” 56 “
اللؤلؤة سلحوفة
خرج أرنوب من البيت مبكراً ، ووقف برهة قرب الباب ، لا يدري أين يذهب . ولحقت به أمه هاتفة:أرنوب ، لا تبتعد كثيراً ، فالثعلب يحوم في الجوار .
ولم يلتفت أرنوب إلى أمه ، ومضى يسير على غير هدى ، ووقفت أمه تغمغم مذهولة : عجباً ، كأنه لا يسمعني ، لابد أن في الأمر شيئاً .
ورآه صديقه سنجوب ، يسير دون أن يلتفت إليه ، فهمّ أن يلحق به ، وهو يصيح : أرنوب ، تعال نلعب .
لكن أرنوب ، وعلى غير عادته ، أشاح بوجهه عنه ، ومضى لا يلوي على شيء . وتوقف ستجوب ، يغمغم مذهولاً : ما الأمر ؟ لعلها صديقته الجديدة .. سلحوفة .
ومن بين الأعشاب ، ندّ صوت خافت ، أهو الثعلب ؟ وتمنى أرنوب ، أن ينقض عليه الثعلب ، ويخلصه مما هو فيه . ومرقت قطاة عبر الأعشاب ، ثم حلقت ترفرف بعيداً . وواصل أرنوب سيره ، على غير هدى ، حتى انتهى ، دون أن يدري ، إلى البحر .
مسكينة سلحوفة ، فكر أرنوب ، ما ذنبها لتموت غرقاً ؟ وتراءت سلحوفة له ، تجلس إلى جانبه ، تحت الشجرة ، والشمس تسطع لاهبة فوق البخر . وهبت نسمة عذبة ، فقال أرنوب متثائباً : سلحوفة .. غداً عيد ميلادي .. وأريد أن تهديني ..
وابتسمت سلحوفة ، وقالت مازحة : سأهديك القمر .
وأغمض أرنوب عينيه ، وقال : لا ، أريد لؤلؤة . والتمعت عينا سلحوفة ، وقالت : لؤلؤة !
وتابع أرتوب مازحاً ، والنعاس يثقل عينيه : اذهبي إلى أعماق البحر ، وجيئيني .. بلؤلؤة .
واستغرق أرنوب في النوم ، ولما أفاق لم يجد سلحوفة إلى جانبه . وجحظت عيناه هلعاً ، حين رأى آثار أقدامها فوق رمال الشاطىء ، تتجه في خط مستقيم ، إلى البحر.
وهاهي الآن على الشاطىء ، الشجرة وراءه ، وأمامه البحر . وانتفض قلبه ، فقد ناداه صوت لن ينساه : أرنوب .
والتفت أرنوب ، وإذا سلحوفة ، سلحوفة نفسها ، تقبل عليه ، من وراء الشجرة ، وصاح لاهثاً مذهولاً : سلحوفة !
والتقط أنفاسه ، وتابع قائلاً : حسبت أنك غرقت .
فقالت سلحوفة : إنني سلحفاة بحرية .
ولاذت بالصمت لحظة ، سامحني ، يا أرنوب ، لقد بحثت لك طويلاً عن لؤلؤة ، في أعماق البحر ، لكن دون جدوى .
لم يتمالك أرنوب نفسه ، فضم سلحوفة بين ذراعيه ، وقال بصوت فرح مندى بالدموع : أنت لؤلؤتي .:
” 57 “
نميل ونميلة
خرجت نميلة ، أكثر من مرة ، مع أمها ، تبحثان عن الطعام . وكلما همتا بالعودة ، وكل منهما تحمل حبة قمح ، أو حبة شعير ، تتوقف نميلة لحظة ، متأملة الآفاق .
وها هي نميلة ، تخرج اليوم وحدها ، للمرة الأولى ، وقد ودعتها أمها قائلة : بنيتي ، لقد كبرت الآن ، فلا تنسي أبداً أنك نملة سوداء .
ومشت نميلة في طريق ، قطعته مراراً مع أمها ، وتوقفت في نهاية الطريق ، تتأمل الآفاق ، مبهورة خائفة ، وسرعان ما وجدت نفسها ، تسير قدماً ، وقلبها يخفق بشدة ، كأنها تجتاز عالمها إلى عالم آخر .
وعلى البعد ، بين الأعشاب ، لمحت نميلة حبة بيضاء ، تأملتها متعجبة ، أهي حبة حنطة ؟ لا ، حبة شعير ؟ أيضاً لا ، ترى حبة أي شيء هي إذن ؟
وكأنما جواباً على تساؤلها ، جاءها صوت نميل : آه ما أكبر حبة الرز هذه .
والتفتت نميلة ، وإذا بها ترى ” نميل ” في عمرها ، لكنه ، ويا للعجب ، ليس أسود مثلها ، بل أحمر . وأسرعت نحو حبة الرز ، وقالت : هذه الحبة لي .
لكن ” نميل ” كان أقرب منها إلى حبة الرز ، فالتقط الحبة ، وقال : عقواً ، لقد رأيتها قبلك .وبدا الانزعاج على نميلة ، فقال ” نميل ” : لا عليك ، تفضلي ، خذيها .
أخذت نميلة حبة الرز ، وتأملتها محرجة ، ثم تنهدت قائلة : هذه أول مرة ، أرى فيها حبة رز .
قال ” نميل ” : الرز لذيذ .
فقالت نميلة : تحن عادة نأكل الحنطة أو الشعير ، أو ..
فابتسم ” نميل ” ، وقال : ستعجبك حبة الرز هذه .
ونظرت نميلة إليه ، فاقترب منها ، وقال : طالما ظننت أن أجمل نمل في العالم هو النمل الأحمر ، حتى رأيتك .
وأطرقت نميلة خجلة ، ثم تراجعت قليلاً ، وقالت : لقد تأخرت ، لابد أن أعود الآن إلى البيت .
فابتسم ” نميل ” ، وقال : سأكون هنا غداً ، في مثل هذا الوقت ، آمل أن أراك ثانية .
ومضت نميلة ، تكاد تتعثر ، وحبة الرز بين يديها ، فلوح لها ” نميل ” قائلاً : إلى اللقاء .
وعلى طول الطريق ، سارت نميلة تترنم مبتهجة ، وحبة الرز تتوسد صدرها ، وحينما رأتها أمها ، صاحت : نميلة .
وأسرعت نميلة إلى أمها ، وقالت : ماما ، أنظري ، حبة رز ، أعطانيها نميل ، إنه في عمري ، لكن لونه .. أحمر .
واتسعت عينا الأم ، وصاحت : يا ويلي .
وانتزعت حبة الرز منها ، ورمتها بعيداً ، وقالت : نميل هذا ، أيتها الحمقاء ، واحد من .. الأعداء .
وتمتمت نميلة مذهولة : نميل !
فقاطعتها أمها منفعلة : لا تسأليني لماذا ، أنا أيضاً كنت في عمرك ، لكني حينما كبرت ..، امضي إلى فراشك ، أنت صغيرة ، وستظلين صغيرة .
ومضت نميلة إلى فراشها ، مذهولة دامعة العينين ، وقبل أن تستغرق في النوم ، تراءى لها ” نميل ” يلوح لها مبتسماً ، ويقول : إلى اللقاء .
” 58 “
ببغاءة الحلم
” 1 ”
ــــــــــــ
أفاقت الببغاءة ، قبيل شروق الشمس ، على خفق أجنحة فتية ، نشيطة ، تقترب من عشها . وقبل أن تفتح عينيها الناعستين ، أو تسمعه يحييها ، عرفت أنه هو .. الببغاء .
وحط الببغاء على طرف العش ، وقال : صباح الخير .
فالتفتت إليه ، وردت باشة : صباح النور ، عجباً ، أنت مبكر اليوم .
ونظر الببغاء إليها مبتسماً ، كأنه يذكرها بأمر تعرفه ، فتلاشت بشاشتها ، وقالت : آه ، يا لذاكرتي .
ومال الببغاء عليها ، وقال فيما يشبه الهمس : جئتُ أودعك .
ولاذت الببغاءة بالصمت ، فتابع قائلاً : لن أتأخر كثيراً ، سأعود بعد عدة أيام ، ومعي .. آه .
وسكت لحظة ، محدقاً فيها ، ثم قال : لم تقولي شيئاً .
فنظرت الببغاءة إليه ، وقالت : ماذا تريدني أن أقول ؟ إنني طبعاً أتمنى لك التوفيق .. والسعادة .
وهنا حلق الببغاء ، ومضى مبتعداً ، وهو يهتف : إلى اللقاء .
” 2 ”
ــــــــــ
مرت ال .. ” عدة أيام ” ، دون أن يعود الببغاء ، أو يظهر له أي أثر . وطوال هذه المدة ، لم يغب ذكره عن بال الببغاء ، لحظة واحدة .
لقد نشآ فوق شجرتين متجاورتين ، متعانقتي الأغصان ، وقلما افترق أحدهما عن الآخر ، ولو يوماً واحداً .ومنذ فترة ، ليست قصيرة ، تعودا الحلوس ، فوق غصن ، يطل على الجدول . وكان الببغاء ، طول الوقت ، يحدثها ، وطول الوقت ، كانت الببغاءة تصغي .
وحدثها ، في ما حدثها ، أنه رأى في منامه ، ببغاءة فتية ، جميلة ، تشبهها ، تناديه من عمق الغابة . وقل إنه سيذهب إليها ، ذات يوم ، ويعود بها إلى هنا ، ويبني لها عشاً فوق شجرة تطل على الجدول .
وها هو قد ذهب ، إلى عمق الغابة ، لعله يحظى ببغاءته ، التي رآها في منامه ، و .. أهو حقاً رآها قي منامه ؟ من يدري .
” 3 ”
ــــــــــ
أغمضت الببغاءة عينيها ، بعد غروب الشمس ، وكادت تغفو ، حين تناهى إليها ، خفق أجنحة متعبة ، تقترب من عشها . وقبل أن تفتح عينيها ، أو تسمعه يحييها ، عرفت أنه هو .. الببغاء .
وحط الببغاء على طرف العش ، وقال : مساء الخير .
كان صوته متعباً ، فالتفتت إليه ، وردت قائلة : مساء النور .
وحملقت فيه قلقة ، وقالت : أنت متعب ، ابقَ عندي حتى ترتاح .
وأسرعت تحضر له بعض الجوز ، ووضعته أمامه ، وقالت : لابد أنك جائع ، تفضل .
وبدل أن يأكل ، نظر إليها ملياً ، ثم قال : طوال رحلتي ، لم تغيبي عن بالي ، لحظة واحدة .
وصمت لحظة ، ثم قال : يا لي من أحمق ، مضيت إلى عمق الغابة ، لأبحث عن ببغاءة تشبهك .
وأطرقت الببغاءة ، مغالبة دموعها ، فمال عليها ، وقال : عشي خرب ، يا عزيزتي ، وعشك صغير ، لنبن ِ معاً عشاً جديداً ، واسعاً ، فوق الشجرة ، التي تطل على الجدول .
ورفعت الببغاءة عينيها ، وقالت من بين دموعها الفرحة هذا جوز طازج ، لنأكل الآن يا عزيزي .
” 59 “
الزهرة
” 1 ”
ــــــــ
خيل إليه ، حين رآها ، أنها زهرة ، وتساءل في سره ، ألا تخاف ، وهي تقف وحيدة ، في هذا المكان المنعزل ؟
ولمحها ترمقه بنظرة خاطفة ، فرفرف برهة ، ثم اقترب منها . وتنحت قليلاً ، كأنها تدعوه ، فحط إلى جانبها ، وقال : صباح الخير .
فردت قائلة : صباح النور .
وتطلع إليها ، ثم قال : حين رأيتك من بعيد ، خيل إليّ أنك زهرة .
وتوردت وجنتاها ، فتابع قائلاً : أعرف مكاناً ، قرب الغدير ، يزخر بالطعام .
وازداد تورد وجنتيها ، فابتسم لها ، وقال : عفواً ، نسيت أنك زهرة .
فرفعت عينيها إليه ، وقالت : الأزهار أيضاً تأكل .
فهب فرحاً ، وقال : هيا إذن .
” 2 ”
ـــــــ
انطلقا ، جنباً إلى جنب ، نحو الغدير ، وخلال تحليقهما ، رمقها مراراً ، ثم قال : لقد جبت الغابة كلها ، ورأيت الكثير من العصافير ، لكني لم أرك .
فابتسمت قائلة : ها أنت تراني .
وتطلع إليها ، وقال : يا للعجب ، طالما ساورني شعور بأني سأراك .
وهمت أن ترد عليه ، حين ارتفعت من بعيد صرخة ثاقبة ، فتمتمت خائفة : الحدأة .
فاقترب منها قائلاً : لا تخافي ، إنها بعيدة .
” 3 ”
ـــــــ
حطا قرب الغدير ، فتلفتت حولها ، وقالت : آه إنه مكان رائع .
وابتسم قائلاً : مكانك كان أروع .
فتطلعت إليه ، وقالت : سأبني عشي إذن فيه .
والتمعت عيناه ، وقال : سعيد من يشاركك بناءه .
وتوردت وجنتاها ، ولاذت بالصمت ، ولمح دودة كبيرة ، تزحف على الأرض ، فانقض عليها ، والتقطها بمنقاره ، ثم وضعها أمام العصفورة ، وقال : شاركيني طعامي .
فرفعت رأسها ، وقالت : سأشاركك إذا شاركتني بناء العش .
فأشرق وجهه فرحاً ، وصاح : هيا الآن ، يا عزيزتي .
فابتسمت قائلة : مهلاً ، يا عزيزي ، مهلاً ..
لكن الحدأة لم تمهلهما ، وارتفعت صرخة تردد صداها في الغابة كلها ، ولم يدر من صرخ ، فقد غامت عيناه ، ثم .. ساد الظلام .
” 4 ”
ــــــــ
فوجىء العصفور ، حين أفاق ، بوجوده مع أمه في العش ، فاعتدل متمتماً : العصفورة ..
وتساءلت أمه : أية عصفورة !
فتابع متمتماً : لعل الحدأة قد ..
وقالت أمه : لم يكن معك أحد ، حين وجدناك في أجمة قرب الغدير .
واختنق بدموعه قائلاً : لكنها كانت معي .
وضمته أمه بين جناحيها ، وقالت : أنت محموم ، يا عزيزي ، نم ، وستشفى .
وما إن شفي ، حتى راح يجوب الغابة ، بحثاً عن العصفورة . وقد سأل عنها الكثيرين ، لكن أحداً لم يرها . وداخله الشك ، وفكر أنها فد تكون وهماً ، لكنه سرعان ما هزّ رأسه ، لا ، لقد رآها ، وتحدث إليها ، واتفق معها أن يبنيا العش فوق غصنها المعهود .
والتمعت عيناه ، الغصن ، وتراءت له ، تزهو فوق الغصن ، مثل الزهرة . وانطلق يجوب الغابة ، لعله يعثر على الغصن ، ويعثر معه على .. العصفورة
” 60 “
الزهرة الحمراء
” 1 ”
ـــــــــ
قطف العصفور الفتيّ زهرة حمراء ، ووضعها خلسة في عش العصفورة الفتية . ووقف على غصن قريب ، متخفياً بين الأوراق ، يراقب العش .
وأقبلت العصفورة الفتية ، وحطت في عشها برفق ورشاقة ، وما إن رأت الزهرة ، حتى التقطتها بمنقارها ، وألقتها إلى الأرض ، وهي تصيح : كفى أزهاراً .
ورأى العصفور الفتيّ ، زهرته على الأرض ، فأسرع بالتقاطها ، وعاد بها إلى العصفورة الفتية ، وقال : لو عرفت ما فعلته البارحة من أجلك ، لما رميت زهرتي هكذا .
لاذت العصفورة الفتية بالصمت ، فتابع قائلاً : لقد أنقذتك من الأفعى .
وحدقت فيه مندهشة ، فقال : حاصرتك الأفعى ، فأنقذتك منها ، لكنها أمسكت بي ، و .. استيقظت .
وسكت لحظة ، ثم ابتسم قائلاً : لقد رأيتك البارحة في الحلم .
لم تتمالك العصفورة نفسها ، فصاحت بغيظ : كفى ، لا أريد أن تراني حتى في .. الحلم .
وصمتت لاهثة ، ولاذ هو بالصمت ، ثم ألقى الزهرة في العش ، وحلق مبتعداً ، وهو يقول : إنني آسف ، لن تريني ثانية .
ورغم انفعالها ، رمقته بشيء من التأثر ، ثم ألقت الزهرة إلى الأرض .
” 2
ـــــــ
أفاقت العصفورة الفتية ، ذات صباح ، محمومة ، وتذكرت أنها لهت مع صديقاتها ، عصر البارحة ، تحت المطر .
ولزمت عشها ، طول النهار ، وزارها الكثير من العصافير ، متمنين لها الشفاء ، وقبيل المساء ، جاءتها إحدى صويحباتها ، وهمست لها قائلة : لك عندي .. أمانة .
وتطلعت العصفورة الفتية إليها ، فقدمت لها زهرة حمراء ، وقالت : تفضلي .
وخفق قلبها بشدة ، لكنها لم تفه بشيء ، فتابعت صاحبتها قائلة : مع تحياته ، وتمنيته لك بالشفاء العاجل .
ورمقت العصفورة الفتية الزهرة ، وقالت : الهدية عادة يقدمها صاحبها .
فتنهدت صاحبتها ، وقالت : لا تلوميه ، إنه مشغول ، سيهاجر .
ولم تتمالك العصفورة الفتية نفسها ، فصاحت : يهاجر !
وردت صاحبتها متظاهرة بالتأثر : وقد لا يعود أبداً .
ومدت العصفورة الفتية جناحها ، وأخذت الزهرة ،ثم قالت ، وهي تغالب دموعها : فليهاجر ، هذا شأنه .
” 3 ”
ــــــــ
في اليوم التالي ، أفاق العصفور الفتيّ مبكراً ، وقد صمم على الهجرة ، وقبل أن يغادر الغابة ، أراد أن يلقي نظرة أخيرة على العصفورة الفتية ، ويطمئن على صحتها .
وانطلق متلهفاً نحو عش العصفورة الفتية ، وحط على غصن قريب ، متخفياً بين الأوراق . وبهدوء أبعد ورقة ، واختلس نظرة إلى العش ، وخفق قلبه بشدة ، فقد رآها تقف ساهمة ، وهي تحمل الزهرة الحمراء .
ونعق غراب ، فأجفلت العصفورة الفتية ، وسقطت الزهرة منها ، متهاوية إلى الأرض ، وفي أثرها ، هبطت العصفورة الفتية ، وكذلك العصفور الفتي ، ووقفا وجهاً لوجه مبهورين ، يحدق أحدهما في الآخر .
وقال العصفور الفتي ، دون أن يبعد عينيه عن عينيها : هذه زهرتي .
فردت قائلة ، وعيناها مازالتا متعلفتين بعينيه : خذها .
وتناول العصفور الفتي الزهرة ، ثم قال : البارحة قلت لصاحبتك ، الهدية عادة يقدمها صاحبها .
وتطلعت العصفورة الفتية إليه ، ثم هزت رأسها ، فقدم لها الزهرة ، وقال : هذه هديتي ، تفضلي .
وقالت العصفورة الفتية ، دون أن تأخذ الزهرة : علمت أنك ستهاجر .
فقال العصفور الفتيّ : نعم ، سأهاجر .
وتطلعت إليه ، وقد تبللت عيناها بالدموع ، فقال : إذا أردت أن لا أهجر ، فاقبلي مني .. هذه الزهرة .
وعلى الفور ، مدت العصفورة الفتية جناحيها فرحة ، وأخذت منه .. الزهرة الحمراء .