ألوان
*****
ما تزال دافئة ولعشق البحر تغني، فهي تستريح مليئة بطفولتها ومنذ زمن طويل عرفت كيف تدق أجراسها على حدود الطريق وفي حقائبه. لكن صوت جرس معين لم تكتشف مداه جعلها تنشطر إلى نصفين وسط حياتها تبعتها مسارات بلهاء.
باتجاه الوعد وحدها ترتعش تحت كل كلمة فيما الفريسة تفقد قدرتها بين أسوار تعرف ماضيها دون أن تمتلك سلطة تجعلها تدخل إلى أيام سابقة غير متعبة.
أخيرا يصر أن تأتي خلسة ففي كل صباح يمكن للوهم أن يطارد كل صباح، والرفوف وحدها تدعو بإشارة سرية إلى نوبات تختفي فيها أوتار مزخرفة تعري أجسادها حتى نهاية المحطات.
ستذكر كيف كانت خرائب الأيام بكل ما فيها من لهب وزقاق غير أليف وأفق صامت ينهل منها ويعود إليها بين أوراق وطعنات عبر طريق محتال. إذ ذاك تدرك أن المغني لم يعد يفيد الأيام القابلة وأن المحطات نوافذ معطلة.
هذه الظهيرة تتابعها بعينين جاحدتين ومن لا مكان يندفع نحو ظلامه فيما هي لا تكف عن صيحات جريحة في سيارة أجرة غير ساهية عرفت كيف تصدم العالم.
بأية أمكانية تعود أوراقها ثانية، حيث الطقس السالب والطريق الغارز أنيابه. تتأمل التالي لتجد أن صفوفه مجهولة لا تستلقي على أي نهار يعرف النضوب.
بكى عليها من أعماقه لكنها في النهاية لم تصفع شركها الذي أدركه الليل.
كيف وصلت إلى كل هذه الأسفار المسننة قبل أن تلامس ممرات تقيها من أماكن مشبوهة لا توقظها الحسرات. في مطارق الليل باتت تسرع من بعيد نحو تنقلات معصوبة وبرغبة دون هدف. إذ ذاك عرفت أنها لم تكن تدرك أن ما تقوم به هو جزء من دهليز يتحصن من خلال كمين خاص.