للسَّياسييَّن فقط !
قالت له :
لا تُفتِّشْ في لسان العربِ
عن معنى للعربِ
فلا قحطانُ قحطانُ
ولا عدنانُ عدنانُ !
ولا تسألْ عن يمنٍ
أو شآمٍ
أو عراقٍ
أو مغربٍ
أو مشرِقٍ
ولا تسألْ عن بحرٍ أو جزيرةٍ
للعربْ !
لا تبحثْ عن أصلكَ
فأنتَ كأطفالِ الرَّصيفِ
أو كاللُّقطاءْ
مجهولُ الهُويَّةِ
مجهولُ النَّسبْ !
احكمْ كيفما تشاء
في مصيرِ الأرضِ
والعرضِ
وحالِ العباد
وانهبْ كلَّ البلادِ
من الغربِ إلى الشَّرقِ
ومن الجنوبِ إلى الشَّمالْ !
وشرِّعْ ما تُشرِّعُ من قوانينَ للفسادِ
فأنتَ يا صاحبَ الهيبةِ
من أهلِ الحسبْ !
احكمْ بالسَّيفِ
أو بالعصا
بالقيدِ
أو بالنَّارْ
بديمقراطيَّةِ الوهمِ
أو بانفرادْ
فلن يسألكَ شعبكَ يوماً
أيَّ سؤالْ !
وهل يسألُ يا صاحبَ الجلالِ
مَن كان في الأصلِ
من حجرٍ
أو صُوَّانْ ؟
وهل يسألُ مَن كانَ في التكويِن
نطفةّ من جمادْ ؟
وهل يسألُ يوماً
مَن كان أصلُه من عربْ ؟
اضحكْ على الشَّعبِ بكلِّ اللُّغاتِ
حدِّثهم عن الحريَّةِ
وعن الخلاصْ
وعن الفَرقِ بين الفِرقْ !
حدِّثهم عن قصةِ الطوفانِ
وعن السِّباحةِ مع التيَّار
وعن الغرقْ !
حدِّثهم عن الذين يغتالونَ الفجرَ
في الغسقْ
واقرأْ لهم ما تيسَّرَ
من سورةِ الذهبْ !
اخطبْ بالجموعِ والحشودِ
وذكِّر بالذينَ يسرقونَ من الدِّيكةِ
الصِّياحْ
ومن الكلابِ
النُّباحْ !
ومن كتب التاريخ ينحلون النسب
وخبِّرهم عن الجدارِ
وعن السَّفينةِ المثقوبةِ
والسِّوارْ
وعن أهلِ الكهفِ
وعن آلِ عمرانْ !
وقلْ لهم كيف تموتُ
في شرقِنا الرِّياحْ
وكيف يحيا في القلوبِ
اللَّهبْ !
حدِّثهم كيف يرسمونَ كالأطفالِ
اليأسَ والألمْ
وكيف يشربونَ حين ظمأٍ
الدُّموعْ
وكيف يأكلونَ حين جوعٍ
الجوعْ
وكيف يسبحونَ صباحاً مساءً
بحمدِ وثناءٍ
لأكبرِ صنمْ !
وكيف يرزقون دون مشقةٍ او تعب
حدِّثهم عن الصناديقِ :
صندوقِ الزَّكاةِ
وصندوقِ الفقراءِ
وصندوقِ جدَّتكُم العجوزِ
يومَ عرسها الميمونْ
ولا تنسَ صندوقَ النَّقدِ الدولي
والبنكَ الدولي
وتدويرَ القروضِ
والفرقَ بين الحقوقِ
والفروضْ !
وافتِ لهم :
قطرةُ العينِ
تجعلُ الصائمَ يفطرْ
ولا يجوزُ الجمعُ
بين المغربِ والمشرقْ
أو بين المحيطِ والخليجْ !
ولا تخشَ الضجيجَ
فلا أحدَ فيهم يعرفُ
كيف يثورْ !
ألمْ تعلم يا سيَّدَ الشَّرقِ
والغربِ
والفضاءْ
أنَّ البركانَ إذا ما يوماً ثارْ
جاءوا إليه بحاكمٍ من حكَّامِ العربِ
فإذا بالبركانِ
يَذلُّ
ويخنعُ كالسَّجينِ
أمامَ السَّجانْ
فيبتلعُ حمَمَه
ويُطفئُ نيرانَ ثورتهِ
ويلوذُ بالصَّمتِ الأبديِّ
ثمَّ ينحني
ويدعو بطولِ العمرِ
والبقاءِ
لأميرِ الصَّامتين !
د. عاطف الدرابسة