احسان محمد علي : شقة على أبي نؤاس (ملف/23)

إشارة :
برغم أن الروائي المبدع برهان الخطيب يُحسب على جيل الستينات إلا أنّ ما يميز منجزه الابداعي هو هذا التجدّد والتجديد في الأسلوبية وتناول الموضوعات مع ثبات بصمته السردية الجوهرية على خارطة الأدب الروائي العراقي والعربي. وقد أغنى عمله الصحفي وحياته الحافلة بالمتغيرات مخزونه التجاربي فأثرى المكتبة السردية العربية بأكثر من اثنتى عشرة رواية كل واحدة لها عالمها المستقل المتفرّد. يسر أسرة موقع الناقد العراقي أن تبدأ ملفها عنه متمنية على الأحبة الكتّاب والقرّاء إثراءه بالمقالات والصور والوثائق. تحية للمبدع الكبير برهان الخطيب.
شقة على أبي نؤاس
احسان محمد علي
بغداد
في بداية السبعينات من القرن المنصرم وكنت لازلت أحبو على مدارج الكتابة ، مولعا بقراءة الكتب و متابعة ما يصدر عن دور النشر العراقية خاصة ، وقعت تحت يدي مجموعة قصصية رائعة للقاص العراقي الكبير(برهان الخطيب) (شقة على أبي نؤاس) لقد استفزني القاص بسمو لغته وانسيابية مفردته وشاعرية جمله ، حيث كانت هذه المجموعة بداية حقيقية لتغيير النمط السردي في القصة العراقية بعد (فؤاد التكرلي) و (غائب طعمة فرمان) تواصلا معهم وتأصيلا لأبداعهم ، لقد أخذتني هذه المجموعة الى عالم سحري انثوي جميل ، كاشفا أمامي علائق الغرام الجسدي وكأني أعيش أحداثها تفصيليا وكنت حينها أعيش الوهم الأول على عتبة الحب العذري الذي شغفني ، بالبحث عن النصف الثاني و أنا في مقتبل العمر وفي سنواتي الأولى من الدراسة الجامعية ، لقد استطاع القاص ان ينقلني إلى اجواء العشق والمحبة والتوق العارم الشفيف لأكتشاف الجمال ، جمال العلاقة الحسية والجسدية دون أن ألج هذه العوالم بعد ، لقد كان سردا موحيا وشفافا وشاعريا نقلني إلى مواقع المتعة الحسية الطارئة بالكامل ،مما جعلني أشغف بمتابعة كتاب القصة بعد أن كنت لا أقرأ إلا الشعر وما يخصه..
لقد أستطاع الجيل السبعيني الرائع أن ينجب أكثر من مبدع ، لا تزال أعمالهم شاخصة في الذاكرة الثقافية العراقية امتدادا أصيلا للمبدعين (غانم الدباغ )(عبد الرحمن الربيعي)(مهدي عيسى صقر)(موسى كريدي)(محمود جنداري) ، ناقوس يدق ليذكر الكتاب الجدد بمراجعة ما يكتبون ليستلهموا المعايير الجمالية الفائقة والعبارة الموحية والجمل الدلالية ، بلغة شفافة وشاعرية تنقل الخيال والحدس إلى مصافي الكمال والرقي البلاغي غير المترهل ، تحية للقاص والروائي (برهان الخطيب ) وللأسماء الكبيرة التي لم يجاريها احد من المتأخرين لا من ناحية الأسلوب ولا من حيث الطرح ولا من حيث الموضوع ولا من حيث المعنى والمبنى وأذكر المبدعين (محمد خضير) (لطفية الدليمي) (ابراهيم أحمد) (بثينة الناصري) (شاكر خصباك) (عبد الستار ناصر)
(شقة على أبي نؤاس) أرجعتني إلى حقبة ثقافية رائعة وممتعة من تاريخ العراق الثقافي المعاصر والذي اتاحت الحرية النسبية وقتئذ معالم ابداع راقية و رؤى حداثوية متجدده.
تحية للجميع مع الأعتذار .

احسان محمد علي
بغداد

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *