مبارك لك أخي سفرك الشخصي العتيد (اليوم الثامن من أيام آدم ) ، ولنا ولآدومي ( الطفل آدم الشهيد ) والفنان العظيم الراحل ( لوثر أيشو آدم ) الذي رسم لوحة ( آدم ) التي تسكن بأمان على غلاف كتابك .. وهي ذات اللوحة التي الى جانب أخواتها اللوحات الخاصة بمجزرة كنيسة النجاة ، كانت محور معرضه الشخصي الأخير، أفتتحه فقيد الأبداع العراقي والأنساني ( لوثر) وذلك في اليوم الثاني من ايام عامنا هذا الذي لم يتبقى سوى سويعات منه وعلى قاعة حملت اسمه بعد ذلك،وكما أعلن المعماري الخديدي صباح سكريا في أربعينية راحلنا طيب الذكر. ذلك العام الذي (بلعت نون حزيرانه روح لوثر) على حد وصفك الثر في كتابك الجديد. سفر آخر من أسفار روحك الشاسعة، أشكرك على الوفاء والثقة المتبادلة في حياتهما ورحيلهما، الكائن الذي لن يتكرر، الطفل آدم ، صاحب الكلمة الصرخة ( كفى) قبل أن يستشهد، ولوثر ..الذي لن يتكرر وسيستمر معنا بفنه وبتوثيقه الأبداعي والتأريخي لمرارة وذهول غياب آدم الشهيد كرمز لكل شهداء العراق الأحياء وان رحلوا برصاص الغدر.. والكائنات التي تخلد لأنها أصيلة وسحيقة في قدم نبؤاتها .. وأنت يا صديقي شاكر، جميل الرؤيا وواحد من المؤهلين للنطق بأسم عائلة الورد.. ليس اي ورد يليق بتيجان جُملك، بل وَرد زهر الرمان، بلونه الأحمر شديد الحمرة الذي لايشبهه أي أحمر آخر .. وليس أي رمان يشبه رمان الوجود وثمرة الفلسفة، لا لا .. هناك رمان من كثرة النضج .. ينفلقٌ، وتصرخ حباته! .. عصافير(قرية ديري) تستجيب لنداء ذلك الثمر، وحمامات بغديدا تنقل حبات نثرك، حبة حبة الى دماراتنا..

كلماتك، ليست ككل الكلمات، الزرقاء او الخضراء او الصفراء، لا..لا.. هي زرقاء محمرة وخضراء محمرة وصفراء محمرة، وبيضاء محمرة كوجنة الدير ساعة الميلاد، لما تنبثق دمعات الراهب من صومعة رمانية الجدران محفورعلى صخرها لغة الرحمة ورموز الخصاصيب الخصيبة رافدينيا، ثمة جمر هناك لايشبه جمر آخر، لا! هو جمر ممزوج في تعلة الأ بداع ويهبط ملوحاً للوثر أيشو الذي حج الى أورشليم اللون المقدس حد الغياب في عز الصيف وتحت النجم القطبي الذي يلح ضوءاً في سماء الأزلي الفاتحة عند الفجر، من لن يصدقك، ارسله الى الفنان الحنون ماهر حربي، هو الذي رمّمَ في قصر الملك سنحاريب؟! او ، دعه يتصل بي، لكي أقنعه حول بذخ العطاء عندكم.. وفي نسخة العربة الآشورية التي نحتها لوثر لي ومازلت اتلذذ بغبرة الحلان التي تطايرت من شغلنا معا على ذلك الحجر الذي تسمع من مساماته تراتيل المعابد الأولى وتشم منه رائحة الِبسْمَا ! تلك البخور التي لاتشبهها الا بخور ساعة السحر عند مذبح دير مارعوديشو، أو بخورا رأيتها تصعد من حشائش غابات الموصل،

وأنا مثل هوميروس ، ألوذ باحثاً عن آيليتا ( الحقيقة ) ذلك البخور الذي حمل الي نبأ كونها منبوذة في العالم وهكذا التجأت الى غابة الأسطورة الغائية كغائيات النسيم الشعري في كتابك عن يوم ثامن من أيام الطفل الشيخ آدم .. تعال معي لندخل غرفة مونتاج (مروان ياسين) لكن، رجاءا توخى الهدوء وانت معي تراقب تقطيعه السيميائي لعبارة ( انت لم تكن أبداً) من حقنا ان نسأل، بعد خروجنا من غرفة المونتاج المروانية، من هو الذي لم يكُن أبداً؟! هل هو آدم كنيسة سيدة النجاة، أم هو رئة عنقاء سيدة النجاة التي انبعثت في لوحات لوثر في كانون عامنا الطائر هذا.. من هو الذي لم يكُن أبداً، هل هو الطيف ام الحلم ام الأبداع، سَل كل من قرأ طيلة عمره مجلدات المفهوم الحزين لأنين راكض ماراثون الحرب الذي وصل الى المدينة دون أن يحمل نبأ أنتصار ولو أنتصار صغير .. ومات في العراق..

عاش العراق حياته وديعاً بكم يامبدعي النوتات الربيعية التي ياما تقاوم نوطات المنوطين بقيافاتهم الأرهابية من محتذي البساطيل وحتى المتشحطين بالشحاطات العثمانية، التي كانت تباع عند ( خان بجوت ) جنوب سوق العتمين نهاية القرن التاسع عشر في المدينة التي كان فيها بيتنا الذي احترقت في وسط حديقته شجرة جوز الهند كثيفة السعفات الجافة.. هل تلاحظ عزيزي شاكر، مدى انتشاري في ذاكرة لم أعد قادراً على تمييز عائديتها؟ هل هي ذاكرتك، أم ذاكرتي ، ذاكرة كل مبدع من أصدقائنا، ذاكرة متشابهة بما يخص تعليات الوطن وشفقه القرمزي كتربة زاويتة عند منحدر الصنوبرات .. وهل تلاحظ، بأنني أقتربت من عنوان من عناوينك هو ( جمر الكتابة الأخرى ) قبل أسطر، ثم أبتعدت ؟! السبب هو طبعاً لمنح قارئ آخر غيرنا لم يقرأ ذلك الكتاب فرصة البحث عنه وقراءته.. للأسف الناس مستنزفة ذاكرتها بالوقائع المهلكة .. طبعاً سيأتي يوم ما ستكون فيه هناك مكتبات كثيرة وسيقرأ اطفال اليوم ، شباب المستقبل كتابك وكتب زهير وهيثم بردى ، وكتب بهنام عطاالله أو نمرود قاشا أو وعدالله ايليا وكلهم هناك في بغديدا ، بغديدا التي رأيت في شارع الكنيسة فيها تشييعا يتقدمه جد الطفل الشيخ آدم ، وفي لقطة سريعة كالحلم في ذلك التشييع ، رأيت أخي لوثر ممسكاً بيد ولده في عبور يقطع ضلع الشاشة.. تهاني الحارة لمناسبة صدور كتابك المضلع رؤيا وحلما.
« في: 01/01/2012 »
باعتبار انني لست آثوريا و لكن أسكن في حلب بحي السريان الجديدة. وان سوريا واحياء حلب القديمة مشتقة لفظا من اللغة السريانية كما ورد في معظم المعاجم ومنها موسوعة حلب المقارنة، رأيت ان أطلع على هذه المقالة.
فهي ليست بعيدة عن همنا الشعري الفني والوطني العام. لا تعيش ثقافة مكتفية بذاتها و المثاقفة ضرورة بشرية قبل ان تكون صمام أمان من الانتحار الثقافي والموت في عزلة وداخل مربع من الأوهام التي تكبر باتساع عزلتنا وتباعدنا.
اساسا الروائية الهندية المعروفة أرونداتي روي من ابوين احدهما سرياني سوري من منطقة القامشلي.
و كتابي الأول الذي صدر لي عام ١٩٨٠ بدمشق وحينما كنت في بولندا كان بعنوان دفاتر آدم الصغير. ويجب ان اقر ان هذا العنوان ليس له خلفيات سورية وانما اقتبسته من عنوان رواية اسكوتلاندية لألكسندر تروكي وعنوانها آدم الصغير (او الشاب او اليافع).
عالم صغير يضع اسكوتلاندا المتجمدة على خط واحد مع حلب المتوسطية ومع القامشلي التي تلتهب بحرارة الصحراء.
مقالة جميلة وبحجم جرح هذه المنطقة آملا تلافي المحنة بأسرع ما يمكن.
هناك ردود، هي في الواقع مقالات، لذلك ثقافة الرد ينبغي أن تكون مثاقفة، كما يتمثل في ردك أخي العزيز د. صالح الرزوق، شاكر وانت ونحن وكتاب الموقع وأغلب قراءه، أسرة الموقع ود.سرمك . هو آخر ماتبقى من أجيال تمتد عميقا في التاريخ، عاشت تحت قانون بسيط جدا ولكن يحفظ التوازن ويفيد الجميع وتبعا لذلك الثقافة، مبدأ ( ليس أحد ما أفضل من غيره، عِش ودع غيرك يعيش ) ، شكرا وأقول معك ، نتمنى تلافي المحنة بأسرع ما يمكن.