كلمة الفنانة الأستاذة نزيهة سليم في ذكرى شقيقها.. الراحل جواد سليم (ملف/45)

إشارة :
مرّت الذكرى الرابعة والخمسون لرحيل الفنان العراقي العظيم “جواد سليم” (توفي في المستشفى الجمهوري ببغداد إثر نوبة قلبية يوم 23/1/1961) عابرة وباستذكارات لا تليق بفنان أثبت أن الإبداع يمكن أن يكتب للإنسان الخلود ، وأن المبدع يمكن أن يحفر اسمه في صخرة الوجود حين يلتحم بتراثه وبتراب وطنه المقدّس ويعبّر عن آلام إنسانه المعذّب. تدعو أسرة الناقد العراقي الأخوة الكتاب جميعا إلى المساهمة في هذا الملف الذي سيكون مفتوحاً من الناحية الزمنية حيث لا حدود زمنية للإحتفاء بالإبداع. ويسرّها أن تبدأ بنشر كتاب “يا باسل الحزن” الذي خصّنا به الناقد المبدع الأستاذ “مؤيد البصام” والذي صدر بإشرافه عن مؤسسته ؛ مؤسسة البصام للثقافة والسينما والمسرح عام 1969 بمناسبة مرور خمس سنوات على رحيل الفنان جواد سليم، وهي سابقة تحدث لأول مرة في الحياة الثقافية العراقية بالاحتفال برمز واستذكاره. شكرا للأستاذ مؤيد البصام.

كلمة الفنانة الأستاذة نزيهة سليم في ذكرى شقيقها.. الراحل جواد سليم

أيها الحفل الكريم: يحار المرء في موقف كهذا في انتقاء الكلمات التي يستهل بها حديثه، حتى ليرى وكأن الصمت لغة تحتوي على كل أبعاد التعبير. أريد أن أتحدث عن أخي المرحوم جواد فاشعر وكأنني لست الشخص الذي يستطيعه الآخرون، فلقد كان جواد أخا للجميع، فقد أحب الناس جميعا وفتح قلبه الكبير لخواطرهم ومشاعرهم وأمالهم وطموحاتهم، وكانت يد المجتمع تتحسس أوتار قلبه العظيم، فتهتز تلك الأوتار لتتكامل نغما إنسانيا عميقا في خياله، ليمسك بعد ذلك بالاته مسجلا هذا النغم الإنساني الكبير صورة أو تمثالا فيهما طموح الإنسان المستديم نحو الحق والخير.
أيها الحفل الكريم: أن إحياء ذكرى جواد سليم إحياء للفن، وأحياء الفن والفنانين مظهر من مظاهر الإيمان بالإنسان، فلم يعد الإنسان ذلك المغمور، ولم يعد الإنسان ذلك الذي تنتهي حياته بموته، انه الإنسان الكبير الذي يرسل شعاعه في الكون فينير جنباته للسارين وانه القيثارة التي تنبعث منها الأنغام التي تهدأ عندها سورة النفس المتعبة. كل ما يصدر عن الإنسان الكبير روح تنساب في الأشياء فتبعث فيها الحياة، أنا لا أريد أن ابكي أخي جواد لأنه اعلي من إن نتحدث عنه لغة ينزف منها الدمع أو يشع منها الأسى والقنوط، فلئن كان المرحوم جواد يحتل بعدا حسيا على الأرض، فانه يعيش في ضمائرنا الذي ليس له من حد يحده.
لقد كان أخي جواد مؤمنا بالإنسان النزاع إلى الحق والجمال وإيمانه هذا سر خلوده، ففي نصب الحرية الذي أذاقه كأس نهايته، التي كانت كالكأس التي تناولها سقراط راضيا، صور لنا جواد قصة الإنسانية التي كانت تصطرع مع متحديها فتنتصر عليها، فإذا كان جواد قد انتهى ولم تعد أنامله الحبيبة تمسك بالفرشاة لترسم لنا أمنية إنسانية أو تمسك بوسائل النحت لتجسد لنا أمنية من أمنيات الإنسان، فان روحه تعيش في قلب وعقل كل فنان يؤمن بالإنسان.
ولا يسعني وانأ أتحدث عن عائلة سليم إلا أن أتقدم بالشكر والامتنان للسيد وزير الثقافة لرعايته هذا الحفل ولمؤسسة البصام للثقافة والسينما والمسرح لإقامتها هذا الاحتفال التأبيني والسلام عليكم .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

تعليق واحد

  1. مهند البياتي

    بصمة جواد سليم نصب الحرية في بغداد، ازدادت ألقا بشباب العراق التواق للحرية، والتي سينالها قريبا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *