رشدي العامل.. شاعر لا يجيد سوى الحب
——————–
رشدي العامل 26 عاما على رحيله من دون الاشارة له !! من قبل الجهات الرسمية وها نحنُ بدورنا نذكر للاجيال من هو هذا الشاعر العاشق .
رشدي بن أحمد جواد العامل العاني.
ولد في بلدة عانة (بمحافظة الأنبار – غربي العراق) وتوفي في بغداد.
أكمل دراسته الثانوية في مدينة الرمادي، وتخرج في كلية الآداب – بجامعة بغداد عام 1962.
كان شاعرًا نشطًا ثرَّ العطاء، اتجه إلى الصحافة، التي استدرجته إلى السياسة. فقد أشرف على الصفحة الثقافية في جريدتي: المستقبل، وصوت الأحرار (العراقيتين)، فذاق مرارة السجن لقاء أفكاره السياسية.
تحالف عليه المرض والخمر، ولم تعنه نزعته الرومانسية على الصمود في وجه المتغيرات، والتكيف مع الواقع، فمات في أوج عطائه.
الإنتاج الشعري:
– له ثمانية دواوين منشورة: همسات عشتروت: 1951، – أغان بلا دموع: مطبعة دار السلام – بغداد 1958، – عيون بغداد والمطر – بغداد 1961، – للكلمات أبواب وأشرعة – مطبوعات وزارة الإعلام – بغداد 1971، – أنتم أولاً – بغداد 1975، – هجرة الألوان – بغداد 1983، – حديقة علي – بغداد 1986 و(علي هو ابنه المهاجر)، – الطريق الحجري – مطبوعات وزارة الثقافة والإعلام – بغداد 1991 (قدم له صديق المترجم حاتم الصكر) شاعر ملتهب العاطفة، مغرق في الشعور بالوحدة، والتفرد، يستعذب طقوس الألم ويعيش على أمل لا يسعى إلى إنجازه. تشير بعض المصادر إلى بعض مصادر القهر السياسي والزوجي في حياته، وقد تفشي بعض قصائده سره، بأنه لم يجد فيها عزاء، بل كانت مجالاً لطرح التساؤلات العبثية، وتأكيد المعاناة الذاتية.
وهنا نتذكر بعض قصائده
ــــــــــــــــــــــــــــ
(إلى صديقة)…
أختـاه أوصدَ بـابنــــــــــــــــا ومضى
يبـدو عـلى سـيـمـائه الـــــــــــــحنقُ
وانداح يبعـد صـوتُ حـارسنــــــــــــــا
خطـواتُه فـي اللــــــــــــــــيل تستبق
وتثـاءبَ السمّارُ يـدفعُهـــــــــــــــــم
شـوقٌ إلى الأحـلام فـانطلقــــــــــــوا
فتـرنّحتْ فـي خـاطري صـــــــــــــــــورٌ
وانثـال يـمـلأ عـالـمـــــــــــــي عبق
وأطلّ وجهٌ كـنـت أعـــــــــــــــــــرفُهُ
حـلـو السمـاتِ مـنــــــــــــــــوّرٌ أِلق
أرنـو لعـلّ الأفقَ يبسمُ لـــــــــــــــي
واللـيل أسـيـــــــــــــــانُ الخطى نَزِق
مذعـورةٌ عـيـنـاه تـــــــــــــــــائهةٌ
فـي الصـمت لا تدري بـمــــــــــــن تثق
وأنـا وأحـلامـي أهدهدُهــــــــــــــــا
قفْ لـي! تـرفّقْ بـي أيــــــــــــــا أفق
وكـدمـيةٍ فـي الأرض فـــــــــــــــارغةٍ
يرمـي بـهـا طفلٌ فتـــــــــــــــــنزلق
أهـوي برأسـي لـيـت خـــــــــــــــاطرةً
تحنـو فتحـمـلنـي، وتـــــــــــــــنطلق
ذاك النداءُ أكــــــــــــــــــاد أسمعُهُ
رغم الجــــــــــــــــــــدار يلفُّه عبق
عـيـنـاه أثـمـن مـا يجـود بـهـــــــــا
لـيلُ السجـيـن ويـمـــــــــــــنح الشفق
بـيـنـي وبـيـنك عـالــــــــــــــمٌ خَرِبٌ
أبـوابـهُ الســـــــــــــــــوداء تصطفق
وبـيــــــــــــــــــــــوتُه دِمَنٌ مخضَّ
يحـيـا عـلى أحجـارهـــــــــــــا الغسق
أختـاه إن لنـا الصـبـــــــــــــاح غدًا
والفجـرُ مهـمـا طـال يـنـــــــــــــبثق
(رسالة لم تصل)
«يـا أخت روحـي، إنَّ لـون الــــــــــدجى
يَغِيـم فـي عـيـنـيّ، حـيرانـــــــــــــا
وحدي، بـلا نجـمٍ، ولا مــــــــــــــركبٍ
يبحـر، عبرَ اللـيل، نشـوانـــــــــــــا
وحدي، لهـاثـي نـبع شـوقٍ جــــــــــــرى
وغار بـيـن الرمـل، ظـمآنـــــــــــــا»
وحدك تطـوي العـمـرَ مستـــــــــــــوحشًا
مـثلَ شـراعٍ ظلّ فـي الـبحـــــــــــــــرِ
كشمعةٍ ذابـلةٍ فـي الـــــــــــــــــدجى
تغرق بـالـوحدة، والصـــــــــــــــــبر
أعـرف مـا فـي السـيل مـن هـــــــــــبَّةٍ
حـرَّى، ومـا فـي النهـر مـــــــــــن غَوْر
تسأل عـنـي! إننــــــــــــــــــي دمعةٌ
تـاهت، فلـم تـمضِ ولـــــــــــــــم تَجْرِ
حـروفُك الـحـيرى، سكَبْنَ الهــــــــــــوى
فـي مسمعـي، تعبث فـــــــــــــــي صدري
أعـلـم أن الشـوق لا يـنطفـــــــــــــي
إلا إذا غامت رؤى عـمـــــــــــــــــري
وأنَّ حـبـــــــــــــــــــــي، حُلُمٌ زاخرٌ
يـهـزّ أعـمـاقَك بـالشعـــــــــــــــــر
وأن مـا بـيـنـي وبـيـن الهـــــــــــوى
جـدارُ صـمتٍ، مــــــــــــــــــوحشٍ، قفر
جـدارُ صـمتٍ مـن خطـايـا أبـــــــــــــي
ومـن بريـق الإثـم فــــــــــــــي ثغري
مـن مـوضع اللـمسة فـي أضلعــــــــــــي
ودغدغات الطفل فــــــــــــــــــي صدري
ووشـوشـات الزوج فـي مسمعــــــــــــــي
ومـيسم الكفِّ عـلى نحــــــــــــــــــري
هـذا أنـا لـيلٌ بـلا أنجـــــــــــــــمٍ
ولا بريـقٍ شــــــــــــــــــــيّقٍ، مُغري
وتلك أحـلامـي بقـايـا هــــــــــــــوًى
مسفـوحةٌ، ضـائعة الســــــــــــحر
ــــــــــــــــــــكأسٌ إلى ثغريَ مشدو
فـارغةٌ، ظـمأى إلى الخمــــــــــــــــر
هـذا أنــــــــــــــــــا غاب دُجًى مغلقٌ
أشجـاره تذوي مـن القــــــــــــــــــرّ
هـذا أنـا، قبرٌ بـلا مأتـــــــــــــــمٍ
ومـيّتٌ مـن دونمــــــــــــــــــــا قبر
ــــــــــــــــــــ
(قصيدة الشيخ عام 1979 )
فاتنتي
العشق
الذي عرفناهُ في طفولتنا …
أنكرهُ
شيخُ القبيلة .. حين استيقظَ ذاتَ صباح..
فوجدَ
نفـسَه رئيساً !!
رسمَ شيخُ
القبيلة وجهـه …
لم تسع
الورقةُ قبحه !!
رسم
الوجه بورقة ..
وشاربه
بثانية ..
فانقسمت
القبيلة شطرين !!
إياك أن
تأكل الللحم القديد على غير طريقتنا !!
هكذا
عـلَّمه شيخُ القبيلة الرئيس…!!
لأنه كان
خبيرا في حضور الولائم!!
قال
الشيطان للنهر:
من
يشبهني ؟
فأجاب
شيخ القبيلة..
الذي ينتظر
العيد .
والناس
كذلك ..
الناس
اجتمعوا عند باب شيخ القبيلة ..
قال لهم
الخادم :
أنصِتوا
.. أنصِتوا .. لعلكم تفرحون !!
أنصَـتوا
.. فسمعوا شيخ القبيلة ينادي :
أين
الإناء؟؟
صاح
الخادم : كل عام وانتم بخير !!
هتف
الناسُ كلهـم لشيخ القبيلة …
حين
مـرَّ عليهم بسيارته ..
قالَ
لخادمه :
من أخرج
الناس في هذا الليل ؟؟
قال عذرا
يا مولاي …!
هذا وقتُ
صلاة العيد ..
( لعن
الله الزجاج المغطى بالطين ) !
كلما وصل
إليهم رحلوا .!!
في آخر
رحلته .. قال له شيخ في الطريق:
( لعلهم
يبحثون عنك ) !
مروا
تائهيــن …
سألوا
شيخا:
من أين
الطريق إلى العاصمة؟
قال لا
أعرف ..
أعرف
الطريق إلى الرئيس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قالوا في رشدي العامل
هل مات رشدي العامل الشاعر والمعارض؟ هل كان هناك صوت يجرؤ أن يعارض في زمن البعث، لعل رشدي كان من القلائل.. رشدي بتفرده الشعري كان متفرداً بكل شيء هل مات المغني لا اعتقد ذلك، أنه يصدح الآن وطني أنا المغني.
ماجد طوفان/ شاعر
رشدي العامل اسم بارز جداً في ذاكرة الابداع الشعري العراقي المناضل أنه شاعر قضية.. فقد كان الإنسان وهمومه واوجاعه وتطلعاته بوطن أكثر حرية وشعب اكثر سعادة.. شغله الشاغل واذكر انه عندما ظهر ديوانه الأخير او ما قبل الاخير لا اتذكر بالضبط.. أقام شبه عرس في حديقة اتحاد الادباء.. إذ ان رشدي العامل.. يستحق كل التكريم لابداعه ومواقفه فالرجل الذي ينحدر من عائلة أو اسره مبدعين من بينهم ماجد العامل وعلي العامل وغيرهما من الذين لهم أيضاً باعهم الطويل في مسيرة الكلمة المبدعة.
حسين الجاف قاص ومترجم
تجمع لنخبة تفرح القلوب وتعطي دفقة أمل لوجود ضوء في نهاية النفق لهذا البلد العزيز، وتجدد الثقة بأن العراق لا يزال بخير بوجود هذه الوجوه الطيبة.إنعام حاتم عبد اللهرشدي العامل من شعراء الحداثة في الشعرية العراقية والعربية، فضلاً على كونه من شعراء الومضة واعني بشعر الومضة، القصيدة المكثفة ذات النبرة الموحية، بعيدا عن الترجل والخطابية، وقد كتب بهذا اللون الشعري استاذي الدكتور كمال نشأت الشاعر المصري المعروف، كذلك الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر، الرمادي الدرويش صاحب الحاذق صاحب الديوان الرائع (كران البور،) والشاعر سامي مهدي.
شكيب كاظم السعودي
يظل بحر الشعر العراقي فياضاً ورشدي العامل احد روافد هذا البحر العميق بامواجه الهادرة امتداداً لنازك والسياب والجواهري ولميعة والقائمة تطول.ان ما يميز ابداع العامل هو الروح الشعرية المنسابة بين كلماته دون اصطناع وهو ذو ملكة لغوية واضحة لا يمكن اغفالها ولا تجاوزها.ظل مخلصاً للقصيدة ومندمجاً مع التعبير الصادق عبر اسلوبية متفردة منحته هذا التمييز بين اقرانه.رشدي العامل ظل غنياً بمفرداته وافكاره التي حاول ان يجسدها بلغة رصينة وشاعرية طافحة وعمق فلسفي.ستظل قصائده متجددة ومواكبة لروح العصر.انه بحق يستحق لقب شاعر ومن طراز الكبارد.
حسين الأنصاري ناقد وشاعر
لم يكن رشدي العامل شاعراً فقط وانما كان شعلة انسانية متحركة اينما حلّت يحل معها الدفء والمرح والشعر والضحكات..ولذلك سيبقى، ما بقي الدفء والمرح والشعر والضحكات.
جواد الحطاب شاعر وإعلامي
عرفت رشدي العامل انساناً ومبدعاً عن قرب، فقد كان شفافاً يدخل بروحك ويتشرب مساماتك مثل العطر.عرفته مبدعاً بوصفه حلقة الوصل بين جيل التأسيس الاول للشعر الحديث الذي لم يتسن لنا الزمن معاصرتهم وبيننا نحن الاجيال اللاحقة.شفافية ورقة رشدي لم تؤثر على صلابة روحه وموقفه، ما زال صوته يرن في اذني وصورته تتجدد في عيني وهو يلقي قصيدته الراقية الجريئة (الحسين يكتب قصيدته الاخيرة) في وقت كان الكثير من الادباء يلوذون بالصمت.. ارى ان الاحتفاء برشدي هو احتفاء بكل المواسم. عبد
ــــــــــــــــــــــــــــ
*عن مدونة_الأدب_العربي