شاكر فريد حسن : مظفر النواب والترشيح لجائزة نوبل ..! (ملف/27)

إشارة :
إذا كان نزار قباني قد ألبس القصيدة الغنائية قميصا وبنطلونا وجعلها تتجوّل في الاسواق، فإن شاعر العراق والعرب الكبير مظفر النواب قد جعل – أوّلاً – القصيدة السياسية شريانا يمتد بين قلب الإنسان العربي وقضيته. كان أشرس من مرّغ أنوف الملوك والرؤساء المتخاذلين بلا هوادة. وثانياً فإن ثورة النواب العامية هي ثورة إبداعية كبرى لم تبزها حتى اليوم أي ثورة أخرى في الوطن العربي. وثالثا، فإن النواب هو الأنموذج العملي الجسور للشاعر الشجاع الثائر الذي حمل قضية أمته من العراق إلى ظفار فأرتيريا ففلسطين حيث قَلْب القضية. أعاد مظفر للشعر كرامته النضالية المهدورة. فتحية له في محنته. تدعو اسرة موقع الناقد العراقي الأحبة الكتاب والقرّاء إلى المساهمة في هذا الملف المفتوح زمنيا بالدراسات والبحوث والصور والوثائق.

مظفر النواب والترشيح لجائزة نوبل ..!
شاكر فريد حسن

جاء في وسائل الاعلام العراقية أن اتحاد الأدباء العراقيين رشح المناضل والشاعر العراقي الرافض المخضرم العريق مظفر النواب لنيل جائزة نوبل ..!

مظفر النواب عازف الوتريات الليلية، وصاحب قمم قمم، وجزر الملح، والصارخ بوجه أنظمة العهر والتخاذل العربي : القدس عروس عروبتكم، هو أشهر من أن يعرف، فهو أمير ورائد الشعر الثوري الاحتجاجي، والقصيدة الشعبية العراقية بلا منازع، وشاعر المنافي، وبسطاء الشعب والغلابى والمسحوقين والبؤساء المتمردين على الظلم والقهر والبطش والاضطهاد السلطوي والطبقي، عاش في سوريا وليبيا والجزائر واوروبا، لكن أغلب حياته بعد أن هجر وترك العراق، عاشها في سوريا الشام .

مظفر النواب الشاعر الملهم المجيد الثائر على كل المسلمات والواقع العربي، هو أكبر من كل الجوائز والنياشين والشهادات، وترشيحه لجائزة نوبل أقل ما يقال عنه انه من باب رفع العتب، ودعاية ليس الا، فكل من ينتمي الى اتحاد الأدباء العراقيين يدرك تماماً أن الحصول على الجائزة غير قابل للتحقيق، وذلك بسبب سياسة القائمين على هذه الجائزة، والشروط التي يضعونها، فهي جائزة ” مسيسة “، أي أنها سياسية من الدرجة الأولى، ولذلك من الصعب بل المستحيل أن تكون لشاعر نقي ونظيف وملتزم ومتمرد وغاضب مثل مظفر النواب .

ولذلك فان خير وافضل تكريم لمظفر النواب وهو على فراش المرض، حيث يعاني الألم والوجع الذاتي والقهر النفسي والمرض وعجز الشيخوخة، اعادته الى موطنه الاصلي، عراق الحب والهوى . فالنواب يستحق أن تخصص له جائزة وطنية تقديراً وتكريماً لابداعاته الشعرية الملتزمة الرصينة العميقة والواقعية الثورية، واعترافاً بدوره في الحياة الثقافية والكفاحية النضالية العراقية والعربية، وعرفاناً له كشاعر مبدع أصيل، ومناضل عريق تغنى الناس بقصائده وأشعاره وأهازيجه الشعبية الرافضة الاقتحامية الموجعة والمؤثرة، ووترياته التي مست صميم الشعب وتناقلها الناس وحفظوها عن ظهر قلب، ومنعت كتبه واسطواناته في عدد من الأقطار العربية .

وما من شك أن وجود النواب في المنفى بعيداً عن العراق الذي أحب وعشق، وعن دجلة والفرات ونخيل البصرة وبغداد، هو وصمة عار كبرى، وادانة صارخة وفاضحة للنظام السياسي في العراق، وللمشهد الثقافي العراقي .

طوبى لمظفر النواب شاعراً ساطعاً ومضيئاً وثورياً، ومبدعاً حقيقياً، ترك أثراً عميقاً، وبصمة على الحياة الأدبية العراقية والمشهد الثقافي في الوطن العربي، والمجد كل المجد لصوته الثوري المدوي، ولشعره الرافض واللاهب كالنار، الذي يعري الديكتاتوريات العربية المتسلطة، التي باعت نفسها بابخس الأثمان في سوق النخاسة الامبريالية الاستعمارية، وستبقى بشعرك أيها المظفر، يا عاشق الجماهير الذي يحكي نبضها، وينطق بلسانها، ولك العمر المديد العريض لتظل صوتاً صارخاً في البرية .

*شاكر فريد حسن – كاتب وناقد فلسطيني

*عن الحوار المتمدن

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *