د. عامر هشام : طبيب خافر

نهض من نومه فجأة كمن لدغته أفعى..أهتز جسمه وأسرعت نبضات قلبه لمجرد سماعه صوت المنبّه الذي ألتصق ببنطاله الرصاصي، وهو نائم في سريره بغرفة الطبيب الخافر بمستشفاه في مدينته الصغيرة الواقعة قرب الملعب الرياضي الذي شهد تخرجه قبل سنتين من كليته الطبية..
صوت الممرضة الناعس على الهاتف..يدعوه لفحص مريضته التي رآها صباح اليوم وهي تجري غسيل الكلى من خلال أنبوب صغير يسحب الدم من المساريق لينظّفه ويعيده لجسمها الثقيل..
لابد أنها تشكو من شيء ما..فتح كتابه الصغير لعله يحظى ببعض المعلومات..لم يجده مفيدا أبدا.. تركه جانبا.. وضع سماعته خلف رقبته ومشى مهرولا حيث الردهة..مريضته في الخامسة والخمسين من عمرها..تساقط شعرها الأشيب فبدا الرأس الحاسر غريبا تتوسطه عينان راح بريقهما، وذبلت فيهما الرموش.. البشرة تميل الى الصفرة.. وفقر الدم واضح على محياها..
قابلته بأبتسامة باهتة..هاله منظرها، وهي تجاهد لأستنشاق نسمة هواء من قناع أوكسجين مثبت على وجهها الذي غادرته ألوا ن الحياة.. فبدت الشفة له زرقاء أكثر مما يجب!
سمع من الممرضة أن مريضته تشكو من ألم البطن..في أي مكان هو الألم..؟يسألها..وتظل مبتسمة.. تقول وددت أن أراك.. لا ألم عندي..!
يلوم نفسه ..لقد ظل يسألها صباح اليوم عن عملها ، وهي مصممة الكتب الفنانة..وكيف تعيش أمها وحدها اليوم وهي بصيرة، فقدت النظر منذ سنوات عندما أصابها مرض السكر..أستغرب جوابها..وتركها ومشى حيث سريره الذي يراه، ولكنه لا يستطيع الرقاد فيه..!

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| محمد الدرقاوي : كنت أفر من أبي .

 هي  لا تعرف لها  أبا ولا أما ،فمذ رأت النور وهي  لا تجد أمامها  غيرهذا …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| كريم عبدالله : وحقّك ما مسَّ قلبي عشقٌ كعشقك .

كلَّ أبواب الحبِّ مغلّقة تتزينُ بظلامها تُفضي إلى السراب إلّا باب عشقك مفتوحٌ يقودني إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *