الموسيقى الخارجية :
تضم الموسيقى الخارجية ( الوزن والقافية ) .
الوزن :
الوزن هو (( كل شيء منظم التركيب منسجم الأجزاء يدرك المرء بسهولة سر توالي أجزائه وتركيبها خيراً مما يمكن أن يدرك المضطرب الأجزاء الخالي من النظام والانسجام)) ( ).
ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا بأن الوزن يحاكي العقل في معنى من معانيه ، كون العقل يحبب النظام والانسجام ، ويرفض اللانظام ، فالوزن ترتيب أشبه بالترتيب المنطقي للأشياء في وجه من وجوهه .
والكلام الموزون (( ذو النغم الموسيقي يثير فينا انتباهاً عجيباً وذلك بما فيه من توقع لمقاطع خاصة تنسجم مع مانسمع من مقاطع لتكون منها جميعاً تلك السلسلة المتصلة الحلقات التي لاتنبو إحدى حلقاتها عن مقاييس الأخرى )) ( ).
والوزن لايحاكي فن الموسيقى فحسب ، بل هو يستمد فاعليته من أداة صياغته اللغة ، كونه ينبع من تآلف الكلمات في علاقات صوتية لاتنفصل عن العلاقات الدلالية والنحوية( ).
كما عن طريق الوزن تفرض الصورة (( صوتياً على الانتباه الذي قد ينهمك دون الوزن في معاني الألفاظ نفسها)) ( ).
وقد وردت في شعر الشاعر- موضوع الدراسة – أوزان لبحور متعددة نذكر منها ( الرمل ، البسيط ، الطويل ………) ، فقد ورد بحر الرمل في مجموعات الشاعر الشعرية بنسبة (75%) لأنه جاء منسجماً مع نفسية الشاعر القلقة المضطربة فكانت أكثر قصائده على هذا البحر .
وردت في شعره قصائد كثيرة على ( بحر الرمل ) ، منها قوله :
ارجعيني نحو تاريخي الذي كان للدنيا خــتاماً وابتــداءْ
قد نسجنا فجره من سرمدٍ وتجـاوزنا به حــد الفــناءْ
نحن مـذ كنا خلقناه فـلم تعرف الأرض ســوانا غرباءْ
حدثي الأفراح تجـتاز بنا في خضم الخوف أحداث القضاءْ
رسم الشـوق على أعيننا بسمة ننطـقها كيف نشــاءْ ( )
وبحر الرمل سمي ( رملاً) لأنه بحر حسن جيد تستريح اليه الآذان ، وتستمتع بموسيقاه ، وهو كثير الشيوع في الشعر( )، وهو هنا جاء منسجماً ومتوافقاً مع وصف الشاعر لتاريخه الذي كله شجون وأحزان وآلام .
ويقول :
لحظة ياأيها الحـــزن الذي بك نمتاز على كل الشعوب
كيف قررت بأن تهجـــرنا بعد مافيك التقى شمل القلوب ؟
نحن بعض من حكايات مضتْ وأساطير على وشك الغروب
أيها الحزن انتظــرنا لحظة نخلق الدنيا شـموساً لاتغيب( )
فهنا نرى كيف تنساب الموسيقى الى أذهاننا وتستمتع بها آذاننا .
كما ورد البحر ( البسيط ) في قوله :
مأواك قلبي وذاك البحر والأرقُ
يانفحة من بقايا الأمس تحترقُ
يالمحة من ليالي العنف ساطعة
كم شدني نحوها الحرمان والنزق
كوني حياتي وموتي عند رفتها
ما أجمل الموت في طياته الشبقُ( )
والبحر البسيط سمي بسيطاً لاستيعابه لكثير من المعاني ، وهو بحر حسن جميل تميل اليه الأسماع ولا تنفر منه( ).
فأبيات الشاعر كثيفة المعنى ، وذات نغم موسيقي هاديء ، ومحببة للنفس ، ويقول في نفس الموضع :
بيني وبينك ليل طال من ضجرٍ
طول الصحاري إذا امتدت الى المـطر
ليل من الصمت لاتخفيه بارقة
الاّ على نظــرةٍ أقسـى من الحجرِ( )
أما البحر ( الطويل) فورد في قوله :
أقلص فيك الشوق حتى أعيدهُ
الى افقٍ رحب يتيه على المدى
وأطلق همسي في مداك لعلني
أغالب صمتي أن يعود كـما بدا( )
فهو عمد الى استخدام هذا البحر كونه أقرب الى الأسلوب القصصي( )، ولعل هذا الأسلوب استهوى شاعرنا كثيراً فنظم عليه بعض قصائدهِ .
كما ورد البحر ( المتدارك ) في قوله :
النسر القابع في صدري يتمطى
والبوم الهائم في عيني يستيقظ كلّ اللحظات
وكذلك أشياء أخرى لاأحصيها
تنبؤ أن الأبعاد اختلطت
لافصل ولاحدَّ كأني
أخشى أن أنظر حتى لا أجرح ثانية
ترجع بي للوهم وحيداً( )
وهذه الصور والتحولات التي بثها الشاعر تكاد تكون منسجمة مع مرجعيات هذا البحر الذي يُحاكي وقع النسر ، أو البوم الهائم ، أو أشياء أخرى لاتحصى ، لكنهُ يحاكي ذاته وروحه القلقة المتوترة بسبب ألم الوحدة والغربة والحنين للوطن والأهل .
وورد البحر( الكامل ) في قصائد منها :
مازلت في نفسي وفي وجداني حتى استعرت فصغت منك بياني
وزرعت في جمر الليالي ثورتي كـي التقيك بسـورة النيـران
فمسحت عن ظلي قساوة حيرة وقطفت لي ندم الندى الوسنان
حتى تكللت الهـواجس باللظى كالليل يلـبس حلة الهيجــان
أشكو الى لفح السراب تعطشي وأصد عـن عذب الغدير الداني
وأشد في نبضي رؤاك وأنثني فتروح تهرب كالمدى الهيجان( )
والشاعر استخدم البحر ( الكامل) لأنه من ( أكثر بحور الشعر جلجلة وحركات) ( )، ولكون حياة الشاعر مليئة بالحركة والاضطراب بسبب عدم الاستقرار والعزلة والوحدة والبعد عن الأهل والأحبة فنجد أن هذا البحر جاء متناغماً مع رؤى وأفكار الشاعر وما تجيش به نفسه المتعبة ولكونه أكثر انسيابية وطواعية للنفس.
وقد ورد البحر ( المتقارب) في قصائد الشاعر في قوله :
تدورين مـانالك التعـــب سراعاً وسير الدّنا خبب
على الضعف لكن عدتك الحياة يضيق بك الناب والمخـلب
تمادي فماذقت طعـم الحنان ولم يحتضــنك لصدرٍ أب !! ( )
فالبحر المتقارب معروف ببساطتهِ وسهولتهِ وهو من البحور التي تستريح اليه الآذان( )، ولهذا نجد أن كلام الشاعر خفيف متناغم في ذهن القاريء.
وورد بحر ( مجزوء الكامل ) في قصائده منها :
لمهندٍ غنى الوتر أحلى القصائد والصور
الشمس تشرق باسمهِ وبه يسامرني القمر
هو سلوتي في عالمٍ حين الكآبةِ والضجر
ماقيمة الذهب المصفى واللآلي والــــدرر
أني وجدتك واحتي من غدر دهري ان غدر( )
بمعنى يلجأ اليه الشعراء كي يناغم اضطراباتهم النفسية فهذه القصيدة من دلالتها الاضطراب النفسي والقلق تجاه حقيقة الحياة فجاء هذا البحر مناغماً الحالة الشعورية للشاعر.
القـافية :
القافية عند الخليل هي ( آخر حرف ساكن في البيت الشعري الى أول ساكن يليه مع الحركة التي قبل الساكن) ( ).
وعرّفها الدكتور صفاء خلوصي بقوله : ( هي مجموعة أصوات في آخر الشطر أو البيت وهي كالفاصلة يتوقع السامع تكرارها في فترات منتظمة) ( ).
غير أن الشعر المعاصر وماطرأ عليه من تغيير ، جعل القاريء لايتوقع هذا التكرار – كما ذهب اليه الدكتور صفاء خلوصي – فاللفظ في الشعر الحديث أصبح يقود التراكيب من ( وزن ، قافية ) وليس العكس ، ممّا أتاح ذلك مجالاً واسعاً أمام الشاعر الحديث كي يتحرك في فضاء شعري أوسع من ذي قبل ، ومن ثم فأن القافية أصبحت في الشعر الحديث متحررة من قيود الترتيب القديم ( ).
وأخذت الموسيقى الخارجية بما تمثله من ( وزن ، قافية ) تتحدد وفق انفعالات الشاعر ، ولاتفرض عليه فرضاً( ).
غير أن القافية ظلت تشكل مع الوزن طرفي المعادلة في الموسيقى الشعرية( ).
وإن استطاع الشاعر أن يعوض هذا التشكيل الموسيقي ، بتشكيلات داخلية أخرى كتكراره لبعض الأدوات أو الكلمات داخل النص الشعري ، أو يلجأ الى استخدام أنواع جديدة من القوافي كـ ( القوافي المتداخلة مثلاً ) وهذا ماسندرسهُ ، فدراستنا شملت محورين الأول : دراسة القصائد التي أعتمدت القافية المتداخلة والمحور الثاني : دراسة القصائد التي أعتمدت القافية الموحدة.
المحور الأول :
1- قصائد القافية المتداخلة :
وهي القصائد التي تتكرر فيها القافية على غير نسق محدد( ) ، ومن أمثلتها قول الشاعر :
فأنا أقرب منها الآن الى نفسي ( )
لكني والروح تهيم على عنوان الوقت
أنسى أني كنت بعيداً
أقرأ كل البسمات
وأرى باللطف جميع الهمسات
ياليلي
يامسمار الخوف بحائط أحلامي
فقد جاءت القصيدة معتمدة القافية ( المنوعة المتداخلة ) ( ) فقد تداخلت كلمات القوافي فيما بينها الكلمات ( نفسي ، الوقت ، بعيداً ، البسمات ، ياليلي ، أحلامي ) .
فالشاعر عمد الى ايصال رسالته الى القاريء دون اعتماد طريقة موحدة . أو مفروضة فرضاً ، وهو في ذلك يسلك طريق الشاعر المعاصر الذي لم يعد يرى بأن الوزن والقافية من المستلزمات الرئيسة في صناعة النص الشعري( ). ناظراً الى الهدف وهو ايصال المعنى الى ذهن المتلقي بغض النظر عن الطريقة التي يسلكها المبدع.
وفي قصيدة أخرى يقول :
ما أسهل أن نبني هذا الكون
أرض وسماء
مابينهما
قوس من سبعة ألوان
لا أكثر من هذا
أو ما أصعب أن ننسج كون القلب
ونراه
يبحث عن شيء أو لاشيء ( )
فالقوافي هي ( الكون ، سماء ، الوان ، هذا ، القلب ، ونراه ، شي ) والقوافي بتداخلها وتنوعها فإنها لاتعني أن إرباكاً حصل في النص الشعري ، بل على العكس وجدنا المعنى جلياً في النص ، حتى مع تداخل القوافي ، وهنا يظهر لنا جليا براعة الشاعر في كيفية استخدام قوافيه .
ونراه قائلاً أيضاً :
لك وحدك
بسط الأفق الليالي
في مآقيه وغار
فهو إن تدركهُ عين
يلتبس فيه النهار
منذ ذاك العهد ينسابُ وحيداً
والمدى فيه يحار
كنت وحدك
في ضمير الحزن تصحو وأراني
لم ، يزل يقطعني عنك من الصمت جدار( )
فالتداخل بين القوافي حصل وفق الكلمات ( وغار ، نهار ، يحار ، جدار) . ومما تجدر الإشارة اليه أن المفردات التي اختارها الشاعر كانت متداخلة في وجه من وجوه الدلالة التي أراد الشاعر أن يدلنا عليها وهي دلالة ذاته ونفسه المتعبة القلقة .
ويقول أيضاً :
في الليل إذ ينحدر النسيم
يذوب في عينيك لون قريتي
الأصيل
ويستفيق حلمها القديم
فارسك الحبيب عاد يحمل
الإكليل
الشمس في جبينه
وفي عيونه الرحيل
منتشياً بنصره
وباغترابه قتيل
تما يلي
كموجة تهيم بالسواحل
تمايلي
فساعدي يلفُّ شعرك
الحرير
تعلقي بساعدي
تعلق الجبال بالغيوم
وأومضي بخاطري
توهج الشرار
بالنسيم ( )
فالقوافي هي ( النسيم ، الأصيل ، القديم ، الأكليل ، الرحيل ، تهيم ، الحرير ، الغيوم ، النسيم ) . فالقافية جاءت على نسق جميل محبب للنفس بحيث من يقرأ الأبيات يحس كأنه عاش مايريد الشاعر أن يوصله الى المتلقي وهذا هو الهدف والمغزى .
المحور الثاني :
2- قصائد القافية الموحدة :
من أبرز القوافي التي جاءت في شعر الشاعر قافية ( اللام ، الباء ، القاف ، النون ، الراء ، … ) .
ومن أمثلتها نراه يقول :
من أين يبتدأ النزيف هطـولا ومتى تحط من العناء رحيلا
غضب تقاسمه القتام وصرخة فعتا يدك رواسياً وسهولا
غضب تحمل وزرنا متمـلملاً ثم استشاط فصعد التنكيلا
هانت عليك بأن تغـادر قمة فسلكت نحو الدانيات سبيلا
يامركباً ذلت له فرســـانه ماكان يوماً للركوب ذلولا
إني التجأتُ اليك أحمل خطأتي أترى الذي يدنو اليك دخيلا
تجري لمنحدرٍ وما نرضى سوى قدر تربع في النجوم مقيلا
إنا سنسبح ضد زحفك مرغماً أبت الرجولة أن نكون ذيولا ا( )
فمن يتتبع القصيدة يجد القافية تأتي وفق نسق موحد وثابت ، فحرف الروي واضح في القصيدة ، وهو ( اللام ) .
ولنقتطف مقطعاً آخر يقول فيه :
خفيف الضوء من شجن يذوب فتنثره النســائم والطيوب
تلوذ الشمس بالشطين ظمأى فيحدوها على عجـل مغيب
كأن النهــر غربتك أحتوته فمنها المدّ إن حلّ النضوب
وينساب الخرير على هداه لتهفــو عند نغمته القلوب
سويعات يجللها ذهـــول يشيب لها الزمان وما تشيب( )
فجاء ( الباء) حرفاً ثابتاً في القصيدة ممثلاً قافيتها الموحدة .
ويقول أيضاً معتمداً القافية الثابتة الموحدة :
لاتمسحن عن الأحزان غربتها فقد يعود بها للغربة الشفق
حيث الظلال عطور في تفتقها تغزو القلوب فلا حرٌّ ولاحرقُ( )
ونراه يقول أيضاً :
محنة النور أن يكون مرايا مطرقاتٍ لما يقول السكون
يختزلن الظلام بين الخطايا حين يلمعن إذ تنام الظنون( )
ويقول :
عاصف زاده مطر كان سبّاقة النذر
كلما لاح بارق ما تأنى وما انتظر
لحظة مثلما أتت يختفي بعدها الأثر
لهب النار يستعر أين من زحفه المفر ؟
عالم حده المنى يتخطى الى سقر
ظلّ يهوي به الضنى دون رؤيا لمنحدر( )
فجاءت القصيدة معتمدة ( الراء) قافية لها معتمداً الشاعر على ثبات القافية وتوحدها متسلسلاً مع القاريء وفق نسق موسيقي موحد .
ونراه قائلاً :
زماناً …. ملء خطوتنا الطريق
وفارقنا الى أمرٍ صديق
عيون شاخصاتٌ دون رؤيا
لكابوسٍ أناخ …. فلا يفيق
تعقدت الطيوف على رموشي
فيهوي إن سما حلمٌ طليق( )
فجاءت ( القاف) حرفاً ثابتاً في القصيدة ممثلاً قافيتها الموحدة ويقول :
عادت خطيئتنا يندى بها القدم
لايغسل الرجس الاّ أن يسيل دم
وبذرة الزمن المنسي تجمعنا
وترسم الخطو إن همت بنا قدم
إن الخطيئة ألقتنا على مضضٍ
وقد تخلق في ذراتنا العــدم( )
فجاءت القصيدة معتمدة ( الميم ) قافية موحدة لها على وفق نسق محدد وثابت .
الموسيقى الداخلية :
الموسيقى الداخلية هي ( الأنسجام الصوتي الداخلي الذي ينبع من التوافق الموسيقي بين الكلمات ودلالتها حيناً ، أو بين الكلمات بعضها وبعض حيناً آخر) ( ).
وتوقف الباحث في دراسته للموسيقى الداخلية عند نقطتين الأولى ( التكرار) والثانية ( الجناس ، الطباق ) ، فالتكرار يدخل كأسلوب فني في بناء الموسيقى الداخلية للنص وكذلك الجناس والطباق .
التكــرار :
التكرار ظاهرة أعتمدها كثير من الشعراء في قصائدهم ، معلنين من خلالها مدى الاهتمام الذي يعيرونه للفظ المكرر ، كما أن اسلوب التكرار ( يحتوي على كل مايتضمنه أي أسلوب آخر من امكانيات تعبيرية …..( و) يستطيع أن يغني المعنى ويرفعهُ الى مرتبة الأصالة( ).
والتكرار لم يعد اسلوباً مقحماً في النص ، بل تعددت دلالاته لتشمل جوانب جمالية في النص الأدبي ، فضلاً عن دوره الايقاعي في النص وماتتركهُ المفردة المكررة من وقع في نفس المتلقي.
وأسلوب التكرار من أغراضه الرئيسة هو تقوية ناحية الإنشاء في النص( ). وعن طريق التكرار يحاول الشاعر أن يغني موسيقاه الداخلية ، حين يلجأ الى تكوين تجمعات صوتية متماثلة أو متجانسة ( ).
كما يلعب اسلوب التكرار دوراً مهماً في طبع الصورة في ذهن المتلقي ، ولفت الأنظار الى ضرورة تأويل وتقليب معاني تلك الصورة على وجوه عدة( ).
وشاعرنا امتاز شعره بكثرة التكرار موزعاً هذا الأسلوب بين تكرار ( الحرف ، الكلمة ) .
تكرار الحرف :
لجأ الشاعر الى تكرار أحرف بعينها في النص الشعري ، بدافع شعوري نفسي معززاً بذلك الأيقاع الداخلي للنص ، فنلحظه مثلاً مكرراً حرف ( الياء) في قوله :
تغنين نم نم صغيري
بعيد صباح الرحيل
سيثقل رأسي الكرى حدثيني
حين أريد الخروج اتركيني
فأنت الرياح
وأنت الجراح
وظلّ براقي بآخر خيط المدى
علق سيفي بأرضٍ بعيدة( )
فقد جاء حرف ( الياء) مكرراً (19) مرة في النص مما أضفى ذلك جواً موسيقياً أثر بصورةٍ مباشرة على السمع .
ويقول في قصيدةٍ أخرى مكرراً حرف ( التاء ):
أنا معك
تتبعني لأتبعك
وقفت في مطالعك
قافية لن تسعك
وليلتي سنبلة
خضراء تخفي هلعك
فكيف لايقطعني
عنك ضباب قطعك ؟ ( )
فنلحظ كيف أن حرف ( التاء) مثلاً تكرر مراتٍ عدة تصل الى (9) مرات في القصيدة ، وكذلك تكرار غيره من الحروف كـ ( التاء ، اللام ، العين …. ) فأضفى هذا التكرار ايقاعاً خاصاً وداخلياً في النص.
ونراه مكرراً حرف (الميم) :
أطيفك حلّ مرتعباً
يلفّ الأرض والحقبا ؟
ويجمع نشوة عجلى
لأمرٍ كان منقلبا
أعاند فيه أزمنتي
وقد طاوعته فأبى
أغالب فيه أشواقي
لأقطع بينه السببا
فيرشف حره ظماي
ويغدو الصحو ملتهبا( )
فقد تكرر حرف ( الميم ) (7) مرات وكرر أحرفاً أخرى مثل ( الباء ، القاف ،…. ) مّما لعب هذا التكرار دوراً فاعلاً في خلق الموسيقى الداخلية للنص .
كما تكرر حرف ( الحاء ) في قوله :
القيثارة جنبي حوتٌ هادي
قد أطعم ناب الصمت ضميري
لكنّي
أنسى كيف أغني
أتعلم أطرافي في وقتٍ متأخر
ساعاتي تنتشل البحر من الوحدة
والحوت الهاديء يعرفني
من صمتي
الماء تجاهلني منذ أذعت الاسرار والحقت الرغبة
بالأوجه حيناً
والحاضر يوماً ( )
فقد تكرر حرف الحاء (7) مرات مما أضفى بتكراره جواً موسيقياً للنص الشعري ، رابطاً هذا الحرف بين أشطر النص بتكراره .