د. حسين سرمك حسن : (عاهة ابليس) للشاعر سلمان داود محمد .. العاهة الكونية المُحبّبة
المدخل النفسي لقراءة الإبداع الشعري “

إشارة :
سلمان داود محمّد – وببساطة شديدة جدا ولكن معقّدة – هو “عاهة إبليس” في المشهد الشعري الراهن ؛ العراقي – وحتى العربي لو هيّأ له الأخوة النقّاد “الأعدقاء” فرص الانتشار. وكمحاولة في إشاعة فهم بصمة روحه الشعرية المُميزة الفذّة التي طبعها على خارطة الشعر ، ارتأت أسرة موقع الناقد العراقي الاحتفاء به عبر هذا الملف الذي تدعو الأحبة الكتاب والقرّاء إلى إغنائه بالدراسات والمقالات والصور والوثائق.. تحية لسلمان داود محمد.

( عاهة ابليس ) للشاعر سلمان داود محمد
” المدخل النفسي لقراءة الإبداع الشعري “

د. حسين سرمك حسن
بغداد المحروسة

(ملاحظة: كُتبت هذه المقالة في بداية التسعينيات)

حدثني الشاعر (سلمان داود محمد) وهو يشير الى الحساسية غير المسوغة من وجهة نظره- التي تصيب بعض الشعراء تجاه زملائهم فقال بأنه سمع الشاعر (كزار حنتوش) يقول: (إن السماء تتسع لكل النجوم) وعليه فأن سماء الشعر الرائعة فيها من المدارات ما يكفي كل نجوم الشعر- صغيرها وكبيرها- وبدون حساسيات فقلت له: صحيح أن السماء تتسع لكل النجوم.. ولكنها لاتتسع إلا لإله واحد.. ولذلك يكون للصراع النرجسي بين الشعراء ما يسوغه من الناحية النفسية.. ولا يخدعنك أن الشاعر الكبير فلان يحنو على صغار الشعراء ويرعى مواهبهم.. إنه يحنو عليهم حنو الأسد على أشباله.. الأسد العزيز المطمئن بعد سنوات طويلة من النمو الشعري لحدة وفاعلية أدواته الشعرية الباشطة.. لقد طلق (امرؤ القيس) زوجته لأنها قالت أن بيت الشعر الذي قاله (علقمة الفحل) في وصف الفرس أفضل من البيت الذي قاله زوجها برغم أن الأخير هو الذي اختارها حكما بينهما، وكاد (تورجنيف) يقتل (غائشيروف) بعد أن دعاه الى مبارزة لأن الاخير اتهمه بسرقة رواية (في العشية) ولا أعرف لماذا اتجهت أفكاري نحو قصيدة الشاعر (عاهة ابليس) وهي اولى قصائد مجموعته الشعرية (غيوم ارضية) فتنبهت فوراً الى أننا تركنا العبارة- القاعدة السابقة ناقصة لأننا أهملنا دور (ابليس) واهميته ولم ندرك حاجة السماء اليه.

في أهمية (ابليس) في التحليل النفسي

يقع الفرد في مراحل نموه الطفلي الباكر في مصيدة (تضاد عاطفي) مؤلم يختزنه في لاشعوره نحو موضوع حبه الأصلي: الأبوين وبشكل خاص تجاه الأب وهو ما يهمنا هنا، حيث تتركب صورة الأب في أعماق الفرد من جانبين متضادين ولكنهما متكاملان- ففي اللاشعور وحده تتعايش الأضداد وتأتلف المتناقضات وحين نجد في الشعور صورتين متناقضتين تتصارعان فأنهما تكونان في الغالب فرعين من فسيلة لاشعورية واحدة- وهذان الجانبان من صورة الاب هما: الجانب المبجل الحامي الحاني المقتدر الذي جرد عبر مراحل طويلة وآيات معقدة ليصبح (إلهاً) وهي في الواقع صورة الأب كما كان يحس بوجوده المرء في طفولته أو النوع البشري في الأزمنة السالفة بوصفه أبا العشيرة البدائية أما الجانب الثاني المكمل فهو المعاقب الخاصي القامع الذي جرد أيضاً ليصبح (ابليساً) وتتبادل الصورة الأبوية هذين الموقعين في تاريخ الفرد والنوع. فقد تأكد في الأساطير أن الآلهة يمكن أن تنقلب الى أبالسة أشرار اذا ما دحرتها الهة غيرها، وعندما يغلب شعب من الشعوب على أمره فليس يندر أن تستحيل آلهته الساقطة الى أبالسة في نظر الشعب الغالب لقد كان (ابليس) العقيدة المسيحية، شيطان القرون الوسطى هو نفسه ملاكاً ساقطاً بحسب الميثولوجيا المسيحية، ومن جوهر واحد والله في الأصل. ولا حاجة بنا الى رهافة تحليلية كبيرة كيما نحزر ان الله والشيطان كانا متماثلين في الهوية في البداية، شخصية واحدة انشطرت في زمن لاحق الى وجهين لكل منهما بصمات متعارضة وفي الأزمنة البدائية للأديان كان الإله ذاته يتسم بجميع القسمات المخيفة التي عزيت في زمن لاحق الى نقيضه. إن هذه لسيرورة نفسية معروفة جيداً إذ يتحلل التمثل المنطوي على تناقض وتنازع الى ضدين صارخي التباين كما أشرنا في البداية لكن هذه التناقضات في طبيعة الإله البدائية هي انعكاس للإزدواجية التي تهيمن على علاقات الفرد بأبيه بالذات وعلى هذا الأساس يكون الأب هو النموذج البدائي والفردي للإله وللشيطان على حد سواء. ولا يمنع (تماهينا) وتطابقنا النفسي مع الصورة الخيرة للنموذج الأبوي الذي سيشكل سلطتنا الضميرية وسيصبح بالتالي أكثر تجريداً من أن نتطابق ونتماهى مع الصورة الشريرة (الإبليسية) التي ستصبح أكثر مادية وستعزز فيها صفة (الإغواء) لأننا سنسقط عليها حفزات (ابليسنا) الداخلي: (الهو) الشيطاني واندفاعاته الغريزية المسعورة وشعار بيرقه الأحمر الخفاق الذي كتب عليه (ولد للإغواء.. ولد للذة).

ابليس شاعراً، الشاعر ابليساً

ولكن متى يصبح ابليس شاعراً؟ والجواب هو: يصبح ابليس شاعراً حين يدرك أولاً أهمية عاهته ويكتشف أن هذه العاهة الملعونة ضرورية للبشر وللحياة مثلما هو ضروري لهم تكامل الإله – المثال الأقصى للأنا الأعلى ويؤمن بأن هذه (العاهة) قادرة على (الخلق) وإثارة الدهشة والجدة في أوصال الحياة التي تراكم عليها طويلاً صدأ النيات الحسنة ورتابة الصلوات الفجة.. والشاعر الحديث الجسور (وشاعرنا سلمان من هذا النمط) هو الذي أدرك أهمية الجانب الإبليسي في لاشعوره وسطوته في الإغواء وامتلك الجرأة على إعلاء رايته وتثبيت اركان عرشه في حين خدعنا نحن بالجانب الظاهر من الصورة.. الرصين الممل الذي رفع أعناقنا وأعيننا نحو عرش الفضيلة الذي يبست أعواده حتى كدنا نسقط الى الوراء.. وقد سقط أكثرنا حقاً على ظهره وهو يطلق نداءات الغفران المنطلقة نحو السماء ولم يلتفت الى نداءات الإله الطفلي المتربع على عرش عالم اللاشعور الأسفل العزيز.. الشاعر وحده هو الذي قرر أن ينتهك:
(الخطى بالرفوف
ليفقد الجسر غنائمه..)
(فلا جدوى من عرس المسودات
سوى متن أعرج..)..

أزمة الشاعر

الشاعر وحده هو الذي أعلن بلا تردد – كما أعلن بودلير من قبل مثلاً – وصرخ حتى كادت حنجرته تنفلت بأنه لم يعد يهمه ما نضعه على صدره من نياشين وعلى كتفيه من أعباء- ندعي أنها مشرفة- في تحقيق نضج (الأنا) الموسوم بعقلنة ورياء مواضعات القطيع البشري المنضبط فينشر أمامنا بحماسة الشاعر اول مظاهر عاهة ابليسية وهي المراوحة الرغيدة على أرض طفولة (الهو):
(منذ ثلاثين دسيسة
وشبهاتي لم تبلغ سن الرشد..)
والسبب في ذلك أنه قد (رأى) و (عرف) رأس المحنة التي أمسكنا بأقدامها لقد (عرف) أن جدب الخارج وخواءه مرتبط بأبواب قلاع حكمة (الأنا) الحديدية التي أغلقت فمنعت النور عن الداخل.. الزنزانة التي أحكم أقفالها على إلهه الطفلي:
(ألف ظلام مَر..
ولم يستنشق عباد الشمس..
أنوثة البصيص..)
ومن الطبيعي بعد عصور مديدة من القمع الأبوي طأطأ فيها (الأنا) رأسه في حضرة الأنا الأعلى المعذب حتى سقطت عيناه في تراب التكفير أن تأتي انفلاته ابليس وقد أصبح شاعراً (اوديبياً) صارخة.. فابليس الشاعر المعاصر هو (اوديب) الذي نفض يديه بمرارة من محاسن الصراع الأوديبي وآمن مذعناً بأن لا منفذ لرغباته الآثمة المحببة التي استولت على عالمه اللاشعوري المحاصر.. لا راد لإرادة الأب القامع الخاصي ولا فرصة- بسبب قبضة الأب الحديدية- للظفر بموضوع الحب الذي لايعوض: الأم والتي ألبسها الشاعر الآن فعلاً اوديبياً مسقطاً فباتت تبكي قتيلها الاوديبي ليقلب المعادلة الاوديبية التي مر عليها ألف ظلام بطريقة تجعلها مظهراً خطيراً آخر من مظاهر عاهة ابليسيه.. فالأب هو المبادر في تحطيم العدو الاوديبي والأم هي المبادرة في احتضان ثم ندب الغريم الاوديبي الآثم:
(فأبي حطم اصغائي بصمت أجش
وأمي ليس لديها غير قتيل عاق
يسدل شمعتها بنحيب بارد…)
ولأن ألف ظلام مَر وارتعاشات اللاشعور الآثم محاصرة حد الموت فأن انفلاتها الطليق الطافح بعد طول اختناق سيكون كاسحاً مدمراً.. ومشروعاً في آن واحد.. كاسحاً كما هي عادة وطبيعة انفلات المكبوت بعد ألف ظلام من الإحتباس ومشروعاً لأن ابليس المعاصر يقدم لنا كبوتاته المسعورة بلباس الشعر.. فيضمن لها التمرير المغلف والعدوى:
(بوسعي إذاً..
أن أهدد الفردوس بالحقائب
وأنام مثل جراد على قارعة الآس..)
لقد غادر ابليسنا الفردوس البارد المعقلن ليدفن روحه في حضرة الغريزة الأخاذة المبللة بندى الدسائس.. غادره محبطاً ولكن مختاراً.. غادره لا كشراع ممزق بائس تسوقه رياح الأقدار الجائرة نحو مصير مروع (سمل العينين بأسياخ الحديد) لايد له فيه ولكن كشاعر أدرك بجلاء أن تاجه الحقيقي وعرشه المخضوضر الأطراف كامن هناك.. في الداخل.. بل في أقصى اللاشعور.. حيث الأغواء والمكيدة المدهشة وقانون اللذة التي لاتفنى..
وحيث تكون ضرائب وطقوس المباشرة بمهام ألوهية عالم (الهو).. عوالم الداخل مختلفة تماماً عن شروط ألوهية عالم الخارج.. فاذا كنا نحن البشر العاديين اللذين دجنا أبالسة لاشعورنا وبرغم أن تمردها الذي ضروري لسلامة شعورنا- بسياط الحكمة الزائفة نكتفي بوردة صغيرة نشمها لتطفئ لهيب روحنا العطشى فان الشاعر يحتاج الى (وردة بحجم الوجه) كما يقول (محمد الماغوط)..
فالإفراط هو ديدن ابليس الداخل الإله الأوديبي المخلوع في الخارج.. وها هو شاعرنا يقسم بأنه لن: (ينزع أوهامه.. حتى يغسل سبابته في انحطاط القمر..)

نرجسية فريدة

إن ابليس يصبح شاعراً حين يدرك أن نرجسيته الطفلية الفائقة هي التي تقربه من موقع إله.. نرجسيته النارية التي وفر لها شروطاً صنع منها كتاباً شعرياً يفخر من خلال قراءته المتواصلة بأن له امتيازات وأحكام إله.. فقد أصبح له الآن (انقاض حسنى..
وخفاش يتمراى بالنار..)..
وهذه النرجسية التي تجعل لخطيئته امتيازات الفضيلة الفائضة هي التي تتركب منها قاعدة عرش إلهه الطفلي.. فمن (هو) اللذة استحال (أنا) الواقع ووقف على قدميه.. ومن طرقات مطارق الواقع الرهيبة على سندان اللذة تطاير الشرر الأحمر الأخاذ ليشكل (أنا) الفضيلة الفج الذي تمور في أوصاله ألسنة النار الإبليسية الخالدة التي يحكم منطقها بفجاجته الطفلية المحببة حركة موجودات عالم اللاشعور.. فمئذنة ابليس الشاعر.. مئذنة (الهو) لاتطلق نداءات الندم نحو الأعالي.. لكنها (تنفق آثاماً لزجة).. لا خلاص ولا فكاك منها فهي علق اللذة الذي يمتص روح رحيق الأشياء… وفي الوقت الذي (يتمادى) فيه الهنا المتسلط على قمة جهازنا النفسي أنانا الأعلى (يتمادى) في العبوس والتجريد الوحشي المهدد فأن لصاحب الجلالة..الهو الطفلي:
(هبل الذي يتمادى في التمر..).. فحتى أوثانه المعبودة يخلو جسدها من عظام النواهي والمحرمات التي (تستدخل) لتشكل ضميرنا العابس.. لقد خلقت من المادة الأولية التي يقدمها جسد اللذة الغض.. ووسط معبد النار.. محتفياً بأنقاضه الحسنى.. وشاهراً (مئذنته) التي تنفق الآثام اللزجة (وليس عبثاً أن بعض الأساطير قد صورت الشيطان وهو يمتلك قضيباً ثعبانياً كبيراً).. وسط عرس التنصيب الكوني- الكون الداخلي- يقف ابليس الشاعر أمام وثنه وعيناه الذئبيتان تلتمعان.. فدمه جائع ولا حرمة (لطوطم) في شرائعه:
(لي هبل يتمادى في التمر..
يتمادى في التمر.. التمر..
ودم
جائع).
ومن لحظة التنصيب الكوني هذه تبدأ مسيرة الآثام الحسنى.. مسيرة يكون فيها الشاذ عن رتابة الإنسجام السمج المألوف جوهر فعل ابليس الشاعر وبهجته المستعرة..
إن جمال الحياة لايكمن في مباهج (الأنا) الثقيلة المحسوبة بصبر جبان حفاظاً على وحدة وتناغم فضيلة الحركة القطيعية.. انه يكمن في تلك المقادير المنفلتة- تحت أغطية الشعر- من عالم (الهو) والتي تذر توابلها فوق أطباق الفضيلة التي غصت بها موائد الشعور..
وباختصار فانه يتخلص بعدد العاهات الإبليسية التي يعمل (الأنا) على كبتها واخفاء وجهها البغي المتوهج تحت رداء الفضيلة والزهد: هذه العاهات ضرورة لألق الحياة أكثر من تكامل الآلهة البارد.. والنقصان في هذه العاهات المحببة يجعلها موحشة ذابلة:
(فسقوط الخضرة
يبدأ من كياسة السماد..)

إكسير الشر

إن شيئاً من إكسير الشر يتسرب بصورة حتمية في عروق نبتة الخير وفي نسغها الصاعد.. دائماً نمزج شيئاً من سم الباطل في قارورة عسل الحق.. لكن هذا الـ (شيء) لم يعد يكفي شراهة الكيان الذي المسعور.. ولن تجدي معه محاولة الترفع البائسة التي يقوم بها (أنا) الفضيلة عن أرضية (سماد) الهو الذي هو سبب ازدهار الخضرة في رأس شجرة الحكمة.. (بين مجرى البول والبراز يولد الإنسان قول مأثور لأحد ىباء الكنيسة فلماذا ندفن رؤوسنا في رمال التسويغ)..
إن هذا الإكسير الإبليسي يشتق من روح (العاهة) ويصنع من عشبة دهائها.. وهو يقوم في فعله الوجودي على أساس (التوريط) الذي يشيع التوتر الملذ في أوصال الجسد الصدئ وبدون هذا (التوريط) (تكتمل) الحياة وتموت عرجاء.. مشوهة.. باهتة.. لقد ورط ابليس الشاعر (سلمان):
(الأخلاق بالمطحنة
والزنوج بالإعلانات
التدرن بالرؤى
والجمال بالنوم
العملة بالسراويل
والنفائس بالهباء..)
ومن الطبيعي أن يطلق الإله الطفلي وهو في بداية مسيرة الآثام الحسنى نظرة الى (الخارج) فيقع في خديعة (التطابق) والتماهي مع موضوعات ابليسية خارجية (آن للذئاب أن أشبهها).
وبرغم أن صياغة هذه الجملة محكومة بدوافعه النرجسية فلم يقل (آن لي أن أشبه الذئاب) إلا أنه سرعان ما يدرك خطأ أن يكون شبيهاً لأحد.. فإلهه هو ذاته ولا أحد سواه.. إنه يتعفف وهو ينطلق على أقدامه الغضة أن يضع لنفسه مواقيت لنموه النفسي من خلال التماهي مع موضوع خارجي يستغل فجاجة البشر الذين يلدغون كل مرة من جحر اللذة ليعودوا نادمين تائبين يقدمون قرابينهم دفعاً لشعور محض بالإثم واستعداداً لخطيئة جديدة لاضحية فيها إلا القربان وخديعة الذات:
(فالناي ماكنة الراعي..
والأغنام ورشة لإصلاح التأبينات..)..
إنه مثال ذاته الأوحد المقتدر منذ البدء.. وهذا هو حال (الهو).. يولد مكتملاً نوعاً ولا يزداد عبر الخير والعصور إلا كما.. لذلك نجده يعود سريعاً ليعلن:
(آن لي أن أشبهني)..
…………………….

عاهة إبليس
سلمان داود محمد

أنتهكُ الخطى بالرفوف
ليفقد الجسر غنائمه
فلا جدوى من عرس المسوّدات
سوى متن أعرج ….
منذ ثلاثين دسيسة
وشبهاتي لم تبلغ سن الرشد ..
ألف ظلام مَر
ولم يستنشق عباد الشمس
أنوثة البصيص …،
بوسعي اذاً
أن أهدد الفردوس بالحقائب
وأنام مثل جراد على قارعة الآس
فأبي حطّم إصغائي بصمت أجش
وأمي ليس لديها غير قتيل عاق
يسدل شمعتها بنحيب بارد…
لي أنقاض حسنى
وخفاش يتمرأى بالنار..
لي مئذنة تنفق آثاماً لزجة
ولي هبل يتمادى في التمر..التمر
يتمادى في التمر
ودم جائع …
هذه الأشجار الخارجة بثياب النوم
بحاجة الى توبيخات
كي توغل الفاكهة في مذاق معاد …
هذه الإبتهاجات المثلومة
الشاغرون من الرقة
البارعون كنميمة
الأصحاء كمحنة
وكل الشواذ المحسوبين على مقتنياتي
هم أخوتي
أو
فشلي المتوهج
في سماء الضريح …
آن للذئاب أن أشبهها
فالناي ماكنة الراعي
والأغنام ورشة لإصلاح التأبينات ..
آن لي أن أشبهني
ليشم لساني سموم الغناء
وأنكّس لا مبالاتي
على جثمان الساعة …
لن أنزع أوهامي
حتى أغسل سبابتي في إنحطاط القمر
فسقوط الخضرة
يبدأ من كياسة السماد …
الزهور عاهتي
وخلاصي عصفور جائر..،
ورطت الأخلاق بالمطحنة
والزنوج بالإعلانات
ثم التدرن بالرؤى
والجمال بالنوم
العملة بالسراويل
والنفائس بالهباء ..،
أحنط الأوتار
تنكيلاً بالدندنة
آويت المفتاح
ونادمت المنغلقات
خبأت اللؤلؤ
وبكيت مع الغواصين ..،
أتماثل للغبطة
حين تزدهر الإشكالات …
( سبحاني )
ألبست التفاحة معجزتي
ولم أدخر
غير هيبة غامقة ومغفلين ..
عرقلت هناءاتي
ولم أختزن
سوى عداوات خالدة وحصى …
إني منهمك بضآلتي
مثل بنفسجة في أرض حرام ..،
ما عاد يرجى من ملكوتي
سوى أن أتفسخ ،،
هاأنذا
أتنحى منذهلاً لمهاراتكم
لمهاراتكم في السواد
في السواد
في السواد
هاأنذا
أتورّط
بي ….

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

4 تعليقات

  1. صلاح حمه أمين

    الشاعر سلمان داود أحد الأصوات الشعرية المتميزه من جيل التسعينيات التي إجتاحت المشهد الشعري العراقي بجدارة ، ولقد كتب الدكتور حسين سرمك في نهاية التسعينيات عن ظاهرة هذه الأصوات الشعرية العراقية الجريئة والمتميزه

  2. شكرا جزيلا أخي الشاعر الأستاذ صلاح حمه أمين

  3. هشام القيسي

    د . حسين سرمك حسن تفرد في منهج التحليل النفسي وقاس المعطيات الأدبية على هذا المقياس وبعلمية وموضوعية ومن مرجعيتين رصينتين علمية بحكم تخصصه وأدبية ابداعية باهرة بحكم منجزاته واصداراته في جميع الأجناس الأدبية والثقافية ناهيك عن المناهج النقدية الأخرى التي تعاطى معها ، وقد استحق الشرف الرفيع في المسلة الأدبية العربية .
    وأديب كبير وبمعطيات جادة باهرة في مختلف افاق الثقافة والأدب حري بتخليده وحري بالجهات الثقافية العراقية أن تفرد جائزة وطنية للأبداع باسمه عرفانا وتقديرا لجهوده النبيلة في اثراء الافاق الأدبية والثقافية والمعرفية الأخرى .

  4. شكرا جزيلا أخي الأعز الشاعر والناقد المبدع هشام القيسي على لطفك ومشاعرك النبيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *