صالح الطائي : سأكتب ولن استسلم لفيروس الفدية اللعين

سأكتب ولن استسلم لفيروس الفدية اللعين
صالح الطائي
في أواخر شهر آب 2019 تسلل فيروس الفدية إلى حاسوبي وشفَّر الكثير من فايلاتي بشكل أعجز الخبراء وذوي الاختصاص عن فتحها، وفقدت جراء ذلك (15) مخطوطة كتاب مهم جدا من أصل (25) كتابا كنت أعمل عليه استكمالا لسلسلة من البحوث الجديدة التي تعترض على منهج التخويف الذي يمارسه الشيوخ والكهنة في حديثهم عن عذاب عالم القبر وهوائل عالم البرزخ وسادية عذاب النار، وهي سلسلة تتحدث عن خلود الإنسان من قبل ما يعرف بعالم الذر وإلى ما بعد عالم النار، فضلا عن فقدان دراسات وبحوث ومقالات محكمة وصور وأشياء كثيرة أخرى. وأنا بالرغم مما سببه لي هذا العمل التخريبي الجبان من ألم نفسي وفكري وجسدي، تمكنت بحمد الله ودعم الأصدقاء الأعزاء من تجاوز المحنة، استعدت قوتي ووقفت على رجلي من جديد، وبدأت أخطط لقادم الأيام، ولا أملك سوى أن أقول:
أنا حينما أكتب، أترجم خوفي ومشاعري وخلجات نفسي ومعاناتي وتعجبي واندهاشي من كل ما يحيط بي إلى حرف، والحرف عندي يلعب دور المنقذ، ولا يهمه المعنى والمقصد الذي قد يتصوره البعض، فأنا أكتب لأنتصر للإنسان مهما كان جنسه وقوميته ولونه ومعتقده ودينه وجغرافيته وتاريخه، لا توجد عندي خطوطا حمراء، ولا أحترم الخطوط الحمر، ولا أخاف من أصحابها..
إن كتاباتي مجرد تهويمات روح أضناها الوجع في ساعة ضجر ا من زحمة الحياة، ومن وحيها، من وحي معاناتي وآلامي تولد المعاني، لتتحول إلى أسطرٍ، ثم صفحاتٍ، ثم كتاب، وربما لهذا السبب أراد أعداء الحياة منعي من مشاركة الإنسان همومه، فدمروا خزيني الفكري من خلال تدمير حاسوبي، وهم لا يدرون أنهم بعملهم الخبيث هذا ذبحوني من الوريد إلى الوريد، وزادوا معاناتي، ولكنهم حفزوني لأن أبدأ المسير من جديد كما هو طائر العنقاء، لأعيد لحياتي صولاتها، فالهزيمة لا مكان لها في قاموسي، وأنا كلما عظمت مصيبتي، عظمت إرادتي، وزادت ثقتي بنفسي، فقد وُضعت ـ أكثر من مرة ـ على دكة الذباح، وخضت تجربة انتظار الموت وترقبه، خضتها في مديرية الأمن العامة ثلاث مرات، كنت في كل مرة منها أعرض على الموت صباحا ومساء، لكنه يغفل عني، ثم خضتها في الحرب الغبية التي أسموها القادسية؛ ولمدة سبع سنوات وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، كنت في كل يوم منها أقابل الموت في الطريق، فيشيح بوجهه عني ليصيب من حولي، ثم خضتها يوم خطفني أعداء الإنسانية الدواعش، وبقيت أسيرا لديهم لمدة ثلاثة عشر يوما ثم أنجاني الله بخسائر كبيرة، منها فقدان إحدى عيني وفقدان داري ومحتوياته ومدينتي التي أحب، وهذا يعني أني كنت في كل تجربة أنجو وأنا أكثر قوة مما كنت عليه.
وحتى مع اختلاف ضربة فيروس الفدية الموجعة، إلا أني أشعر وكأن عزيمتي لم تهتز، وأني استطيع المواصلة إلى حيث يريدني الله تعالى أن أصل، لألقي بعصاتي هناك حيث يستقر بي النوى، لأسند رأسي إلى صخرة تنتظرني، لأنام في حضن أمي الطبيعة وأنا مطمئن.

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *