عليه دعوتهم قد وضح في افتتاحيات المجلة وفي ممارسات تجمع شعر ، إذ كشفت المجلة عن أهداف واضحة ولكنها لم تكشف عن شمولية في هذه الهداف لنهم لا ينطلقون من فلسفة واضحة محددة وهم يسعون إلى شعر يحاكي الشعر الغربي ظنا منهم أنه هو المثل الأعلى .

الهامش:

1 – المقصود بتجمع شعر :الشعراء والنقاد الذين نشطوا في إطار مجلة شعر ودار النشر التي أنشأتها المجلة ومنتداها النقدي .
2- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ، العددان 33، 34،شتاء ربيع 1967,ص 7 .
3- عزام، محمد، الحداثة الشعرية ، منشورات دار الكتاب العربي ،1995، ص42وللتعرف إلى هذا البيان انظر العددين 31،32، السنة الثامنة ، صيف وخريف 1964، ص ص 6، 7 .
4- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 1، السنة الأولى ، كانون ثاني 1957 ، ص 4.
5- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22 ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص16.
6- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص16.
7- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 18 ، السنة الخامسة ، ربيع 1961, ص 7 .
8- مجلة شعر ، العدد 21، السنة السادسة ، شتاء 1962، ص 5 .
9- مجلة شعر ، العدد الواحد والعشرون ،السنة السادسة، شتاء 1962،ص 6.
10- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 38 ، ربيع 1968 ، ص 8.
11- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961، ص5.
12- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961,ص 5.
13- مجلة شعر، العدد الثامن عشر ، السنة الخامسة ، ربيع 1961،ص 7.
14- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 15 ، صيف 1960، ص5 .
15- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 12 ،السنة الثالثة ، أيلول1959 ، ص5 .
16- انظر: مجلة شعر ، العدد 12، السنة الثالثة ، أيلول1959 ،ص6 .
17 – هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 39 ، خريف 1968، ص 7.
18- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 39 ، خريف 1968، ص 8.
19- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 16، السنة الرابعة خريف 1960 ،ص 7.
20- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع1 ،السنة الأولى ، كانون ثاني 1957 ،ص 2
21- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37، شتاء 1968 ، ص8.
22- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 10، السنة الثالثة نيسان 1958 ، ص 2
23- .أنظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ، العددين السابع والثامن ، السنة الثانية , تموز –أيلول 1958، ص4.
24- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص8.
25- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص8.
26- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص8 .
27- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 33،34 ، شتاء وربيع 1967،ص 7.
28- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص7 .
29- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 1، السنة الأولى ، شتاء 1957 ،ص 3
30- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961، ص 5
31- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961 ، ص5 .
32- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 31،32 ، السنة الثامنة ، صيف وخريف 1964 ، ص7
33- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ، العددان 31،32 ، السنة الثامنة ، صيف وخريف 1964،ص 8
34- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 33،34 ، شتاء وربيع 1967 ،ص7.
35- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص7 .
36- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19 ، السنة الخامسة ، صيف 1961 ،ص 5 .
37- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 1 ، السنة الأولى ، كانون الثاني ، 1957، ص3 .
38- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961 ، ص 5 .
39- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 11 ، السنة الثالثة ، حزيران 1959، ص 6 .
40- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 20، السنة الخامسة ، خريف 1961 ، ص 7 .
41- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 20 ، السنة الخامسة ، خريف 1961،ص 7 .
42- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 21، السنة السادسة ، شتاء 1962 ,ص3 .
43- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 10، السنة الثالثة ، نيسان 1959 ، ص 4 .
44- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 31، 32 ، السنة الثامنة ، صيف وخريف 1964، ص 7 .
45- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 36 ،خريف 1967 ، ص 9 .
46- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددين 31، 32 ، السنة الثامنة ، صيف خريف 1964 ، ص 128
47- أبو سيف ،ساندي سالم ،قضايا النقد والحداثة , المؤسسة العربية للدراسة والنشر ، ط1 ، 2005, ص181.
48- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص7.
49- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37،شتاء 1968، ص 8 .
50- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 39 ، خريف 1968 ،ص 6
51- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19، السنة الخامسة ، صيف 1961،ص8.
52- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 15، السنة الرابعة ، صيف 1960،ص ص5 ,6 .
53- أنظر افتتاحيات مجلة شعر، الأعداد : – 16 ، السنة الرابعة ، 1960، ص ص 5,6 .
– 18 ، السنة الخامسة ، ربيع 1961 ، ص 7 .
– 17 ، السنة الخامسة ، شتاء ، 1961 ، ص 8 .
– 19 ، السنة الخامسة ، صيف 1961 ، ص ص 7، 8
54- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص7 .
55- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 15 ، السنة الرابعة ، صيف 1960 , ص ص7 ,8.
56- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 15 ، السنة الرابعة ، صيف 1960 , ص8.
57- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 31، شتاء 1962 ، ص4 .
58- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 16، السنة الرابعة خريف 1960 ،ص8.
59- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 16، السنة الرابعة خريف 1960،ص8.
60- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 16، ص 9.
61- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 3.
62- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 12، أيلول 1959، ص4 .
63- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 37 , شتاء 1968، ص7 .
64- – انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، العدد الثاني والعشرين ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص10.
65- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ، العددان 31، 32 ، شتاء ربيع 1967 ، ص7 .
66- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 31، 32 ، شتاء ربيع 1967 ، ص8 .
67- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،العددان 31 ،32،السنة الثامنة صيف وخريف1964 ، ص9.
68- أنظر: مجلة الآداب ، عدد 1 ، كانون ثاني 1962، ص 68 .
69- ينظر :أبو سيف ،ساندي سالم ،قضايا النقد والحداثة ،ص 120.
70- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، العددالثاني والعشرون ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص 7.
71- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص ص6،7 .
72- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، العددالثاني والعشرون ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص6.
73- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، العدد الثاني والعشرون ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص ص ص6 ,7.
74- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 19 السنة الخامسة ، صيف 1961 ، ص6 .
75- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22،السنة السادسة ، ربيع 1962، ص ص 7- 11 .
76- أنظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص ص 7- 11 . وانظر جريدة النهار البيروتية ، العدد 3756 ،تاريخ كانون أول ،1947 .
77- انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22 ، السنة السادسة ، ربيع 1962 ، ص15 .
78- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22 ، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص 7 .
79- – انظر: هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 22، السنة السادسة ، ربيع 1962، ص8 .
80- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 29 ، السنة الثامنة، شتاء 1964 ، ص 7 .
81- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 29 ، السنة الثامنة، شتاء 1964 ، ص ص 7، 8 .
82- انظر :(هؤلاء الذين ظهروا في مجلة شعر ) و(هذه المؤلفات صدرت عن دار مجلة شعر ) مجلة شعر، العددان 31، 32 ، السنة الثامنة ، صيف وخريف 1964، ص ص 6, 5 .
83- انظر أبو سيف ، ساندي سالم ، قضايا النقد والحداثة ، دار الفارس للنشر والتوزيع ، عمان ط1، 2005 ، ص ص 14، 18 .
84- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، صيف 1970 ، ، ص5 .
85- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، صيف 1970 ، ص5.
86- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 38 ، ربيع 1968، ص 7.
87- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 5.
88- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 5.
89- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 5.
90- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 1 ، السنة الأولى ،كانون ثاني 1957, ص4 . .
91- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 5.
92- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 44، خريف 1970 ، ص 5.
93- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 17، السنة الخامسة ، شتاء 1961.ص 7 .
94- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع 12، أيلول 1959، ص4.
95- انظر : هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع11،س3، حزيران ،1959،ص6.
96- هيئة التحرير ،أخبار وقضايا ، شعر ،ع 19، س5، صيف ، 1960. ص 5.
97- هيئة التحرير، الافتتاحية ، شعر ،ع1، س1، كانون ثاني ، 1975،ص3.
98- انظر : هيئة التحرير ، إلى القارئ ، شعر ، ع19، س5، 1961،ص5.
99- انظر: ساندي ، المرجع السابق ، ص 56.
100- أنظر :نفسه ،ص30.
101- هيئة التحرير ،الافتتاحية ، شعر ،ع4، س1،1957،ص3.
102- هيئة التحرير ، إلى القارئ ، ع20، س5، خريف ، 1961،ص7.
103- مهدي ، سامي ، أفق الحداثة وحداثة النمط ، دار الشؤون الثقافية العامة ، العراق ، بغداد ، 1988، ص ص 32-33.

المصادر والمراجع
المصادر :
1- مجلة شعر ، الأعداد جميعها ، بيروت .
2- مجلة الآداب ، عدد 1 ، كانون ثاني 1962.
المراجع :
1- مهدي ،سامي، أفق الحداثة وحداثة النمط، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد ، 1988.
2- أبو سيف، ساندي سالم، قضايا النقد والحداثة، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان 2005.
3- عزام ،محمد، الحداثة الشعرية، منشورات دار الكتاب العربي،1995.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *