(إلى الصديق الشاعر المبدع بوعبد الله فلاح:
مجرد ظلٍ لشجرته الوريقة ” من معين النحل”)
حفّارُ القبورِ حزين..
منذ ثلاثةِ أيام
والمدينةُ لم تودِّعْ أحداً..
ما انتفاعهُ برؤيةِ أفق ٍ
يخلو من التوابيت؟
الموتُ ليس في إجازة
لكنّ القومَ محكومون بالحياة..
الحياة التي تغدو فيها الأجسادُ
قبوراً تتمشّى!
إذا لم تشتعلْ حروبٌ في هذه الضفة
فلأجلِ مَنْ
أقاموا مصانعَ الدّيناميت
في الضّفةِ الأخرى؟
يا ذا الحزن الأنيق والأناقة الحزينة:
أنت لست جثةً
فلماذا تسكن قلبي..
قلبي الذي دفنتُ فيه وطني
وطيورَ أحلامي القتيلة؟
هَبْكَ ستقيمُ الأُلفة َ بين الحلم واليقظةِ..
بين مياهِكَ ونار العالم..
بين صخرة ” سيزيف ” و القِمّة..
فمنْ أين لكَ بسيزيف جديد
يجعل من ظهره
هودجاً لصخرة الحقيقة؟
كيف لي أنْ أعرف
أنني الأوّلُ أو الأخيرُ في السباق
إذا كنتَ أركض وحدي
في منافي أخيلتي؟
علامَ ذهولك؟
أنا لستُ نسناساً..
لكنني
عشتُ دزينةً من السنوات
وأنا أقفز كالنسناس بين حقول الألغام..
وكالنسناس: تسلقتُ الجدران والأسلاكَ الشائكةَ
حين قفزتُ من جُحر الرُّعبِ
فسقطتُ في جرحي..
غير أنّ الوطنَ سقطَ من الصُّرَّة..
الصُّرَّةِ التي خبّأتُ فيها حلمي الذعور..
أعِرني مصباحَك
فالليلُ أكثرُ سواداً من خِمار حبيبتي..
والنهاراتُ مُسْمَلة ُ الشموس..
أعِرني مِدادَك لحقل سطوري
ربما يقوم القرنفلُ
من تحتِ حُطام العوسج..
أليس من حقِّ فراشاتي
أنْ ترتشف قطرة َ ندى
بعد طول هجير؟
وأن يكون لقدمي رصيف؟
ولرأسي وسادة؟
ولأطفالي هوية؟
ولخيمتي وطنٌ من تراب
لا من حروف كالذي كان يختبئُ خائفاً
في جواز سفري المزوّر؟
أنا الراعي..
لا أملك من القطيع حتى البعر..
ومع ذلك
كل أملاك هرون الرشيد وكنوز قارون
أصغر من أن تساوي سعفة واحدة
تتدلى
من نخلة الله في بستان عيوني..!
يحيى السماوي: من معين نخلة الله
تعليقات الفيسبوك