إشارة :
أمام هذا النشاط الثر والمُثقل بالأطروحات الجديدة للناقد العراقي المبدع “علاء حمد” لابُدّ من تقديم التحية له على هذه السلسلة من الكتب والدراسات التي تحمل بصمة نقدية مُميّزة وسمة أسلوبية خاصة ، والأهم هو وفاؤها للابداع العراقي ورموزه التي تعاني قلّة الاهتمام من نقّاد وطنها برغم علوّ كعب منجزها. تحيي أسرة موقع الناقد العراقي الناقد علاء حمد وتشكره على ما يخص به الموقع من دراسات وتتمنى له الصحة الدائمة والإبداع المتجدد. كما تحيي روحه العراقي الغيور وهو يهدي دراساته (إلى انتفاضة ساحة التحرير المجيدة).
يرافق المتخيل فعل المحسوس في التصورات التي تنتاب الشاعر، ويرافقه أيضا في تشييد الصور الذهنية المقروءة، وهناك نسب معينة للمحسوس وهو يؤدي مهمته وتدخلاته مع فعل المتخيل، فإذا تدخل بشكل كلي فسوف يسيطر على المساحة الذاتية، لذلك معظم تحركاته هي تحركات جزئية إلى جانب فعل المتخيل ليؤديا مهامهما في الهدم والبناء وإيجاد لغة خاصة في التفكر الشعري، حيث يذهبا إلى التلقائية والتلقائية الذاتية، هذه المهام في حالة تحولات الذات من الذات العادية إلى الذات الحقيقية والتي تميل إلى الثقل الشعري في النصّ الشعري الحديث..
يتحرر المحسوس عندما يتجه باتجاهات عديدة وله أبعاده في رصد الموضوع الذاتي فالعلاقات التي يبنيها علاقات داخلية وعلاقات خارجية.. فالمحسوس ينظر إلى القدرة الخيالية ويقتحم أبوابها ليؤثر على الحس الداخلي، وله القدرة على التفاعل مع البعد الجمالي الحسي، وهيكيلة البناء بين الصورة والمادة، إذ أنّ تحركاته الخارجية ترصد المادة أولا وترصد الأبعاد البصرية، فالمحسوس البصري هو واحد من الاشتغالات الخارجية في تقدير الأبعاد وتقريب الأشياء البعيدة.. إنّ التفاعلات ضرورية ومطلوبة، كتفاعل الذات مع الموضوع، وتفاعل المحسوس مع الصور، والتفاعل بين اللغة ومحيطها، والتفاعل بين الواقع والعقل، أي نقل الأبعاد المعقولة والضرورية من خلال التصوير الخارجي، أما بالنسبة للغة ومحيطها، فالاندماج ضرورة من ضرورات التفاعل بينهما..
ليس أمامنا ثوابت نذكرها، اعتبارا من الدلالة الذاتية المفتوحة وإلى انفتاح المتخيل الذي ترسمه الذات، وخير رفيق له، هو المحسوس ( ولو أنّه يعمل بشكل جزئي عند ظهور المتخيل ) ولكنه يرافق المتخيل في الأبعاد الذاتية وتعدد الصور الحسية التي لها الأثر والفعالية في النصّ الشعري الحديث..
نذهب مع الشاعر العراقي الراحل د. سعد الصالحي، والذي له وقفاته النصية في دعم قصيدة النثر، خصوصا أن الشاعر رحل دون أن يكمل مشاريعه الأدبية ومنها الشعرية بالخصوص، لذلك ومن خلال الأبعاد الذاتية لدى الشاعر سنكون مع البعد الخيالي وأبعاد المحسوس وتدخلاته في الإدراكيات والتفكر والتذكر وكيفية حجم النصّ وعلاقاته بالمعاني والتأويلات والتبدلات الاستعارية والتشبيهية..
تُرى
من أخرج الأعراب لذي قار
من قمقم الصحراء
بدرا ؟
حين وقفَ أمام جدارٍ من رؤاه
… …
يرى بعضَ وجههِ هدراً
وكلَّ ما تَبَقَّى
نزيفاً ..
للميــــــــــــــــــــــاه ؟
قالَ :
اليومَ أتممتُ عليكم حزنَ الخليجِ
وغربةَ الأنهارِ في ثغر السوادْ
… … …
ثمَّ
غ
ا
د
ر
من قصيدة : أتممتُ عليكم – د . سعد الصالحي
إنّ العمل النصي، رؤية تأسيسية غير تقليدية تتمتع بمساحة من بنية لغوية توليدية؛ لذلك تعتدي الجمل على بعضها بمكونات متقاربة، وفي حالة الاختلاف تبدأ الجملة بمطلع جديد لبنية صغيرة جديدة، وهذا مالاحظناه في نصوص الشاعر العراقي الراحل سعد الصالحي، حيث شكلت انتقالاته بين المعاني من خلال عنصر المتخيل برفقة المحسوس ليتوصل إلى الحس الجمالي ويطرق أبواب منظومة الدهشة..
تُرى + من أخرج الأعراب لذي قار + من قمقم الصحراء + بدرا ؟ + حين وقفَ أمام جدارٍ من رؤاه
يرى بعضَ وجههِ هدراً + وكلَّ ما تَبَقَّى + نزيفاً ..+ للميــــــــــــــــــــــاه ؟
قالَ :+ اليومَ أتممتُ عليكم حزنَ الخليجِ + وغربةَ الأنهارِ في ثغر السوادْ
ثمّ = غ + ا + د + ر
كأننا أمام ثلاثة نصوص حرّرها الباث من الذات وأطلقها للآخرين، وفي نفس الوقت لازمت اللغة الشعرية الإبلاغية النصوص الثلاثة، مرافقة فعل المتخيل، فأصبح لدينا، فعل المتخيل + اللغة الإبلاغية، فالمرافقة هنا مرافقة المحسوس الجزئي، وذلك لأن الشاعر ومن خلال البعد الحسي الداخلي مال إلى محافظة ذي قار، وهي من المحافظات المهمة في جنوب العراق، وقدمت الشهداء تلو الشهداء.. إذن برهنة المحسوس وظهوره إلى جانب فعل المتخيل، استطاعا أن يوجدا ناصية للاتكاء عليها..
كلّ نصّ يحيلنا إلى موضوع، ومن خلال الموضوع يحيلنا إلى بعض الأشياء، مثلا : النصّ الأول، كان موضوعه محافظة ذي قار، وعلاقتها بالصحراء، أي هناك بعض الأشياء ضمن الموضوع وكذلك الجدار، والذي وظفه الشاعر ضمن موضوع نصي، كأننا أمام تأويل محذوف، في الوقت الذي أظهر لنا الشاعر الممكنات التي تدور من حوله .. في النصّ الثاني؛ تعليل دلالي ينساق خلفه الشاعر، فالعلاقة هنا بين الشيء المدلول في الداخل، وبين الشكل الدال في الخارج .. في النصين الثالث والرابع، اعتمد المؤجلات، فعندما غادر، قد أتمم حزن الخليج، ولكن ماذا بعد عودته.. المؤجل يعني أنّ هناك الشيء المحذوف، والموضوع المؤجل، قد يظهر أو قد لايظهر، فالمحذوف من النصّ يعطي انفرادية للنصّ لايديره إلا الشاعر وهو المالك الأساسي وما يقدمه لنا من أبعاد في المنظور الشعري..
على خط النظرِ حين اقتحمَ الحلم – بيننا – صعلوكٌ أصلعٌ بنابٍ وحيد
سَألَنا :
هل من مزيدْ ؟
فصحونا بتمتماتِ مصريٍّ على بغداد
وتيهِ خطواتٍ له ُ في شارع الرشيد .
قلتُ :
هل ستدلُّ البصمات عليهِ
أم قوافي شعرهِ البالغة من العمرِ جدرانَ حاناتهْ ؟
لكنِّي تلـبّـَـثْـتُ
أستمتعُ بهطول الجداولِ
فلا أتذكر قمةً ..
ولا أتوددُ إليه مرتاباً أنه استقبلني بالورودِ
وهو الصارخُ
هاأنذا قادمٌ إليكَ وأنتَ الخائفُ مما لا أريد .
من قصيدة : في رماده الأخير – د . سعد الصالحي
الصور الشعرية لها مساحتها التحررية لكي تمتد صورة أثر صورة أخرى، كما تمتد المعاني من جملة إلى جملة أخرى، لتكتمل البنية الكبيرة بواسطة جزئيات الصور الشعرية الصغيرة ويكون الباث قد حقق جزءا من التأويلات التي رصدها في العمل القصائدي.. حيث أنّ المتخيل يبني منظوره على المختلف، والمختلف يرافق الصور الشعرية المناسبة لجسد النصّ..
على خط النظرِ حين اقتحمَ الحلم – بيننا – صعلوكٌ أصلعٌ بنابٍ وحيد + سَألَنا :+ هل من مزيدْ ؟ + فصحونا بتمتماتِ مصريٍّ على بغداد + وتيهِ خطواتٍ له ُ في شارع الرشيد .
قلتُ :+ هل ستدلُّ البصمات عليهِ + أم قوافي شعرهِ البالغة من العمرِ جدرانَ حاناتهْ ؟ + لكنِّي تلـبّـَـثْـتُ +
استمتعُ بهطول الجداولِ + فلا أتذكر قمةً ..+ ولا أتوددُ إليه مرتاباً أنه استقبلني بالورودِ + وهو الصارخُ +هاأنذا قادمٌ إليكَ وأنتَ الخائفُ مما لا أريد .
لابأس إذا ذهبنا إلى الوجه المؤجل من النصّ بواسطة الأسئلة التي طرحها الشاعر في جسد النصّ، تلك الأسئلة لاتجيب عنها العنونة، باعتبارها مستقلة، ولكن كلّ سؤال شكل منظورا مستقلا ضمن جسد النصّ ليؤدي إلى تأويل جديد، يقول د. مصطفى ناصف : (( التساؤلات المستمرة لبّ التأويل. وهي أهم بكثير من قضية مفردة أو طائفة من القضايا التي تتباهى بما بينها من تساند. التأويل يمحو ويثبت. صناعة التأويل يجب أن يأخذها سحر التقرير والتحيّز. – ص 12 – نظرية التأويل – د. مصطفى ناصف )).. تأجيل التأويل يرسم فراغا لسؤال، والسؤال هو الذي يملأ الفراغات المؤجلة، لذلك عندما تثار الأسئلة، فالنصّ يؤدي إلى بعد فلسفي..
لم يعتمد الشاعر على الضمائر الدالة على ” الأنا ” بل وظف مفردة دلت على الجماعة من خلال الضمير المتصل ” صحونا “، ومن خلالها دلّ النصّ على رؤية جماعية وليست انفرادية، وخصوصا ماطرحه على المتلقي من أبعاد لبعض مناطق بغداد المزدحمة بالمصريين في السبعينات ومنها : شارع الرشيد وسيد سلطان علي.. وكانوا يبيعون ويشترون وينامون في هذه المناطق ومجاوراتها..
طرح الشاعر بعض المفردات الدالة والتي حرّكت النصّ ولم تجعله حبيس معناه، بل كانت رؤيته الانفتاحية التي أجابت عن تلك الساؤلات.. فالأفعال : تلبثت، استمتعُ وأتودد، كلها أفعال دلت على الناطق ليوجهها ويجعلها جزءا من المنطوق، حيث أنّ الشاعر عندما رسم الأسئلة كأنه طرح المطلوب ( إثباته المغيب ).. فعندما طرح الأشياء بالمسميات، قابلته دلالات ذاتية دعمت الجملة الشعرية لكي تستمرّ بالتواصل، حيث أنّ الذات تتدخل بالإدراكيات وكذلك باللغة الإدراكية؛ وخصوصا ماظهر لنا هنا بأنّ الشاعر كان محاورا، حاور المتلقي من خلال بعض المعاني التي تزامنت مع التتابع الحركي للذات العاملة لتفرض قدرتها الكلامية ضمن القول الشعري المطروح..
وأسرفتُ بالنبيذِ
فلاحَ لي صبيٌّ
يلوِّحُ بالألقابِ على قارعة اللصوصِ
بانتظارِ من استطاب السكوتَ ليحيا
ويدفعُ الأربابَ للنعيم ..
فتشرئب نياق الحزنِ بالأعناقِ
وكذاك العنادلُ معي
لا تسكن الصحراء والشواهينُ فيها محض قسوة .
ترى هل فتحتُ باب الظلِّ
فوجدتُ النورَ في أرضٍ حرام ؟
أم أحصيتُهُم في قنابرِ التنويرِ
وعدتُ بالشهداءِ خاليَ السطوع ..!
من قصيدة : في رماده الأخير – د . سعد الصالحي
إنّ لدى الشاعر سعد الصالحي؛ إجراءً خاصا بالتأويل الذاتي التفاعلي، لذلك فهو ينتمي إلى ممارسة فعلية عندما يكون باتفاق تام مع الذات، فالأفكار متواجدة، ومتواجدة بشكل دائم، ولكن ترجمة الذات واشتغالاتها تحتاج إلى تهيئة لكي ترسم مساحة ملائمة لتلك الأفكار والاشتغالات بأرضية صالحة وعناوين لها مؤثراتها كرسالة يبعثها للآخر.. لذلك عندما تكون المرسلة جاهزة، فالرسالة لابد أن تحوي على الكثير وما يجود به الشاعر؛ مثلا صنع الفضاء النصّي، يتحقق من خلاله عدة مسارات وتبادلات وإيجاد العمق الخيالي لمكونات المتخيل الذي يبتعد عن القلق الذاتي، ويتسع كلما اتسعت الرؤى، ويعمل كلما تهيأت الذات واتجهت نحو التغيرات.. فميدان المتخيل تستقبل التفاعلات، ويكون النصّ الشعري ذلك الفضاء بمساحة غير محدودة؛ كي يطلق أدواته التفاعلية مع كلّ جملة يرتديها..
وأسرفتُ بالنبيذِ + فلاحَ لي صبيٌّ + يلوِّحُ بالألقابِ على قارعة اللصوصِ + بانتظارِ من استطاب السكوتَ ليحيا + ويدفعُ الأربابَ للنعيم ..+ فتشرئب نياق الحزنِ بالأعناقِ + وكذاك العنادلُ معي + لا تسكن الصحراء والشواهينُ فيها محض قسوة .
ترى هل فتحتُ باب الظلِّ + فوجدتُ النورَ في أرضٍ حرام ؟ + أم أحصيتُهُم في قنابرِ التنويرِ + وعدتُ بالشهداءِ خاليَ السطوع ..!
يتحول المعنى بعد دخول الشاعر إلى خيال النبيذ، فالحالة اختلفت من خلال هذه التحولات، فأصبح لدينا خيال الذات ورسوماتها المتجهة نحو الشعرية، ورسومات الخيال النبيذي المتجهة نحو الأحلام والرؤى الجديدة التي تخيلها الشاعر في مساحة الذات الجديدة.. لا نستطيع القول إنّ هناك ذاتا إضافية، فهي نفس الذات اشتغلت على حالتين، حالة النبيذ واندفاعاته الخيالية وحالة الذات التي رسمت مساحة من الخيال لكي تتحرك في الفضاء القصائدي.. ولكن نستطيع أن نقول إنّ هناك خيالا إضافيا طرأ على الشاعر، وهي حالة مؤقتة وليست دائمة، وفي نفس الوقت تواجه هذه الحالة الإضافية، حالة الذات الأساسية ..
إنّ المشترك الخيالي الإضافي، حقق بعض الإضافات للمعاني؛ وأنهى الباث تلك الإضافات باشتراكها مع المشترك الأساسي.. بواسطة المشترك الخيالي الإضافي توصل الشاعر إلى إيحاءات فقد قال :
أسرفت بالنبيذ = فلاح لي صبيّ .. وهي حالة غير مؤكدة، فالخيال البصري كان متفاعلا بين الإيحاء، وبين تواجد ذلك الكائن..
كائن المتخيل اشتغل باتجاهين، بينما اشتغل المحسوس الذي رافق المتخيل باتجاه واحد (فتشرئب نياق الحزنِ بالأعناقِ ) وكذلك الجملة الأخيرة والتي تحتاج إلى محسوس بصري كي يرى الشواهين..
الانتقال النصي داخل القصيدة هو الحفاظ على ديمومة المعاني من جهة، وعلاقة المحسوس بتلك المعاني من جهة أخرى، لذلك عندما انتقل الشاعر وفصل المعنى الأول، كان قد دخل منطقة الفلاش باك، وتذكره بالشهداء، فأضاف للنصّ الأول اتجاها ثالثا يعمل مع المتخيل والمحسوس..
نصوص الشاعر العراقي د. سعد الصالحي
في رماده الأخيرِ
على خط النظرِ حين اقتحمَ الحلم – بيننا – صعلوكٌ أصلعٌ بنابٍ وحيد
سَألَنا :
هل من مزيدْ ؟
فصحونا بتمتماتِ مصريٍّ على بغداد
وتيهِ خطواتٍ له ُ في شارع الرشيد .
قلتُ :
هل ستدلُّ البصمات عليهِ
أم قوافي شعرهِ البالغة من العمرِ جدرانَ حاناتهْ ؟
لكنِّي تلـبّـَـثْـتُ
أستمتعُ بهطول الجداولِ
فلا أتذكر قمةً ..
ولا أتوددُ إليه مرتاباً أنه استقبلني بالورودِ
وهو الصارخُ
هاأنذا قادمٌ إليكَ وأنتَ الخائفُ مما لا أريد .
وأسرفتُ بالنبيذِ
فلاحَ لي صبيٌّ
يلوِّحُ بالألقابِ على قارعة اللصوصِ
بانتظارِ من استطاب السكوتَ ليحيا
ويدفعُ الأربابَ للنعيم ..
فتشرئب نياق الحزنِ بالأعناقِ
وكذاك العنادلُ معي
لا تسكن الصحراء والشواهينُ فيها محض قسوة .
ترى هل فتحتُ باب الظلِّ
فوجدتُ النورَ في أرضٍ حرام ؟
أم أحصيتُهُم في قنابرِ التنويرِ
وعدتُ بالشهداءِ خاليَ السطوع ..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يناير 2017
( ألمرتد / مجموعة شعرية قيد الرؤيا )
أتممتُ عليكم
تُرى
من أخرج الأعراب لذي قار
من قمقم الصحراء
بدرا ؟
حين وقفَ أمام جدارٍ من رؤاه
… …
يرى بعضَ وجههِ هدراً
وكلَّ ما تَبَقَّى
نزيفاً ..
للميــــــــــــــــــــــاه ؟
قالَ :
اليومَ أتممتُ عليكم حزنَ الخليجِ
وغربةَ الأنهارِ في ثغر السوادْ
… … …
ثمَّ
غ
ا
د
ر
ـــــــــــــــــــــــ
ألعملاق
بين يدي قزم صغير من المطاط
يبتسم دائماً
يفقد ساقيه عادةً
لا يزعجني أن أعيدهما
فهو يبتسم دائماً ،
حين أقوم بكل ذلك
لا أقاوم حزني ودموعي
فتلك اللعبة المطاطية الصغيرة
كانت
هديتها الأخيرة .
ــــــــــــــــــــــــ
بغداد – ألعراق
1992
في رماده الأخيرِ
على خط النظرِ حين اقتحمَ الحلم – بيننا – صعلوكٌ أصلعٌ بنابٍ وحيد
سَألَنا :
هل من مزيدْ ؟
فصحونا بتمتماتِ مصريٍّ على بغداد
وتيهِ خطواتٍ له ُ في شارع الرشيد .
قلتُ :
هل ستدلُّ البصمات عليهِ
أم قوافي شعرهِ البالغة من العمرِ جدرانَ حاناتهْ ؟
لكنِّي تلـبّـَـثْـتُ
أستمتعُ بهطول الجداولِ
فلا أتذكر قمةً ..
ولا أتوددُ إليه مرتاباً أنه استقبلني بالورودِ
وهو الصارخُ
هاأنذا قادمٌ إليكَ وأنتَ الخائفُ مما لا أريد .
وأسرفتُ بالنبيذِ
فلاحَ لي صبيٌّ
يلوِّحُ بالألقابِ على قارعة اللصوصِ
بانتظارِ من استطاب السكوتَ ليحيا
ويدفعُ الأربابَ للنعيم ..
فتشرئب نياق الحزنِ بالأعناقِ
وكذاك العنادلُ معي
لا تسكن الصحراء والشواهينُ فيها محض قسوة .
ترى هل فتحتُ باب الظلِّ
فوجدتُ النورَ في أرضٍ حرام ؟
أم أحصيتُهُم في قنابرِ التنويرِ
وعدتُ بالشهداءِ خاليَ السطوع ..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يناير 2017
(ألمرتد / مجموعة شعرية قيد الرؤيا )
إشارات :
من كتاب قبعة اللامحدود
المادة خاصة بالناقد العراقي
سُحبت النصوص من صفحة الشاعر
علاء حمد : عراقي مقيم في الدنمارك