كريم الأسدي : اخترْ : ديمقراطي أو تاجر سلاح

اخترْ : ديمقراطي أو تاجر سلاح

نصٌ نثري

كريم الأسدي ـ برلين

لا يمكن أن أصدق ان يأتلف الديمقراطي وتاجر السلاح في شخص واحد ومن ثم في حكومة واحدة !! .. الديمقراطية ـ ان وجدت الى الآن حقاً ـ فهي مشروع عالمي لبني الأنسان يحترم الانسان ، حياته ، حريته ، وكرامته !!!! وتجارة السلاح لا تحترم الانسان ، لأنها ان لم تسلب الانسان حياته فسوف تقيّد حريته وتجرح كرامته .. الديمقراطية ، بما يعني حكم الشعب ، تهتم بالشعب كله أينما كان ، بينما تجارة السلاح مكسب لشخص أو مجموعة صغيرة على حساب شعب أو مجموعة كبيرة ، أي ان فيها دائماً ربحاً لشخص أو زمرة صغيرة على حساب شعب أو مجموعة كبيرة .. هل يمكن على الاطلاق تمويلُ مشروعٍ ديمقراطي في دولة ديمقراطية من تجارة السلاح ؟! انشاء مستشفى مثلاً ، بناء جامعة ، تأسيس ببيت للفنون والآداب تُقام فيه قراءات أدبية وفعاليات فنية ونشاطات فكرية في مكان ما ، بينما الأطفال الضحايا في مكان آخر يهيمون بلا مأوى ولا طعام ولا دواء ؟! هل يمكن اعتبار تسويق السلاح الى بلدان غير ديمقراطية في نظام حكمها جائزاً و مشروعاً لأن هذه الدول غير ديمقراطية ، بمعنى ان الانسان فيها أقل من انسان ، ولا ضير ان يموت ليعيش الأبن الديمقراطي برفاه ؟!! .. ان مجرد تصدير قطعة سلاح واحدة من بلد ديمقراطي قد يموت فيها انسان بريء واحد في أي بلد يلغي مصداقية الديمقراطية تماما في البلد المصدِّر .. هكذا أقول وأستعد للمحاججة ، وهكذا قلت وحاججت من زمان.. فكيف بملايين الأطنان من السلاح ، والأرباح التي تجاوزت المليارات الى التريليونات من الدولارات ، والخسائر الناجمة عنها تُعد بملايين الأرواح البشرية ؟!.. كيف يسكت المثقف الغربي عن هذا الاستغفال وعن هذا التزوير ، وعن هذه الجريمة ، وعن هذه الجرائم ، وكيف يعقد بيت الأدب ومهرجان الأدب ندواته وولائمه من تمويل مشبوه بل من تمويل مجرم قاتل يتماهى فيه النبيذ الأحمر مع دم الضحايا ، ولحم الخنزير أو البقر مع اللحم الآدمي وأنوار القناديل والشموع مع برق القنابل والصواريخ وأصداء الموسيقى مع صراخ الجرحى والفزعين ؟! .. شعوب البلدان الديمقراطية مدللة على حساب هؤلاء الذين يقولون عنهم : شعوب بلدان العالم الثالث ! فهل الديمقراطية سوق خضروات تُصنَّف فيه البطاطا والطماطم والليمون الى درجة أولى وثانية وثالثة ، أم انها رؤيا منصفة وعادلة وجميلة الى الحياة مشروعها هو الرفع من شأن أبن الانسان أينما كان ؟!! اما وأنتم تسوقونها بهذا الشكل فهذا يعني ان هناك خللاً في مشروعكم كله .. لا ، لا يأتلف الديمقراطي وتاجر السلاح في شخصية وأحدة ولا في حكومة واحدة ، واذا أصررتم على إمكانية هذا الائتلاف فهذا يعني ان هذا الشخص ـ أو هذه الحكم ـ مصاب بالانفصام ، وطبقاً لهذا عليه ان يأخذ استراحة من اتخاذ القرار ، وان مؤقتاً

*******

ملاحظة :

زمان ومكان كتابة هذا النص في اليوم الرابع والعشرين من آذار 2019 في برلين

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم عبدالله : كلّما ناديتكِ تجرّحتْ حنجرتي.

مُذ أول هجرة إليكِ وأنا أفقدُ دموعي زخّةً إثرَ زخّة أيتُها القصيدة الخديجة الباهتة المشاعر …

| آمال عوّاد رضوان : حَنَان تُلَمِّعُ الْأَحْذِيَة؟.

     مَا أَنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا الْيَقِظَتَانِ سَوَادَ حِذَائِهِ اللَّامِعِ، حَتَّى غَمَرَتْهَا مَوْجَةُ ذِكْرَيَاتٍ هَادِرَة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *