مرام عطية: قوافلُ الليرةِ السورية تدحرُ حيتانَ الشمال

همستْ أمَّي في أذنِ الغيمِ ، سكبتْ دنانَ حبَّها تمسحُ الجراح ترفو مزقَ الأماني ، هاهي السماءُ تمطرُ حناناً وتوزّعُ حزمَ النورِ على الكونِ، حيتان الشمالِ الفاغرةُ تتقزَّمُ ، تنحسرُ أمام قوافلِ الليرةِ السوريةِ، تلوكُ آخرَ لقمةِ مسرةِ تتمرمرُ تشكو انكسارها للبحر ، تدحرها أشبالُ العاصي الأصيلة، وخنساواتُ بردى والفراتِ
في ضواحي دمشقَ توهجَ الحبِّ ياوطني ، انبثقَ ينبوعاً روى كلَّ العطاشِ للجمالِ والنقاءِ، و استطالَ أواراً على الطامعين
و على ضفافِ العاصي قلوبٌ دافئةٌ أذابتٍ طوقَ الحديدِ الملفوفِ على عنقِ الوطنِ ،فدكت حصونَ الجشعِ ،و اقتلعت أوتاد المرابين ؛ لتفرشَ أسواقَ القمحِ والقرنفل للجياعِ ، و تملأ جرارَ الأنقياءِ بالزيتِ والزبيبِ
في بلادي أسماكٌ رائعةٌ لاتبالي بحشودِ الحيتانِ ، تبني مستعمراتٍ من حبٍّ ورحمةٍ يقفُ أمامها العالمُ مذهولاً حين يشرقُ ليلُ صبرها عن فصلٍ جديدٍ و سماءٍ صافيةٍ .
أيها الجاهلُ الأحمق القادم من بلادِ الثلجِ ماأشبهك بالحرباء كل ثانية تغيرُ لونكَ وهيئتكَ ! لاتمتطِ مراكب الغرورِ ، لاتذهبْ بعيداً، نحن أبناءُ فينيقَ وبناةُ الحضارةِ تعلمنا في منهاجِ الحبِّ كيف تبنى الأوطانُ فغرسنا في أذهانِ الناشئة دروسَ الإيمانِ والإصرار لتحقيق الأحلامِ
وفي كنائسِ الحبِّ أوِّل درسٍ تعلَّمناه أنَّهُ لايتأوَّجُ جواهر القيم إلا ذهبَ الغفرانِ و لا يرقى لفيروزِ المعادن الثمينة إلا جودُ النفس والقلبِ .
في كنائسِ وطني لايفرقنا دين أو لون ، وتضمنا الإنسانيةُ لهيكلها المقدس ، لاخطايا أبدية في كتابها
فهي تمسح بممحاةِ المحبةِ كلَّ اسودادٍ التصقَ بالقلوب الضائعةِ وتسقي النفوسَ الضعيفة قربان التسامحِ لتشرق الحياةُ ويبتسم في عيونها الزمنُ .
__________
مرام عطية

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| آمال عوّاد رضوان : حَنَان تُلَمِّعُ الْأَحْذِيَة؟.

     مَا أَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا الْيَقِظَتَانِ سَوَادَ حِذَائِهِ اللَّامِعِ، حَتَّى غَمَرَتْهَا مَوْجَةُ ذِكْرَيَاتٍ هَادِرَة، …

| زياد كامل السامرائي : عصيان يعدو إلى حتفه.

اتركي لنا كذبة بلون الرجاء يا حياة كذبة لا تدوس على خواطرنا فتجرح الصراط نمشّط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *