هشام القيسي
مقامات الراوي
إلى / تحسين كرمياني
1 .
بضوئه يفقه حزن مطره . عثر عليه خلف ظلال بلا نهاية ، ثم سار معه ، كل ما عليه أن
يفعله هو أن يظل يطرق أيامه ، ويداعب أسراره قبل حلول البكاء في الليالي الحارة ،
وفي أول الحب . عليه الآن أن يومض نخب أحزان قديمة هبت لنجدته يوما ما حتى النهاية ، هذا الراوي لصقه يجلد زمانه ، بعد أن تركه يختفي بين أيام تسيل دموعها دائما . الشاعر في طريقه إلى أعوامه الطويلة ، يقف هناك ويبقى وحيدا حين لا تسعفه الكلمات ولا تلقي نظرة عليه .
2 .
لا مطر تسدده غيمات محترقة
هكذا الأيام المطفأة تبدو الآن . ثمة محطات لا تحدق في الأفق البعيد ولا تحمل قلبها إليك . يتعين إذاً أن تصل حكمة تقتفي دموع صديقك الشاعر .
تأمل ذلك
في وقت لا يسير على جمر
ووقت مناسب يمكث طويلا .
3 .
في المحطات يتحدد الوداع ، فيما البحر لا يبتسم لجاره ، والتذاكر تهذر بوجه صامت طوال الليل ،
حدق
وتأمل بيوم يقف على شرفة دون قناع ، ثم أمتد بين فصول تسترجع ذكرياتها ، فالأشجار مفتوحة للنيران حتى المشهد الأخير .
4 .
ما يضمره القلب يشتعل
وما يعوم فيه يبتهل
أجل
فالدرب إلى الحب
يسأل محبيه
ولا يرحل
والمدى يتعرى
بين شوق خصب
ونبض كله أمل
هيهات ينسى
وهو لوعة
تفضحه المقل
مرة تطاوعه
ومرة تشاكسه
من أسى لأسى
لا ينسدل ،
أكتب الآن
ما الذي ترتجي ؟
5 .
دائما يسألك الليل
ولم يزل يعزف أحلامه
كأن الهموم دفنت أمانيها
والشوق توارى بين أيامه
هذا زمن يصلح للجنون
لا يحمل إلى أمل بعيد
ولا تبتسم أقلامه
لم أدر كيف أسرع العمر
وخفت أنغامه
لم لا تقول ضل الفرح
وهجر أشعاره .
6 .
البلاد التي طاردتك
ابتسمت لبقاياها
ولا زالت وحدها
دون ذاكرة توقظها
ولا رغبة تمتد
على أية صفحة تتمناها ،
هي ليست حليفتك
ولا تتهجى أسفارك
ولا شيء ينزع ليلها ،
شاردة
لا تتأمل أشلاء أبناءها
ولا تتوق لشيء
يتوارى خلف وجع
يصيح بلا جدوى
وما كان لك ذات يوم
بات يتخفى شيئا فشيئا
حتى أثقل خطوه الغبار
وبقية الجوع
والدموع
بهذه النار أقمت فيها
وفي خيالك
دعك الآن
فقد ملأتك حسرات
وما هو خفي من أمر
يقبع في صمتها ،
أنت تمضي
وما يجب المضي فيه
يسوق تعب أيامك .
7 .
لم يبق غير يوم نائح يسبب الإصغاء في ذروة صمت يعرف كل الوجوه ، وبوحدته تاتي حرارته تبعا لما يريد .
هو لا يقول للذكرى أمد إليك عزلة تتخفى ، أو أستشف كلمات بوهن الخطوات
فلا أحد هناك ينادي
ولا أحد هناك يأتي
في كل رحلة متسع من وهم لا يتباطأ
فيما الخطيئة لا تتنصل في البرية عن إثم يتصاعد نحوها ، ولا تكف عن عواء مسترسل يسبق شرارته .
أنت أيتها الأيام
فاجعة بكل ما يستعاد .