قصيدة: كُرَّاسَةُ الأحلام
شعر: أحْمَد نُورالدِّين رِفاعي
تِلْكَ اللَّيلةُ الصَّماءُ
الَّتى لَمْ أنَمْ فِيها
خَطَفَني الفِكْرُ ودارَ بي،
ودَوَّخَني.
ذَلْكَ اللَّيلُ
مَليءٌ بِحُرّاسٍ غِلاظٍ
يُكَلبِشون فِيهِ أحلام الشَّبابِ
على حَوافهِ تَوَقفتْ عَجَلة الزَّمان،
المُفَتِّشون مِنْ حَولي مَلَئوا الدُّنْيَا
صُراخًا،
وسَحَبوا مِنْ يَديَّ
كُرَّاسَةُ الأحلام.
لَيْلٌ غَرِيبٌ؛
لَيْلٌ كَئِيبٌ؛
لَيْلٌ بَهيمٌ؛
أخَذَني فِيهِ الإرهاقُ مُرْغَمًا
نَحْوَ السَّرِير؛
وقْتَها عَانَدَ التَعَبُ النَّومُ ضِدّي
حَتَّى نَفاهُ بَعيدًا عَنْ مَخْدَعي،
سَلَبَهُ مِنْ جُفُوني
وَأَلْقَاهُ بِبِئْرٍ غَويطٍ يَبْعُدُ عَنْيَّ
بألف ميل…
وميل!
حَتَّى السَّمَاءِ .. حَتَّى السَّمَاءِ
لَمْ تُثَرْثَر مَعي كَمَا يفعلنَ النِّساءِ
لَمْ تَكُنْ كَعَادَتُهَا هذا المَساءُ
وَبَدَتْ صامِتة كالثَاكِلاتِ!
وَكَأنَّ قُطَّاع الطَّرِيق قَدْ قَطَّعوا لِسَانَهَا جِزَلًا،
وَدَفَنوهُ فِي ثُقْبَهَا الأسود.
وَرَأيتُ زُخْرُفَهَا الفَرِيدُ
فِي جُعْبَة الحَرَافِشُ الهَرَابعُ*
يهرولون نَحْوَ التِلَال!
لَمَحْتُ أَرْبَعِينَ لِصًا
هربوا بِكُلِّ النُّجُومِ
وهرولوا نَحْوَ التِلَال.
لا شَكَّ أنَّ أحَدَهُم لِصٌ مَكين،
لا شَكَّ أنَّهُ حرفوشٌ لعين!
نَزَعَ الأَقْمَار كُلَّهَا
قَطَفَ الثِمَار كُلَّهَا
أَفْسَدَ الأفكار كُلَّهَا
مِنْ حَوْلِي!
فَيَا سَمَائي يَا مُهْجَةَ القَلب المَلِيء
والخَلِي،
ويَا قَمَري يَاصاحبَ النُّور الرَّقيق
والجَلِي،
خَبِّروني، حَدِّثوني، وقولوا لِي:
مَنْ ذا الَّذي سَرَقَ الأَقْمَار مِنْ زَمَني؟!
مَنْ ذا الَّذي اِلتَهَمَ الثِمار مِنْ شجري؟!
مَنْ ذا الَّذي سَمَّمَ الهَواء النَافِذُ لِفِكْري؟!
مَنْ ، وَمَنْ ، وَمَنْ وَألفُ ألفُ مَنْ؟!
أ.ن.ر
العباسية – القاهرة
30 / سبتمبر /2019
هوامش:
* الهَرَابعُ: جمع؛ هُربُع، وهو الخفيف من اللصوص والذئاب.
قصيده قصه قريبه من نفوس انسانيه كثيرة..الشكر لتلك الكلمات التي وصفت..فاصابت..فجعلت الكلمات تعزو ساحات النفس وتتخلل وضواحيها لتكشف انا يدور بداخل الذات.