إشارة:
ببالغ الاعتزاز تبدأ أسرة موقع الناقد العراقي بنشر نصوص كتاب شعري جديد للشاعر والناقد الكبير “مقداد مسعود”. أثرى مقداد المكتبة العراقية والعربية الشعرية والنقدية بالعديد من الكتب التي تتطلب وقفة خاصة من النقّأد والقرّاء. مقداد المُنهمّ بالحداثة والتحديث في الثقافة النقدية والشعرية يعمل بصمت وينتج بغزارة محسوبة ، والزهد بالأضواء من سمات أدباء ومثقفي البصرة الفيحاء. فتحية له وتمنيات بالصحة الدائمة والإبداع المتجدّد.
(صوف حنيّ)
يومها قادني أرقي الى تحت البمبرة، بتوقيت الصيحة الأخيرة للديك.
كنت أدخن سيكارة ديموريه، أنا الذي ما دخنتُ إلاّ حين كنت أحتسي،بنت العنب. كان ذلك قبل ثلث قرن عراقي : الزمان العراقي خارج كل الأزمنة .
ابتسمتُ لا سيكارة بين أصابع كفي اليمنى، كيف رائحة الديموريه مبخرة المكان !!
لحظتها همس َ المكان بجلالة الأزرق الرزين، ورأيت ُ كبشا حنيّ اللون وسمعتُ جرسا في عنق الكبش، ولامست عيناي، أصابعه الطرية اللذيذة التي استعملت القرنين سكّاناً، وصعدتْ عيناي من أصابعه إلى صدره إلى وجهه القمري،جثوتُ مددتُ سعفتين كانتا يديّ سابقا، فتداخل الجسدان : جسدٌ عجوز متهالك في عشقه وجسد طفل بار…حين استعدتُ يديّ من السعفتين، وفتحتُ عيني، رأيتُ خصلة ً من صوف حنيّ،فوق مخدتي وشممتُ بخورا ما حصلتُ عليه يوما من الأيام .ورأيتُ قرني الكبش الحني فوق كتاب (الأرق إستراحة النوم)..
( تين )
لا ملكية لي في الأجوبة، كل الإجابات وجهات نظر.أثق بالمشاعر وساعة قلبي وبالرائحة.وبالرهف الذي له خفة المس.هناك مَن يغادرونا وهم فيها، أعني المتخثرين في حياتهم وتحديدا من غادروا ذواتهم وهم معنا.
للمرة الخامسة أقول : لا أسرار لديّ سوى الناي وليلي أطول منه ثلاث مرات وحفنة تين .
( 3 )
بعد أربع ليال وثلاثة نهارات،عاد مع الجيش المهزوم، ولد ٌ منتصر ٌ
سألته أمه : مالك واجمٌ..؟!
أجابها وسبّابته اليمنى نحو صدره : أنتظريهما حتى يجيب أحدهما فأنا الآن ثلاثة.
(تابعة)
تطوّق سواك. تسد المنافذ عليه. تعيقه عن الحركة. هل أنت زلال البيض: مَحبس النقطة الصفراء الرجراجة ؟ تستفز نظام فسلجة الأشياء الطرية..لذا تغمض كفيك حين تراها !! أو تعقدهما خلف ظهرك .
لماذا ترى الأناقة : خناثة !! والكتب : عاهة الفقراء والمحبطين!! أين ستوصلك أمراضك الطافحة ؟ ما ذنب الهواء الذي تجعد بسببك؟ ما هي جريرة المياه ترتجف ما أن يلوثها ظلك بديدانه وشحنته الممسوسة؟ ما ذنب الشوارع: تفر إلى الصحراء مع أول خطوة لك نحوها !!
ما ذنب الأرحام التي تنتظرها (التابعة)؟! أنت تابعة العراق أيها الأغبر..
( بخار )
بخارٌ خانق : يتنوّع في عزفه، فهو بنكهة الفراولة والشمام والكرز. وهو لذيذ كالجكليت، لاسع كشبق، ناعم مثل طحين صفر، ولا يستحي يظهر ويطيل اظهاره ويعاود الظهور ويبث فينا الملل كإعلان تجاري تبثه الفضائيات. وهذا البخار : تآلفت معه قطعان غفيرة متكدسة كالطرشي في برطمان الفيسبوك، روجت له الأحزاب وصبغت به سماحة الأديان. وكل طرفٍ مِن الأطرف : بأسلحته الخفيفة وغير الخفيفة يثبت أن براءة اختراع البخار الخانق تعود له وحده حصريا