بخصوص سلمان داود محمد :كلمة حق في زمن يحكمه الباطل
شهادة : عارف السيد (ملف/13)

إشارة :
سلمان داود محمّد – وببساطة شديدة جدا ولكن معقّدة – هو “عاهة إبليس” في المشهد الشعري الراهن ؛ العراقي – وحتى العربي لو هيّأ له الأخوة النقّاد “الأعدقاء” فرص الانتشار. وكمحاولة في إشاعة فهم بصمة روحه الشعرية المُميزة الفذّة التي طبعها على خارطة الشعر ، ارتأت أسرة موقع الناقد العراقي الاحتفاء به عبر هذا الملف الذي تدعو الأحبة الكتاب والقرّاء إلى إغنائه بالدراسات والمقالات والصور والوثائق.. تحية لسلمان داود محمد.

بخصوص سلمان داود محمد :
كلمة حق في زمن يحكمه الباطل ..

شهادة : عارف السيد

لست بصدد إعلاء شأن شخص ما ولا أروم تسليط الضوء على موضوع بعينه بغية الدعاية بقدر ما أدلي بشهادتي المتواضعة هنا بشأن أمر يستحق التوقف عنده في زمن تعصف به السفاهة والبلاهة والسخف فأقول :
حين يكون أحد ما صادقاً مع نفسه ومع الآخرين وهمه ينصب في شأن ثقافي عام في وضع يضج بالأكاذيب والدجل وانعدام المروءة كوضعنا الراهن فهذا يعني أن وضعاً مريباً تشظت فيه كل الأعراف والقيم ” حتى الأرواح ” التي استحالت الى مسوخ تنتج كل خراب مفجع …. وهذا الأحد بقي كما هو متحصناً بعناده وجرأته وقناعاته ذات الثوابت المسورة بقلاع الإصرار وبالتشبث بالقيم السامية وروعة الزمن الثقافي الجميل الذي بنبغي أن يكون ويستمر ، ويبقى متسلحاً بانسانيته وابداعه الذي لا ينضب ولا يأخذه الوهن .
مَن مِن المهتمين بالأدب والثقافة لا يعرف الشاعر سلمان داود محمد ، هذا الوديع الهاديء العذب والغاضب كصمت البراكين .. ليس مدحاً ولكن بقدر ما يريده الحق تحين ساعة القول الصريح الصادق.
سلمان يعتير الخصوصيات شيئاً ثانوياً ليست ذات أهمية لا بل كثيراً ما يقوم بالتندر على تفاصيلها ويصنع منها مواقف للنكته والتسلية غير آبه لكل ما تحمل ويحسبها من الأمور التي لا تستحق البحث والعناء … أما حين يكون الأمر متعلقاً بالآخرين فالأمر مختلف تماماً … يتحول الى انسان آخر يأخذه على محمل الجد … يفتش في كل حرف وكل كلمة ويعمل جاهداً دون كلل أو ملل من أجل الآخر الشريك في الثقافة الحقة والحياة السامية …. فعندما تسلم مهام رئاسة تحرير مجلة ( آفاق أدبية ) وهي مطبوع تابع لوزارة الثقافة أخذ يصل الليل بالنهار على متابعة كل ما يكتب وفي جميع ميادين الإبداع الثقافي حتى وصل الى درجة مقلقة من الأعياء ، وفي يوم ما قلت له .. سوف يقتلك التعب … قال يا صديقي التعب لا يهم المهم أن نقدم للناس منجزاً ثقافياً عراقياً مميزاً .. وحدث ما كنت خائفاً منه .. أصيب سلمان بذبحة صدرية …. نقل على أثرها الى مستشفى الكندي وبعد خمسة أيام في العناية المركزة نقل الى البيت مع توصيات الأطباء بعدم الإجهاد وملازمة الفراش … إلا انه أثقل على نفسه مخالفاً توصيات الأطباء ليذهب الى المجلة … ليجد أن ما حل بها خراباً وكأن المجلة لدى المعية من كادرها يظنون ان المجلة ليست منجزاً ثقافياً يعود الى الدولة وانما هي مجلة سلمان داود محمد وهذا الظن والتصرف الذي اتخذوه لم يأت من فراغ فهناك من ذوي النفوس الضعيفة يضمر الضغينة لسلمان لينال من نجاحه الذي هو نجاح للجميع على المستويين الثقافي والمهني الذي تحقق من خلال الأعداد التي صدرت والتي حازت على اعجاب القراء والأدباء في الأوساط العراقية والعربية أجمع .. العجب أن لا أحد من كادر المجلة انجز العمل المناط به وما من رفة جفن للمسؤولين القائمين على الإدارة لا سيما وان سلمان قد اتصل بهم وطلب منهم جلب موادها الى بيته وهو تحت وطأة الألم وأوجاع قلبه المتعب وقام بتسجيل ملاحظاته مهيئاً اياها ( أي المجلة ) للطباعة لكنه تفاجأ بأن لا شيء تم فعله من أجل صدور العدد الجديد من المجلة في وقته … انه أمر عجيب في المقاييس العامة ولكنه ليس بغريب أن يحدث في عراق ثقافي يحكمه كل بليدة وبليد مادام هناك من يريد أن يصادر ويسيء الى جهود الآخرين من قبل مسؤولي المصادفة ، هؤلاء القساة الذين ابتلانا الله بغبائهم وخبثهم وعقولهم المتخلفة التي تحاول وبأي طريقة النيل من أي شخص يملك ما لا يمكنهم الحصول عليه …
وبمناسبة فتح هذا الملف من لدن موقع (الناقد العراقي) الإبداعي المهم أقول مجدداً :
أي نبل وأي إيثار وأي نموذج نادر جسدته في هذا المضمار وفي غيره الكثير أيها الكبير سلمان داود محمد … ولأنك بكل هذا المجد المُضَحي من الحضور فأن أعداء الثقافة النقية كثر في زمن مثل زماننا الأغبر هذا …
سلمان .. ستبقى كبيراً رغم كل ما يفعله هؤلاء الصغار …

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *