لنتذكر المطربة لميعة توفيق
عبد الكريم الحسيني
العراق كان دائما يزخر بالعديد من المواهب والشخصيات وخاصة الادبية والفنية وقد نشطت الحركة الفنية في العراق وفي بغداد خصوصا خلال العراق الحديث بعد الحرب العالميه الاولى وتأسيس الحكم الملكي وبداية مرحلة من النهوض والعمران والتحديث وكان للفن حصة في هذا المضمار وبرزت العديد من الوجوه الفنية وخاصة النسوية التي كانت تمارس فنها بصعوبة بالغة نظرا لضيق الافق في مجتمعاتنا في تلك الفترة ومن هذه الفنانات التي شقت طريقها الى العالم الفني من بين هذه العقبات الكثير مثل ::
صديقه الملايه , مائده نزهت ,عفيفه اسكندر , منيره الهوزوز , سليمه مراد ,احلام وهبي , نرجس شوقي , انصاف منير , لميعه توفيق , شهرزاد ,زهور حسين , وحيده خليل .) وموضوعنا اليوم هو المطربه لميعه توفيق
لم تتوفر الكثير من المعلومات عن لميعه توفيق والقليل الذياوردته (الموسوعة) حولها وهنا سوف اضع ما عندي من معلومات من خلال العلاقات الشخصيه ومعارفي الذين كان لهم اتصال مع المرحومه وعائلتها وارجوا ان اكون قد وفقت في هذا لان مايتيسر قليل جدا .
يعود اصل لميعة توفيق الى مدينة العمارة وقد تركت عائلتها مدينة العمارة الى بغداد في اواخر الثلاثينات ومطلع الاربعينات وسكنت في منطقة الكرخ (الصالحيه) وهي من مواليد 1923 ودرست في ثانوية الكرخ ومن ثم في معهد الموسيقى عام 1950 ومعهد الفنون الجميله عام 1959 .
كانت لميعة توفيق هي الاخت الكبرى لثلاث بنات منهم غادة سالم المطربة ايضا واخرى راقصة لم تشتهر كثيرا واقتصر عملها في الملاهي ومن الاخوه اثنان على علمي هما سلمان توفيق وغازي توفيق وقد خلط ( الدكتور رحيم العكيلي ) بين سلمان شقيق لميعة وبين حبيبها في منطقة الصالحيه التي كانت تسكنها لميعه مع امها واخوتها واخواتها قبل ان تنتقل الى منطقة العلوية . على الاكثر ان والدها قد توفي بوقت مبكر قبل رحليها الى بغداد ..
كان اخيها سلمان يقلد محمد سلمان الفنان اللبناني المعروف زوج المطربة نجاح سلام وكان يظهر في اماكن بغداد الراقية ببدلته البيضاء وثوبه الاحمر وهو يضع وردة على ياقة الجاكيت ولكن اخوه غازي كان يعمل مساعدا لمشغل ماكنة سينما النجوم في بداية الخمسينات ومن ثم انخرط مع اخته في ادارة الملاهي وهو زوج المطربه اللبنانيه دلال شمالي وله منها بنت .و كانت اشهرالملاهي التي تؤدي فيها لميعه توفيق وصلاتها الغنائيه وهي تعود ملكيتها اليها ,, هي: :
ملهى (كروان) و(سميراميس ) واخيرا (ملهى الطاحونه الحمراء ) على طريق شارع معسكر الرشيد وقد تم فتحه في عام 1963 وكانت لميعه توفيق تؤدي فيه الوصلات الغنائية وكذلك المطربة هيفاء حسين ومن المقيمين في الملهى الفنان سبتي طاهر الملحن المعروف (رحمه الله ) .
لقد عاشت لميعه توفيق قصة حب مع شاب لم يحضرني اسمه وهو جيرانها في منطقة الصالحيه (دور السكك) واعتقد اسمه (سليم ) ولكن قصة الحب هذه اخفقت بسبب معارضة الحاجة ام سليم من زواج ابنها من مطربة واصاب لميعة المرض بسبب ذلك ورقدت في مستشفى الراهبات ولقد زارها الحبيب وفي تلك المناسبة قالت من الشعر الشعبي ( دم دمعي على خدودي ياجاري – وعلينا كلشي مقدر ياجاري – ظنين ولاتعذبني ياجاري – غريب ولو هجرتني شبيدي ياجاري ) .
دخلت لميعة عالم الغناء عام 1946 واول ما غنت في ملهى كروان ولحن لها ملحنون معروفون مثل ( محمد نوشي ) و(رضا علي ) ودخلت الاذاعة عام 1953 وادت فيها اغانيها التي اشتهرت وهي بالطابع الريفي من طور العمارتلي ودخلت التلفزيون عام 1956 وتعتبر من اوائل المطربات في العراق وقد دعاها المطرب والفنان المصري المعروف محمد فوزي وقد زارت مصر وادت اغاني باللهجة البغدادية الاصيلة واعجبت الحضور لعذابة صوتها وادائها ومن اجمل اغانيها التي اهدتها الى ام حبيبها هي اغنية (هذا الحلو كاتلني ياعمه) من خلال الاذاعة ولها ارشيف عامر من الاغاني العراقيه الجميله (( شفته بالعجل حبيته والله , نيشان الخطوبه , جينا انشوفكم , يالماشيه بليل الهلج , اهنا يمه اهنا , هذا الحلو كاتلني ياعمه , العايل ماله حوبه ,, واغاني الهجع والابوذيات والسويحلي )) .
ومن الابيات الجميلة التي كانت ترددها في مطلع اغنياتها كما جرت العاده هذا البيت ( اسمر سمارك حلو نكراس بخدودك – سيد صحيح النسب داخل على جدودك ) .
اصيبت لميعة توفيق بمرض عضال وتوفيت في عام 1992 ودفنت في مقبرة الكرخ العامة ولكن تراثها لايزال حاضر ليذكرنا بماض جميل من ايام بغداد . ..
*عن صحيفة المدى