إشارة :
رحل المربّي والباحث والمترجم والناقد الكبير الدكتور “عناد غزوان” بعد أن أثرى المكتبة العراقية والعربية ببحوثه وكتبه المهمة وترك بصمته التربوية والثقافية والنقدية على جيل بأكمله داخل أسوار الجامعة وخارجها. تضاءل الاحتفاء بمنجزه الإبداعي والسيري التربوي سنة بعد سنة حتى التلاشي. تفتتح أسرة موقع الناقد العراقي ملفها عن الراحل الكبير وتدعو الأحبة الكتّاب والقرّاء لإغنائه بما يتوفر لديهم من بحوث ومقالات صور ووثائق.
في ذكرى أستاذي عناد غزوان
مقداد رحيم
كتب إليَّ صديقي الشاعر عبد الرزاق الربيعي يخبرني بوفاة أستاذنا الدكتور عناد غزوان:
اخي الدكتور مقداد
اعزيك برحيل استاذنا الدكتور عناد غزوان ……
فكتبت إليه أردّ:
أخي عبد الرزاق
أشكر لك تعزيتك لي في واحد من أساتذتي العظماء.
كان الدكتور عناد غزوان، فصيح العبارة ، بليغ المعنى، سيّال الفكر، غزير الثقافة…إنساناً.
ولهذا كان واحداً من قدواتي.
وقد فُجعتُ قبله بخبر وفاة أستاذي الدكتور علي جواد الطاهر، وأنا في الغربة، ومن بلاد الغربة أشعلتُ شمعةً لروحه العبـِق، وآلمني إذّاك أنني بعيد، لم ألق ِ على روحه السلام وهو يودعنا تاركاً بيننا ألف معنى ومعنى، وألف ذكرى وذكرى.
وما أشبه اليوم بالبارحة!
ها أنا اليوم أتلقَّى خبر وفاة فارس أصيل من فرسان الكلمة والرأي، وعمود مؤسِّس من أعمدة كلية الآداب بجامعة بغداد التي كنتُ أتمنى أن يقودني القدر لأكون طالباً فيها… لأكون تلميذاً له ولعلي جواد الطاهر بعد أنْ نغَّص عليَّ الموت فرحة التمنّي بالتلمذة للدكتور النابغة مصطفى جواد. وقد تحقق لي ما تمنيت.
تعلمتُ من أستاذي الدكتور عناد غزوان كيف يكون المرء مملوءاً ومرتفع القامة ومتواضعاً، ولم أجد لدى أستاذي الدكتور علي جواد الطاهر أقل من ذاك.
عندما طلبتُ من الدكتور عناد غزوان أن يترجم لي مقدمة أطروحتي لنيل شهادة الماجستير وعنوانها إلى اللغة الإنجليزية وهو يُتقنها استجاب لي وكأنه صديق مقرَّب، وأنجزَ ما طلبتُهُ بأسرع مما ينجزه صديق مخلص.
وإذْ أكون فيما بعد زميلاً له ولعلي جواد الطاهر فلم أصحُ أبداً من الشعور بأستاذيتهما لي وبتلمذتي لهما، ولن أصحو.
فماذا أقول للموت وهو يتخطَّفُ أرواحنا، لأخفِّف من هول الفجيعة؟
أأقول:
غدرتَ .. يا موتُ كم أفنيتَ من عددٍ…….بمنْ أصبتَ، وكمْ أسكتَّ مِن لَـجَبِ!
أم أقول:
وقد فارقَ الناسُ الأحبةَ قبلنا……….. وأعيا دواءُ الموتِ كلَّ طبيبِ
أم أقول:
لابدَّ مِن فقدٍ ومِن فاقد ِ ….هيهاتَ ما في الناس ِ مِن خالدِ
أم أقول:
وما الناسُ إلاّ هالكُ وابنُ هالك ٍ …… وذو نسَبٍ في الهالِكينَ عريق ِ ؟
رحمَك الله يا عناد غزوان
ولتكن روحك في صفاءٍ يشفع لها فيه ما وهبتَ لنا وما تركتَ فينا.
…..

أخي عبد الرزاق:
حزين والله أنا.
شكراً لالتفاتتك، ولروحك العذب.
……
فكتب إليّ رده:
اخي الحبيب
لم افق للان من صدمة الخبر الحزين
إذ تربطني به صداقة حميمة منذ أن درَّسني في كلية الآداب بجامعة بغداد وتطورت علاقتنا بعد اشتغالي في الصحافة الثقافة حيث كنت كثيراً ما أراجعه فلا يبخل علي باستفسار أو مشاركة في تحقيق أو حوار، وآخر لقاء لنا كان في صنعاء التي وصل إليها أستاذاً زائراً وكان مرهقاً ومريضاً ومع ذلك قوي الروح
رحم الله الدكتور عناد غزوان.