أ.م.د. سهام السامرائي : الجذور القشتالية لداعش- قراءة في رواية مخيم المواركة لجابر خليفة جابر (ملف/32)

إشارة :
طبع القاص والروائي “جابر خليفة جابر” بصمته الأسلوبية المميزة على خارطة السرد العراقي عبر فهم عميق لسرّ الحداثة المنبثقة من عمق التراب العراقي (تراب البصرة تحديداً). يذكرنا جهد جابر أو مشروعه بما قاله الراحل الكبير “عبد الرحمن منيف” في رسالة إلى المبدع “شاكر خصباك”: “النجف وحدها تضع مائة رواية أهم وأخطر من ” مائة عام من العزلة”. واعتزازا بتجربة جابر السردية المتفرّدة تبدأ أسرة موقع الناقد العراقي ملفها عنه وتدعو الكتّاب والقرّاء إلى إغنائه بالمقالات والصور والوثائق.

الجذور القشتالية لداعش- قراءة في رواية مخيم المواركة لجابر خليفة جابر
أ.م.د. سهام السامرائي / أستاذة مادة نظرية الرواية
جامعة سامراء / كلية التربية / قسم اللغة العربية

أما قبل
إذا كانت قضية الموريسكين (1 ) حاضرة في المأساة الفلسطينية، أو قد تكون متجسدة في حالة الهنود الحمر، وحرب الاجتثاث التي تعرضوا لها على يد الرجل الأبيض، وقد تكون متمثلة في الأفارقة وهم يتعرضون للبيع والشراء ثم لغسل الدماغ على يد الاستعمار الغربي، وقد تكون هي مأساة المسلمين تحت الراية الحمراء زمن الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي الشرقي . كما يقول الكاتب المغربي حسن أوريد . فضلاً عن مأساة مسلمي البوسنة والهرسك وبورما، وصولاً الى مأساة العراقيين بعد الاجتياح الامريكي لبلدهم عام 2003م، ولما تزل تلك المآسي قائمة .
وهذه المأساة الإنسانية تم تناولها روائيًا من قبل عدّة كتّاب عرب في محاولة لقراءة الحاضر العربي المعقد، والكشف عن المخفي و المسكوت عنه من إبادة جماعية لشعب بأكمله، من قبل السلطة الاسبانية وبتوجيه من الكنيسة الكاثوليكية إذ مارست ((أبشع وسائل التصفية المذهبية والعرقية، ضد من تبقى من الأندلسيين الذين اختاروا البقاء في وطنهم المحتل، وصمدوا أمام عمليات التنصير والتهجير والإبادة، وبخاصة عندما شعرت تلك السلطات بضعف المسلمين وعدم قدرتهم على ردعها، إذ استعملوا جميع ألوان التعذيب والبطش والتنكيل على مدى ثلاثة قرون متواصلة، حتى محو المسلمين من الوجود إذ لم تتوقف محاكم التفتيش القاتلة إلا بانتهاء المسلمين، من شبه الجزيرة الأندلسية)) (2 )، ومن الكتاب الذين تناولوا هذه المأساة الأندلسية الكاتبة المصرية رضوى عاشور في (ثلاثية غرناطة) إذ رصدت فيها لحظة الانهيار وحكت عن بداية التراجع الإسلامي في الأندلس وكيف اختلطت الأمور عليهم. إذن جرى الاشتغال في منطقة خصبة من تاريخ المآسي الاسلامية والعربية وتتبع المفكر والروائي الباكستاني الأصل البريطاني الجنسية طارق علي في روايته (ظلال شجرة الرمان) تداعيات سقوط غرناطة من خلال أُسر تحاول كغيرها البقاء على قيد الحياة والهروب من التصفية بعد انهيار عالمهم ونشوء عالم آخر معاد لا يعرف التعايش و التسامح، وتوجه الرواية أصابع الاتهام إلى المسلمين أنفسهم عن ما انتهت إليه أحوالهم إذ يقول (وجيد الزنديق) في الرواية ((ندير أعناقنا على الدوام نحو الماضي بدلا من التطلع للمستقبل، فشلنا في ترسيخ قواعد سياسية قادرة على حماية مواطنينا ضد نزوات الحكام، لم نستطع أن نتلمس الطريق نحو الاستقرار وحكم ينهض على العقل)) (3 ).
أما واسيني الأعرج في روايته (البيت الأندلسي) فتروي حكايته قصة بيت أندلسي قديم عاش فيه العشاق والقتلة، والملائكة والشياطين، النبلاء والسفلة، الشهداء والخونة .. تريد السلطات تهديمه لاستغلال مساحته لبناء برج عظيم : برج الأندلس، ساكن البيت (مراد باسطا) المتبقي من السلالة المنقرضة، يرفض فكرة التهديم ؛ لأنها محو للذاكرة الجمعية . ويقول الكاتب والباحث المغربي حسن أوريد الذي تناول أيضا قضية الموريسكين في مقدمة روايته (الموريسكي) ((فعملي هذا ليس حكيا لسيرة أفوقاي (4 )، ولا هو تاريخ الموريسكين بالمعنى الدقيق للتاريخ . هو رواية استقيت مادتها من التاريخ ومن مأساة إنسانية، لأعبر عن قضايا راهنة … فالموريسكي، في نحو من الأنحاء هو(نحن) المرحلون من ثقافتنا الأصلية)) (5 )، فيما تعد رواية الروائي المصري صبحي موسى (الموريسكي الأخير) أول رواية تطالب بحق الموريسكين في الاعتذار لهم ومنحهم المواطنة والجنسية الاسبانية على غرار ما فعلته اسبانيا مع الموريسكين اليهود، وقد لعب موسى على فكرة الخطين المتوازيين القديم والحديث محاولا فهم الواقع الذي نعيشه الآن، ساعيا لكشف ما جرى للثورة المصرية من خلال ما جرى للموريسيكن قديماُ وقد ركز على حقبة محددة وهي ثورة الأندلسيين أو الموريسكيين لمحاولتهم استعادة الأندلس، ويمزج ذلك بقيام الثورة الأخيرة في مصر، فضلاً عن عدد من الكتاب الإسبان منهم خوزيه غارسيا في روايته(الزعفران) والتي أكد فيها الابادة الجماعية للموريسكين على يد الإسبان.
رواية مخيم المُواركة
تنهض رواية (مخيم المُواركة) للقاص والروائي العراقي جابر خليفة جابر بحمولة فكرية حاولت الاشتغال على موضوع يجانس مأساة البلاد الاسلامية حينما جعلت الاندلس مرجعية مأساتية، كل ضياع لأرض كأنها الاندلس .
وتأسيسًا على معطيات التاريخ والواقع مثلت الرواية قفزة نوعية في صياغتها، إذ اتخذت شكلًا فنيًا وموضوعيًا مميزًا و مغايرًا لما عهدناه في الكثير من الروايات العربية، فقد شكل معمارها السردي المبني على تقنية تعدد الأصوات السردية وما يتبعه من تباين في وجهات النظر، وتداخل في أنساق السرد، حيث تسهم هذه الأصوات في صنع الاحداث من خلال ما يأتون به من قصاصات سردية أو حبات قصصية .
إنّ الفكرة التي تنهض عليها الرواية هي الاستعداد لإقامة مخيم يحاكي فيه القائمون عليه ما عاشه الموريسكيون ويصورها مكانيًا وانسانيًا، ((المخيم بشكله وتنقلاته وطريقة توزيع الخيام القريبة إلى الفوضى والتشتت، أريد لها أن تحاكي عمليات الطرد الوحشية التي تعرض لها شعب كامل بمختلف انتماءاته وأطيافه، أما التيمة الأساس لفكرة المخيم فهي اجتماعاتنا أو حفلاتنا القصصية والتي ابتدأت بإنْ يطرح كل مشارك في المخيم ما يعرفه من حكايات المواركة بجمل مكثفة كتلك التي تبادلتها مع الدكتور رودميرو يمكن أنْ أسميها قصاصات سردية أو حبات قصصية)) (6 ) . فيطرح الأديب العراقي المغترب رحمن خضير عباس في مقال له عن الرواية سؤالًا : ((هل كانت القصاصات السردية لمخيم المواركة مجرد وقفة حضارية، ذات صبغة أخلاقية، لألقاء نظرة على محاكم التفتيش، وما تبعها من حرب ابادة ضد عنصر بشري بحجة الخلاف الديني ؟ هل هي إدانة للماضي المضرج بالدم والألم ودعوة الاسبان للتبرؤ من ماضيهم القمعي ؟ أم أن المخيم كان فعالية فنية وأدبية تلغي الحواجز بين بني الانسان من خلال حتمية التواصل بين البشر بمختلف أعراقهم وأديانهم وهوياتهم ؟ .)) (7 )، أي دعوة للمحبة والصفاء والتسامح والتعايش خاصة ونحن نقرأ في خاتمة الرواية ((شاعت نسائم السلام في المخيم وعم التسامح مع ما عرض من مشاهد وحكايات وراح الجميع مواركة واسبان، قشتاليون وكتاليون وبشكنس وأندلسيون، بعضهم يهنئ بعضا على نجاح المخيم، ووسط هذه المشاعر الطيبة وزعت آخر المشاركات التي لملمت الحكاية، حكاية قمرين أم الحكايات، وكانت لخيمة العدوة المغربية وفاء لأهلها جعلوها مسكا للحكاية)) (8 )، هل نحن أمة مهددة بالزوال ؛لأنّ أي مجتمع يتمزق كما تمزق المجتمع الأندلسي، ويتقاتل أبناؤه كما تقاتلوا، ويتحالفون مع أعدائهم ويوالونهم ضد اخوانهم، فإنّ مصيره إلى الضياع والتلاشي، الذي يتمعن في الرواية أكثر يجد أنّها تتسع لأسئلة أخرى جديدة : هل جاءت ردًا على بعض متناولي تاريخ الأندلس ممن يروجون لفكرة أنّها كانت محتلة، وأنّ الإسبان استعادوا حقهم المسلوب عبر حروب الاسترداد الكاثوليكية، حتى يسقطوا عمدًا فضل الاسلام والمسلمين على أوربا والتي انتشرت في الآونة الأخيرة تحاول تشويه الفتح الاسلامي للأندلس، وتعمل على تصوير الفتح الذي أطل على غرب أوربا كاحتلال اسلامي لأرض ليست له (9 )، هل هي دعوة لإحياء مأساة المواركة المشطوبة من التاريخ عمداً، وبث الروح فيها من جديد، ودعوة لتناولها في المناهج الدراسية التي غيبتها، ولم تنل حضًا من العناية والاهتمام بها، لأنّ محنتهم مازالت حاضرة في كثير من قضايانا العربية والانسانية الراهنة ((والمواركة الذين نسيتهم حتى مدارسنا، كانوا مواركة !)) ( 10)،هل تحمل القصاصات رسالة تحريض صريحة إلى المسلمين للمطالبة الرسمية من الحكومة الاسبانية بتقديم اعتذار رسمي للموريسكين على غرار ما حصل لليهود الأندلسيون (المارانوش) من اعتذار ملك اسبانيا خوان كارلوس لهم. ((المارانوش الذين اعتذر لهم خوان كارلوس الملك، كانوا يهود)) (11 )، هل هي صرخة في وجه الشعوب والحكومات في العالم العربي والاسلامي لغرض فصل الدين عن الدولة ؛لأنّ ما حدث من إبادة جماعية لشعب المواركة من قبل السلطة الإسبانية كان بتوجيه ومباركة من الكنيسة الكاثوليكية وتحت شعار الصليب الذي يرمز للتضحية والألم في سبيل الانسانية، أي ما حصل كان مبنيًا على أساس ديني، هل فيها تأكيد على أن الآخر/ الغربي لا يعرف التعاطف معنا إلا بعد أن يشتت هويتنا ويضيع حاضرنا ومستقبلنا ؟، يبدو من خلال ما يمكن التقاطه من اشارات ارسلها الكاتب أن المعسكر الغربي يشتغل على هدم الهوية الدينية عن طريق معاقبة هؤلاء نتيجة دينهم وبالنهاية يصلون الى مرحلة كره الدين، وهذه الحالة لا يمكن أن تكون معكوسة، ثم أن التهديم المقصود سابقًا وحاليًا لا يبتعد عن أن يعكس صورة الإسلام الحقيقية المشرقة الممثلة في الأندلس ويجعل منها صورة سلبية لطمس معالم أول الجروح النازفة وهي الاندلس والتي توهجت فيها الحضارة التي امتدت لثمانية قرون مضيئة ليل أوربا الدامس آنذاك، تلك الصورة الجميلة التي طالما سعى الآخر جاهدًا لتشويهها من خلال الصاق شتى أنواع التهم بها، آخرها تهمة الإرهاب وبخاصة بعد احداث الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر عام 2000م ؟ هل هي شهادة براءة للإسلام والمسلمين مقابل إدانة فاضحة وواضحة للغرب الذي مارس أبشع مظاهر الاضطهاد والتطهير العرقي والتميز الطائفي والديني، وأنّهم هم أول من أسس للإرهاب وأن القشتاليين هم الجذور الحقيقية لإرهابيي اليوم ؟؛ لأنّ ما قام به رجال محاكم التفتيش لا يضاهيه في عصرنا إلا ما أحدثه الدواعش الإرهابيون في سورية والعراق الذين عاثوا فسادًا وخرابًا وطائفية وعرقية وسفكًا للدماء والأخلاق والتراث والتاريخ والأمل والجمال، في أبشع مشاهد التطرف والتعصب الديني على مدى التاريخ، كتفسير لمحو شعب بأكمله وتدمير حضارة عمرها ثمانية قرون، ((وقلما أصدرت المحاكم حكمًا بالبراءة، بل كان الموت والتعذيب الوحشي هو نصيب وقسمة ضحاياها، حتى إن بعض ضحاياها كان ينفذ فيه حكم الحرق في احتفال يشهده الملك والأحبار، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان فرناندو الخامس من عشاق هذه الاحتفالات، وكان يمتدح الأحبار المحققين كلما نظمت حفلة منها)) (12 )،الكاتب في روايته(مُخيم المواركة) برع في تصوير المشاهد المؤلمة بحرفية وتقنية عالية ((أغلقوا المغارة عليهم بالنار والدخان، سمع الجنود سعالهم والصراخ، فتضاحكوا، وفجأة، انفلتت راكضة، أم شابة ورضيعها لكنهم في الخارج، وكانوا يرقصون.. قطعوهما بسيوفهم . ما أقول لك صديقي، هكذا هي حكايات الموريسك، هل هي جميع محزنة، لا أدري ..)) (13 )، ويرسم الكاتب لوحة تُبرز احدى وسائل التعذيب التي كان يستعملها القشتاليون ضد المواركة قبل حرقهم لتابوت مغروز بالسكاكين مرسوم فيه صورة حسناء شبه عارية بثوب زفاف وهي تمد ذراعيها للاحتضان في مشهد يقطر مرارة وألم ((عرف أهالي القرية أن الحمدي وكان في الستين من عمره زفوه مرتين إلى تابوت العذراء الجميلة نكاية به، ففي أرضية التابوت اللعين صورة حسناء شبه عارية بثوب الزفاف وهي تمد ذراعيها أنها تريد احتضانك، فأدخلوا الحمدي عليها وطرحوه في التابوت على وجهه كي يحتضن عذراءهم اللعينة، لكنهم لم يطبقوا التابوت عليه جيدا لكي لا يتمزق جسده كليا بسكاكين التابوت، امعانا في تعذيبه، اخرجوه داميًا يئن ثم ادخلوه ثانية حتى تمزق رحمه الله ومع أنه كان ميتا الا انهم رموا بجثته في النار مع الآخرين، قيل انهم عذبوه هكذا لمعاندته لهم واصراره على ترديد الشهادة إلى آخر لحظة)) ( 14)، لم يكتفوا بحرق المسلمين أحياء، بل ذهبوا بعيدًا بفرض عقوبات الموت والتعذيب على من أعلنوا اعتناقهم للدين المسيحي، وكانت التهمة الموجهة لهم هي الهرطقة ( 15)، لأنّهم لم يقتنعوا بتنصيرهم، بل كانوا يرمون ابادتهم ((وفي اليوم الثامن قتلوا ثلاثة موريسكيين تعرف الجندي عليهم، كان كاذبًا طبعًا وجبانًا، وكانوا أبرياء، انا لوحدي تغلبت عليه وعلى سلاحه واشبعته ضربا، لكنهم هكذا، وبعد عام أو أقل قبضوا على ريكاردوا وسالم مع عدد من المسيحين يسمونهم الهراطقة، اتهموهم بالكفر، واحرقوهم، سكت الموريسكي للحظات وكان اسمه القشتالي ماركوس، ثم قال وكانه ينظر من مكان بعيد)) ( 16)، ازدحمت الرواية بعشرات الحكايات التي تتحدث عن أعمال القتل والتعذيب التي تمت بدم بارد من الجنود القشتاليين وبمباركة من قبل الكنيسة الكاثوليكية، في محاكماتها السيئة الصيت والمسماة بمحاكم التفتيش، اذ كانوا يتعمدون وشم جباه المسلمين بالصليب، وفي أعياد ميلاد السيد المسيح عليه السلام يحرقوهم، والحقيقة أن ما قام به جنود قشتالة تجاه المواركة المسلمين يعادل فعل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تجاه النصارى في الوقت الحاضر في رفعهم لراية الاسلام وتكبيرهم لله وهم يفجرون كنائسهم ودور عباداتهم التي وصى بحمايتها الاسلام قال تعالى : ((وَلولا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبَيعٌ وَصَلواتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَليَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنّ اللهَ لَقَويٌّ عَزِيزٌ)) (17 )، يقول الراوي:                 
((غدا – سيمتنعون عن الطعام سرا –
أو بعد غد،
ثلاثة رجال كانوا،
وثلاثة صبيان،
وطفلتين وكانوا – غربا – يتطلعون لرؤية الهلال،
فلم يروا الخيول وهي تحط عليهم ..
بعد يومين فقط،
وشموا جباهم بالصليب،
وفي عيد الميلاد أحرقوهم ..)) (18 ).
ويبدو أن وراء تلك الأفعال قديمًا وحاضرًا أيادٍ خفية تعمل لإبقاء العالم في صراع دائم وحرب مستعرة بين الأديان أو ما يطلق عليه اليوم صراع الحضارات لغايات مريبة؛ ربما هو الخوف على المراكز من أن يمتد عليها الاسلام فيجتثها من بين أيديهم، والخاسر الأكبر والوحيد هي الشعوب التي عاشت يوما في ظل الاسلام بأمن وامان تحت قاعدة لا اكراه في الدين . وربما يجد الكاتب مقاربات مشتركة وأرض خصبة تنعم بالسلام بين المسيحيين والمسلمين تأسيسًا على مبدأ العدو الواحد وهو اليهود الذين كانت لهم دسائس أوقعت بين النصارى والمسلمين قديمًا وبين المسلمين والنصارى حديثاً وهذه السياسة تشتغل في منطقة حيوية في جوف العقائد الثلاثة التي تجمع العالم وايمانًا من اليهود بأنَّهم العقيدة التي نادت الديانتان الأخرى بزوالها فحاولت تفكيك الروابط بين الديانتين (المسيحية والاسلامية)، وسر بقائها يكمن في اشعال الحروب باسم الدين بين النصرانية والاسلامية قديمًا وحديثًا وهو ما طبقته داعش التي لم تذكر اليهودية بوصفها عقيدة في خطابها على عكس التعريض بالنصرانية.
يقول الراوي ((أقاموا الاحتفال في الميدان العام في المرية وساقوا قرية الصيادين كلها لتحضر الاحتفال عرضوا الأحياء أولاً ثم قرأوا لائحة الاتهام اتهموهم بأنهم كانوا على التلة ينتظرون مجيء قوارب القراصنة الأتراك (طبعا كانت وجوهم إلى الغرب كي يروا الهلال، اي تجاه غرناطة تقريبا وليس إلى البحر كما ذكر الراهب وهو يقرأ الاتهام) كما اتهموهم بأنهم يمارسون الشعوذة والتنجيم بتطلعهم للنجوم، ثم جرجروهم وكانوا مقيدين، وقد شوهت الكدمات وجوههم، كووا جباههم واحدًا بعد الأخر بحديدة متجمرة، ووشموا عليها علامة الصليب، وكانت صيحات الاستحسان الهستيرية تدوي، كان منظر الصغار مفزعًا يفطر القلب، وقد أكد أهل القرية أن العديد من المسيحيين الحاضرين بكوا، وكانوا يمسحون دموعهم لئلا يراهم أحد،)) (19 ).
عمليات القتل والتعذيب أدت إلى اندلاع أقوى وأوسع وآخر ثورات الاندلسيين هي ثورة البشرات (20 )، فمُزقوا بلا رأفة ولا شفقة ولا رحمة قتلوا الأسرى و اغتصبوا النساء وبُعّن كجواري وتم التفريق بين الأمهات وأطفالهن وقتلوا ألاف الصبيان ((قاد المعارك الضارية ضد الثوار الأندلسيين الدون خوان النمساوي بنفسه، الاخ غير الشرعي لملك قشتالة فيليب الثاني، واسرف في القتل والتنكيل بالموريسكين، قتل الاسرى من الثوار بلا تردد، اغتصبت النساء وبيعت كجواري، وتم التفريق بين الامهات واطفالهن، الذين تم بيعهم ايضًا، وأمر بقتل الالاف من الصبيان الصغار))(21 ).
بعد اخماد الثورة الاندلسية الكبرى عام 1571م وما تلاه كان عمليات مطاردة وحملات واسعة شارك فيها اغلب القشتاليين جنودًا وغير جنود لاصطياد الموريسكين استطاع الروائي أن يدخلنا في جو المأساة العام لنعيش أحداثها بتفاصيلها وصورها المؤلمة يقول : ((إذ أن الدون خوان النمساوي، ويسميه المواركة، بالنغل، كونه ناتج عن زنا الجرماني كارلوس الخامس ملك قشتالة بأمه، قام بعد خداع الثوار واعطائهم وعود الأمان التي لم يف بها، قام بإصدار تخويل عام لكل القشتاليين، فمن يصطاد امرأة من نساء الموريسكيين المتمردين فهي ملكه، حتى الصغيرات منهن، وكذلك الاطفال، أما الرجال، فكل من يأتي برأس موريسكي فله 20 دوقة ذهبية ..وهكذا اشتهر عند القشتاليين ما سمي بصيد الرؤوس، فكانوا يخرجون لحفلات الصيد جماعات، كما تخرج فرق صيد الطيور أو الغزلان وما شاكل ويتفاخرون كل منهم بعدد الرؤوس التي اصطادها)) (22 )، لم توفر وحشية محاكم التفتيش امرأة أو شيخًا أو طفلًا والهدف هو إبادة المسلمين في ممارسة لم يمارسها أكثر الطغاة اجرامًا عبر التاريخ بأساليب قذرة تقشعر لها الأبدان، وتضطرب لها القلوب، لم نسمع عنها الا في مملكة قشتالة ورجالها المتوحشون فأبدع الروائي في تصويرها وقد ركز متعمدًا في اختيار آليات التعذيب وكأني به اراد مقايستها بواقع اليوم من تعذيب وقطع للرؤوس باسم الدين، فالقشتاليون معادل موضوعي مهم لدواعش اليوم كل يشتغل مؤولاً للدين . ((ولان الكوندي دي ليريا، لا أحد أكثر منه اخلاصا للكاردينال ثيسنيروس، فقد تلقف الوصية جيدا وانطبع الكردينال بعقله وحفظه كما يحفظ أوقات طعامه، ولهذا أسرع حين علم بان العشرات من الموريسكين ممن لا يستطيعون القتال قد لجأوا بعد هدم دورهم إلى مسجد قريب، أسرع المقدس دي لريا، وهو يحفظ كلمات المقدس ثيسنيروس ومعه عدد أكثر من السابق من الفرسان، المقدسين أيضا، وان كانوا مقدسين بدرجة أقل من دي ليريا مقدمة فرسانه في، وهكذا هم الشجعان، هكذا هي الفروسية القشتالية، كان في المقدمة، هذه المرة لم يتأخر، وانما كان يسرع أكثر من الآخرين، وما ان وصل حتى أمر رجاله باقتحام مسجد الكفرة، وحين عادوا إليه، عاد رجاله وقالوا له ان من في المسجد ليسوا مسلحين ويتباكون، فماذا نفعل بهم ؟ نهر من سأله وهجم وهو شاهر سيفه وخلفه جنوده الشجعان جدا وذبحوا الجميع، كل كبار السن ذبحوهم، كل الرجال حتى الصبيان، وانفردوا بالنساء ساعات، ارتاحوا لساعات، ومعهم المقدس دي ليريا طبعا، كن نساء المرتدين، هن مرتدات أيضا، ثم باعوهم كلهم، الاطفال والنساء، كلهم، لكن كل واحد إلى جهة، كانت اثمانهم رخيصة، وهدموا المسجد على جثث القتلى..)) (23 ). في الوقت الذي رسم لنا الكاتب صورة موجعة تُظهر وحشية القشتاليين وهم يقتلون العشرات من الأطفال والشيوخ العزل ممن لجأوا لأحد المساجد وهم يتباكون بعد أن هدمت بيوتهم، وكيف انفردوا بالنساء، وتم بيعهن مع أطفالهن، لكن كل واحد إلى جهة بأثمانٍ رخيصة، ولا يمكن إخفاء اشارة مكان الموت وهو المسجد ففيها الكثير من الكلام سواء أكان ما يعني القشتاليين ام ما يعني للموريسكيين فالمسجد لا شيئاً في فكر القشتاليين وليس له حرمة وهذا ما ادى الى جعله مسلخًا للموريسكيين الذين كانوا يعتقدون ان هذا المكان سيحميهم من بطش اولئك ولكن لسان حال القشتاليين يقول لهم: لا مأمن لكم في هذا المكان وان صاحبه لن يحميكم منّا وهدف هذا الامر هو ايجاد شرخ بين الانسان ومعتقده وايمانه وكل هذا جرى ويجري على رؤوس المسلمين، ويبدع الكاتب في رسم صورة تحمل كل معاني الإنسانية لجنود قشتاليين جرحى أُسِروا من قبل الموريسكيين الذين رفضوا الإجهاز عليهم متذكرين تعاليم الإسلام لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا امرأة ولا طفلا ولا جريحًا ولا مُدبِرًا يقول الراوي : ((بعد قتال عنيف خاضه علي العطار فر القشتاليون، واسرت المجموعة التي يقودها بدر ثلاثة منهم، وكانوا جرحى، فرفض الاجهاز عليهم متذكرا ما نقله اليه أبوه من تعاليم المسلمين لجنودهم، لا تقطعوا شجرة، ولا تقتلوا امرأة ولا طفلاً ولا جريحًا ولا مدبرًا وغيرها، لكن كان عليهم الاحتفاظ بهم لمبادلتهم)) (24 )، وتبدو مرجعية الكاتب مهمة في محلها حينما قصد الى اختيار الاسماء فاسم “علي العطار” وذكر شجاعته فيها إحالة واضحة نحو الامام علي رضي الله عنه والمأثور عن شجاعته وإقدامه، ويحيل الاسم الآخر “بدر” ووصف الكاتب له بأنه أسر مجموعة من القشتاليين يحيلنا إلى معركة بدر التي ظهرت فيها تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص الأسرى، فإشارة الكاتب الى بدر والأسرى لها ابعاد مقصودة في الإحالة الى مرجعيتها التراثية الاسلامية. ويشهد أحد قادتهم على ما يتمتع به الثوار المسلمون الموريسكيون من انسانية سمحاء استمدوها من تعاليم دينهم الحنيف حتى مع أعدائهم ((في الطريق إلى غرناطة سادتي التي قصدتها مع زوجتي لاستلام مهامي خرجوا الجديدة، هاجمنا الموريسكيون،كانوا كثيرين، خرجوا لنا من الادغال وكانوا مسلحين بالسيوف والبنادق، فهرب الجنود، اقولها متأسفا، هؤلاء الجنود خانوا شرف قشتالة وكانوا جبناء، تركت لوحدي أمام جيش من الموريسكين وكانت زوجتي معي وابننا الرضيع ليون، قائدهم موريسكي اسمه مارتينو،اعرفه كان من فالنسيا، فاشفق علينا، للأمانة المسيحية اقولها، الم يأمرنا السيد المسيح بالأمانة في القول، كانت أنفاس العذراء معنا فلم يعتدوا علينا ولم يتحرشوا بزوجتي كما يفعل جنودنا معهم ….)) (25 )، وتأسيسًا على ذلك كله تمكن جابر خليفة جابر من أن يقرع باب التاريخ المسكوت عنه بقوة، وأن يضع اصبعه على الألم التاريخي الموجع الغائر في جسد الأمة، ألا وهو ضياع الأندلس والذي أدى إلى نكبة الموريسكين في روايته(مخيم المُواركة) التي استمد مادتها الحكائية من التاريخ الواقعي الأندلسي، ويمكن أنْ نقول: إن عمله يعد أول عمل روائي لكاتب عربي يرصد ويتقصى واقع الموريسكين بدقة ومصداقية عالية، وينصفهم اتكأ على معطيات التاريخ إذ أنّ أكثر من تناولوا مأساة المواركة تناولوها على نحو محدود وخجول وحاولوا أن يوظفوها لخدمة قضية ما لا أكثر، إذ عرض مأساتهم بتفاصيلها المؤلمة، بلغة سهلة سلسة نقية شديدة التكثيف والايجاز، وبهيكلية معمارية سردية رائعة مختلفة عما ألفناه من أعمال روائية . صوُّر هول وفظاعة ما تعرض له الموريسكيون في بلدهم، من طمس لهويتهم واقتلاع لكل ما يربطهم بجذورهم الدينية واللغوية، والثقافية بصورة لا انسانية تجسد التطهير العرقي والديني والاضطهاد السياسي والاجتماعي في أبشع صوره، ((عن توحش الانسان – الجماعة – باسم الدين وتغوله إلى درجة تحوله إلى مصاص دماء يقوم بجرائمه بتفويض من السماء…)) ( 26)، في فضاء ممتد وشاسع أكسب الحكاية عمقًا انسانيًا لتنتفي الحالة الموريسكية تمامًا، ((وتحل محلها حالة مجردة وممتدة، بل إننا كقراء نحس أنّنا معنيون بالحالة ومنغمسون في صميمها، فكأن الراوي أثقل كاهله بأسئلتنا وواقعنا ومآزقنا الحضارية، وعبر عن همومنا، بل الهموم الوجودية للإنسان واستلاباته في كل زمان ومكان، وليس فقط عن هموم الموريسكيين)) ( 27) . وما حدث للمُواركة وكأنما يتجدد اليوم على يد قشتاليين جُدُد والطرق والأساليب نفسها التي استعملت قديمًا من القتل والتهجير والسلب والنهب والاغتصاب وكل الأعمال الإرهابية التي يتعرض لها المواركة الذين يعيشون في زمننا الحاضر. فتماثيل قطع الرؤوس مازال يمجدها الغرب بوصفها تاريخًا له، ولا أستبعد السؤال الأخير ؛لأنّ الكاتب في قصاصاته التي يصف بها حرب ابادة المواركة استند إلى وثائق تاريخية حقيقية أخذها من أرشيف المنتصر، والذي لم يتردد من ذكرها والتبجح بها علنًا من قتل وحرق وإزهاق لألاف الأرواح تحت وطأة التعذيب. وهذه الحقائق تثبت الإرث الإرهابي الذي يخلفوه في أزمان متعددة وظلما ينسب إلى غيرهم بما امتلكوا من وسائل دعائية قادرة على انكار الحقائق وطمسها ونسبتها إلى المظلوم مما يبعث الأسى التاريخي والنفسي إن جاز التعبير .

هوامش: 

( 1) الموريسكيون هم الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم الاسباني المسيحي بعد أن قام آخر ملوك الأندلس (أبو عبدلله الصغير) بتسليم مفاتيح غرناطة إلى إزبيلا الأولى وفرديناند ملكي قشتالة . تم التسليم حقنا لدماء الكثير من المسلمين بعد أن عجز (أبو عبدالله الصغير) عن الصمود، وقرر التسليم بإجماع القادة والفقهاء والعلماء مع توفير بعض الحقوق والامتيازات لأهل الأندلس من المسلمين . هذه الامتيازات تم توقيعها في معاهدة ومضى عليها ملكي قشتالة وتعهدوا بتنفيذها . وكان من تلك الامتيازات : ((أن للموريسكين أن يحتفظوا بدينهم وممتلكاتهم . أن يخضع الموريسكيون لمحاكمة قضاتهم حسب أحكام قانونهم وليس عليهم ارتداء علامات تشير لكونهم موريسكين كما هو الحال مع عباءة اليهود. ليس عليهم دفع ضرائب للملكين المسيحيين تزيد على ما كانوا يدفعونه . لهم أن يحتفظوا بجميع اسلحتهم ما عدا ذخائر البارود. يحترم كل مسيحي يصبح موريسكي ولا يعامل كمرتد . أن الملكين لن يعينا عاملا إلا من كان يحترم الموريسكين ويعاملهم بحب وإن أخل في شيء فإنه يغير على الفور ويعاقب . للموريسكين حق التصرف في تربية أبنائهم) ينظر : نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب، تقي الدين أحمد بن علي المقريزي (845هـ، 1468)، تحقيق : احسان عباس، بيروت، 1968م. وينظر : محنة مسلمي الأندلس عشية سقوط غرناطة وبعدها، د. محمد عبده حتاملة، ط 1، 1397هـ، عمان، 1977م، 55- 56.
(2 ) أشكال وأساليب تعذيب الموريسكين، نشر بواسطة أحمد الزاهي التجديد يوم 29/ 8/ 2009.
www .maqhress .com
( 3) ظلال شجرة الرمان، طارق علي، مراجعة طلعت الشايب، خان الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة / ط1/ 2011م.
( 4) آفوقاي هو (شهاب الدين أحمد بن قاسم الحجْري (أو الحجرّي) المعروف بـآفوقاي (بالإسبانية Abogado)، تعني محام ٍأو قانوني (ولد بالأندلس سنة 1569 م انقطعت أخباره بتونس بعد سنة 640 م)، وهو رحالة ومترجم موريسكي ودبلوماسي مغربي، ينتسب إلى قرية الحجر، إحدى قرى غرناطة، هرب من اسبانيا ولجأ للمغرب وعمل في خدمة سلاطينها السعيديين، بداية ًفي بلاط كل من أحمد المنصور الذهبي وزيدان الناصر وأبو مروان عبد الملك بن زيدان إلى غاية فترة السلطان الوليد بن زيدان) ويكبيديا .
(5 ) الموريسكي، حسن أوريد، ترجمة عبد الكريم الجويطي، ط1 دار أبي رقراق، الرباط، 2011،
( 6) مخيم المواركة، جابر خليفة جابر / ط1/ دار فضاءات للنشر والتوزيع / 2012م ص 20.
(7 ) مخيم المواركة واستحضار الماضي، رحمن خضير عباس، www .m. ahewar .orq
(8 ) مخيم المواركة، 123.
(9 ) ((تعتبر دول وروس برامون Dolors Bramn المؤرخة بجامعة برشلونة أن قضية الأسلمة خلال القرن الثامن الميلادي لم يكن هناك غزو، ولم تكن بعده حرب استرداد (recqonquista)، لكن كان قدوم أناس أصحاب ثقافة متفوقة آنذاك تحمس لها السكان المحليون وانخرطوا فيها، ليس من وجهة نظر ثقافية فقط، بل حتى من الناحية الدينية)) idadandaluza.wordpress.com2007_11-3-664 عربه وكتبه أبو تاشفين هشام بن محمد المغربي، و يقول هشام زليم الباحث المغربي المهتم بالشأن الاندلسي أيضا ((أن الادعاء بأن الأندلس كانت نصرانية كنسية قبل مجيئ الفتح الأندلسي ما هو الا مسرحية كاثوليكية بإخراج وانتاج كاثوليكي وجمهور عاطفي ساذج أو ذو نية سيئة كان بينهم مسلمون حملوا على عاتقهم الدفاع عن هذه المسرحية البائسة والاستماتة في نعت الفتح بالاحتلال والغزو وركوب الصعاب لشرعنة (احتلال) الكاثوليك لأرض الأندلس، وهذا الادعاء يسقط مع أي بحث تاريخي إذ أن الدعاية ومروجيها من رجال الكنيسة والدولة لا يستطيعون= =الاعتراف أن (النصرانية) فشلت أمام الاسلام سنة 711م لسبب بسيط هو أن أهل الأندلس كانوا على عقيدة أريوس الموحدة لله، والرافضة لألوهية المسيح والمعادية، ويوافق هشام زليم الكثير من الباحثين والمؤرخين الغرب و العرب والذين يشيرون إلى مراسلات نبوية محمدية منذ العهد الأول للدعوة الاسلامية وصلت إلى جزيرة آيبريا مبكرا وتلقتها الصدور الموحدة هناك بكل رحب، ومن يقرأ تاريخ الأندلس قبل الفتح من مصادره الصحيحة يدرك حجم الخلافات الضروس على من يريد فرض التنصير الكاثوليكي على أهلها الموحدين قبل الفتح الاسلامي، اي أن الصراع مع التوحيد هناك كان يأخذ مأخذا عميقا في تلك الفترة حتى شبه بعض المؤرخون دخول جيش طارق بن زياد بالمنقذ المخلص، الامر الذي يعتبر تعليلا وسببا من الاسباب التي تفسر طواعية دخول سكان جزيرة آيبريا سريعا للإسلام بعد الفتح لاحقا، ويمكن مراجعة ذلك من مصادر تحمل وجهات نظر غربية صرفة وموضوعية وتؤكد هذه الحقائق وتدحض مزاعم نصرانية المنطقة قبل دخول الاسلام والتي بها يتحجج زعماء نظرية الاسترداد، ككتاب : larevolucion islamica en occidente للمؤلف : لا غناسيو أولاغي lqnacio olaque وهو كتاب يرسم اشكالات مهمة في هذا المبحث التاريخي المجهول) سقوط الاندلس : إسترداد أم استيلاء ؟ مقال كتبته منى حوا الجزيرة توك،
http; aliazeeratalk .net /noede/8858.
( 10) مخيم المواركة، 24.
(11 ) مخيم المواركة، 24.

( 12) محاكم التفتيش وإبادة المسلمين في الأندلس، فراس نور الحق، موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن، quran-m.com
( 13) مخيم المواركة 27.
( 14) مخيم المواركة، 91.
( 15) الهرطقة، (ويطلق عليها أيضا الزندقة (بالإنجليزية : heretic) وهي مصطلح نصراني يقابل الكفر عند الاسلام وهو كل رأي يخالف رأي الكنيسة ولو كان صحيحًا أو هي تغير في عقيدة أو منظومة معتقدات مستقرة، وخاصة الدين، بإدخال معتقدات جديدة عليها أو إنكار أجزاء أساسية منها بما يجعلها بعد التغير غير متوافقة مع المعتقد المبدئي الذي نشأت فيه هذه الهرطقة) . ينظر : دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، سعود بن عبد العزيز الخلف، مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط4، 1452/5، 2004م، 1/ 255- 315. وينظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، المؤلف : الندوة العالمية للشباب الإسلامي إشراف وتخطيط ومراجعة د. مانع بن حماد الجهني، الناشر : دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، ط4، 1420هـ 2/ 577، 2/ 600، 2/ 602، 2/ 603، 2/ 680.
( 16) مخيم المواركة، 49.
( 17) آية الحج : 40،39. قال ابن أبي حاتم في تفسيره : عن ابن عباس رضي الله عنهما (لهدمت صوامع وبيع) قال الصوامع التي يكون فيه الرهبان، والبيع مساجد اليهود والصلوات كنائس النصارى، والمساجد مساجد المسلمين. ومما جاء في السنة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأهل نجران : ((ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم، وأن لا يغيروا مما كانوا عليه ولا يغير حق من حقوقهم ولا ملتهم)) . البداية والنهاية في التاريخ / الامام الحافظ المؤرخ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن عمرو بن كثير الدمشقي (ت 774هـ) / ط 1/ 1933م / ج5 ص 66.
( 18) مخيم المواركة، 90.
( 19) مخيم المواركة / 92.
(20 ) ثورة البشرات / هي((آخر ثورة قام بها الموريسكيون بعد أن قام فليبي الثاني في مايو سنة 1566م بإعادة تطبيق قانون كارلوس الخامس، من ضمن ما نصه القانون منع المورسيكيات من التحجب واجبارهن على التزيي بلباس النصرانيات، ومنع القانون اجراء شعائر اسلامية وأجبر الموريسكيين على أن تكون حفلاتهم مطابقة للتعاليم الكنسية وأن تظل بيوتهم مفتوحة في الحفلات وأيام الأعياد والجمع …وفرض القانون على المخالفين أقصى العقوبات من السجن والنفي والتعذيب والمصادرة والاعدام حرقا)) تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، د. خليل السامرائي ود. عبدالواحد ذنون ود. ناطق صالح مطلوب، ط1، دار المدار الاسلامي، طرابلس الجماهيرية العظمى، 2004م ص308، 307، 306، وينظر : تاريخ المغرب والأندلس، أ .د. عبدالحميد حسين السامرائي ود. أسامة عبدالحميد حسين السامرائي، دار دجلة، عمان، الأردن، 2017، 678.
(21 ) مخيم المواركة، 110.
( 22) مخيم المواركة، 111.
( 23) مخيم المواركة، 103.
(24 ) مخيم المواركة، 74.
( 25) مخيم المواركة، 99.
( 26) همومنا وهموم العالم الآخر، حازم صاغية، ww.asharab.com.org.uk
( 27) رواية (الموريسكي) لحسن أوريد، البشير البقالي، ww.Diwanalarab.com

المصادر والمراجع
1. أشكال وأساليب تعذيب الموريسكين، نشر بواسطة أحمد الزاهي التجديد يوم 29/ 8/2009. www .maqhress .com
2. البداية والنهاية في التاريخ , الامام الحافظ المؤرخ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن عمرو بن كثير الدمشقي (ت 774هـ) ,ط 1، 1933م .
3. تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس، د. خليل السامرائي ود. عبد الواحد ذنون ود. ناطق صالح مطلوب، ط1، دار المدار الاسلامي، طرابلس الجماهيرية العظمى، 2000م.
4. تاريخ المغرب والأندلس، أ .د. عبدالحميد حسين السامرائي ود. أسامة عبدالحميد حسين السامرائي، ط1, دار دجلة، عمان، الأردن، 2017م .
5. رواية (الموريسكي) لحسن أوريد، البشير البقالي، ww.Diwanalarab.com
6. ظلال شجرة الرمان، طارق علي، مراجعة طلعت الشايب، خان الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة/ ط1/ 2011.
7. سقوط الاندلس : إسترداد أم استيلاء ؟ مقال كتبته منى حوا الجزيرة توك،
http; aliazeeratalk .net /noede/8858
8. مخيم المواركة واستحضار الماضي، رحمن خضير عباس، www .m. ahewar .orq
9. محاكم التفتيش وإبادة المسلمين في الأندلس، فراس نور الحق، quran-m.com
10. محنة مسلمي الأندلس عشية سقوط غرناطة وبعدها، د. محمد عبده حتاملة، ط 1، 1397هـ، عمان، 1977م.
11. مخيم المواركة، جابر خليفة جابر / ط1/ دار فضاءات للنشر والتوزيع / 2012م .
12. موسوعة الاعجاز العلمي ف دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، سعود بن عبد العزيز الخلف، مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط4، 2004م.
13. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، المؤلف : الندوة العالمية ي للشباب الإسلامي إشراف وتخطيط ومراجعة د. مانع بن حماد الجهني، الناشر : دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، ط4، 1420هـ .
14. الموريسكي، حسن أوريد، ترجمة عبد الكريم الجويطي، ط1 دار أبي رقراق، الرباط،، 2011م.
15. نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب، تقي الدين أحمد بن علي المقريزي (845هـ، 1468)، تحقيق : احسان عباس، بيروت، 1968م.
16. همومنا وهموم العالم الآخر، حازم صاغية، ww.asharab.com.org.uk

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

د. قصي الشيخ عسكر: نصوص (ملف/20)

بهارات (مهداة إلى صديقي الفنان ز.ش.) اغتنمناها فرصة ثمينة لا تعوّض حين غادر زميلنا الهندي …

لا كنز لهذا الولد سوى ضرورة الهوية
(سيدي قنصل بابل) رواية نبيل نوري
مقداد مسعود (ملف/6 الحلقة الأخيرة)

يتنوع عنف الدولة وأشده شراسة ً هو الدستور في بعض فقراته ِ،وحين تواصل الدولة تحصنها …

7 تعليقات

  1. جابر خليفة جابر

    دراسة مهمة وتفتح باباً جديداً في دراسة الظواهر الاجتماعية الخاصة بالإرهاب وجذوره إضافة الى الابعاد النقدية الأدبية التي سبرت أغوار الرواية وأعماقها فشكرا لموقع الناقد العراقي ممثلا بالناقد الدكتور حسين سرمك لاهتمامه وشكرا للدكتوره الناقدة سهام السامرائي ولهما كل الامتنان والتقدير

  2. الشكر لك أولا أخي المبدع جابر خليفة جابر على عطائك الإبداعي المميّز وللدكتورة سهام السامرائي على هذا المقترب المتفرّد في تناول رواية “مخيم المواركة” .

  3. عمر يوسف حميد

    الدكتورة سهام السامرائي متألقة كعادتها أتمنى لها التوفيق والنجاح

  4. علي السامرائي

    مقالة غنية تعالج مرحلة مهمة وحركة من التاريخ الإنساني حقا أنها تعادل قرائة أكثر من كتاب شكرا دكتورة لجهودك الرائعة

  5. دراسة رائعة تجمع بين رؤية ادبية واحداث تاريخية وقضية تتكرر تبدا جذورها من صراع مستمر وظلم يعيد نفسه بصور تتشابه نتائجه والدراسة تسلط اضوائها وتكشف جوانب مهمة قد تكون غائبة عن الكثير احسنت د سهام وشكرا لك فقد اجتمعت المعلومة مع المتعة

  6. زبيدة السامرائي

    التاريخ يعيد نفسه وهذا ما عرفناه هذا المشروع خطوة جريئة وناحجة وهذا ما عهدناه منكِ دكتورة. بالتوفيق ان شاء الله

  7. التاريخ يعيد نفسه هذا ما عرفناه وكل ما حدث ويحدث مخطط له فعلاً هناك ايادي خفية تسعى وراء هذهِ الاحداث كما تفضلتي دكتورة دراسة رائعة وجريئة جداً وهذا ما عهدناه منكِ نتمنى لكِ دوام النجاح والموفقية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *